السيخ الأفغان في دلهي يطالبون بضمانات أمنية قبل العودة إلى الوطن

التقوا وزير الخارجية أمير خان متقي بمقر السفارة لدى الهند

وزير الخارجية الأفغاني مولوي أمير خان متقي خلال لقائه مع ممثلي الأفغان السيخ يوم 13 أكتوبر 2025 (متداولة)
وزير الخارجية الأفغاني مولوي أمير خان متقي خلال لقائه مع ممثلي الأفغان السيخ يوم 13 أكتوبر 2025 (متداولة)
TT

السيخ الأفغان في دلهي يطالبون بضمانات أمنية قبل العودة إلى الوطن

وزير الخارجية الأفغاني مولوي أمير خان متقي خلال لقائه مع ممثلي الأفغان السيخ يوم 13 أكتوبر 2025 (متداولة)
وزير الخارجية الأفغاني مولوي أمير خان متقي خلال لقائه مع ممثلي الأفغان السيخ يوم 13 أكتوبر 2025 (متداولة)

في أحد معابد دلهي بالهند، يجتمع السيخ القادمون من أفغانستان في حلقات صلاة جماعية... ترتفع أصواتهم بتناغم، فيما تظل قلوبهم مثقلة بحنين لا يهدأ إلى وطن اضطروا إلى مغادرته تحت وطأة العنف والاضطهاد.

نور الدين عزيزي (الثاني من اليمين) وزير التجارة والصناعة الأفغاني يتحدث خلال مؤتمر صحافي بسفارة كابل في نيودلهي يوم 24 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

ومن بين هؤلاء الذين أثقلت التجربة كاهلهم، يجلس دايا سينغ، وقد تجاوز السبعين من عمره اليوم، مستعيداً محطتين مؤلمتين في حياته؛ الأولى عام 1996 عند سيطرة حركة «طالبان» على كابل، والثانية عام 2006 حين اضطر إلى الفرار مجدداً بعد تعرضه للاضطهاد بسبب انتمائه الديني.

وكان دايا سينغ ضمن وفد من السيخ الأفغان الذين التقوا وزير الخارجية الأفغاني، أمير خان متقي، بمقر السفارة الأفغانية في دلهي. وقد اتسم اللقاء بطابع غير مسبوق؛ إذ جمع لأول مرة مسؤولين من «طالبان» مع أفراد من أقلية دينية شردتها عقود من الصراع.

جذور تاريخية تتآكل

لطالما كانت أفغانستان تضم مجتمعاً سيخياً مزدهراً؛ إذ زارها غورو ناناك في مطلع القرن الـ16، واضعاً الأساس لوجود السيخ في المنطقة. وكان عدد السيخ الأفغان آنذاك نحو 200 ألف نسمة، لكنه تراجع اليوم إلى أقل من مائة عائلة فقط.

نور الدين عزيزي (الثاني من اليمين) وزير التجارة والصناعة الأفغاني يتحدث خلال مؤتمر صحافي بسفارة كابل في نيودلهي يوم 24 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

وقد كان لانهيار هذا المجتمع أثر كارثي على المستويين الثقافي والروحي؛ فالمعابد باتت إمّا مهجورة وإما مستولى عليها، والمواقع التراثية تُركت للإهمال، والحياة الاجتماعية انكمشت حتى لم يبقَ منها سوى ذكريات مبعثرة. ويعيش السيخ الأفغان في دلهي بوعي مزدوج: امتنان للملاذ الذي وجدوه، وحزن عميق على جذور عريقة آخذة في التآكل.

ويقول دايا سينغ: «المجتمع مشتّت... منازلنا وممتلكاتنا استولى عليها الآخرون، وأطفالنا يكبرون بعيداً عن الأرض التي سماها أجدادنا وطناً. نصلّي هنا كل يوم، لكنه شعور ممزوج بالمرارة».

بارقة أمل حذرة

وقد حمل اجتماع السيخ الأخير في السفارة الأفغانية بصيصاً من الأمل. ويقول دايا سينغ: «التقينا وزير الخارجية الأفغاني، السيد متقي، خلال لقائنا في السفارة... أبلغنا بأن الأمن مستتب في أفغانستان، وحثّنا على العودة. قلنا له إننا لا نمانع، لكن الأمر سيستغرق وقتاً أطول، فالمشكلات لا تزال قائمة، والحوادث تتكرر. يمكننا الذهاب لأغراض تجارية، أمّا العودة الدائمة فستستغرق وقتاً».

وقد طمأن متقي السيخ بأنهم سيتمتعون بالأمن والحماية في أفغانستان، مؤكداً أنهم يستطيعون العودة «من دون خوف». ويقول دايا سينغ: «كان لقاءً جيداً. نريد للعلاقات بين البلدين أن تزداد قوة، وأن يستمر رابط الود والصداقة الممتد عبر قرون. فتح طرق التجارة بين البلدين خطوة إيجابية للغاية؛ إذ يتيح للناس في الجانبين السفر لأغراض العلاج والسياحة والأعمال، وهو أمر بالغ الأهمية».

وزير التجارة الأفغاني نور الدين عزيزي يخاطب وفداً خلال اجتماع في نيودلهي، الهند، 21 نوفمبر تشرين الثاني 2025 (رويترز)

المخاوف المتجذّرة لا تزول بسهولة

لكن بالنسبة إلى السيخ الأفغان، فإن المخاوف ليست مسألة راهنة فحسب؛ بل تراكم تاريخ طويل من العنف والتهميش. فمنذ عودة «طالبان» إلى السلطة عام 2021، استمرت الهجمات على الأقليات الدينية.

ولا تزال ذكريات الهجوم على معبد سيخي في كابل خلال مارس (آذار) 2020، الذي أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وتفجير جلال آباد عام 2018 الذي أودى بحياة 19 من السيخ والهندوس، حاضرة بقوة في وجدان المجتمع. وهذه الحوادث جعلت كثيرين مترددين في العودة رغم الوعود بالحماية.

ورغم وعود متقي، فإن السيخ الأفغان يواصلون طلب اللجوء في دلهي، حيث يجدون مأوى وإحساساً بالمجتمع داخل المعابد الكبرى، مثل «ركاب غنج» و«موتي باغ» و«بنغلا صاحب». وهذه الأماكن المقدسة توفّر الطعام والمسكن والدعم، استمراراً لتقاليد السيخ الراسخة عبر القرون في خدمة المحتاجين ورعاية الوافدين.

ويقول اللاجئ الأفغاني غولجيت سينغ، مستذكراً اجتماع 13 أكتوبر (تشرين الأول): «قدّمنا طلباً خاصاً للعناية بالمعابد والغوردوارا (دور العبادة الخاصة بالسيخ) في أفغانستان. وستتوجه فرق منّا لتقييم حالة مواقعنا الدينية، ونحتاج إلى ضمانات أمنية كاملة. استمع إلينا الوزير باهتمام، وقال إنه سيقدّم الدعم المطلوب. وقد ناقشنا أيضاً (علاقاتنا التجارية القديمة بأفغانستان)، وإمكان استيراد المنتجات الأفغانية، إضافة إلى أوضاع اللاجئين الأفغان المقيمين في الهند. وأكد لنا أن مطالبنا ستُلبّى، وأن الممتلكات المستولى عليها ستُعاد إلى المجتمع».

وطن تحوّل إلى ذكرى

كان اللقاء مع متقي لفتة رمزية ووعداً بالأمان، لكنه لا يستطيع محو عقود من الخوف والخسارة. فبالنسبة إلى دايا سينغ وآلاف السيخ الأفغان، لم يعد الوطن مكاناً، بل مجرد ذكرى. وكل صلاة في دلهي تحمل أملاً خافتاً بالعودة إلى بلد قد لا يصبح آمناً مرة أخرى.

يراقب أفغان من مكان مرتفع فرساناً يتنافسون في رياضة «بوزكاشي - صيد الماعز» التقليدية داخل آسيا الوسطى بحقل بمنطقة أرجو بولاية بدخشان يوم 23 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، قال سهيل شاهين، رئيس البعثة الأفغانية لدى قطر وأحد أبرز أعضاء «طالبان»، إن زيارة متقي «تشكل محطة مهمة في مسار الانخراط مع الهند»، مضيفاً أن «الزيارة فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية. كلا الجانبين لديه أولوياته، وستكون هناك مجموعة واسعة من القضايا؛ من التعاون إلى الاستثمار، مطروحة للنقاش».


مقالات ذات صلة

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

شؤون إقليمية لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

تستعد لجنة شكّلها البرلمان التركي لاقتراح الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته للمرحلة الثانية من عملية السلام وحل المشكلة الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة في صفاقس (رويترز)

تونس: «غضب حقوقي» بسبب استمرار حبس مدافعين عن المهاجرين

رفضت محكمة تونسية طلب الإفراج عن نشطاء من «جمعية تونس أرض اللجوء»، المدافعة عن قضايا الهجرة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا حشود غفيرة تشارك في المظاهرة التي نظمها اليوم السبت عدد من الحقوقيين للمطالبة بإطلاق سراح المعارضين (إ.ب.أ)

منظمات تتهم الرئيس التونسي بـ«تقويض التحول الديمقراطي»

يؤكد محللون ومنظمات غير حكومية أن الرئيس الحالي قيس سعيّد يُقوّض التحول الديمقراطي، بعد تزايد معدلات سجن معارضين بارزين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا الأفغانية سميرة أصغري المنتخَبة عضواً في اللجنة الأولمبية الدولية تتحدث إلى الصحافيين بالمنطقة الإعلامية المختلطة على هامش الجمعية العمومية الـ133 بوينوس أيرس في 9 أكتوبر 2018 (أ.ف.ب)

ممثلة أفغانستان في «الأولمبية الدولية» تأمل أن تُغيّر «طالبان» موقفها من حقوق النساء

رأت عضو اللجنة الأولمبية الدولية عن أفغانستان، سميرة أصغري، أن على «طالبان» إدراك أنه إذا أرادت يوماً أن تحظى بقبول دولي، فعليها احترام حق النساء في التعليم

«الشرق الأوسط» (باريس) «الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية جانب من «مؤتمر السلام والمجتمع الديمقراطي» الذي نظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في إسطنبول في 6 و7 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)

مؤتمر لـ«السلام» في تركيا يطالب بالتخلي عن الدولة القومية

طالب مؤتمر للسلام، عُقد في إطار عملية السلام الجارية بتركيا، بتنفيذ دعوة زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان للتخلي عن الدولة القومية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الشرطة الأسترالية توقف 7 أشخاص بعد معلومات عن إمكانية وقوع «عمل عنيف»

يتحدث عمدة ويفرلي ويل نيمي (في الوسط) إلى وسائل الإعلام بعد وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري مؤقت من الزهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في أستراليا في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب هجوم استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)
يتحدث عمدة ويفرلي ويل نيمي (في الوسط) إلى وسائل الإعلام بعد وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري مؤقت من الزهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في أستراليا في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب هجوم استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)
TT

الشرطة الأسترالية توقف 7 أشخاص بعد معلومات عن إمكانية وقوع «عمل عنيف»

يتحدث عمدة ويفرلي ويل نيمي (في الوسط) إلى وسائل الإعلام بعد وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري مؤقت من الزهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في أستراليا في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب هجوم استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)
يتحدث عمدة ويفرلي ويل نيمي (في الوسط) إلى وسائل الإعلام بعد وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري مؤقت من الزهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في أستراليا في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب هجوم استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)

أعلنت الشرطة الأسترالية أنها أوقفت سبعة أشخاص في جنوب غربي سيدني، الخميس، بعد تلقيها بلاغاً يفيد باحتمال التخطيط لعمل عنيف في المدينة التي ما زالت تحت صدمة الهجوم الذي وقع على شاطئ بونداي واستهدف يهوداً.

وأوضحت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز، في بيان، أنه «لم يتم التوصل حتى الآن إلى أي صلة بين الحادث والتحقيق الجاري في هجوم بونداي الإرهابي»، الذي أسفر عن مقتل 15 شخصاً كانوا على الشاطئ للاحتفال بعيد الأنوار (حانوكا) اليهودي.

وقد اعترض عناصر الشرطة مركبتين في أثناء مرورهما عبر ليفربول، إحدى ضواحي سيدني الجنوبية الغربية بعد تلقيهم بلاغاً يفيد بـ«احتمال التخطيط لعمل عنيف».

وتوجّهت سيارة من الشرطة نحو مركبة بيضاء صغيرة كان المشتبه بهم في داخلها لاعتراض سبيلها.

وأظهرت مشاهد بثّها الإعلام المحلي شرطيين مسلّحين ببزّات تمويه يفتّشون عدّة رجال كبّلت أياديهم وراء ظهورهم.

وظهر أحد المشتبه بهم وهو ينزف من رأسه.

ويُتهم رجلان، هما أب لقي حتفه في الهجوم، وابنه البالغ 24 عاماً، بقتل 15 شخصاً وجرح العشرات في هجوم معادٍ لليهود على شاطئ بونداي في سيدني، الأحد، في أسوأ حادث إطلاق نار جماعي في أستراليا منذ عقود.

وقد اعترض عناصر الشرطة المركبتين في أثناء مرورهما عبر ليفربول، إحدى ضواحي سيدني الجنوبية الغربية.

وقالت الشرطة: «مع استمرار التحقيق، يساعد سبعة رجال في التحقيقات».

ويُتهم رجلان هما أب لقي حتفه في الهجوم وابنه البالغ 24 عاماً، بقتل 15 شخصاً وجرح العشرات في هجوم معادٍ لليهود على شاطئ بونداي في سيدني، الأحد، في أسوأ حادث إطلاق نار جماعي في أستراليا منذ عقود.

يظهر رجل يرتدي قميصاً عليه شعار موجه لرئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي على شاطئ بونداي في سيدني في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب الهجوم الذي استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر على شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)

في غضون ذلك، تعهّد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي تغليظ العقوبات على التطرف بعد هجوم سيدني الذي أقيمت، الخميس، جنازة أصغر ضحاياه البالغة عشرة أعوام.

وقتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصاً كانوا يشاركون في عيد حانوكا اليهودي على شاطئ بونداي، الأحد، في عمل مدفوع بآيديولوجية «تنظيم الدولة الإسلامية»، وفق ألبانيزي.

وأعلن رئيس الوزراء، الخميس، سلسلة من الإجراءات لمحاربة «معاداة السامية في مجتمعنا». وقال في مؤتمر صحافي: «من الواضح أن علينا بذل المزيد من الجهود، لا بل أكثر بكثير، لمكافحة هذه الآفة الشريرة».

وفي مركز حيفرا كاديشا للجنازات في سيدني، شارك حشد من الأشخاص، الخميس، في وداع الطفلة ماتيلد البالغة عشرة أعوام التي توفيت في المستشفى متأثرة بجروحها إثر الهجوم.

ولاحظت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن بعض المشاركين في الجنازة حملوا باقات من الزنابق، فيما أمسك آخرون بالونات تكريماً للطفلة التي وصفتها رسالة من مدرستها تلاها حاخام بأنها «شعاع شمس».

يراقب رجال الشرطة من جسر المشاة مع إعادة فتح حديقة آرتشر وجسر المشاة للجمهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب الهجوم الذي استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي (إ.ب.أ)

«تذكّروا»

وكانت عائلة ماتيلدا التي طلبت من وسائل الإعلام عدم نشر شهرتها، تركت أوكرانيا خلال العقد الثاني من القرن الحالي، قبل الغزو الروسي، وانتقلت إلى أستراليا حيث استقرت.

وقالت والدتها فالنتينا للصحافيين قبل الجنازة: «لم أكن لأتخيل يوماً أنني سأفقد ابنتي هنا. إنه كابوس».

أما والدها مايكل، فأشار إلى أنه اختار لابنته اسم ماتيلدا تيمناً بالأغنية الشعبية «ولتزينغ ماتيلدا» Waltzing Matilda التي تُعَدّ بمنزلة النشيد الوطني غير الرسمي لأستراليا.

وأضاف، في وقت سابق من هذا الأسبوع: «جئنا إلى أستراليا من أوكرانيا، وكانت ماتيلدا أول من وُلد لنا هنا (...)، واعتبرت أن ماتيلدا هو أكثر اسم له طابع أسترالي. لذا تذكروا اسمها».

وروى ماتان أتسمون البالغ 40 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه كان مع ماتيلدا عندما أُصيبت، مضيفاً: «ما زلت أتذكر النظرة في عينيها. المشهد لا يفارقني».

وأفات قريبة ماتيلدا في حديث لمحطة «تشانل سفن» التلفزيونية بأن شقيقة ماتيلدا الصغرى البالغة ستة أعوام كانت أيضاً شاهدة على الهجوم.

وكثّف أعضاء من الطائفة اليهودية في أستراليا، هذا الأسبوع، انتقاداتهم للحكومة، معتبرين أنها لم تأخذ في الاعتبار تحذيراتهم من تصاعد معاداة السامية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال رئيس الوزراء الأسترالي، الخميس، إن قوانين جديدة مرتبطة بـ«خطاب الكراهية المشدد» ستعاقب الدعاة والقادة الذين يحرضون على الكراهية والعنف.

وسيصبح «التشهير الخطير» القائم على أساس العرق أو الدعوة إلى التفوق العرقي جريمة فيدرالية.

وقال ألبانيزي إن الحكومة ستعزز أيضاً صلاحيات وزير الشؤون الداخلية لإلغاء أو رفض تأشيرات الأشخاص الذين ينشرون خطابات «الكراهية والانقسام».

تانيا جوان بليبرسيك (في الوسط) وزيرة الخدمات الاجتماعية تعانق إحدى المعزّيات في جنازة ماتيلدا ضحية إطلاق النار الجماعي في شاطئ بونداي البالغة من العمر 10 سنوات والتي تم حجب اسم عائلتها بناءً على طلب عائلتها في سيدني الخميس 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وستضع أستراليا لائحة بالمنظمات التي يقودها أشخاص يبثون خطابات كراهية.

وأشارت محطة «إيه بي سي» التلفزيونية العامة فلي أستراليا إلى أن نافيد أكرم الذي نفذ الهجوم مع والده ساجد، كان من أتباع داعية مؤيد للجهاد مقيم في سيدني.

ووجّهت الشرطة الأسترالية، الأربعاء، تهم الإرهاب وقتل 15 شخصاً وارتكاب مجموعة أخرى من الجرائم لمنفذ الهجوم البالغ 24 عاماً.

وأصيب نافيد بجروح بالغة برصاص الشرطة في أثناء تنفيذه العملية، وذكر الإعلام المحلي أنه أفاق من غيبوبة ليل الثلاثاء. أما شريكه في الهجوم والده ساجد أكرم فقتل في تبادل إطلاق نار مع الشرطة.

وتحقق السلطات الأسترالية في إمكان أن يكون الرجلان اجتمعا مع متطرفين إسلامويين خلال إقامتهما نحو شهر في الفلبين قبل أسابيع قليلة من تنفيذهما الهجوم.

وأكد موظفو الفندق في دافاو سيتي، حيث أقام الرجلان، أنهما نادراً ما كانا يغادران غرفتيهما خلال مدة إقامتهما في هذه المدينة الواقعة في جزيرة مينداناو التي تُعَدُّ معقلاً لحركات التمرّد الإسلاموية ضد الحكومة المركزية.

وقالت موظفة الاستقبال في الفندق أنجليكا يتانغ (20 عاماً)، التي تعمل خلال النوبة الليلية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم يكونا منفتحين اجتماعياً كالأجانب الآخرين».

وأضافت: «عادة ما يحادثني الأجانب الآخرون، لكنهما لم يفعلا».

لكن الفلبين نفت، الأربعاء، أن تكون أراضيها تُستخدم لتدريب «إرهابيين».

وقالت الناطقة باسم الرئاسة كلير كاسترو للصحافيين إن الرئيس فرديناند ماركوس يرفض بشدّة «التصريح العام والوصف المضلل للفلبين على أنها بؤرة لتدريب تنظيم (داعش)».

وأضافت: «لا يوجد أي تقرير معتمد أو تأكيد بأنّ أفراداً تورطوا في حادثة شاطئ بونداي تلقوا أي شكل من أشكال التدريب في الفلبين».

وبعد الهجوم، وعد ألبانيزي بفرض رقابة أكثر صرامة على الأسلحة النارية. وكان منفذ الهجوم الأكبر سناً يملك ست قطع سلاح مسجلة أصولاً.


حادث إطلاق النار في أستراليا يبرز قدرة «داعش» التحريضية على العنف

ينقل المسعفون رجلاً مصاباً على نقالة من موقع حادث إطلاق النار الجماعي في سيدني يوم الأحد (نيويورك تايمز)
ينقل المسعفون رجلاً مصاباً على نقالة من موقع حادث إطلاق النار الجماعي في سيدني يوم الأحد (نيويورك تايمز)
TT

حادث إطلاق النار في أستراليا يبرز قدرة «داعش» التحريضية على العنف

ينقل المسعفون رجلاً مصاباً على نقالة من موقع حادث إطلاق النار الجماعي في سيدني يوم الأحد (نيويورك تايمز)
ينقل المسعفون رجلاً مصاباً على نقالة من موقع حادث إطلاق النار الجماعي في سيدني يوم الأحد (نيويورك تايمز)

في أستراليا، أطلق أب وابنه النار فقتلا 15 شخصاً كانوا يحتفلون بعيد يهودي على الشاطئ. وفي إنجلترا، دهس مواطن بريطاني من أصل سوري أشخاصاً بسيارته وهاجم آخرين بسكين خارج كنيس يهودي في «يوم الغفران». أما في بولندا، فقد اعتقلت السلطات، يوم الثلاثاء، طالب حقوق يُشتبه في تخطيطه لمهاجمة سوقٍ لعيد الميلاد. واتُّهم جميع هؤلاء بدعم تنظيم «داعش»، الجماعة الإرهابية التي لا تزال آيديولوجيتها الدموية تلهم أتباعها لارتكاب فظائع، بعد سنوات من تراجع بنيتها الأساسية بشكل كبير.

مرّت الشرطة أمام أكاليل الزهور التي وُضعت على ممشى شاطئ بونداي في سيدني... 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

ويُظهر تكرار هذه الهجمات أن التنظيم تكيّف مع مرحلة ما بعد «الخلافة». فبعد أن كان قبل عقد من الزمن يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا، أصبح اليوم أضعف، لكنه يعوِّض ذلك بالاعتماد على الدعاية بوصفها أداته الأشد فتكاً في تحريض الهجمات القاتلة. وقال كولين بي كلارك، محلل شؤون مكافحة الإرهاب في «مجموعة سوفان»، وهي شركة استخبارات وأمن عالمية مقرها نيويورك: «الحديث عن عودة قوية قد يكون مبالغاً فيه، لكن جوهر الإرهاب، إلى جانب القتل، يكمن في الأثر النفسي، الذي يجعل تنظيماً مثل (داعش) يبدو أقوى وأكثر حضوراً مما هو عليه في الواقع».

وجاءت مذبحة شاطئ بونداي في سيدني بأستراليا بعد يوم واحد من مقتل جنديين من الجيش الأميركي ومترجم مدني أميركي على يد عنصر من قوات الأمن السورية في مدينة تدمر. وقد حمّل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تنظيم «داعش» المسؤولية، بينما قال مسؤولون إن مطلق النار كان مقرّراً فصله بسبب آرائه المتطرفة. وأعرب خبراء في شؤون الإرهاب عن قلقهم من أن نجاح هجوم سيدني قد يشجّع مزيداً من المخططات المتطرفة مع اقتراب موسم الأعياد، في ظل جاذبية أسواق عيد الميلاد الأوروبية بوصفها أهدافاً محتملة. وتُعدّ هجمات «الذئاب المنفردة» من هذا النوع قليلة التكلفة وصعبة التنبؤ بها أو منعها، لأنها تستهدف أهدافاً ضعيفة مثل الحشود في الأماكن المفتوحة. وفي هذا السياق، كتبت ريتا كاتز، المديرة التنفيذية ومؤسسة مجموعة «SITE» للاستخبارات، التي تتابع أنشطة الإرهاب، في تحليل لها: «مرونة (داعش) تكمن في قدرته على التكيّف، إذ ينجو عبر إعادة صياغة نفسه بما يتلاءم مع واقعه الجديد». ومنذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، نجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها، إلى حد كبير، في تقليص قدرة التنظيمات الإرهابية على تنفيذ مخططات معقدة، عبر نقل المعركة إلى معاقلها في دول مثل سوريا وأفغانستان وليبيا، واستخدام القوة النارية والتقنيات المتطورة.

تُشاهد أكاليل الزهور التي وضعها المشيعون على ممشى شاطئ بونداي في سيدني... 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

وينحدر تنظيم «داعش»، وهو جماعة متمردة سنية، من العراق. وبعد أن هزمت الميليشيات المحلية والقوات الأميركية فرعاً من مقاتلي تنظيم «القاعدة»، أعاد التنظيم تقديم نفسه تحت مسمى « داعش». واستغل فوضى الحرب الأهلية السورية قبل أكثر من عقد ليستولي على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور. واكتسب التنظيم سُمعةً سيئةً؛ بسبب عمليات الخطف والاستعباد الجنسي والإعدامات العلنية في الشرق الأوسط.

كما دبّر أو حرّض على هجمات إرهابية في أنحاء أوروبا، بينها الهجمات المنسقة في فرنسا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 التي أودت بحياة 130 شخصاً، والتفجيرات الانتحارية في بلجيكا بعد عام، التي قُتل فيها نحو 30 شخصاً، غير أن «الخلافة» التي أعلنها التنظيم جرى تفكيكها إلى حد كبير قبل نحو 7 سنوات على يد القوات الأميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» بقيادة الأكراد في شمال شرقي سوريا.

وبما أنه لم يعد يسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي الآن، يعتمد «داعش» أكثر من أي وقت مضى على «دليل عمله» القديم في نشر آيديولوجيته المتطرفة عبر الإنترنت ومن خلال خلايا سرية وفروع إقليمية. وفي العام الماضي، أعلن فرع «ولاية خراسان» المتمركز في أفغانستان مسؤوليته عن هجمات كبيرة في إيران وروسيا وباكستان. وتشجّع دعاية التنظيم أتباعه على استهداف تجمعات غير المسلمين، وتقدّم إرشادات تفصيلية حول استخدام الأسلحة النارية والقنابل والمركبات والسكاكين، أو المزج بين هذه الوسائل لزيادة أعداد الضحايا. ويقول التنظيم لأتباعه إنه «من الضروري ترك دليل أو شارة تُعرّف الدافع والولاء».

وقال محققون بريطانيون إن منفذ الهجوم على الكنيس في «يوم الغفران» بتاريخ 2 أكتوبر (تشرين الأول) في مانشستر، أعلن ولاءه لتنظيم «داعش» خلال اتصال هاتفي بخدمات الطوارئ في أثناء تنفيذ الهجوم. وبعد هجوم بونداي، عثرت الشرطة الأسترالية على علمين مصنوعين يدوياً لـ«داعش» داخل السيارة التي قادها المهاجمان إلى موقع الحادث، ما عدّه الخبراء دليلاً على وصول رسائل التنظيم إلى أشخاص معرّضين للتطرف.

وحذّر رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (إم آي 5)، كين مكالوم، في أكتوبر، قائلاً: «ينمو الإرهاب في زوايا قذرة من الإنترنت، حيث تلتقي الآيديولوجيات السامة، أياً كان نوعها، بحياة الأفراد المتقلبة والفوضوية في كثير من الأحيان». وأعلنت السلطات، يوم الأربعاء، توجيه اتهامات إلى المشتبه به الذي نجا من إطلاق النار في بونداي، شملت القتل وجرائم الإرهاب. وكانت الهجمات على المجتمعات اليهودية في إنجلترا وأستراليا جزءاً من زيادة ملحوظة في الاعتداءات المعادية للسامية منذ الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة رداً على هجمات حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023، التي أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر 250 آخرين. ووفقاً لسلطات الصحة في غزة، أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 70 ألف شخص، من دون التمييز بين المدنيين والمقاتلين الفلسطينيين.

وقف المشيعون أمام جناح بونداي في سيدني... 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

وفي تحليلها، كتبت كاتز أن تنظيم «داعش» أطلق حملة إعلامية بعد 7 أكتوبر، ما حفّز نشاط «الذئاب المنفردة» في الغرب. وأشارت إلى هجمات في بلجيكا وألمانيا وصربيا وسويسرا، من بين دول أخرى. كما أحبط المحققون مخططاً لاستهداف حفلٍ للمغنية تايلور سويفت في فيينا، والذي قالت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) إنه كان يمكن أن يسفر عن خسائر كبيرة في الأرواح. وجاء اعتقال الطالب في بولندا عقب إحباط محاولة هجوم محتملة أخرى في ألمانيا، حيث أُوقف 5 رجال بعد أن قالت السلطات إنها علمت بمخطط لدهس أشخاص بمركبة في سوق عيد الميلاد.

وفي الولايات المتحدة، لا يزال «داعش» يمثل تهديداً، غير أن عدد الأشخاص الذين وُجهت إليهم اتهامات على صلة بالتنظيم لا يزال منخفضاً مقارنة بالسنوات السابقة، وفق باحثين. وعلى الرغم من قدرات إنفاذ القانون الأميركية القوية، دهس رجل بشاحنة محتفلين في شارع بنيو أورليانز، فجر يوم رأس السنة؛ ما أدى إلى مقتل 14 شخصاً. وكان الرجل يحمل علماً لتنظيم «داعش» داخل شاحنته. وقال مسؤولون إن التنظيم ألهمه. وقال آرون واي زيلين، الزميل البارز في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، إن إنتاج «داعش» الدعائي الرسمي باللغة الإنجليزية تراجع منذ ذروة قوته، لكن منشوراته السابقة لا تزال متاحة على الإنترنت، كما يواصل أنصاره ترجمة أعماله الجارية باللغة العربية إلى لغات عدة. وأضاف زيلين: «إنهم ينشرون محتوى يومياً، ويواصلون الدعوة لشن هجمات ضد اليهود. تقريباً كل مخطط أو هجوم إسلاموي متطرف في الغرب ما زال مرتبطاً بـ(داعش). ولا يزال التنظيم متصدراً داخل العالم الجهادي العالمي». ومع إشارات زيلين إلى أن عدد هجمات تنظيم «داعش» قد تراجع عالمياً على مرّ السنين، أضاف قائلاً: «من يستهين بالأمر يفعل ذلك على مسؤوليته، فهم ما زالوا نشطين للغاية». وقال خبراء إن وضع «داعش» يعكس الديناميات المتغيرة لمكافحة الإرهاب. ففي سوريا، على سبيل المثال، تعاونت القوات الأميركية مع أجهزة الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة لإحباط أكثر من 10 مخططات يُشتبه في صلتها بالتنظيم منذ سقوط حكومة الرئيس السابق بشار الأسد قبل عام، بحسب مسؤولين أميركيين.

وقال كلارك: «أحد أكثر الجوانب تحدياً في مواجهة شبكة عالمية مثل (داعش) هو أنه حتى عندما تحقق سلطات مكافحة الإرهاب تقدماً كبيراً في إضعاف بعض فروع التنظيم، فإنه لا يُهزَم أبداً بشكل كامل، وتظل بقاياه الصغيرة قادرةً على التماسك بما يكفي للمساعدة على تسهيل هجمات إرهابية».

* خدمة «نيويورك تايمز»


منفّذا اعتداء سيدني مكثا في الفندق خلال معظم فترة زيارتهما للفلبين

تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)
تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)
TT

منفّذا اعتداء سيدني مكثا في الفندق خلال معظم فترة زيارتهما للفلبين

تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)
تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)

مكث المشتبه بهما في تنفيذ اعتداء سيدني الدموي، داخل فندق في الفلبين لأسابيع وتركا مبلغاً إضافياً لقاء الخدمة قبل مغادرتهما، وفق ما أفاد موظفون، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس.

تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)

وتُحقق السلطات الأسترالية لتحديد ما إذا كان ساجد أكرم ونجله نافيد تدرّبا مع متطرفين، الشهر الماضي، أثناء رحلة قاما بها إلى منطقة مينداناو، التي طالما كانت معقلاً لحركات التمرد الإسلاموية.

وتفيد الفلبين بعدم وجود أدلة تشير إلى أن أراضيها تستخدم لتدريب إرهابيين.

دخل الرجلان الفلبين في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكانت دافاو وجهتهما النهائية، وفق ما أكد مسؤولو الهجرة، هذا الأسبوع.

وحجزا الغرفة 315 في فندق «جي في» GV Hotel في اليوم نفسه، ودفعا 930 بيزو (نحو 16 دولاراً) لليلة لغرفة صغيرة بسريرين منفردين.

وقالت مديرة مكتب الاستقبال الليلي أنجيليكا يتانغ (20 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما كانا يغادران الغرفة عادةً لساعة تقريباً، كل يوم، وكانا متحفظين.

وأضافت: «لم يكونا ودودين كغيرهما من الأجانب. يتحدث الأجانب الآخرون عادةً معي، لكنهما لم يفعلا ذلك»، مضيفة أن نافيد هو من كان يتعامل معها، بينما كان والده «ينظر إلى الأرض».

ولم يكشف الرجلان إطلاقاً الغرض من زيارتهما، وكانا يغادران الفندق عادةً في الصباح، لكنهما «لا يبقيان مدة طويلة... المدة الأطول التي لاحظناها كانت نحو ساعة».

وفي إحدى المرات سألاها عن مكان العثور على فاكهة دوريان، التي تشتهر بها منطقة جنوب شرقي آسيا.

وقالت يتانغ: «سألاني: أين يمكننا شراء الدوريان؟»، مضيفة أنهما لم يعثرا عليها.

ولفتت يتانغ إلى أنها لم ترهما قط يلتقيان أحداً أو يستقلّان مركبة. وقالت: «كانا يمشيان في المكان، هذا كل ما فعلاه».

عبّر المشيّعون عن تأثرهم لدى نقل نعش تيبور ويتزن أحد ضحايا إطلاق النار بشاطئ بونداي من مركز شاباد بونداي خلال جنازته في سيدني بأستراليا 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وذكرت أن موظفي الفندق عرفاهما فوراً من التقارير الإخبارية عن مَجزرة سيدني. وأكد موظفان آخران في الفندق أنهما مكثا فيه.

وقال رام ليغود، الذي نظّف غرفتهما، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن نافيد كان يترك شعره طويلاً عندما كان في الفندق.

وذكرت ناطقة باسم الشرطة الإقليمية أن شرطة دافاو ستنشر بياناً، الخميس، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

ولفتت يتانغ إلى أن الأب وابنه تركا مبلغاً إضافياً مقابل الخدمة قبل مغادرتهما.

واستذكرت: «قلت: سيدي، لقد نسيت المبلغ الذي أودعته. فأخذه الابن لكن الوالد طلب منه إعطائي إياه».

وأضافت: «كانا لطيفين. ما زلت غير قادرة على التصديق بأنهما كذلك».