يتوجه المصريون، الاثنين، لصناديق الاقتراع في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، والتي تشمل 13 محافظة بينها القاهرة، وسط ترقب شعبي وأمني مشدد.
وبينما وعدت «الهيئة الوطنية للانتخابات» بـ«مشهد مختلف» عما شهدته الجولة الأولى من «خروقات»، نادى معارضون بحشد أنصارهم لدعم العدد المحدود من مرشحيهم في هذه المرحلة لضمان تمثيلهم في البرلمان المقبل.
ويتنافس في هذه المرحلة من الانتخابات نحو 1316 مرشحاً على 141 مقعداً فردياً، إضافة إلى قائمة واحدة، بمشاركة نحو 35 مليون ناخب موزعين على 73 دائرة تشمل 5287 لجنة فرعية.
وعبَّر القاضي أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن «الاطمئنان التام لالتزام الأحزاب بالتعليمات المنظمة للدعاية في المرحلة الثانية للانتخابات»، متوقعاً أن يبدو المشهد الانتخابي للأحزاب «مختلفاً خلال هذه المرحلة»، ومشيراً إلى تقديم عدد من الأحزاب كشوف صرف الدعاية الخاصة بمرشحيها.
وأضاف: «الأهم هو مشاركة المواطنين بكثافة، فهذا هو الفيصل الحقيقي».

وتأتي المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب بعد إلغاء نتائج 19 دائرة في الجولة الأولى نتيجة «خروقات مؤثرة»، سواء بالدعاية أمام اللجان أو عدم تسليم نسخ من محاضر فرز الأصوات للمرشحين، في خطوة وصفها المراقبون بأنها غير مسبوقة.
وجاء إلغاء نتائج هذه الدوائر عقب دعوة مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ضمان «أقصى درجات الشفافية».
«بعض الاستجابة»
وأكدت الهيئة الوطنية للانتخابات، خلال اجتماع مع الأحزاب السياسية نهاية الأسبوع الماضي، على «ضرورة الالتزام بضوابط الدعاية وفترة الصمت الانتخابي، مع حظر أي محاولة للتأثير على الناخبين أمام اللجان»، ملوّحة باتخاذ إجراءات قانونية قد تصل إلى إبطال أي لجنة مخالفة.
وأقرت جميلة إسماعيل رئيسة حزب «الدستور» المصري المعارض، بأنه «تمت الاستجابة لبعض ما ورد في اجتماع رؤساء الأحزاب مع (الهيئة الوطنية) الخميس الماضي من حملات لإزالة المخالفات من جانب مرشحي الأحزاب المؤيدة للسلطة».
ولفتت أيضاً إلى «وجود إشارات تحذير من جانب الهيئة التقطها (سماسرة الانتخابات) وأدت إلى انحسار نشاطهم وفعالياتهم في الساعات الأخيرة».

غير أنها أضافت قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «مطلبنا الجوهري هو الالتزام بالدستور في تحقيق استقلالية الهيئة وإلزام المرشحين بحد الإنفاق».
وعبّرت عن الأمل ألا ينتهي المشهد الانتخابي بما وصفته بأنه «تحقيقات شكلية من دون وضع معايير على أساسها تضمن عدم تحول الانتخابات إلى معركة تهميش لكتل واسعة من الشعب».
وقرر بعض الناشطين دعم 24 مرشحاً من أطياف سياسية معارضة ومستقلين مشاركين في المرحلة الثانية يمكنهم القيام بدور رقابي ومعارض داخل البرلمان، من أبرزهم ضياء الدين داود، وأحمد فرغلي، ومحمد عبد العليم داود، وأحمد عبد ربه.
مرشحو المعارضة
ويقول مدحت الزاهد، رئيس حزب «التحالف الاشتراكي»، إنه لا يعوّل كثيراً على هذه الانتخابات، مشيراً إلى تحذيرات سابقة بشأن نظام القوائم الانتخابية، والتحفظات على مناخ العمل السياسي، واستبعاد مرشحين من حزبه قبل انطلاق السباق.
ورغم توقعه تغييرات طفيفة في المشهد الانتخابي، شدد الزاهد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على دعم مرشحي المعارضة بوصفهم «الأمل الأخير... دون فرض أي انسحابات مبكرة على شركاء المعارضة أو القوى المدنية».
الموقف ذاته عبّر عنه القيادي في التيار الناصري حسام مؤنس عبر حسابه على «فيسبوك»، قائلاً: «الموقف الأَولى والواجب هو إلغاء العملية الانتخابية بالكامل وإعادتها من البداية، بعد إصلاح قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر وضمان مناخ سياسي وإعلامي حر يتيح تنافساً حقيقياً».
وأضاف: «إلى أن يتحقق ذلك، يبقى الموقف العملي الآن هو دعم كل المرشحين الجادّين في المرحلة الثانية ممن يمكن أن يمثّلوا صوتاً معارضاً ورقيباً على السلطة ومدافعاً عن مصالح الناس، وطرح سياسات بديلة داخل البرلمان المقبل».
وطالب وكيل نقابة الصحافيين محمد سعد عبد الحفيظ، عبر حسابه الشخصي بـ«فيسبوك»، بدعم المرشحين المعارضين والمستقلين ممن «لوحظ انحيازهم للشعب».
«إصلاح المنظومة»
في المقابل، لا يزال البعض يؤمن بأن إلغاء العملية الانتخابية الحالية بالكامل وإعادتها بعد تعديل قانون الانتخابات هو «الخيار الوحيد»، مع ضمان حرية العمل السياسي والحزبي والإعلامي لإجراء انتخابات تنافسية جادة.
وكتب نائب رئيس «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» عماد جاد، في منشور بحسابه على «فيسبوك» يقول: «الحل هو إلغاء الانتخابات كليةً، ونقل صلاحيات التشريع للسيد الرئيس كي يتولى سلطة التشريع عبر إصدار مراسيم بقوانين لمدة محددة، هي مدة إصلاح المنظومة الشاملة للعمل السياسي والحزبي والانتخابي في البلاد».
وتواجه انتخابات المرحلة الأولى 257 طعناً تتولى المحكمة الإدارية العليا البت فيها، علماً بأن باب الطعون أُغلق الأسبوع الماضي.
ومن المقرر أن تشارك خمس منظمات مجتمع مدني، بينها «ماعت» ومنظمات من اليونان ومالطا وغانا وأوغندا، في متابعة الانتخابات.
وقال الدكتور أيمن عقيل، المتحدث باسم «ائتلاف النزاهة الدولي»، لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» (الرسمية)، إن المتابعين سيزورون 1200 لجنة في عشر محافظات، مع الالتزام بإجراءات الهيئة الوطنية للانتخابات ومعايير النزاهة والشفافية الدولية.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي عبد المنعم سعيد أن هناك «تضخيماً» في هذا الملف، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «علاقات الناخبين المباشرة بمرشحيهم وما يرافقها من طلبات شخصية وخدمية تجعل قواعد المشهد الانتخابي ثابتة إلى حد كبير في هذه المرحلة من الانتخابات في مصر».
وتشمل المرحلة الثانية 13 محافظة، هي: القاهرة، والقليوبية، والدقهلية، والمنوفية، والغربية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط، والسويس، وبورسعيد، والإسماعيلية، وجنوب سيناء، وشمال سيناء.
وفي هذه الأثناء، يستمر حصر أصوات المصريين في الخارج للمرحلة الثانية التي أُجريت الخميس الماضي في 139 سفارة وقنصلية مصرية في 117 دولة على مدى يومين، وسط إقبال كثيف في دول الخليج، خصوصاً الكويت والسعودية، وإقبال ملحوظ في بعض الدول الأوروبية، وفق مصادر رسمية.










