وزير بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: زرت عدن لتأكيد شراكتنا مع اليمن

باحثون لا يرون أفقاً قريباً للحل... وفولكنر أكد اهتمام بلاده بـ«الحضور الكامل في المنطقة»

وزير الشرق الأوسط البريطاني أثناء زيارة مركز صحي بمخيم نازحين في عدن الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 (إكس)
وزير الشرق الأوسط البريطاني أثناء زيارة مركز صحي بمخيم نازحين في عدن الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 (إكس)
TT

وزير بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: زرت عدن لتأكيد شراكتنا مع اليمن

وزير الشرق الأوسط البريطاني أثناء زيارة مركز صحي بمخيم نازحين في عدن الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 (إكس)
وزير الشرق الأوسط البريطاني أثناء زيارة مركز صحي بمخيم نازحين في عدن الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 (إكس)

سألت «الشرق الأوسط» وزير الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، هيمش فولكنر: هل ما زالت لديكم اتصالات مع الحوثيين؟ فأجاب الوزير: «نحافظ بالطبع على كل أنواع الاتصالات التي تتوقعها منا لضمان حضورنا الكامل في المنطقة، لكنني لا أرغب في الخوض حول تفاصيل ذلك في الوقت الحالي».

الحوار مع الوزير جرى عبر الهاتف، خلال زيارته عدن يوم الثلاثاء 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، وهو أرفع مسؤول بريطاني يزور العاصمة اليمنية المؤقتة منذ زيارة وزير الخارجية الأسبق جيريمي هنت في عام 2019.

إعادة الشراكة

رغم الجمود الذي يلم بالملف اليمني منذ شرع الحوثيون في هجمات بحرية هددت الملاحة بمزاعم نصرة غزة في نوفمبر 2023، فإن الوزير يقول: «جئت لإعادة تأكيد شراكة بريطانيا مع اليمن، وتعميق التنسيق العملي».

فولكنر والسفيرة البريطانية لدى اليمن خلال زيارتها خفر السواحل في عدن (إكس)

واستهلّ فولكنر زيارته بتفقّد مركز صحي داخل مخيم للنازحين، ثم توجّه إلى مقر خفر السواحل اليمني.

يقول الوزير: «أنا فخور بشراكتنا والعمل الذي نفذناه معاً. لقد اعترضوا عدداً متزايداً من الشحنات، بما في ذلك شحنات تحتوي على مواد تقنية عالية يمكن استخدامها لأغراض عسكرية».

يكرر القول إنه «سعيد جداً بزيارة اليمن بعد فترة طويلة لم يأتِ فيها إلى هنا أي وزير»، ويرجع ذلك إلى أهمية العلاقة بين المملكة المتحدة واليمن، مضيفاً أن «هناك مجموعة واسعة من القضايا التي جئت للعمل عليها مع الشركاء اليمنيين».

ويعدّ فولكنر التعاون بين لندن والرياض في هذه الملفات أيضاً «وثيقاً ومهماً... وهو عنصر أساسي في دعم الحكومة اليمنية والشعب اليمني وأمن المنطقة، سواء فيما يتعلّق بخفر السواحل أو في الجوانب الإنسانية والتنموية». ويستدل بفعالية مشتركة سيتم تنظيمها قريباً حول احتياجات خفر السواحل اليمني.

ومن الجانب اليمني، يصف الوزير علاقته مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بأنها جيدة. ويذكّر بأن «هذه المرة الثانية التي أراه فيها خلال أسابيع قليلة. كنا معاً في القاهرة لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير. وأجرينا اليوم نقاشات جيدة حول كل هذه القضايا، وسنبقى على تواصل وثيق».

أمن الملاحة

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران تنفيذ ما يربو على 228 هجوماً بحرياً على الأقل طبقاً لمزاعم زعيم الحركة عبد الملك الحوثي، وحسب تقديرات غربية، غرقت 4 سفن، وتم احتجاز خامسة، وقتل 9 بحارة على الأقل، في حين لا تزال الجماعة تحتجز 12 بحاراً.

اقتصادياً، تقول الحكومة اليمنية التي تتهم الحوثيين بأنهم يستخدمون الهجمات لتنفيذ مخطط إيراني وفي سبيل الدعاية، إن مصالح 55 دولة تأثرت من تلك الهجمات.

ودفعت الهجمات شركات كثيرة إلى تغيير مساراتها البحرية صوب رأس الرجاء الصالح، وهو ما يعني تكاليف مرتفعة للنقل والتأمين وتأخر سلاسل التوريد.

«لقد كنت واضحاً في ذلك»، يقول الوزير إن «اليمن والمنطقة والبحر الأحمر تحتاج إلى الأمن والاستقرار، والحكومة اليمنية شريك أساسي في ذلك... كنت واضحاً أيضاً في إدانة الخطوات التي اتخذها الحوثيون، بما في ذلك خطف العاملين الإنسانيين، وفرض القيود على المساعدات، وبالطبع دورهم المزعزع في البحر الأحمر».

لم تحرك المياه الراكدة في الأزمة اليمنية سوى التركيز على أمن الملاحة؛ حيث شكلت الولايات المتحدة تحالفاً وشكل الأوروبيون آخر، وصعّدت أميركا، ولم يصعد الأوروبيون، وشنت إسرائيل 19 موجة هجوم ضربت البنية التحتية ومواقع عسكرية ومصالح اقتصادية حوثية، فضلاً عن استهداف قيادات أبرزهم رئيس الحكومة غير المعترف بها دولياً أحمد الرهوي، وتقريباً الحكومة كاملة باستثناء نائبه الذي خلفه بالمنصب محمد مفتاح ووزراء اختفى بعضهم، إلى جانب مقتل رئيس الأركان الحوثي محمد الغماري، وهو الحدث الذي تكتمت الجماعة على إعلانه لنحو 4 أشهر، وبقي مصير آخرين غامضاً، ويرجح أنهم في وضع صحي خطر.

الملاحة وحدها لا تكفي!

يشعر يمنيون بانطباع سائد، يتمثل في عدم وضع واشنطن الحل السياسي اليمني ضمن الأولويات بقدر ما تركز على أمن الملاحة في البحر الأحمر.

وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، تقول ميساء شجاع الدين، وهي «باحث أول» بمركز صنعاء للدراسات: «لا يكفي التعامل مع خفر السواحل؛ لأن مشكلة اليمن في جذرها سياسية، وتحتاج إلى معالجة جذرية، وقد تحتاج إلى معالجة عسكرية أيضاً لوزن القوى. كما تحتاج إلى تنسيق إقليمي ودولي لتحقيق ذلك».

وبسؤال الوزير البريطاني عن مدى استخدام المملكة المتحدة نفوذها مع واشنطن لإدراج اليمن ضمن الأولويات قال الوزير: «بالتأكيد ناقشنا كل هذه القضايا مع الجميع»، ثم وجّه دفة الحديث نحو لقائه برئيس مجلس القيادة في عدن، قائلاً: «قابلت الرئيس، ورئيس مجلس القيادة، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية، والقائد الأعلى لخفر السواحل اليمني. تحدثنا حول كل هذه الموضوعات. من الواضح، كما قلت، أن اليمن يحمل إرثاً ثقيلاً منذ سنوات الصراع. وقد رأيت آثار ذلك في كل مكان في عدن خلال يومي هذا. نحن نتحدث أيضاً مع شركائنا اليمنيين والسعوديين والأميركيين والإماراتيين بشأن الطريق المقبل... من الضروري أن يرى اليمن الاستقرار. ومن الضروري تطبيق القانون الدولي، ليس في اليمن فقط، بل في المنطقة والبحر الأحمر أيضاً كما ذكرت».

ودعمت المملكة المتحدة اليمن في سبتمبر (أيلول) 2025 بمبلغ 4 ملايين دولار إضافية لخفر السواحل اليمني. وشمل ذلك قوارب جديدة ومجددة.

يقول فولكنر: «كنت على متن السفينة (عدن)، التي لعبت دوراً مهمّاً. ورأيت بعض معدات الاتصالات التي تم ضبطها، وكانت مخفية ضمن شحنة وُصفت بأنها بضائع تجارية. هذا لم يكن مُعلناً على الإطلاق. وتم ضبطه بواسطة سفينة (عدن)، وهي من السفن التي ساعدت المملكة المتحدة في إعادة تأهيلها. وسعدت برؤية أن المساعدة البريطانية تُستخدم تماماً في الأغراض التي ذكرتها».

صعوبة الحل

لا يرى باحثون يمنيون أفقاً لمسار الحل السياسي، ويرجعون ذلك إلى عوامل عديدة داخل اليمن وخارجه.

يقول محمود شحرة، وهو زميل مشارك في المعهد الملكي البريطاني للعلاقات الدولية (تشاتام هاوس) لـ«الشرق الأوسط»، إن تغيير موازين القوى على الأرض هو الكفيل لدفع عملية سلام في اليمن.

أما ميساء شجاع الدين فتعتقد أنه وسط متغيرات المنطقة، وتعدد المشكلات «سيكون من الصعب إيجاد معالجات جذرية في اليمن، لأن أي معالجة جذرية لها تكلفتها على المدى القريب، رغم أنها مريحة على المدى البعيد»

وتضيف: «اليمن حالياً ليس أولوية لأي طرف إقليمي أو دولي، والتعامل مع الملف يعدّ محاولة تخفيف أكبر قدر ممكن من الضرر، لكن لا توجد استراتيجية واضحة حالياً لحل الأزمة اليمنية».

يعود محمود شحرة ليقول: «الحكومة اليمنية ضعيفة، ومن ثم لن تتمكّن من ملء الفراغ في حال انهارت سلطة الحوثيين أو نجحت إسرائيل في قتل عبد الملك الحوثي، لأن الوضع في اليمن لا يُشبه لبنان، حيث استطاعت الحكومة اللبنانية ملء فراغ (حزب الله)؛ لذلك، يجب على الحكومة اليمنية أن تستعيد مكانتها، وأن تستعد لملء أي فراغ محتمل، حتى تتمكّن من الجلوس مع الحوثيين حول طاولة المفاوضات بندية».

زيارة أولى

الوزير هيمش فولكنر سبق أن زار اليمن من قبل، لكنه لم يسبق له زيارة عدن. وكان في وصفه السريع واقعياً: «هذه أول مرة أزور عدن. وقد لقيت استقبالاً دافئاً؛ إنها مدينة جميلة، وكان يوماً مهماً ومفيداً، لكن يجب أن أقول إنني رأيت أيضاً أطفالاً يعانون سوء التغذية، ونازحين يكافحون للبقاء. رأيت أشخاصاً كثيرين بحاجة لمزيد من الدعم. هي مدينة جميلة، الاستقبال كان رائعاً، وأنا سعيد جداً بوجودي هنا، لكن لا يزال هناك الكثير مما يجب فعله».


مقالات ذات صلة

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

العالم العربي اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

وسط ترحيب دولي ومحلي أشادت السعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين والأسرى وقالت إن ذلك يعزز جهود التهدئة وبناء الثقة

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي مُوالون للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج شمال عدن (أ.ف.ب)

وزارات يمنية ترفض بيانات «الانتقالي» وتؤكد التزامها بإعلان نقل السلطة

رفضت وزارات بالحكومة اليمنية سلسلة البيانات المنسوبة إليها أو إلى موظفين فيها، والتي تحدثت عن انحياز مؤسسات حكومية لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

صفقة يمنية ضخمة في مسقط لتبادل 2900 أسير ومحتجز

توصلت الحكومة اليمنية إلى اتفاق مع الحوثيين يقضي بالإفراج عن نحو 2900 محتجز وأسير من الطرفين، في إطار الجولة العاشرة من المشاورات التي استضافتها مسقط.

«الشرق الأوسط» (عدن)

سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي

سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)
سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)
TT

سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي

سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)
سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)

أعلنت سوريا واليابان، اليوم (الثلاثاء)، استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، ذكرت وزارة الخارجية السورية، في بيان صحافي اليوم، أن اجتماعاً رسمياً عقد في دمشق ضم مدير إدارة الشؤون الأفروآسيوية وأقيانوسيا محمد زكريا لبابيدي، ونائب وزير الخارجية الياباني يوهيني أونيشي، بحضور عدد من المسؤولين من الجانبين.

وتعدّ هذه أرفع زيارة لدبلوماسي ياباني إلى سوريا منذ أكثر من 15 عاماً حيث أكد المسؤول الياباني أنها تمثل إعلاناً رسمياً عن استئناف العلاقات بين سوريا واليابان وبداية مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين.

وبحث الجانبان، خلال الاجتماع، سبل تطوير العلاقات الثنائية واستئناف التعاون في مختلف المجالات، مؤكدين ضرورة تسريع وتعزيز التعاون، بما يخدم مصالح البلدين.

ووجّه نائب وزير خارجية اليابان دعوة رسمية إلى وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني لزيارة اليابان، طبقاً للبيان.


إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
TT

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالاتفاق الذي توصّل إليه طرفا الصراع في اليمن لتبادل المحتجَزين، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة سلطنة عمان، واصفاً هذه الخطوة بأنها «تعزز جهود التهدئة وبناء الثقة في اليمن».

وفي تغريدة على منصة «إكس»، نوّه آل جابر بالجهود التي بذلها فريقا التفاوض من الطرفين، مؤكداً أن الاتفاق يعالج قضية ذات بُعد إنساني، ويتيح لكل المحتجَزين العودة إلى أُسرهم، كما أعرب عن تقديره توجيهات القيادة السعودية، ومتابعة وزير الدفاع، وتعاون الحكومة اليمنية، والمساعي الصادقة من سلطنة عمان.

كان الوفد الحكومي اليمني ووفد الجماعة الحوثية قد أعلنا، الثلاثاء، توصلهم لاتفاق يقضي بتبادل 2900 محتجَز وأسير من الطرفين، حيث يشمل الاتفاق الإفراج عن 1700 أسير حوثي، مقابل 1200 محتجَز من الجانب الحكومي؛ بينهم 7 سعوديون و23 سوادنياً من قوات «تحالف دعم الشرعية» في اليمن.

من جانبها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتفاق المبدئي لإطلاق سراح المحتجَزين ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم، داعية جميع الأطراف إلى ترجمة الالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة في اليمن، كريستين شيبولا: «نُعوّل على تعاون أطراف النزاع، ومن الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب الاتفاق، وأن تعمل على تحديد المحتجَزين المقرر إطلاق سراحهم دون تأخير».

كما أشادت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، بالجهود المبذولة من اللجنة الدولية وسلطنة عمان، مؤكدة أن التعاون المستمر من جميع الأطراف أمر أساسي لإحراز تقدم نحو إطلاق سراح المعتقلين.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية العمانية بالاتفاق، وثمّنت الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات بين 9 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكدة دور المملكة العربية السعودية، وجهود مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف المشارِكة في نجاح هذا المسعى الإنساني.

خطوة إنسانية وتوقعات بالتنفيذ

في تعليق حكومي يمني، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني عن ترحيبه بالاتفاق الذي يشمل شخصيات سياسية بارزة مثل الأستاذ محمد قحطان، واصفاً الخطوة بأنها «إنسانية مهمة طالَ انتظارها، وتُخفف من معاناة آلاف الأُسر اليمنية، وتمثل تقدماً ملموساً في أحد أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً».

وأكد الإرياني أن الاتفاق جاء ثمرة توجيهات ومتابعة القيادة السياسية بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، وتجسيداً لالتزام الحكومة بالتعامل مع ملف الأسرى والمحتجَزين كقضية إنسانية وأخلاقية، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو انتقائية؛ لضمان الإفراج عن الجميع دون استثناء.

كما أشاد بالدور المحوري للسعودية وجهود قيادتها في متابعة هذا الملف الإنساني، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، مشيراً إلى حرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني وتعزيز فرص التهدئة وبناء الثقة.

وأشار الإرياني أيضاً إلى مساهمة سلطنة عمان في استضافة جولات التفاوض، وتهيئة الأجواء المناسبة للتوصل إلى الاتفاق، مُعرباً عن تقديره الجهود الدولية والمبادرات الأممية التي أسهمت في تقريب وجهات النظر.

ولفت إلى أن الحكومة اليمنية ستواصل تنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية؛ لضمان الإفراج الكامل عن جميع المحتجَزين والمختطَفين والمخفيين قسراً، ووضع حد لمعاناة آلاف الأُسر اليمنية التي طال انتظارها لهذا اليوم.


العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
TT

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، التحذير من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية على الدولة اليمنية.

وشدد العليمي على أن أي مساع لفرض واقع خارج إطار المرجعيات المتوافق عليها تهدد المركز القانوني للدولة وتضعف مؤسساتها، بما يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الصراعات داخل الشرعية، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأشار العليمي إلى أن الشراكة السياسية القائمة يجب أن تُحترم كأداة لحماية الدولة، وأن أي محاولة لتحويلها إلى وسيلة لفرض أجندة أحادية تعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدامها غطاءً لمشاريع خارجة عن التوافق الوطني.

وأضاف أن الحفاظ على وحدة القرار اليمني والتوافق الوطني العريض يمثل مصلحة عليا، ويعد شرطاً أساسياً لاستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، وضمان استقرار المجتمع اليمني، ومنع تفتيت الشرعية أو إضعافها.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي عقد اجتماعاً مع رئاسة «هيئة التشاور والمصالحة» بحضور نواب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي، وصخر الوجيه، وجميلة علي رجاء، وأكرم العامري، لمناقشة الإجراءات الأحادية الأخيرة وتداعياتها على الشراكة السياسية.

وركز الاجتماع على دور الهيئة كأحد أعمدة التوافق الوطني التي أنشأها إعلان نقل السلطة لحماية مؤسسات الدولة من الانزلاق نحو الفوضى، وضمان استمرار التعاون بين القوى الوطنية المناهضة لمشروع الحوثيين المدعوم من إيران.

مسؤولية جماعية

أكد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - أن الهيئة مطالبة بتحمل مسؤولية جماعية تتجاوز ردود الفعل، نحو بناء أدوات حاكمة تحمي مؤسسات الدولة وتردع أي محاولات لاستغلالها في مشاريع خارج التوافق.

وشدد على أن القضية الجنوبية، رغم عدالتها، يجب أن تعالج ضمن المرجعيات المتفق عليها، وعدم السماح بتحويلها إلى ذريعة لإجراءات أحادية قد تقوض فرص الحل السلمي، وتضعف التعاطف سواء الإقليمي أو الدولي، وتعيد القضية من مسارها السياسي الآمن إلى مسار تصادمي قد يفاقم الأزمات.

كما حذر العليمي من أن التهاون مع هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي إلى إفراغ مجلس القيادة وهيئاته المساندة من مضمونها التوافقي، وتهديد المركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج صراع داخلي جديد داخل الشرعية، ما يضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة (سبأ)

ولفت إلى أن المصالح العليا لليمن تتمثل اليوم في الحد من المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة القرار، واستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، ومنع عزل أو إضعاف الشرعية.

واطلع الاجتماع على إحاطة من رئاسة هيئة التشاور حول مقارباتها بشأن المستجدات الجارية، مؤكدة دعم الهيئة الكامل لمجلس القيادة والحكومة، وأهمية المضي قدماً في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض قيادة مجلس القيادة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التوافق الوطني العريض، وحشد الطاقات كافة لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

حماية الدولة ووحدة القرار

في سياق تحركات العليمي، ذكرت المصادر الرسمية أنه التقى بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحضور وزير الخارجية شائع الزنداني، لبحث مستجدات الوضع المحلي، خصوصاً الإجراءات الأحادية التي دفعت بعض المؤسسات لإصدار بيانات سياسية خارجة عن اختصاصها.

وحذر من أن هذا المسار يهدد وحدة القرار، ويخلق سلطة موازية بالقوة، مما قد يؤدي إلى ارتباك قانوني وسياسي داخلي، ويضعف جهود المجتمع الدولي في دعم استقرار اليمن.

وشدد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن المواقف السياسية العليا تتحدد عبر مجلس القيادة ومؤسسات الدولة المختصة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، وليس من خلال بيانات منفردة أو اصطفافات أحادية.

العليمي مجتمعاً مع قيادة وزارة الخارجية ومع البعثات الدبلوماسية عبر الاتصال المرئي (سبأ)

كما أشار إلى أن أي ازدواج في السلطة أو القرار من شأنه إعاقة برامج الدعم وإعادة اليمن إلى مربع الدولة الفاشلة المتنازع عليها، ومنح الحوثيين فرصة لتعزيز نفوذهم وتحشيد المقاتلين خلف شعارات زائفة.

وأكد العليمي على أهمية تحصين مؤسسات الدولة من أي تسييس إداري، ومنع استخدام الوزارات والمؤسسات السيادية والخدمية في أي مشاريع خارج نطاق المرجعيات الرسمية، مع اتخاذ مسار قانوني واضح ضد أي تجاوزات تهدد وحدة القرار أو المركز القانوني للدولة. وشدّد على توجيه الجهد الوطني نحو مواجهة الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وحماية مصالح اليمن العليا على الصعيدين الداخلي والدولي.