إيطاليون يعبّرون عن انبهارهم بتوت عنخ آمون بأغنية جديدة

أشادوا بكنوز «الفرعون الذهبي» وتاريخه الدرامي

توت عنخ آمون (المتحف المصري الكبير)
توت عنخ آمون (المتحف المصري الكبير)
TT

إيطاليون يعبّرون عن انبهارهم بتوت عنخ آمون بأغنية جديدة

توت عنخ آمون (المتحف المصري الكبير)
توت عنخ آمون (المتحف المصري الكبير)

حظيت أغنية جديدة عن «الفرعون الذهبي»، توت عنخ آمون، باللغة الإيطالية بانتشار واسع، وتصدَّرت «التريند» على موقع «إكس» في مصر، السبت، مع تعليقات متنوعة تشير إلى الاهتمام العالمي بكنوز «الفرعون الذهبي» وتاريخه الدرامي.

وتقول كلمات الأغنية التي تم تركيبها على صور بالرسوم المتحركة، وأخرى بتقنيات الذكاء الاصطناعي «توت عنخ آمون/ الملك الطفل/ في وادي النيل/ قدر عظيم/ كان في العاشرة/ على عرش مصر/ قناع من ذهب/ لغز مكتوب/ ابن أخناتون/ تعود الشمس إليه/ والفراعنة القدماء تستعيد كلماتها/ توت عنخ آمون/ يرقد في الصمت/ لكن اسمه أغنية/ توت عنخ آمون/ من الصحراء إلى العالم/ رؤية أبدية/ هوارد كارتر وَجَدَه عام 1922/ القبر هناك وكنوز تتلألأ/ أختام سليمة/ ينهض التاريخ بين الذهب والوجوه المرسومة/ قصيرة حياته/ لكن شهرته امتدت طويلاً/ وفي قلب النيل... تتردد الحكاية».

وأرجع الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات، الدكتور أحمد عامر «شغف كثير من دول العالم بالملك توت عنخ آمون إلى احتفاظ مقبرته بكنوزها الفريدة كاملة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذا عكس مقابر ملوك المصريين القدماء الأخرى، التي نهبها اللصوص على مدى العصور، بالإضافة إلى الغموض الذي يحيط بمصير الملك نفسه وموته في سن صغيرة نسبياً، وكذلك الغموض الذي أحاط بمصير مَن أسهموا في هذا الاكتشاف العظيم».

وحظيت كنوز الملك توت عنخ آمون باهتمام عالمي، وأُقيما معرضان لبعض مقتنياته في باريس عامَي 1967 و2019، وحقَّقا أرقاماً قياسية للزائرين وصلت في المعرض الأول الذي أُقيم تحت عنوان «توت عنخ آمون وزمانه» إلى مليون و240 ألف زائر، وفي المعرض الثاني وصل عدد الزوار إلى مليون و371 ألف زائر، وفق تصريحات سابقة لسفير مصر في باريس، ومندوبها الدائم بمنظمة «اليونيسكو».

وتولى توت عنخ آمون الحكم في سن صغيرة، وعمره نحو 9 أو 10 سنوات، وترجِّح الدراسات التاريخية والعلمية أنه ابن الملك أخناتون، وهناك شكوك حول طريقة موته في سن صغيرة؛ حيث تولى الحكم بين عاميَ 1334 و1325 قبل الميلاد، وتتضارب المرويات التاريخية والأبحاث العلمية حول وفاته بمرض الملاريا أو تعرُّضه للاغتيال.

وتشير الأغنية المنتشرة باللغة الإيطالية إلى حالة الانبهار التي تركها الملك الشاب بكنوزه وتاريخه الدرامي، وتوالت التعليقات التي تؤكد مدى تأثير قصته على الأوروبيين وتوضِّح شعبيته لديهم، وكيف تجعل مَن يشاهدها ويسمعها يحب التاريخ.

ويرى الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، أن «منصات التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير في الإعلام العالمي، وتصل إلى الملايين والمليارات عبر العالم»، مشيراً إلى أن وجود أغنية باللغة الإيطالية على «إكس» عن الملك توت عنخ آمون، «يؤكد أن هذا الملك لا يكف عن إبهار العالم». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «توت عنخ آمون اسمه فقط يدعو للانبهار. العالم كله يعرفه، خصوصاً أن مقبرته وُجدت كاملة، وقناعه الذهبي يعدّ أشهر قطعة أثرية في العالم، والإيطاليون تحديداً علاقتهم قوية جداً بالآثار المصرية، حتى إن متحف تورين بإيطاليا (وهو متحف مخصص للآثار المصرية) كان يضم ثاني أكبر عدد من الآثار المصرية، بعد المتحف المصري بالتحرير، هذا طبعاً قبل افتتاح المتحف المصري الكبير».

وخصَّص المتحف المصري الكبير الذي أُفتتح أول نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قاعةً لعرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون كاملة لأول مرة في مكان واحد، وهي أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية، وتشهد إقبالاً كبيراً عليها من الزائرين، كما يشهد المتحف زخماً كبيراً وإقبالاً جماهيرياً لافتاً، ووصل متوسط عدد زوّاره يومياً إلى نحو 19 ألف زائر في الأيام الأولى لافتتاحه، وفق تصريحات متلفزة للرئيس التنفيذي لهيئة المتحف.

ولفت عامر إلى أن شغف العلماء ودول العالم بتوت عنخ آمون ليس بسبب إنجازات عسكرية، أو بناء معابد وتماثيل بالحجم نفسه لمَن سبقوه من ملوك تلك الفترة، ولكن بسبب الكنوز الأثرية مثل «القناع الذهبي»، الذي لا يوجد له مثيل.

ونبّه الشماع إلى «ضرورة الاستفادة من هذا (التريند)، مصريين ومسؤولين، من خلال العمل على دعم العلاقات السياحية البينية بين مصر وإيطاليا، مع إبراز متاحف ومواقع أثرية متنوعة تشبع الشغف الأوروبي بالآثار المصرية»، عادّاً هذا «التريند» يمكن أن «يكون نتيجة وامتداداً للحملة التسويقية الناجحة التي نفَّذتها مصر ترويجاً لمتحفها الكبير».


مقالات ذات صلة

اكتشاف أكبر معبد وادٍ للمجموعة الشمسية للملك «ني أوسر رع» في جبانة منف

يوميات الشرق معبد الشمس المُكتشف أخيراً في أبو صير (وزارة السياحة والآثار)

اكتشاف أكبر معبد وادٍ للمجموعة الشمسية للملك «ني أوسر رع» في جبانة منف

عُثر على شظايا حجرية منقوشة من الحجر الجيري الأبيض الفاخر، إلى جانب كميات كبيرة من الفخار تعود معظمها إلى عصر الانتقال الأول.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق موقع تنقيب عن رواسب بركة عمرها 400 ألف عام في بارنهام يظهر فيه أقدم موقد (أ.ب)

عمره 415 ألف سنة... علماء يعثرون على أقدم دليل لإشعال الإنسان النار

اكتشف علماء أقدم دليل معروف حتى الآن على إشعال النار على يد إنسان ما قبل التاريخ في مقاطعة سوفوك الإنجليزية حيث عثروا على موقد يبدو أن إنسان نياندرتال صنعه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المسجد الأثري يعاني من المياه الجوفية (صفحة الباحث الآثاري الدكتور حسن النجار على «فيسبوك»)

القاهرة: مسجد أثري غارق في المياه الجوفية وإجراءات متأخرة لإنقاذه

تسربت المياه الجوفية إلى مسجد «مدين الأشموني» الأثري الموجود بحارة سيدي مدين بمنطقة باب الشعرية التابعة لآثار شمال القاهرة، منذ سنوات.

حمدي عابدين (القاهرة )
أوروبا متحف اللوفر في باريس (رويترز)

مسؤول عن التحقيق الإداري في اللوفر: منع اللصوص من الفرار كان ممكناً

أفاد مسؤول عن التحقيق الإداري حول أمن متحف اللوفر الأربعاء بأن منع اللصين اللذين سرقا مجوهرات من إحدى صالاته في أكتوبر من الفرار كان متاحاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
ثقافة وفنون قطع فخارية من محفوظات متحف البحرين الوطني بالمنامة مصدرها موقع مدافن دار كليب في المحافظة الشمالية

أوانٍ فخارية من مدافن دار كليب الأثرية في البحرين

تحوي مملكة البحرين سلسلة من المقابر الأثرية، تُعرف باسم «تلال مدافن دلمون»، سُجلت ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لـ(اليونيسكو) في صيف 2019.

محمود الزيباوي

شكل عنكبوتي غامض على قمر المشتري... هذا تفسيره

ندبة «عنكبوتية» غامضة (ناسا)
ندبة «عنكبوتية» غامضة (ناسا)
TT

شكل عنكبوتي غامض على قمر المشتري... هذا تفسيره

ندبة «عنكبوتية» غامضة (ناسا)
ندبة «عنكبوتية» غامضة (ناسا)

رصد العلماء ندبة غريبة تشبه العنكبوت على سطح قمر «أوروبا»، أحد أقمار كوكب المشتري، ويرجّحون أنها تشكّلت نتيجة اندفاع مياه مالحة عبر القشرة الجليدية المتشقّقة للقمر في وقت سابق.

كانت مركبة «غاليلو» التابعة لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، التي انتهت مهمّتها عام 2003، قد التقطت صوراً لهذا التشكُّل الفريد داخل فوهة تُعرف باسم «مانانان». وتحمل هذه الظاهرة اسماً رسمياً هو «دامهان ألا»، وهي كلمة آيرلندية تعني «العنكبوت» أو «شيطان الجدار». وظهرت هذه البنية ذات الشكل الشعاعي للمرّة الأولى في صور التُقطت في أواخر تسعينات القرن الماضي، ولكنّ العلماء لم يتمكّنوا إلا حديثاً من تكوين تصور أوضح عن كيفية تشكّلها، وفق بيان صادر عن كلية ترينيتي في دبلن.

وقالت الباحثة الرئيسية في دراسة نشرتها مجلة «جورنال أوف بلانيتري ساينس»، لورين ماكيوين، إنّ «أهمية هذا البحث تكمن في أنّ مثل هذه التشكُّلات السطحية يمكن أن تكشف عن كثير ممّا يحدث تحت طبقات الجليد». وأضافت أنه في حال رَصْد مزيد من هذه الظواهر خلال مهمة «أوروبا كليبر» المقبلة، فقد تُشكّل دليلاً على وجود تجمّعات محلية من المياه المالحة تحت السطح.

وأوضح الباحثون أن هذه الندبة تُشبه ما يتُعرف على الأرض بـ«نجوم البحيرات»، وهي أنماط تتكوَّن على أسطح البحيرات أو البرك المتجمّدة والمغطاة بالثلج أو الوحل الجليدي. وقالت ماكيوين إنّ «هذه الأشكال جميلة وشائعة نسبياً على الأرض»، مضيفةً أنّ دراستها قد تساعد على فهم العمليات الجيولوجية التي تحدث على «أوروبا»، وربما على عوالم جليدية أخرى تحتوي على محيطات في النظام الشمسي.


اكتشاف أكبر معبد وادٍ للمجموعة الشمسية للملك «ني أوسر رع» في جبانة منف

معبد الشمس المُكتشف أخيراً في أبو صير (وزارة السياحة والآثار)
معبد الشمس المُكتشف أخيراً في أبو صير (وزارة السياحة والآثار)
TT

اكتشاف أكبر معبد وادٍ للمجموعة الشمسية للملك «ني أوسر رع» في جبانة منف

معبد الشمس المُكتشف أخيراً في أبو صير (وزارة السياحة والآثار)
معبد الشمس المُكتشف أخيراً في أبو صير (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية اكتشاف بقايا معبد الوادي للمجموعة الشمسية للملك «ني أوسر رع» من عصر الأسرة الخامسة، وذلك خلال أعمال الحفائر الجارية بالموقع، بمعرفة البعثة الأثرية الإيطالية بمنطقة أبو غراب في أبو صير بالجيزة (غرب القاهرة).

ويُعدّ «هذا المعبد أحد معبدي الشمس المعروفين في مصر القديمة حتى الآن، كما أنّ البعثة نجحت للمرّة الأولى في الكشف عن أكثر من نصف المعبد، إذ ظهر على هيئة مبنى ضخم تتجاوز مساحته 1000 متر مربع، يتميز بتخطيط معماري فريد يجعله من أكبر معابد الوادي في جبانة منف وأبرزها»، وفق تصريحات للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد.

وأوضح في بيان لوزارة السياحة والآثار، الجمعة، أنّ «عالم المصريات الألماني لودفيغ بورخارت كان قد حدَّد موقع المعبد عام 1901، وإنما ارتفاع منسوب المياه الجوفية آنذاك حال دون تنفيذ حفائر به».

ووفق رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، محمد عبد البديع، فإنّ الحفائر كشفت عن مدخل المعبد المغطى بطبقة كثيفة من طمي النيل، بلغ ارتفاعها نحو 1.20 متر، بالإضافة إلى الأرضية الأصلية للمدخل، وقاعدة عمود من الحجر الجيري، وبقايا عمود دائري من الغرانيت يُرجَّح أنه كان جزءاً من الرواق الرئيسي للمدخل.

وكُشف عن أجزاء من الكسوة الحجرية الأصلية لجدران الممر بين بوابة المدخل والطريق الصاعد، وعدد من العناصر المعمارية التي وُجدت في مواقعها الأصلية بالمعبد، بما في ذلك أعتاب وأبواب من الغرانيت.

حجارة عليها نقوش من آثار معبد الشمس (وزارة السياحة والآثار)

كما أشار رئيس البعثة الإيطالية، الدكتور ماسيميليانو نوتسولو، إلى أنه خلال موسم الحفائر السابق اكتشفت البعثة بوابة كاملة من حجر الكوارتزيت بحالة جيدة من الحفظ، إلى جانب بقايا درج داخلي كان يؤدي إلى السطح، في الجزء الشمالي الغربي من المعبد، وهو ما يرجّح وجود مدخل ثانوي، مضيفاً أنّ الحفائر الحالية كشفت أيضاً عن منحدر يُعتقد أنه كان يربط المعبد بالنيل أو أحد فروعه.

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، عثرت البعثة على مجموعة متميّزة من اللقى الأثرية، من بينها قطعتان خشبيتان من لعبة «السنت» المصرية القديمة، التي تشبه لعبة الشطرنج الحديثة.

ولفتت رئيسة البعثة الإيطالية المشاركة، الدكتورة روزانا بيريللي، إلى اكتشاف عتبة حجرية ضخمة منقوشة بنصوص هيروغليفية تتضمَّن تقويماً للاحتفالات الدينية الخاصة بالمعبد، إضافة إلى ذكر اسم الملك «ني أوسر رع». كما عُثر على شظايا حجرية منقوشة من الحجر الجيري الأبيض الفاخر، إلى جانب كميات كبيرة من الفخار تعود معظمها إلى عصر الانتقال الأول.

وتصف المتخصّصة في آثار مصر والشرق الأدنى القديم بكلية الآثار والإرشاد السياحي في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، الدكتورة دينا سليمان، هذا الاكتشاف بأنه «يعزّز مكانة موقع أبو صير أحد أهم المراكز الملكية في الدولة القديمة، ويعيد الإضاءة على الدور المحوري للأسرة الخامسة في تشكيل هوية مصر الدينية، إذ أصبح الملك تجسيداً لفكرة (ابن الشمس) لا مجرّد حاكم دنيوي».

وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أنّ «هذا الكشف لا يضيف فقط لبنة جديدة إلى معرفة تخطيط معابد الشمس التي تميَّزت بها الأسرة الخامسة، بل يُضيء أيضاً على البنية الدينية والإدارية التي تبنّاها ملوك تلك الحقبة لإعلاء شأن عبادة رع وإبراز ارتباط الملك بالعقيدة الشمسية».

ويُعدّ معبد الوادي المحطة الأولى في طريق الصعود نحو المعبد الشمسي، والكشف عن أجزاء من جدرانه وأرضياته يسمح بإعادة تصور المسار الطقسي الذي كان يتبعه الكهنة، ويُثري فهمنا لتخطيط الجبانة الملكية في منف، وفق المتخصّصة في آثار مصر والشرق الأدنى، مضيفةً أنّ «معابد الشمس السبعة، ومن بينها معبد ني أوسر رع، كانت علامة على التحوّل الديني والسياسي في تلك المرحلة».

وتشير الدراسات إلى أنّ المعبد، بعد انتهاء دوره بكونه مكاناً للعبادة الملكية، تحوّل إلى منطقة سكنية صغيرة سكنها أهالي المنطقة خلال عصر الانتقال الأول، مما يوفر مصدراً جديداً لفهم الحياة اليومية لسكان منطقة منف خلال هذه المرحلة.

ويقول الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، الدكتور أحمد عامر، إن منطقة «أبو صير» تُعد من أهم المناطق الأثرية، حيث تقع ضمن جبانة «منف»، وكانت مكاناً لحكم ملوك الأسرة الخامسة في عهد المصريين القدماء، وتُعدّ إحدى أكثر جبانات «منف» ثراءً.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أنّ المنطقة تشتهر بمعابد الشمس لملوك الأسرة الخامسة، وأهرامات بعض ملوك هذه الأسرة، بالإضافة إلى جبانات من عصور متنوّعة، مشيراً إلى «اكتشاف أول معبد للشمس في نهاية القرن التاسع عشر، وكان للملك نيو سي رع، وثانيهما كان للملك أوسركاف».


روبوتات الدردشة خطر على الصحة النفسية

أصبح الاعتماد على روبوتات الدردشة الذكية جزءاً من الحياة اليومية لملايين المستخدمين حول العالم (جامعة كولومبيا)
أصبح الاعتماد على روبوتات الدردشة الذكية جزءاً من الحياة اليومية لملايين المستخدمين حول العالم (جامعة كولومبيا)
TT

روبوتات الدردشة خطر على الصحة النفسية

أصبح الاعتماد على روبوتات الدردشة الذكية جزءاً من الحياة اليومية لملايين المستخدمين حول العالم (جامعة كولومبيا)
أصبح الاعتماد على روبوتات الدردشة الذكية جزءاً من الحياة اليومية لملايين المستخدمين حول العالم (جامعة كولومبيا)

حذَّر خبراء في «المجلة الطبية البريطانية» (BMJ) من ازدياد استخدام أنظمة روبوتات الدردشة الذكية مثل «تشات جي بي تي» و«كلود» و«كوبايلوت» كخيار مفضل للثقة والدعم العاطفي.

وشدد الخبراء على أن اللجوء إلى هذه الأنظمة لمواجهة الوحدة يشكل مصدر قلق؛ خصوصاً بين الشباب، وفق ما نشرته المجلة الطبية البريطانية في عدد الخميس.

وشهد العالم مؤخراً انتشاراً واسعاً لروبوتات الدردشة الذكية؛ حيث أصبح الاعتماد عليها جزءاً من الحياة اليومية لملايين المستخدمين حول العالم. ويستخدم هؤلاء الأنظمة ليس فقط لأغراض العمل أو التعليم؛ بل أيضاً كرفقاء للدعم العاطفي والمحادثات الاجتماعية؛ خصوصاً بين الشباب والمراهقين الباحثين عن تواصل سريع وسهل في عالم رقمي متزايد التعقيد.

وأشار الخبراء إلى أننا «قد نشهد جيلاً يتعلم تكوين روابط عاطفية مع كيانات لا تمتلك قدرات التعاطف البشري، ولا الرعاية، ولا التفاعل العاطفي الحقيقي»، مؤكدين أهمية الاستراتيجيات المبنية على الأدلة للحد من العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة.

وفي عام 2023، أعلن كبير الجراحين الأميركيين، الدكتور فيفيك مورثي، أن البلاد تعاني من وباء الوحدة، معتبراً ذلك قضية صحة عامة على قدم المساواة مع التدخين والسمنة.

وفي المملكة المتحدة، أقر ما يقرب من نصف البالغين (25.9 مليون شخص) بالشعور بالوحدة بين حين وآخر، مع تسجيل نحو واحدة من كل 10 حالات وحدة مزمنة. كما تأثرت الفئة العمرية من 16 إلى 24 عاماً بهذا الوضع.

وبناءً على هذه الاتجاهات، فإنه من الطبيعي أن يلجأ كثيرون إلى مصادر بديلة للصداقة والدعم العاطفي، وفقاً للخبراء.

على سبيل المثال، يصل عدد المستخدمين النشطين أسبوعياً لـ«تشات جي بي تي» إلى نحو 810 ملايين شخص حول العالم، وتشير بعض التقارير إلى أن العلاج النفسي والرفقة يعدان من أبرز أسباب الاستخدام.

وأظهرت إحدى الدراسات بين الشباب أن ثلث المراهقين يستخدمون رفقاء الذكاء الاصطناعي للتفاعل الاجتماعي، وأن واحداً من كل 10 يرى أن المحادثات مع الذكاء الاصطناعي أكثر إرضاءً من المحادثات مع البشر، بينما ذكر ثلثهم أنهم قد يختارون رفقاء الذكاء الاصطناعي بدل البشر لإجراء محادثات جادة.

وفي ضوء هذه الأدلة، يرى الخبراء أنه من الحكمة اعتبار الاستخدام المفرط لروبوتات الدردشة عامل خطر بيئي جديد، عند تقييم الحالة النفسية للمرضى.

وفي هذه الحالات، يقترحون أن يبدأ الأطباء باستفسارات لطيفة حول الاستخدام المفرط للروبوتات، ويتبعها إذا لزم الأمر أسئلة أكثر تحديداً لتقييم أنماط الاستخدام القهري، والاعتماد، والارتباط العاطفي.

كما أقر الخبراء بأن الذكاء الاصطناعي قد يقدم فوائد في تحسين إمكانية الوصول إلى الدعم للأشخاص الذين يعانون من الوحدة، مشددين على ضرورة إجراء دراسات علمية لتحديد انتشار وطبيعة مخاطر التفاعل بين البشر وروبوتات الدردشة، وتطوير كفاءات سريرية لتقييم استخدام المرضى لهذه الأنظمة، وتطبيق تدخلات قائمة على الأدلة لمعالجة الاعتماد المفرط، والدعوة إلى أطر تنظيمية تركز على الرفاهية طويلة المدى بدل المقاييس السطحية للانخراط.