نائب جمهوري يتراجع عن اعتراضه على إلغاء «قانون قيصر»

وضع شروطاً تحفظ إمكانية إعادة العقوبات على سوريا

صورة تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في البيت الأبيض يوم 10 نوفمبر (سانا - أ.ف.ب)
صورة تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في البيت الأبيض يوم 10 نوفمبر (سانا - أ.ف.ب)
TT

نائب جمهوري يتراجع عن اعتراضه على إلغاء «قانون قيصر»

صورة تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في البيت الأبيض يوم 10 نوفمبر (سانا - أ.ف.ب)
صورة تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في البيت الأبيض يوم 10 نوفمبر (سانا - أ.ف.ب)

بعد فترة من الترقب وخيبة الأمل التي سبّبها تمسّك النائب الجمهوري برايان ماست، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، بموقفه الرافض لإلغاء «قانون قيصر» رغم لقائه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في واشنطن، أعلن ماست مساء أمس تغيّراً جوهرياً في موقفه؛ فقد أكد دعمه لإنهاء العقوبات الشاملة على دمشق، ولكن ضمن «شروط محددة» تتيح إعادة فرضها إذا أخفقت الحكومة السورية الانتقالية في تنفيذ التزامات يعتبرها ماست «أساسية لاستقرار المنطقة».

يأتي التحول في وقت تشهد فيه كواليس الكونغرس مفاوضات مكثفة بين مجلسَي النواب والشيوخ للانتهاء من مشروع قانون تفويض «الدفاع الوطني» قبل نهاية الأسبوع، تمهيداً للتصويت على الإلغاء الكامل للعقوبات مطلع ديسمبر (كانون الأول). ورغم أن ماست كان من أبرز معارضي رفع العقوبات بلا قيود، فإنه شدد في تصريحات صحافية على أنه «لا يعمل ضد إدارة ترمب»، التي تدعم الإلغاء الكامل، لافتاً إلى أن سلطة الرئيس الحالية تسمح فقط بتعليق العقوبات لمدة ستة أشهر «وهو قيد لا ينسجم مع المرحلة الجديدة في سوريا».

شروط غامضة

امرأتان في مدينة حمص يوم الجمعة مع اقتراب ذكرى مرور سنة على سقوط نظام بشار الأسد (أ.ب)

وأوضح ماست أنه يؤيد الإلغاء الكامل، لكن بشرط أن يتضمن القانون آليات لإعادة فرض العقوبات إذا امتنعت الحكومة السورية الانتقالية عن تنفيذ شروط (لم يعلن تفاصيلها). غير أن مصادر في الكونغرس تشير إلى أن هذه الشروط تتعلق بحماية الأقليات، ومكافحة الإرهاب، والانخراط في مسار تفاوضي يؤدي إلى سلام دائم مع إسرائيل.

هذا التوجه يثير اعتراضاً من داعمي الإلغاء الكامل، الذين يرون أن مجرد التلويح بإعادة العقوبات سيعرقل ثقة الشركات الأميركية والدول الصديقة، ويضعف احتمالات الاستثمار وإعادة الإعمار. في المقابل، يعتبر جمهوريون ممن يوصفون بأنهم «صقور»، أن وضع ختم ماست على هذا القرار يمنح البيت الأبيض ممرّاً آمناً للمضي بما يريده ترمب، من دون التخلي الكامل عن أدوات الضغط المستقبلية.

دعم ترمب والضغوط الإقليمية

التحول في موقف ماست جاء بعد أسابيع من اللقاءات السرية بين البيت الأبيض والجناح الجمهوري المؤيد لسياسات ترمب الخارجية، إضافة إلى اجتماعات متكررة بين ماست وفريق الأمن القومي داخل الإدارة. وكان الرئيس ترمب قد أبدى دعماً واضحاً للشرع خلال زيارة «تاريخية» للبيت الأبيض، واصفاً إياه بأنه «قائد قوي» جاء من «بيئة قاسية». وأضاف: «سنفعل كل ما يمكن لضمان نجاح سوريا».

الشرع يحيي مناصريه أمام البيت الأبيض بعد لقاء ترمب في 10 نوفمبر 2025 (أ.ب)

مخاوف من الارتداد

يُعد «قانون قيصر» من أكثر قوانين العقوبات صرامة؛ إذ يمنع التعامل مالياً مع مؤسسات الدولة السورية، ويعاقب أي جهة أجنبية تتعاون مع دمشق، في إطار محاسبة النظام السابق على انتهاكات حقوق الإنسان. ويرى مؤيدو إلغائه أن بقاءه سيعرقل الاستثمارات ويُبقي المخاوف قائمة من تغيّر الموقف الأميركي فجأة، كما يمنع الوصول إلى معلومات حول مصير الأميركيين المفقودين في سوريا. لكن معارضي الإلغاء يخشون أن يمنح القرار «شيكاً على بياض» للرئيس الشرع، الذي ما تزال لدى بعض أعضاء الكونغرس تحفظات حول ماضيه وتصنيفه السابق، إضافة إلى غموض موقفه من الأقليات ومن مستقبل العلاقات مع إسرائيل، بحسب قولهم.

وتشير مصادر سياسية إلى أن ماست تلقّى عروضاً «صياغية» من البيت الأبيض تضمن له الحفاظ على موقعه «الصقوري» داخل الحزب الجمهوري، مع عدم إعاقة التحول الذي يقوده ترمب في السياسة السورية. وتؤكد المصادر أنّ الاتصالات بين الجانبين كانت «يومية»، وأن ماست أصر على آلية تسمح بإعادة العقوبات دون الحاجة إلى معارك تشريعية جديدة.

ومع أن المؤشرات تؤكد أن إلغاء العقوبات بات شبه محسوم، فإن النقاشات المقبلة ستركز على صياغة آليات إعادة التفعيل، وهي النقطة التي يخوض ماست معركته التشريعية الأخيرة حولها داخل لجنة العلاقات الخارجية.

برايان ماست... من مقاتل جريح إلى أحد أبرز «صقور» الكونغرس

برايان ماست (موقع الكونغرس)

يمثّل النائب الجمهوري برايان ماست، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، نموذجاً لسياسي صعد نجمه بقوة خلال السنوات الأخيرة، مستفيداً من خلفية عسكرية ثقيلة شكّلت مساره وطبعت شخصيته السياسية بطابع الصلابة والحسم.

وُلد ماست عام 1980، وخدم سنوات في وحدات الجيش الأميركي العاملة في مهام شديدة الخطورة، قبل أن يتعرّض عام 2010 لانفجار عبوة ناسفة في أفغانستان أدّى إلى بتر ساقَيه. تلك التجربة، التي تحوّلت إلى جزء مركزي من صورته العامة، لطالما قدّمها ماست بوصفها «دافعاً لمتابعة القتال على جبهة التشريع»، كما يقول في مقابلاته.

دخل ماست عالم السياسة عام 2016 مدعوماً من الدوائر المحافظة القومية داخل الحزب الجمهوري، وبنى سريعاً لنفسه هوية «الصقر المتشدد» في ملفات الأمن القومي. ومع انتخابه المتكرر عن ولاية فلوريدا، بات رقماً صعباً داخل الكتلة الجمهورية، سواء في النقاشات الدفاعية أو التشريعات المتعلقة بالشرق الأوسط.

تولّيه رئاسة لجنة العلاقات الخارجية منحَه موقعاً حساساً في صنع السياسة الخارجية، وهو موقع وظّفه لحشد الدعم لملفات يعتبرها «جوهرية للحفاظ على نفوذ أميركا العالمي». وفي الوقت نفسه، نسج ماست علاقة قوية مع الرئيس دونالد ترمب، الذي يرى فيه «صوتاً موثوقاً للجناح القومي» داخل الكونغرس.

في الملف السوري، برز اسم ماست كأحد أبرز معارضي رفع العقوبات عن دمشق بلا شروط، قبل أن يعيد تموضعه مؤخراً نحو دعم الإلغاء ضمن «آليات تتيح إعادة العقوبات إذا لزم الأمر». هذا التحول لم يُقرأ على أنه تراجع، بل نوع من «البراغماتية المحسوبة» التي تسمح له بالالتزام بخط ترمب السياسي، دون التخلي تماماً عن أدوات الضغط التي يتمسك بها «الجناح الصقوري» في الحزب.

بهذه السيرة التي تجمع بين التضحية العسكرية، والحضور الإعلامي، والنفوذ التشريعي، يواصل برايان ماست ترسيخ موقعه كأحد أبرز صانعي القرار في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

المشرق العربي جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

أعلنت السلطات السورية ليل الأربعاء أنها ألقت القبض على قيادي بارز في تنظيم «داعش» بدمشق بالتنسيق مع التحالف الدولي في عملية «أمنية محكمة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
المشرق العربي نقطة تفتيش تابعة لقوى الأمن الداخلي السوري في السويداء (رويترز) play-circle

مقتل 3 أشخاص في الساحل السوري خلال اشتباكات مع قوات الأمن

قُتل ثلاثة أشخاص، الأربعاء، خلال اشتباكات مع قوات الأمن في محافظة اللاذقية، معقل الأقلية العلوية في غرب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

قوات إسرائيلية تطلق قنابل دخانية على أطفال ونساء في جنوب سوريا

اعتدت قوة إسرائيلية على أطفال ونساء أثناء جمعهم للفطر في المنطقة الواقعة بين قريتي العدنانية ورويحينة في ريف القنيطرة الشمالي في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص صورة لاجتماع ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن بتاريخ 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

خاص كيف غيَّرت قرارات ترمب وجه سوريا؟

بعد سنوات من سياسات أميركية اتسمت بالتردد وتضارب الأجندات، تتجه واشنطن اليوم بخطى ثابتة نحو سياسة أكثر مباشرة و«براغماتية» عنوانها تحقيق النتائج على الأرض.

سلطان الكنج

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

روت عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني، أحمد شكر، تفاصيل جديدة بشأن اختفائه قبل أيام، مشيرة إلى أن مغترباً لبنانياً في كينشاسا يُدعى «ع . م» تواصل مع أحمد لاستئجار شقته في جنوب بيروت، وأنه زار لبنان مراراً.

وقال عبد السلام، شقيق الضابط المختفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المغترب طلب لاحقاً من أحمد المساعدة في بيع قطعة أرض في زحلة لِمُتموّل يُدعى سليم كساب، لكن تبين لاحقاً أنه اسم مستعار.

وفي يوم اختفاء أحمد، ذهب لمقابلة المتمول، لكن المغترب اعتذر من عدم الحضور. وأظهرت كاميرات المراقبة تحرك سيارة باتجاه بلدية الصويرة، حيث فُقد أثر أحمد؛ مما أثار الشكوك بشأن تعرضه للاختطاف، من دون وجود أدلة واضحة.

ونفت العائلة أي علاقة لأحمد بملف الطيار الإسرائيلي رون آراد المفقود منذ 1986، وأيَّ علاقة له بالأحزاب.


الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
TT

الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)

أفاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بأن العلاقات السورية - الروسية تدخل عهداً جديداً مبنياً على الاحترام المتبادل.

وقال الشيباني، خلال اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أمس، إن مناقشة العلاقة بين البلدين تجري بقدر أكبر من الصراحة والانفتاح، مشدداً على أن دمشق تتطلع إلى بناء علاقات متوازنة وهادئة مع جميع الدول.

والتقى الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتناول اللقاء سبل تطوير الشراكة العسكرية، بما يعزز القدرات الدفاعية للجيش السوري، ويواكب التطورات الحديثة في الصناعات العسكرية.

وأوردت «الوكالة العربية السورية للأنباء» أن الرئيس الروسي «جدّد موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكّد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».


العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
TT

العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

كثّف العراق ملاحقته القضائية لمواطنين تورطوا في القتال ضمن الحرب الروسية – الأوكرانية، محذّراً من عقوبات بحق من يلتحق بقوات عسكرية أجنبية من دون موافقة رسمية.

وأكد رئيس مجلس القضاء فائق زيدان أن القانون يعاقب بالسجن كل من يشارك في نزاعات خارجية، مشدداً على تجريم شبكات التجنيد والاتجار بالبشر.

جاء ذلك بالتزامن مع عمل لجنة حكومية خاصة بمكافحة تجنيد العراقيين للقتال في أراض أجنبية، وسط تضارب بشأن أعداد المجندين.

وتتحدث تقارير صحافية عن وجود نحو 50 ألف عراقي جُندوا للقتال في صفوف القوات الروسية، في حين تشير إحصاءات غير رسمية إلى نحو 5 آلاف مقاتل يتوزعون بواقع 3 آلاف مع الجيش الروسي، وألفي مقاتل مع الجيش الأوكراني.

وكانت محكمة عراقية قد أصدرت حكماً بالسجن المؤبد بحق مدان بتجنيد مقاتلين للقتال مع روسيا.