ما تأثير «الاتفاق التنموي الموحّد» على مشاريع الإعمار في ليبيا؟

تحذيرات من «غياب الرؤية» بين أفرقاء السياسة

أعمال رصف في أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة طرابلس (إعلام حكومة «الوحدة»)
أعمال رصف في أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة طرابلس (إعلام حكومة «الوحدة»)
TT

ما تأثير «الاتفاق التنموي الموحّد» على مشاريع الإعمار في ليبيا؟

أعمال رصف في أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة طرابلس (إعلام حكومة «الوحدة»)
أعمال رصف في أحد الشوارع الرئيسية بالعاصمة طرابلس (إعلام حكومة «الوحدة»)

فتح الاتفاق المبدئي بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» حول «برنامج تنموي موحد» الباب أمام موجة جديدة من التوقعات في ليبيا، بين من يراه فرصة لإحياء مشاريع إعادة الإعمار المتوقفة، ومن يشكك في إمكانية تنفيذه في ظل انقسام سياسي وغياب مخطط تنموي واضح.

خلال توقيع الاتفاق التنموي بين ممثلين لمجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في طرابلس (المصرف المركزي)

ويُنظر إلى الاتفاق، الذي رحب به «مصرف ليبيا المركزي» بوصفه خطوة لـ«توحيد قنوات الانفاق وموازنة موحدة للبلاد»، على أنه أقرب إلى إطار سياسي عام أكثر منه خطة اقتصادية مكتملة، في ظل غياب الرؤية بين الأفرقاء السياسيين.

ولم يُكشف على نحو كامل عن تفاصيل بنود الاتفاق، التي وقعت منتصف الأسبوع الماضي، وسط تأكيدات أنها تمثل مجرد «هيكل مبدئي» للتنسيق بين الحكومتين في الشرق والغرب، اللتين تديران شبكات مالية منفصلة منذ أكثر من عشر سنوات.

ويبرز هنا التباين الأوضح بين من يعدّ الاتفاق فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، ومن يخشى أن يعمق التعقيدات. فالخبير الاقتصادي الليبي، محمد الشحاتي، عبر عن «تشكك واضح» في جدوها، محذراً من «غياب مخطط تنموي حقيقي يبنى عليه أي اتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «توزيع الثورة والموارد قد يمر جزئياً»، استناداً إلى تجارب سابقة نجح فيها التنسيق بدرجة محدودة.

لكن الشحاتي رأى أن تقديم الإعمار على أنه «تنمية» فتح الباب «لتسييس» الإنفاق، ومنح مخصصات «لا تعكس احتياجات حقيقية يمكن قياس نتائجها». وبرأيه، فإن الانقسام السياسي يجعل «أي حكومة عاجزة عن اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة أو طويلة المدى».

وفي بلد يعاني انقساماً سياسياً مزمناً منذ عام 2011، يبرز «الإنفاق الموازي»، أي الصرف خارج القنوات الرسمية للدولة، والبالغ قيمته «59 مليار دينار ليبي» العام الماضي، بوصفه الخطر الأكبر الذي يهدد الاتفاق الجديد، وفق مراقبين. (الدولار يساوي 5.47 دينار في السوق الرسمية. و7.84 دينار في الموازية).

وهذا النوع من الإنفاق الموازي، الذي تصاعد الحديث عنه منذ الربع الأول من العام الحالي، بات محور صراع بين حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب البلاد برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المكلفة من البرلمان في الشرق برئاسة أسامة حماد، حيث يدير كل طرف منظومته المالية الخاصة.

من أعمال إنشاء مبنى للرقابة الإدارية في شرق ليبيا (صندوق الإعمار)

وزاد المشهد تعقيداً أن شرق ليبيا مضى في تنفيذ مشروعات إعمار واسعة، قادها بالقاسم حفتر، نجل قائد قوات «الجيش الوطني» الليبي المشير خليفة حفتر، ما جعل ملف الإعمار نفسه جزءاً من التجاذبات السياسية والمالية بين الطرفين.

في المقابل، يتبنى رئيس اللجنة المالية بالمجلس الأعلى للدولة، عبد الجليل الشاوش، رؤية أكثر تفاؤلاً، إذ يؤكد أن الاتفاق جاء نتيجة «تنازلات كبيرة من جميع الأطراف»، وأن المصرف المركزي سيكون الضامن لمتابعة المشاريع ومنع الإنفاق الموازي.

ويرى الشاوش أن توحيد قنوات التمويل سيعيد بعض الانسجام المالي المفقود، ويمنح المؤسسات فرصة لتجاوز سنوات الانقسام.

لكن التباين لا يقف عند حدود الرؤية الاقتصادية. فالمحلل السياسي الليبي، حسام فنيش، يذهب أبعد من ذلك، عادّاً أن الاتفاق وضع ملف الإعمار في قلب «معادلة شديدة الحساسية»، تقوم على إنفاق موحد يخضع لرقابة أميركية متصاعدة، ما قد يقلل بحسب وصفه من مساحة القرار السيادي في تحديد أولويات المال العام.

يقول فنيش لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة الخزانة الأميركية باتت «تمارس تأثيراً مباشراً على مسارات الصرف في ليبيا»، في إطار ما يسميه «الاستقرار المالي المشروط»، الذي تتحكم عبره في التدفقات المالية الكبرى.

وسبق أن رحبت الولايات المتحدة، عبر مستشار رئيسها، مسعد بولس، بالاتفاق بين المجلسين الليبيين، وأشادت بـ«روح التسوية والحوار البناء»، عادّة أنه يعزز الاستدامة المالية للمصرف الليبي، ويوفر تمويلاً لمشاريع التنمية، وأكدت دعمها لمواصلة إشراك الأطراف كافة للحفاظ على الزخم نحو توحيد ليبيا.

وفي هذا السياق، يشير فنيش إلى أن «مشروعات الإعمار أصبحت محكومة بتقاطع ثلاث دوائر متداخلة: تطلعات الشارع إلى مشاريع ملموسة، وحسابات القوى السياسية الساعية إلى تكريس نفوذها عبر الإنفاق التنموي، والرؤية الأميركية التي تربط ضبط الفوضى المالية بالحفاظ على رقابتها على موارد النفط».

ويحذر فنيش من أن الحد من الفساد قد يتحول إلى «وصاية مالية ناعمة»، تعوق إنجاز مشاريع حيوية، وأن الاستقرار المالي قد يصبح مجرد إدارة لزمن الانتظار بدل إطلاق ورشة إعمار حقيقية.

وعلى الرغم من الإشادة الأممية والدولية بالاتفاق، بعدّه خطوة نحو استعادة الثقة المؤسسية، فإنها بدت مشروطة بضرورة مراقبة التنفيذ وضمان عدم عودة الأموال العامة إلى دوامة الهدر والإنفاق الموازي. ومع أن الاتفاق قد يشكل نظرياً نافذة لإعادة إحياء مشاريع الإعمار، فإن نجاحه يبقى «مرهوناً بالإصلاحات»، كما يقول مراقبون.


مقالات ذات صلة

استنفار أمني في صبراتة الليبية بعد مقتل «العمو»

شمال افريقيا عناصر من «جهاز مكافحة التهديدات الأمنية» (أرشيفية)

استنفار أمني في صبراتة الليبية بعد مقتل «العمو»

هيمنت أجواء الاستنفار الأمني على مدينة صبراتة، الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب طرابلس، بعد مقتل الميليشياوي أحمد الدباشي المعروف بـ«العمو»، المطلوب دولياً.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا مبعوثة الأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه (البعثة الأممية)

انطلاق «الحوار المهيكل» برعاية أممية يفجّر جدلاً حاداً في ليبيا

يترقب الليبيون، الأحد، في طرابلس، انطلاق أولى جلسات «الحوار المهيكل»، أحد أبرز مسارات خريطة الحل السياسي التي طرحتها المبعوثة الأممية، هانا تيتيه قبل 4 أشهر.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا  ليبية تدلي بصوتها في صندوق اقتراع بالانتخابات البلدية بشرق البلاد (المفوضية)

شرق ليبيا يصوّت في انتخابات 9 مجالس بلدية مؤجَّلة

أدلى ناخبون في شرق ليبيا بأصواتهم في صناديق الاقتراع، السبت، لاختيار ممثليهم في 9 مجالس بلدية مؤجلة تقع في نطاق سيطرة «الجيش الوطني الليبي»

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا تيتيه والقائم بالأعمال المصري تامر الحفني في لقاء بطرابلس (البعثة الأممية)

واشنطن لحلحلة الأزمة الليبية قبيل إطلاق «الحوار الأممي»

كثّفت واشنطن تحركاتها الدبلوماسية بهدف كسر جمود الأزمة الليبية المستمرة منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الميليشياوي أحمد الدباشي (العمو) (حسابات ليبية موثوثة)

ليبيا: اشتباكات واسعة في صبراتة تنهي أسطورة «العمو»

طوت ليبيا صفحة أسطورة الميليشياوي أحمد الدباشي، المعروف بـ«العمو»، والمطلوب دولياً في قضايا اتجار بالبشر والمخدرات، بعد إعلان مقتله إثر اشتباكات واسعة.

علاء حموده (القاهرة)

«الدعم السريع» تهاجم مقرَّ الأمم المتحدة في كادوقلي

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تهاجم مقرَّ الأمم المتحدة في كادوقلي

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

شنَّت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة، استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل 6 جنود من بنغلادش، في حين بدأت بعض المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة في المدينة، تنفيذ عمليات إجلاء لموظفيها، كما تشهد المدينة نزوحاً سكانياً.

وعدَّ مجلس السيادة الانتقالي السوداني الهجوم «خرقاً جسيماً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني». وقال في بيان إنَّ «استهداف منشأة أممية محمية يمثل تصعيداً خطيراً وسلوكاً إجرامياً يرقى إلى عمل إرهابي منظم ويكشف عن استخفاف متعمَّد بالقانون الدولي، وتهديد مباشر لعمل البعثات الإنسانية والدولية»، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ «مواقف حازمة وإجراءات رادعة» تكفل حماية المنشآت الأممية.

يأتي ذلك بعد يومين من اتهام الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، «الدعم السريع» بـ«القوات السيئة»، لتردّ الأخيرة باتهام الأمم المتحدة بـ«ازدواجية المعايير».


«القبائل» الجزائرية تتوحَّد ضد مشروع «ماك» الانفصالي

ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
TT

«القبائل» الجزائرية تتوحَّد ضد مشروع «ماك» الانفصالي

ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)

رداً على مسعى حركة (ماك) الانفصالية لإطلاق «دولة القبائل المستقلة»، اليوم في فرنسا، تشهد منطقة القبائل الجزائرية زخماً وحركة غير مألوفين، تمثلا في أنشطة ميدانية معارضة لهذا الحدث الذي يشكل أحد أبرز فصول التوتر مع الجزائر، التي تتهمها بـ«احتضان أعداء وحدتها الترابية».

وشهدت ولاية بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، أكبر مدن القبائل سلسلةً من المبادرات التي عبّر من خلالها مواطنون وفعاليات محلية عن رفضهم أي طرح يمس بالوحدة الوطنية. ولوحظ تعليق العلم الوطني على واجهات عدد كبير من المنازل والمحلات التجارية.

ونظَّمت مديرية الشباب والرياضة لولاية بجاية قافلة سيارات مزيّنة بالأعلام الوطنية، انطلقت من وسط المدينة وجابت عدداً من الشوارع والقرى، تحت شعار «الجزائر واحدة موحدة»، فيما أصدر طلبة جامعة بجاية بياناً عبّروا فيه عن رفضهم لمشروع حركة «ماك» الانفصالية، مؤكدين تمسُّكَهم بـ«وحدة الجزائر وسيادتها».


«الدعم السريع» تهاجم مقر الأمم المتحدة بجنوب كردفان ومقتل 6 جنود بنغلادشيين

عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)
عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)
TT

«الدعم السريع» تهاجم مقر الأمم المتحدة بجنوب كردفان ومقتل 6 جنود بنغلادشيين

عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)
عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)

شنت «قوات الدعم السريع»، أمس (السبت)، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة، استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل ستة جنود بنغلادشيين على الأقل، في حين بدأت بعض المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة في المدينة، تنفيذ عمليات إجلاء لموظفيها، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة الأمنية الموقتة لأبيي (يونيسفا) أن «ستة جنود قتلوا وأصيب ستة آخرون» عندما ضربت طائرة مسيّرة معسكرهم في كادوقلي، مضيفة أن جميع الضحايا من بنغلادش. وأعرب رئيس وزراء بنغلادش محمد يونس في بيان عن «حزنه الشديد» إزاء الواقعة.

بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الهجمات على قوات حفظ السلام الأممية في السودان «غير مبررة وترقى لجرائم حرب».

وطالب غوتيريش، في منشور على منصة «إكس»، بمحاسبة المسؤولين عن استهداف قوات حفظ السلام.

«السيادة» السوداني يدين

وعدَّ مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الهجوم «خرقاً جسيماً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني». وقال في بيان إن «استهداف منشأة أممية محمية يمثل تصعيداً خطيراً وسلوكاً إجرامياً يرقى إلى عمل إرهابي منظم ويكشف عن استخفاف متعمَّد بالقانون الدولي».

الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وحمَّل المجلس «الدعم السريع»، «المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء»، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ «مواقف حازمة وإجراءات رادعة» تكفل حماية المنشآت الأممية.شنت «قوات الدعم السريع»، أمس (السبت)، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة، استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل 6 مدنيين على الأقل، في حين بدأت بعض المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة في المدينة، تنفيذ عمليات إجلاء لموظفيها، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية.

وعدَّ مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الهجوم «خرقاً جسيماً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني». وقال في بيان إن «استهداف منشأة أممية محمية يمثل تصعيداً خطيراً وسلوكاً إجرامياً يرقى إلى عمل إرهابي منظم ويكشف عن استخفاف متعمَّد بالقانون الدولي، وتهديد مباشر لعمل البعثات الإنسانية والدولية». وحمَّل المجلس «الدعم السريع»، «المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء»، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ «مواقف حازمة وإجراءات رادعة» تكفل حماية المنشآت الأممية.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

تأتي الخطوة بعد يومين من اتهامات متبادلة بين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي وصف «الدعم السريع» بـ«القوات السيئة»، وردت «الدعم السريع» باتهام الأمم المتحدة بـ«ازدواجية المعايير».

وتحدثت مصادر متعددة عن قيام «قوات الدعم السريع» بشن هجوم بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي. وشوهدت أعمدت الدخان، في المدينة. وأفاد مصدر طبي لوكالة الصحافة الفرنسية، بمقتل 6 مدنيين على الأقل في القصف الذي استهدف مبنى تابعاً للأمم المتحدة.

فرار السكان

ونقل موقع سوداني أن تحالف السودان «تأسيس» التابع لـ«الدعم السريع»، طالب الخميس، سكان كادوقلي بضرورة مغادرة مناطق التماس العسكري وخطوط العمليات. وذكر أن النداء وجد استجابة واسعة من السكان، مشيراً إلى أن هذه الموجة من النزوح تعد الأكبر منذ اندلاع الحرب، وقال إن غالبية المغادرين من النساء والأطفال وكبار السن.

ونقل موقع «السودانية نيوز» عن قيادي في «تأسيس» التزام التحالف الكامل بحماية المدنيين وتيسير عمليات الإجلاء الطوعي من مدينة كادوقلي، مجدِّداً دعوته جميع المواطنين إلى الابتعاد عن مواقع الاشتباكات حفاظاً على أرواحهم.

تأتي هذه التطورات وسط مخاوف متزايدة من اتساع رقعة المواجهات العسكرية في ولاية جنوب كردفان وتأثيرها على الأوضاع الإنسانية للمدنيين.

ويسيطر الجيش على آخر ثلاث مدن في ولاية جنوب كردفان، وهي: كادوقلي العاصمة، والدلنج، وأوجبيهة.

و«تأسيس» هو تحالف سياسي بمشاركة «قوات الدعم السريع»، انطلق في يوليو (تموز) الماضي، وأعلن تشكيل حكومة موازية في السودان برئاسة محمد حسن التعايشي.

مَسيرات حاشدة في الخرطوم

إلى ذلك خرج الآلاف من السودانيين أمس، في مسيَّرات حاشدة بالعاصمة الخرطوم وغيرها من مدن البلاد؛ تأييداً للجيش في حربه ضد «قوات الدعم السريع»، التي بدورها حذرت من استغلال المواطنين في مواجهة المجتمع الدولي، لإجهاض جهوده وقف الحرب الدائرة في البلاد.

تأتي المسيَّرات تلبيةً لدعوات أطلقتها «اللجنة العليا للاستنفار والمقاومة الشعبية»، بالتنسيق مع الفصائل المسلحة والتيارات الإسلامية التي تقاتل في صفوف الجيش السوداني.

مسيرة في بورتسودان مؤيدة للجيش السبت (أ.ف.ب)

والشهر الماضي، أعلن رئيس اللجنة، الفريق بشير مكي الباهي، التعبئة العامة وفتح معسكرات التدريب في عدد من الولايات؛ لإسناد الجيش في جميع محاور القتال في الخطوط الأمامية في كردفان.

وقالت اللجنة في بيان: «إن هذا الخروج الشعبي الواسع يجسد الإرادة الحقيقية للشعب السوداني، ويؤكد أنه لا شرعية فوق مؤسسات الدولة الوطنية». ورصدت «الشرق الأوسط» خروج مسيَّرات في عواصم الولايات التي يسيطر عليها الجيش السوداني، منها: «الخرطوم، وبورتسودان، ومدني، ودنقلا، وسنار، وحلفا».

كما خرج متضامنون في عشرات البلدات والقرى الصغيرة في ولاية الجزيرة وسط البلاد التي شهدت انتهاكات واسعة من «قوات الدعم السريع».

ورفع المتظاهرون لافتات تدعو للوقوف خلف الجيش السوداني، ورددوا هتافات «جيش واحد، شعب واحد»، كما رفع البعض الآخر شعارات تطالب بتصنيف «قوات الدعم السريع» منظمة إرهابية.

في المقابل، أطلقت القوى المناهضة للحرب، أبرزها التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) هاشتاغاً تداوَل بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار «نعم للسلام والديمقراطية.. لا للحرب.. لا لحكم العسكر».