يتواصل الاقتتال العنيف والمعارك العسكرية، الثلاثاء، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في نطاق واسع من إقليم شمال كردفان، وأظهرت مقاطع فيديو جديدة اشتباكات عنيفة تدور بين الطرفين في أكثر من محور، بينما أعلنت «قوات درع السودان» أن قائدها أبو عاقلة كيكل أُصيب بجروح طفيفة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال في المعارك الدائرة حالياً في الإقليم. وأبو عاقلة هو القائد المنشق من «قوات الدعم السريع»، ويحارب الآن مع الجيش السوداني منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024. في الأثناء ذكرت الخارجية البريطانية، الثلاثاء، أنها تعتزم فرض عقوبات محتملة تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في السودان.

ولليوم الثالث على التوالي، تستمر معارك برية ضارية بين الجيش و«الدعم السريع» في عدة محاور غرب وشمال كردفان، سقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى من الطرفين، حسب مصادر محلية، وفيديوهات بثها أفراد من الجانبين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجرى استهداف قائد «درع السودان» المتحالفة مع الجيش السوداني بطائرة مسيرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع» أثناء الاشتباك في محيط بلدة أم سيالة، يوم الاثنين، وأدى إلى مقتل 3 من طاقم حرسه الشخصي، وقائد ميداني برتبة مقدم. ووفق مصادر مقربة من «قوات درع السودان»، فإن إصابة كيكل ليست خطيرة، وهو بخير بعد أن تلقى الإسعافات، ويواصل قيادة قواته في أرض المعركة.
وفي حين لم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش بشأن معارك في الإقليم، قالت «قوات درع السودان» المساندة له، إنها نفذت مهمة عسكرية قتالية ناجحة في منطقة أم سيالة بشمال كردفان. وأضافت في بيان، الثلاثاء، أن قواتها استبسلت في تنفيذ المهمة، و«كبدت العدو» خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في المعركة الرئيسية، وكسرت ثلاث موجات من الهجمات البرية المتتالية، المدعومة بالطيران المسّير والمدفعيات الثقيلة». وذكرت في البيان أن عدداً من قواتها سقطوا قتلى وجرحى في هذه العملية الكبيرة والشرسة.
وشنت «درع السودان» التي يقودها كيكل، الاثنين، هجوماً مباغتاً على بلدة أم سيالة، لكن «قوات الدعم السريع»، قالت إنها صدت الهجوم وقتلت وأسرت أعداداً كبيرة من قوات «كتائب البراء بن مالك» و«قوات درع السودان»، وطاردت ما تبقى من القوات المهاجمة إلى حدود ولاية النيل الأبيض.
ومطلع الأسبوع الحالي أطلق الجيش عملية برية واسعة النطاق في محاولة لاستعادة السيطرة على مناطق بارا وكازقيل وأم سيالة التي تخضع حالياً لسيطرة «الدعم السريع»، ويعدّ الهجوم من أكبر العمليات العسكرية التي حضر لها الجيش والمجموعات المسلحة الموالية له في أكثر من محور، بعد سقوط الفاشر.
وفي وقت باكر صباح الثلاثاء، شن الجيش السوداني غارات جوية مكثفة عبر المسيرات استهدفت مواقع متقدمة لــ«قوات الدعم السريع» في بلدة المزروب شمال كردفان، بينما تحاول قواته التقدم تدريجياً على الأرض لفرض معادلة جديدة. وقالت مصادر محلية لــ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش تواصل هجومها المضاد على خط المواجهة حول مدينتي أم سيالة وبارا ومناطق أخرى بهدف توسيع دائرة القتال في كامل محاور كردفان، بينما لا تزال «قوات الدعم السريع» تتمسك بمواقعها.
تقدم في جبل أبوسنون
بدوره قال حاكم إقليم دارفور (رئيس حركة تحرير السودان)، مني أركو مناوي، إن «القوة المشتركة» حققت انتصاراً في جبل أبوسنون، ومناطق أخرى في شمال كردفان. وأضاف في تغريدة على منصة «إكس»: «الشباب يثأرون على ما فعلته (قوات الدعم السريع) في الفاشر... وأن الطريق سالك».
ويشرف مناوي بشكل مباشر على «القوة المشتركة»، التي تضم قوات من الفصائل المسلحة الموالية للجيش السوداني.
مبروك علي انتصار قواتنا في جبل ابوسنون والمناطق الاخري في شمال كردفان. الشباب سدوا عين الشمس ويثأرون علي ما فلعته المليشيات في الفاشر، الطريق سالك ان شاء الله.
— Mini Minawi | مني اركو مناوي (@ArkoMinawi) November 18, 2025
والاثنين قالت «قوات الدعم السريع» إنها ألحقت هزيمة كاسحة بالجيش والحركات المسلحة المساندة في منطقة أم سيالة، وقضت على متحرك كامل.
وأضافت في بيان نشر على منصة «تلغرام»: «أنها نصبت كميناً أدى إلى مقتل وإصابة المئات من جنود الجيش والعناصر المسلحة»، كما استولت على عشرات المركبات القتالية بكامل عتادها العسكري، وكميات ضخمة من المدافع والذخائر.
ووفقاً لمصادر في «الدعم السريع»، فإن قواتهم تنتشر وتسيطر بشكل كامل على الجبهات التي يمكن أن يتسلل منها الجيش السوداني إلى المدن والبلدات في شمال وغرب كردفان.
وتشهد جبهة كردفان تطورات ميدانية متسارعة، حيث ينشط الجيش والقوات المساندة له، في شن هجمات مضادة لاستعادة المدن التي وقعت في قبضة «الدعم السريع»، في وقت تحاول الأخيرة إحكام السيطرة على الطرق الرئيسية التي تربط مدينة الأبيض بمدينة أم درمان، إحدى مدن العاصمة الخرطوم.
ويخوض الطرفان في كردفان معارك «تكتيكية» مستمرة لثلاثة أيام تعتمد على استراتيجية «الكر والفر»، وفي الوقت نفسه يتبادلان نشر مقاطع مصورة بكثافة في منصات التواصل الاجتماعي، يزعم كل طرف التفوق على الآخر.

يأتي تصعيد العمليات العسكرية بين طرفي القتال في السودان، في وقت تتسابق فيه جهود «الرباعية» التي تضم أميركا والسعودية والإمارات ومصر، لتثبيت هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تمهيداً لوقف فوري لإطلاق النار والأعمال العدائية، ودفع الطرفين للتوصل إلى حل سياسي للأزمة عبر طاولة التفاوض.
وفي هذا السياق قالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفينت كوبر إنها تعتزم فرض عقوبات محتملة تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في السودان. وقالت الوزيرة لنواب في البرلمان: «أصدرت توجيهات للمسؤولين لطرح عقوبات محتمل فرضها تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في السودان» في ظل جهود عالمية لإنهاء الحرب في السودان.



