إيران وروسيا توحدان المواقف بشأن اجتماع «الوكالة الذرية»

عراقجي: على غروسي تجنب الضغوط الغربية

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
TT

إيران وروسيا توحدان المواقف بشأن اجتماع «الوكالة الذرية»

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)

شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على تجنب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأثر بـ«الضغوط والنفوذ السياسي» للولايات المتحدة والقوى الأوروبية، وذلك قبل يومين من مناقشة ملف طهران النووي، في الاجتماع الفصلي للوكالة التابعة للأمم المتحدة.

وتستعد القوى الغربية لطرح مشروع قرار متحمل، الأربعاء، يدين عدم تعاون طهران مع الوكالة الذرية، بناءً على أحدث تقرير المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي.

ودعت «الوكالة الذرية» إيران للسماح لها بالتحقق «في أقرب وقت ممكن» من مخزوناتها من اليورانيوم خصوصاً عالي التخصيب. وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان لدول الأعضاء، الأسبوع الماضي، إن هناك انقطاعاً لديها في المعلومات «المتعلقة بكميات المواد النووية المعلنة سابقاً في إيران داخل المنشآت المتضررة»، وذلك بعدما علقت طهران في يوليو (تموز) تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب حرب استمرت 12 يوماً في يونيو (حزيران).

وأجرى عراقجي مكالمة هاتفية، مساء الاثنين، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف تمحورت حول الملف النووي الإيراني، فضلاً عن العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية.

وأفادت «الخارجية الإيرانية» في بيان أن الجانبين اتفقا، مع اقتراب اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على تنسيق المواقف بشأن البرنامج النووي الإيراني، مجددين التأكيد على «طبيعته السلمية».

كما جدد وزير الخارجية الإيراني التأكيد على ضرورة أن تلتزم «الوكالة الذرية» بصلاحياتها الفنية «بعيداً عن التسييس، وألا تتأثر بالضغوط أو النفوذ السياسي الأميركي وبعض الأعضاء الأوروبيين»، في إشارة إلى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

بدورها، ذكرت «الخارجية الروسية» في بيان أن مكالمة لافروف ونظيره الإيراني تطرقت إلى التطورات الإقليمية، لا سيما مسار التسوية في الشرق الأوسط، وفقاً لبيان «الخارجية الروسية».

وذكرت الوزارة في بيان نُشر على موقعها أن الجانبين «قاما بمواءمة المواقف» بشأن ملف البرنامج النووي الإيراني، وذلك قبيل انعقاد دورة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقاً لوكالة «ريا نووستي» الروسية.

وفيما يتعلق بالتسوية بين إسرائيل وحركة «حماس»، أكدت «الخارجية الروسية» أن الوزيرين شدداً على أهمية تحقيق سلام مستدام يستند إلى إطار قانوني دولي معترف به، وعلى ضرورة أخذ القرارات المتعلقة بإنشاء الدولة الفلسطينية في الحسبان بشكل كامل ضمن عمل مجلس الأمن الدولي.

وذكر البيان الرسمي الإيراني أن لافروف رحّب بتشكيل إطار إقليمي للتشاور والتعاون، معلناً استعداد موسكو لمواصلة التنسيق مع طهران. وأشار عراقجي إلى المبادرات والمشاورات الدبلوماسية التي تجريها إيران مع دول المنطقة للحفاظ على السلام والاستقرار، مؤكداً أهمية تعزيز هذا المسار بمشاركة جميع الأطراف المعنية.

وجاء الاتصال بين الوزيرين بعد يومين من مكالمة هاتفية جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأفاد الكرملين، السبت، بأن بوتين ونتنياهو ناقشا الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني والتطورات في قطاع غزة وسوريا.

ملصق لمنشأة فوردو لتخصيب الوقود يُعرض عقب مؤتمر صحافي لوزير الدفاع الأميركي في واشنطن 26 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وكشفت روسيا، الشهر الماضي، عن قيامها بنقل رسائل بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والإيرانيين، بهدف خفض التوتر بين البلدين. وجاء الإعلان على لسان بوتين نفسه، خلال قمة «روسيا وآسيا الوسطى» التي أقيمت في طاجيكستان، قائلاً إن إسرائيل أبلغت موسكو بعدم رغبتها في الدخول في مواجهة مع إيران، مشدداً على ضرورة حل ملف طهران النووي عبر الدبلوماسية.

وأشار بوتين أن بلاده تتلقى إشارات من القيادة الإسرائيلية تطلب نقلها إلى طهران، وتؤكد تمسك تل أبيب بخيار التسوية، ورفضها لأي شكل من أشكال التصعيد أو المواجهة، حسبما أوردت وكالة «تاس» الروسية.

وفي وقت لاحق، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تلقي طهران رسالة من روسيا تفيد بأن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة جديدة مع طهران. وقال عراقجي: «قبل 3 أو 4 أيام على ما أعتقد، جرى اتصال هاتفي بين (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو و(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين». وأضاف: «قال نتنياهو إنه لا نية لديه لاستئناف الحرب مع إيران»، مشيراً إلى أن هذه الرسالة نُقلت في إحاطة مقدّمة للسفير الإيراني لدى روسيا.

وتتمتع موسكو بعلاقات وثيقة مع طهران، ونددت بالضربات الأميركية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في وقت سابق من هذا العام، والتي كان هدفها المعلن هو منع طهران من امتلاك قنبلة نووية، وتنفي إيران تصنيع سلاح نووي.

وقال عراقجي، الأحد، إنه ليس لدى بلاده أي منشأة غير معلنة لتخصيب اليورانيوم، وإن كل منشآتها تخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة. جاء تأكيد عراقجي بعد أن ذكرت وسائل إعلام أميركية، بينها صحيفتا «واشنطن بوست ونيويورك تايمز»، أن إيران سرّعت وتيرة البناء في موقع نووي سري تحت الأرض يسمى «جبل الفأس» أو «كوه كولانغ»، بالقرب من منشأة نطنز.

وقال عراقجي خلال منتدى في طهران: «ليست هناك منشأة تخصيب نووي غير معلنة في إيران. كل منشآتنا تخضع لحماية الوكالة ومراقبتها». وأضاف: «لا تخصيب» في الوقت الراهن؛ لأن المواقع المعنية تضررت في الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل. واندلعت الحرب في منتصف يونيو إثر غارات إسرائيلية مفاجئة استهدفت خصوصاً منشآت نووية إيرانية، وتخللتها ضربات أميركية ضد أهداف داخل إيران، ردّت عليها طهران بإطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل. وأدت الحرب إلى توقف محادثات نووية بين طهران وواشنطن بدأت في أبريل (نيسان). وخلال تلك المحادثات، اختلف الجانبان حول حق إيران في تخصيب اليورانيوم، الذي شدد عراقجي، الأحد، على أنه «لا يمكن إنكاره» و«غير قابل للتصرف». ورغم أن «الخارجية الإيرانية» تصر على أن منشآتها النووية تضررت بشدة جراء الهجمات، وأن مواد مخصبة لا تزال تحت الأنقاض، لكن المرشد الإيراني علي خامنئي وصف تأكيدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتدمير المنشآت النووية الإيرانية بـ«الوهم». وقال: «يقول الرئيس الأميركي بفخر إنهم قصفوا القطاع النووي الإيراني ودمّروه. حسناً، استمروا في أحلامكم!». وتأتي تصريحات عراقجي قبيل اجتماع مجلس لمحافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المقرر عقده، الأسبوع المقبل.

مراجعة جذرية

خلال منتدى الأحد في طهران، حذّر مسؤولون إيرانيون الهيئة الأممية من اعتماد قرار مناهض لإيران.

ودعا رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأحد، إلى «تحديد موقفها ومسؤوليتها في سياق أي هجوم عسكري وإلحاق أضرار بالمنشآت، حتى نتمكن من إجراء مفاوضات على هذا الأساس». وأضاف أن ظروف إيران بعد الحرب «تغيرت» وأن التهديد «لا يزال قائماً».

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي «في حال صدور قرار، ستنظر إيران في مراجعة علاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستجري مراجعة جذرية»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي. عقب الحرب، علّقت طهران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنعت مفتشيها من الوصول إلى المواقع المتضررة، بعد أن اتهمتها بالتحيز وعدم إدانة الهجمات.

ولاحقاً، قال غريب آبادي إن تأكيده على «مراجعة جذرية» لا يعني «تفاهم القاهرة» مشدداً على أن الاتفاق «لم يعد قائماً».

وقال لوكالة «إيسنا» الحكومية: «عندما أتحدث عن مراجعة التوجهات، لا أعني تفاهم القاهرة؛ فهذا التفاهم قد انتهى. نحن لا نقوم بأي عمل مع الوكالة في إطار تفاهم القاهرة، لكن التغييرات ستظهر في مجالات أخرى. فعندما يرسل الأطراف المقابلون رسالة مفادها أن تعاون إيران مع الوكالة لا يهمهم، فإن إيران تكون مضطرة أيضاً إلى إعادة النظر في سياساتها».

وتابع: «نحن على تواصل مع الوكالة. وبعد إعادة العقوبات الأممية (سناب باك)، تقرر أن تُدرس طلبات الوكالة في المجلس الأعلى للأمن القومي. لم يعد الأمر كما كان من قبل حيث تُقبل كل طلبات الوكالة. القضية ليست اتفاق القاهرة. السؤال الأساسي هو: إيران قدمت تعاوناً واسعاً مع الوكالة، ولدينا تفاهم القاهرة الذي أُبرم بعد الهجوم، ومنحنا بموجبه وصولاً إلى المنشآت غير المتضررة. فما موقع هذا التعاون سياسياً؟ وهل رحب الغرب به؟ الإجابة: لا. وهذا واضح أنهم لا يبحثون عن تعاون إيران مع الوكالة».

وأضاف: «لقد وضعوا أهدافاً سياسية، ويسعون إلى الضغط. تعاون إيران مع الوكالة أو صياغة مداليتي جديدة أو تنفيذ إجراءات الضمانات لا يهمهم. ومن ثم، فمن الطبيعي أن تعيد الجمهورية الإسلامية النظر في توجهاتها بعد صدور القرار».

وأشار غريب‌ آبادي إلى أنّ «هناك احتمالاً لصدور قرار؛ لأن تركيبة المجالس تمنح الغربيين أغلبية»، لكنه طرح سؤالاً: «أيّ مشكلة سيحل مثل هذا القرار؟ إيران كانت دائماً متفاعلة مع الوكالة. إصدار قرار سيزيد المشكلات، ويعقد الأوضاع. في الحقيقة، هذه الدول هي التي تجب مساءلتها، لا أن تمارس مزيداً من الضغط على إيران».

وفي سبتمبر (أيلول)، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة على إطار عمل جديد للتعاون، لكن بعد أسابيع، اعتبرته طهران باطلاً بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015. وانتهت مفاعيل هذا الاتفاق رسمياً في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه أُلغي فعلياً قبل سنوات بعد انسحاب واشنطن منه خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب. وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران في 24 يونيو، لكن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة هدد بشن ضربات جديدة إذا أعادت طهران إحياء برنامجها النووي.


مقالات ذات صلة

رئيس «منظمة الطاقة الإيرانية»: حاجتنا النووية حتمية

شؤون إقليمية إسلامي يشرح للرئيس مسعود بزشكيان نماذج من أجهزة الطرد المركزي في معرض للبرنامج النووي خلال أبريل الماضي (أرشيفية - الرئاسة الإيرانية)

رئيس «منظمة الطاقة الإيرانية»: حاجتنا النووية حتمية

«السياسات النووية للبلاد تُدار وفق منظومة خاضعة للخبرة وليست بيد شخص واحد. مصلحة البلاد تقتضي متابعة الموضوع حتى تُرفع العقوبات، والسعي مستمر لحلّ هذه المشكلة».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صور لقادة عسكريين وعلماء نوويين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على إيران خلال يونيو الماضي (رويترز)

عراقجي: مستعدون لمفاوضات نووية جدّية مع واشنطن

«إن الخلاف الرئيسي لا يزال يتمثل في رفض واشنطن الاعتراف بحق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب) play-circle

عراقجي: إحياء المفاوضات مع واشنطن يعتمد على نهج الإدارة الأميركية

نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن وزير الخارجية عباس عراقجي قوله، السبت، إن إحياء المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة يعتمد على نهج الإدارة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية  لوحة إعلانية تعرض صورة أجهزة الطرد المركزي النووية وجملة تقول «العلم هو القوة والأمة الإيرانية لن تتخلى عن دينها ومعرفتها» بطهران (إ.ب.أ)

دعوة إيرانية روسية صينية لحل في الملف النووي «يراعي مخاوف جميع الأطراف»

«كان من الصعب تصور أن تكون الولايات المتحدة الأميركية هي أول طرف ينتهك التزاماته»...

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية العلَم الإيراني ورمز الذرّة وعبارة «البرنامج النووي»... (رويترز)

طهران: الاعتراف بحقوقنا هو الحل الوحيد لملفنا النووي

«كيف يُطلب من إيران السماح بتفتيش منشآت تعرضت لهجمات، وتوجد فيها مخاطر إشعاعية وتسرب مواد مشعة؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)

بزشكيان سيلتقي بوتين في تركمانستان

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يصافح نظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال لقائهما في موسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يصافح نظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال لقائهما في موسكو (رويترز)
TT

بزشكيان سيلتقي بوتين في تركمانستان

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يصافح نظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال لقائهما في موسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يصافح نظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال لقائهما في موسكو (رويترز)

ذكرت «وكالة أنباء فارس» شبه الرسمية، اليوم الأربعاء، نقلاً عن سفير إيران لدى روسيا أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان سيلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في تركمانستان.

ولم تذكر الوكالة موعد انعقاد الاجتماع. وسُجل تقارب بين موسكو وطهران منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، ووقَّع البلدان معاهدة شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز العلاقات بينهما، خصوصاً العسكرية.

واتهمت الدول الغربية وكييف إيران بتزويد روسيا مسيرات من طراز «شاهد» وصواريخ قصيرة المدى استخدمتها في حربها في أوكرانيا.


إسرائيل ترفض إعلان «الجهاد» انتهاء دورها بملف جثث الأسرى

جنود إسرائيليون يقفون عند مدخل نفق في رفح بقطاع غزة قال الجيش الإسرائيلي إنه احتجز فيه جثمان الجندي هدار غولدين (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون عند مدخل نفق في رفح بقطاع غزة قال الجيش الإسرائيلي إنه احتجز فيه جثمان الجندي هدار غولدين (أ.ب)
TT

إسرائيل ترفض إعلان «الجهاد» انتهاء دورها بملف جثث الأسرى

جنود إسرائيليون يقفون عند مدخل نفق في رفح بقطاع غزة قال الجيش الإسرائيلي إنه احتجز فيه جثمان الجندي هدار غولدين (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون عند مدخل نفق في رفح بقطاع غزة قال الجيش الإسرائيلي إنه احتجز فيه جثمان الجندي هدار غولدين (أ.ب)

رفضت إسرائيل إعلان حركة «الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة، بأنها أعادت جميع جثث المحتجزين لديها وانتهاء دورها بالملف، مدعية أن الحركة تعرف مكان جثة ران غفيلي، آخر المحتجزين الإسرائيليين في غزة، وقد أبلغت الوسطاء بذلك، و«قدمت لهم معلوماتٍ استخباراتية جديدة للوصول إلى مكان الجثمان».

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية، أن غال هيرش، المسؤول الحكومي عن ملف المحتجزين، أرسل رسالة قوية للوسطاء مفادها أن «الجهاد» تعرف مكان غفيلي، وأنه «من دون استعادته لن تتقدم إسرائيل نحو المرحلة الثانية».

وكانت «الجهاد الإسلامي»، تحتفظ بعدد من الأسرى والجثث احتجزتهم بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقالت قبل يومين إنها لم تعد تحتجز أي رهائن. وقال مصدر إسرائيلي لموقع «واي نت» التابع لـ«يديعوت أحرنوت»: «لقد وجّهنا رسالة قوية. إن مسألة عودة راني حدثٌ مهم في تنفيذ الاتفاق. مزاعم (الجهاد الإسلامي) كاذبة، والمسؤولية تقع على عاتق (حماس)».

وأكدت «يديعوت أحرونوت» أن إسرائيل أرسلت رسائل قوية للوسطاء مفادها أن نشطاء في «الجهاد» يعرفون كيفية الوصول إلى غفيلي، وبناءً عليه يضغط الأميركيون لإقفال الملف، ويعتقدون أننا سنرى نتائج في الأيام المقبلة.

وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، في وقت متأخر، الثلاثاء: «آمل أن يُعاد آخر المختطفين إلى إسرائيل خلال 24 أو 48 ساعة المقبلة».

وجاء ذلك في حين عمل الصليب الأحمر وعناصر «حماس» في حي الزيتون شرق مدينة غزة، الثلاثاء؛ بحثاً عن غفيلي، لكن لم يتم العثور عليه، وذكرت صحيفة «معاريف» العبرية أن البحث توقف الأربعاء بسبب هطول أمطار غزيرة على المنطقة.

وذكرت «القناة 12» أن المسؤولين في إسرائيل مستاؤون من إعلان «الجهاد»، ونقلت القناة عن هيرش قوله للدول التي تتوسط في وقف إطلاق النار في غزة: «نحن لا نقبل بيان (الجهاد) بأي شكلٍ من الأشكال. هناك من يعرف مكان احتجاز ران في الحركة».

عناصر من «حماس» تؤمّن منطقة بمدينة غزة للبحث عن جثة آخر رهينة إسرائيلي يوم الاثنين (أ.ف.ب)

وبموجب بنود وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل شهرين، يُفترض أن تُعيد «حماس» جميع الرهائن. وتقول إسرائيل إن بإمكان الحركة بذل المزيد من الجهود للعثور على رفات غفيلي، ووفقاً لموقع «واينت» الإخباري، فقد سلم هيرش الوسطاء صوراً جوية للمساعدة في البحث، بالإضافة إلى أسماء مسؤولين قد يعرفون مكان الجثمان.

وتُعدّ صعوبة تأمين عودة رفات غفيلي أحد التحديات الكثيرة التي تواجه بداية المرحلة الثانية، بحسب «تايمز أوف إسرائيل»، التي قالت إن هذه المرحلة، تقضي وفقاً لخطة من عشرين بنداً اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتولي قوة متعددة الجنسيات السيطرة على غزة، إلى جانب لجنة فلسطينية تكنوقراطية، بالتزامن مع انسحاب الجيش الإسرائيلي ونزع سلاح «حماس».


كاتس يتراجع أمام زامير ويسوِّي معه جميع الخلافات

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (يسار) ورئيس الأركان إيال زامير (وزارة الدفاع)
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (يسار) ورئيس الأركان إيال زامير (وزارة الدفاع)
TT

كاتس يتراجع أمام زامير ويسوِّي معه جميع الخلافات

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (يسار) ورئيس الأركان إيال زامير (وزارة الدفاع)
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (يسار) ورئيس الأركان إيال زامير (وزارة الدفاع)

تراجع وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمام رئيس أركان الجيش، إيال زامير، واتفق معه على «توحيد استكمال التحقيقات حول أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول)» الذي أطلقت عليه «حماس» اسم «طوفان الأقصى»، بدلاً من مراجعة التحقيق بشكل مستقل عبر مراقب وزارة الدفاع.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، الأربعاء عن كاتس، أنه التقى زامير، يوم الثلاثاء، واتفقا على دمج «التحقيقات التكميلية» التي أجراها الجيش للتحقيقات الأولية مع مساعي الوزير لتكليف مراقب المؤسسة الدفاعية بإجراء مراجعة جديدة.

ودب خلاف كبير بين كاتس وزامير، الشهر الماضي على خلفية التحقيقات في الإخفاقات المحيطة بالهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023.

كان زامير قد تلقى نتائج مراجعة خارجية للتحقيقات الداخلية التي أجراها الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر، والتي خلصت إلى أن بعض التحقيقات الأولية التي أجراها الجيش كانت غير كافية، وأن هناك عدة مواضيع لم يتم التحقيق فيها إطلاقاً.

وأصدر زامير توجيهات لوحدات مختلفة من الجيش الإسرائيلي بإتمام تحقيقاتها، وعلى رأسها إخفاق الجيش في التعامل مع تقارير استخباراتية كشفت عن نية «حماس» شنّ هجوم واسع النطاق على إسرائيل، وفي أثناء ذلك أمر كاتس مراقب المؤسسة الدفاعية بالتحقيق في المراجعة الأولى، وأعلن تجميد جميع الترقيات العليا في الجيش حتى ذلك الحين.

وردَّ زامير بأن قرارات كاتس محيِّرة، وغير ذات صلة، وتضرّ بالجيش وقدراته وجهوزيته، وفي المقابل أصر كاتس على قراراته باعتبار أن زامير يخضع لسلطته.

لكنّ الإعلان الذي خرج به كاتس، الأربعاء، بعد يوم من اجتماعه بزامير، أظهر «تراجع الوزير أمام رئيس الأركان» حسب «تايمز أوف إسرائيل».

أسوار أريحا

وقال كاتس إنه بدلاً من إجراء مراجعة شاملة، سيقتصر دور مراقب المؤسسة الدفاعية، العميد (احتياط) يئير فولانسكي، على أن يكون «مراقباً» في تحقيق الجيش الإسرائيلي في التقارير الاستخباراتية المتعلقة بخطة «حماس» الهجومية، التي أُطلق عليها في الجيش اسم «أسوار أريحا».

وأضاف كاتس أن المراقب سيُطلع أيضاً على آخر المستجدات بشأن التحقيقات الأخرى التي أمر زمير بإتمامها، بعد أن اعتُبرت تحقيقاتهم الأولية غير كافية، بما في ذلك تلك التي أُجريت في مديرية العمليات والبحرية الإسرائيلية.

فلسطينيون يحتفلون على ظهر دبابة إسرائيلية على الجدار العازل قرب خان يونس يوم 7 أكتوبر 2023 (أ.ب)

وأوضح كاتس أن المراقب سيراجع تحقيق سلاح الجو الإسرائيلي الذي أُجري في 7 أكتوبر، ونتائج التحقيق بشأن العميد عومر تيشلر، الذي كان يشغل منصب رئيس أركان سلاح الجو الإسرائيلي، حيث يسعى زامير إلى ترقية تيشلر إلى منصب قائد سلاح الجو الإسرائيلي.

وقالت هيئة البث الرسمية «كان» إن ثمة خلافاً بين كاتس وزامير حول هوية القائد المقبل للسلاح مع اقتراب انتهاء ولاية اللواء تومر بار العام المقبل.

وأضافت: «يؤيد زامير تعيين تيشلر قائداً جديداً للسلاح، فيما يفضل وزير الدفاع تأجيل الحسم إلى حين الاطلاع على استنتاجات المراقب».

جاء هذا الاتفاق بعد آخَر جرى يوم الاثنين، ووافق فيه كاتس، على قائمة الترقيات التي أعدها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، متراجعاً بذلك عن قرار التجميد السابق.

جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار في غلاف غزة أكتوبر 2023 (أ.ب)

وقال كاتس إنه وافق على القائمة كاملةً، باستثناء ترقية العقيد (احتياط) غيرمان غيلتمان، الذي يعده كاتس مناهضاً له.

وتضمنت قائمة الترقيات التي أعلنها زمير ووافق عليها كاتس، ترقية ضابط آخر إلى رتبة عميد، وترقية 28 ضابطاً إلى رتبة عقيد، بالإضافة إلى عميد واحد وتسعة عقداء انتقلوا إلى مناصب جديدة بنفس الرتبة.

وتُنهي هذه الاتفاقات سلسلة من المواجهات بين كاتس وزامير بدأت مع تولي كاتس منصب وزير الدفاع أواخر عام 2024. ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية ما جرى بأنه تراجع من جهة كاتس، ومؤشر مهم على تحسن العلاقات بين صاحبَي أقوى منصبين في الجيش.