بينما يتدفق الملايين سنوياً إلى «الكولوسيوم» و«كنيسة سيستين» في روما، لا يحظى سوى قلة من الزوار المحظوظين بدخول أروقة قصر كولونا المذهّبة، إحدى أكثر الوجهات نخبوية في العاصمة الإيطالية، حسب صحيفة «الاندبندنت» البريطانية. ويشغل هذا القصر، الذي يجمع بين طابع المنزل الخاص والمتحف، كتلة معمارية كاملة في قلب عاصمة البلاد، ومع ذلك يظل مختبئاً بشكل كبير وإن كان على مرأى الجميع.
ويتبع القائمون على القصر نهجاً انعزالياً، حيث يحمون المكان ويحرسون مجموعة استثنائية من روائع عصر الباروك من لوحات ومنحوتات وتماثيل نصفية ولوحات من النسيج المزخرف، تتصدرها «القاعة الكبرى» الممتدة على مساحة 76 متراً. ويُسمح بالدخول فقط لمجموعات صغيرة لا تتجاوز عشرة أشخاص، في جولات يرافقهم خلالها مؤرخو فن، لساعات محدودة صباح كل جمعة وسبت.
وتقول إليزابيتا تشيكّيني، وهي مرمّمة في القصر: «لا يمكن أن نستقبل سياحة جماعية... ليس هذا هو الهدف»، مضيفة أن السماح بعدد محدود من الزوار يأتي من منطلق أن «الفن يموت إذا غاب التقدير العام له». وتؤكد أن القصر «ليس متحفاً يُقصد به أن يتحوّل إلى سلعة».
بدوره، يدعم كلاوديو ستريناتي، المشرف السابق على متاحف روما، هذه العزلة النسبية على القصر، حيث يصف القصر بأنه «من دون شك واحد من أعظم التراثات الفنية في تاريخ الإنسانية»، وأن الأسرة المالكة له «ملزمة بحمايته». منذ القرن الثاني عشر، يظل القصر ملكاً لأسرة كولونا، إحدى عائلات «النبلاء السود»؛ وهو الاسم الذي أُطلق على العائلات الرومانية التي بقيت وفيّة للبابا والدولة الباباوية عندما دخل الجيش الإيطالي روما لتوحيد البلاد عام 1870. وقد رفعت تلك العائلات رايات سوداء على قصورها إعلاناً للحِداد، فيما احتفظت داخل جدرانها بالأعمال الفنية الرائعة.
وعلى مدى قرنين من الزمان، حافظ «آل كولونا» على عهدة تضمن بقاء الأعمال الفنية الثمينة للقصر هناك إلى الأبد. ويُنسب إلى الأميرة إيزابيلا كولونا إنقاذ كنوز العائلة. وهربت من روما عندما غزاها النازيون، ولكن ليس قبل أن تأمر بحشر جميع الأعمال الفنية في جناح من المبنى سُدّت مداخله آنذاك، كما قال تشيكيني. ولم يتمكن الجنود من العثور عليها. اليوم، يكشف الجزء الداخلي عن تاريخ حافل بالسلطة والامتياز. ففي قاعة العرش، تُخلّد صورة أودوني كولونا، الذي أصبح البابا مارتن الخامس عام 1417 وجعل القصر مقراً باباوياً لعقد من الزمان.


