أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن لبنان «لم يتسلّم بعد أي ردٍّ إسرائيلي على مبادرته للتفاوض لتحرير الأراضي المحتلة»، مشدداً على أن «منطق القوة لم يعد ينفع، وعلينا أن نذهب إلى قوة المنطق».
من جهته، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى «تفعيل لجنة (الميكانيزم) والدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار لإلزام إسرائيل بوقف عدوانها والانسحاب من الأراضي اللبنانية»، مؤكداً أن «وحدة اللبنانيين تبقى السلاح الأهم في مواجهة التهديدات الإسرائيلية».
وأتت مواقف عون وبري في وقت عقدت فيه الأربعاء لجنة «الميكانيزم» اجتماعها الدوري الثالث عشر في الناقورة برئاسة الجنرال الأميركي جوزيف كليرفيلد، في غياب الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي حضرت الاجتماعات الأخيرة.
ووفق المعلومات كانت الخروقات الإسرائيلية المتصاعدة، ولا سيما التي سجلت الأسبوع الماضي في الجنوب، محوراً أساسياً في الاجتماع، والتي كان أحدها على مقربة من مركز للجيش اللبناني، ما يشكّل خرقاً فاضحاً لاتفاق وقف النار.
الشروط بعد قبول التفاوض
وأوضح عون، خلال استقبال وفد من نقابة المحرّرين برئاسة النقيب جوزف القصيفي في القصر الجمهوري، أن «الحرب قادتنا إلى الويلات، وهناك موجة تسويات في المنطقة، وإذا لم نكن قادرين على الذهاب إلى حرب، فماذا نفعل؟».
وأشار إلى أن «لبنان لم يتلقَّ موقفاً أميركياً واضحاً بعد بشأن هذا الطرح، وأن وصول السفير الأميركي الجديد (ميشال عيسى) إلى بيروت قد يحمل معه الجواب الإسرائيلي»، لافتاً إلى أن ما قاله الرئيس بري «يتقاطع إلى حدٍّ كبير مع تجربة المفاوضات حول الحدود البحرية».
وأكد عون أن «لجنة الميكانيزم التي تضمّ ممثلين عن مختلف الأطراف موجودة، ويمكن توسيعها أو تعديلها إذا اقتضى الأمر».
وأضاف: «تكلمنا على مبدأ التفاوض ولم ندخل بعد في التفاصيل، ولم نتلقَّ بعد جواباً على طرحنا. وعندما نصبح أمام قبول مبدئي، نتحدث حينها عن شروطنا».
الرئيس جوزاف عون أمام وفد من نقابة المحررين:- الدعوة إلى حوار قبل الانتخابات النيابية هو بمثابة "حوار طرشان"، وهناك إصرار مني ومن الرئيسين بري وسلام على إجرائها في موعدها.- الكلام عن "تلزيم" لبنان لسوريا غير مبرّر ولا داعي له، وحقوق المودعين خط أحمر لا تفريط بها.- لبنان... pic.twitter.com/18iI8eTh98
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) November 12, 2025
وسأل عون: «هل نحن قادرون على الدخول في حرب؟ وهل لغة الحرب تحلّ المشكلة؟ فليجبني أحدهم على هذين السؤالين».
وردّاً على سؤال عمّا إذا كان قد وجّه هذا السؤال إلى «حزب الله»، قال عون: «نعم، قلت ذلك للحزب بصراحة. منطق القوة لم يعد ينفع، علينا أن نذهب إلى قوة المنطق. هذه أميركا بعد 15 سنة من الحرب في فيتنام، وحركة (حماس) اليوم، اضطرتا إلى التفاوض».
تحقيق افتراضي
وفيما يتعلق بملف انفجار مرفأ بيروت، أعلن عون أنه «تواصل مع كبار المسؤولين البلغاريين، ونال موافقة على إجراء تحقيق افتراضي مع مالك الباخرة روسوس الموقوف في بلغاريا»، موضحاً أن «وزير العدل اللبناني عادل نصار سيرفع طلباً رسمياً إلى نظيره البلغاري في أسرع وقت». ورأى أن هذا التطور «يُشكّل خطوة مهمة في مسار العدالة، ويفتح الباب أمام تعاون قضائي فعّال بين البلدين».
الانتخابات والحوار الوطني
ورأى رئيس الجمهورية أن «الدعوة إلى حوار وطني قبل الانتخابات النيابية ستكون بمثابة (حوار طرشان)»، مؤكداً تمسكه مع رئيسي البرلمان بري، والحكومة نواف سلام بـ«إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري».
وقال: «نحن نسير على طريق إجراء هذا الاستحقاق الدستوري، لكن صيغة القانون الانتخابي الذي ستُجرى على أساسه تعود إلى البرلمان، فالحكومة قامت بواجبها ولا يمكنها أن تحلّ مكان مجلس النواب، وهذا ما نصّ عليه الدستور واتفاق الطائف».
وأشار إلى أن «هناك من لا يرغب في حصول الانتخابات»، لكنه شدّد على «اتفاق الرئاسة والحكومة والبرلمان على المضي بالاستحقاق حفاظاً على انتظام الحياة السياسية».
لا «تلزيم» للبنان
وعن اللقاء الذي جمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في البيت الأبيض، نفى عون وجود أي مشروع «تلزيم للبنان»، مؤكداً أن «استقرار سوريا ضروري لاستقرار لبنان؛ لأن البلدين مرتبطان في هذا المجال». ورأى أن «رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، إن حصل، سيكون في مصلحة لبنان أيضاً»، داعياً إلى «عدم الحكم على النوايا أو الانجرار خلف الشائعات». وأضاف: «الكلام عن التلزيم غير مبرّر، والحكم وفقاً للنوايا لا يجوز، وليس هناك من تلزيم للبنان، فليطمئن الجميع».
بري لمقاربة وطنية
من جانبه، أكد بري أن «لبنان لن يكون لبنان من دون هذه الصيغة الفريدة في الوحدة والتعايش التي تميّزه عن محيطه، وتشكّل نقيضاً لعنصرية إسرائيل»، مشدداً على أن «التنوّع اللبناني هو أساس قوته واستمراره».

وقال بري خلال استقبال وفد موسّع من اللقاء الروحي العكاري ضم ممثلين عن مختلف الطوائف في محافظة عكار، إن «المخاطر الإسرائيلية التي تهدد الجنوب تمسّ كل اللبنانيين من دون استثناء، ما يفرض مقاربة وطنية شاملة بعيداً عن الحسابات الضيقة».
ودعا بري إلى أن «تضطلع لجنة (الميكانيزم) والدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار بدورها الكامل في إلزام إسرائيل بوقف عدوانها والانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية»، عادّاً أن «الالتزام بالاتفاقات الدولية هو المدخل الأساسي لحماية الاستقرار في الجنوب وصون السيادة الوطنية». وختم قائلاً: «وحدة اللبنانيين هي خط الدفاع الأول عن لبنان، والجنوب هو بوصلتهم المشتركة مهما اختلفت التوجهات السياسية».

