القصف الإسرائيلي على صنعاء يدمّر 34 قطعة أثرية

تحذير من ضياع أكثر من 100 ألف قطعة غير موثقة

الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)
الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)
TT

القصف الإسرائيلي على صنعاء يدمّر 34 قطعة أثرية

الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)
الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)

أحدثت الغارات الإسرائيلية على العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء دماراً واسعاً في المتحف الوطني، ما أدى إلى تلف عشرات القطع الأثرية وتصدع مبانيه التاريخية، في وقت حذّر خبراء من أن نحو مائة ألف قطعة في المتاحف اليمنية لا تزال غير موثقة أو مرقمة، مما يجعلها عُرضة للضياع أو التهريب في أي لحظة.

وبحسب هيئة الآثار والمتاحف في صنعاء، فإن القصف الإسرائيلي الذي استهدف في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي مقرّ الإعلام العسكري التابع للحوثيين، تسبب بأضرار كبيرة في مباني المتحف الوطني المحاذي له، وأتلف أربعاً وثلاثين قطعة أثرية، بينها تماثيل ونقوش حجرية نادرة، فيما لحقت أضرار جزئية بعشرات القطع الأخرى.

وأكدت الهيئة في بيان أن الضربات أحدثت تصدعات إنشائية كبيرة في مباني «دار السعادة» و«دار المالية» و«دار الشكر» والمكتبة الشرقية، وهي من أقدم المرافق التي تضمها حديقة المتحف الوطني. ووفقاً لتقريرها الميداني، فإن الجدران تشققت بالكامل، وتحطمت النوافذ والمشربيات الخشبية، فيما أصيبت قاعات العرض والمكاتب والمكتبة بأضرار جسيمة.

من جهته، قال الخبير في الآثار اليمنية عبد الله محسن إن أكثر من مائة ألف قطعة أثرية في المتاحف اليمنية لا تحمل أرقاماً أو بطاقات تعريف متحفية، الأمر الذي يجعل تتبعها أو استعادتها في حال ضياعها أو تهريبها مستحيلاً.

المتحف الوطني في صنعاء أغلق قبل الغارات الإسرائيلية لتوقف التمويل (إعلام محلي)

وأشار إلى أن القصف دمّر تمثال «سيدة البخور» البرونزي الذي يُعد من أبرز القطع النادرة في المتحف، إذ كسرت يداه وتضرر هيكله الخارجي إلى جانب 33 قطعة أخرى، بينما تمكن العاملون من انتشال 218 قطعة من بين الركام، في حين بقيت 483 قطعة داخل صناديق لم تصلها أضرار مباشرة. ويعود تمثال «سيدة البخور» إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ويُعد من روائع الفن اليمني القديم.

أضرار كبيرة

ووفقاً لتقرير هيئة الآثار في صنعاء، فقد تم تسجيل تلف 13 نقشاً حجرياً في قاعة النقوش القديمة، و4 قطع في قاعة حضرموت، و11 قطعة في قاعة سبأ، بينها تمثال «سيدة البخور»، إضافة إلى تضرر جزئي في تمثال الوعل البرونزي في قاعة معين. كما ألحقت الاهتزازات والغبار أضراراً بعدد من المسكوكات وكسوة الكعبة في القسم الإسلامي، وتحطمت صناديق عرض في قاعة عبد القادر بافقيه ما أدى إلى تلف بعض القطع المعدنية بفعل الصدأ.

وأوضحت الهيئة أن مخازن المتحف التي تضم آلاف القطع الأثرية تضررت هي الأخرى نتيجة تساقط الشظايا، وأصيبت قطع تراثية من العاج والبرونز والملابس التقليدية. وأعلنت تشكيل لجنة لجرد القطع واستعادتها من بين الركام، وبدأت بإصلاح منظومة الكاميرات والألواح الشمسية، كما أغلقت النوافذ المهدّمة بالأخشاب مؤقتاً لحماية المقتنيات المتبقية.

وكان المتحف الوطني اليمني في صنعاء قد أغلق أبوابه أمام الزوار قبل الغارات بأشهر بسبب شح الموارد وتوقف الموازنات التشغيلية.

ترميم واكتشافات

وفي محافظة تعز (جنوب غربي اليمن) أفاد فرع الهيئة العامة للآثار بأن أعمال الترميم الجارية في جامع الجند التاريخي، الذي أسسه الصحابي معاذ بن جبل، كشفت عن أجزاء من الجدار الشرقي الأصلي المبني بالحجر المهندم والمغطى بطبقة من القضاض، تعود إلى مرحلة البناء الأولى للجامع.

كما عُثر على عمود من الياجور أقيم فوق بئر قديمة خلال توسعات العهد الأيوبي، إلى جانب بقايا ساقية مائية كانت تصل بالسبيل المجاور للمسجد، ما يعكس تطور العمارة الإسلامية في اليمن.

قطعة أثرية يمنية في متحف كوبنهاغن (إعلام محلي)

أما في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) فأعلنت هيئة الآثار اكتشاف قناة ري أثرية في منطقة «هجرة منقذة» بمديرية عنس، بعد بلاغات من الأهالي عن حفريات عشوائية في الموقع. وتبيّن أن القناة محفورة تحت الأرض وتمتد لمسافات طويلة، يُرجّح أنها كانت ضمن نظام الري القديم.

ويُظهر المسار المكتشف أن المياه كانت تتدفق من مناطق منقذة وذياج والمحلّة نحو النمجة وسواد الحدا، في واحدة من أقدم الشبكات المائية المعروفة في الجزيرة العربية.

وأكدت هيئة الآثار أن الموقع يمثل قيمة أثرية فريدة تكشف عن جانب من براعة اليمنيين في هندسة المياه والري، داعية إلى وقف أي أعمال حفر غير مرخصة، وتشكيل لجنة فنية لتوثيق القناة وإدراجها ضمن السجل الوطني للمواقع الأثرية.


مقالات ذات صلة

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي 49 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين يخفضون غذاء البالغين لصالح الأطفال (الأمم المتحدة)

بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع

فيما يواصل الحوثيون استهداف المنظمات الإغاثية الأممية والدولية والعاملين فيها، كشفت بيانات أممية حديثة عن تفاقم مقلق لأزمة الجوع في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

إدانة أممية شديدة لاعتقال الحوثيين 10 موظفين إضافيين، ورفع عدد المحتجزين إلى 69.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مأرب تضم أكثر من 209 مخيمات مكتظة بالأسر النازحة (إعلام حكومي)

مأرب تشكو نقص المساعدات وضغط النزوح الإضافي من الشرق

تشهد محافظة مأرب اليمنية تصاعداً مقلقاً في موجات النزوح المقبلة من حضرموت والمهرة، في ظل التطورات الأمنية والعسكرية الأخيرة، ما فاقم من حدة الأزمة الإنسانية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية

«الشرق الأوسط» (عدن)

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».


وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».