كيف يمكن للتحوّل الرقمي الخليجي أن يصبح نموذجاً تنموياً للدول العربية الأخرى؟

تقود السعودية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية ما يجعل المنطقة مركزاً عالمياً للابتكار والتحول الرقمي (أدوبي)
تقود السعودية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية ما يجعل المنطقة مركزاً عالمياً للابتكار والتحول الرقمي (أدوبي)
TT

كيف يمكن للتحوّل الرقمي الخليجي أن يصبح نموذجاً تنموياً للدول العربية الأخرى؟

تقود السعودية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية ما يجعل المنطقة مركزاً عالمياً للابتكار والتحول الرقمي (أدوبي)
تقود السعودية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية ما يجعل المنطقة مركزاً عالمياً للابتكار والتحول الرقمي (أدوبي)

لم يكن التحول الرقمي في العالم العربي يوماً بمثل هذا التسارع كما هو الآن. فبين دولٍ تتصدر السباق في البنى التحتية، والتشريعات الرقمية مثل السعودية والإمارات، وأخرى تحاول اللحاق بالموجة التقنية بعد سنوات من التحديات مثل سوريا والعراق ولبنان، يُعاد اليوم رسم الخريطة الرقمية العربية على نحوٍ غير مسبوق.

الخليج... مختبر المستقبل الرقمي

البيانات الصادرة عن تقرير «PwC الشرق الأوسط 2025» تشير إلى أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي في المنطقة يمكن أن يضيف أكثر من 320 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بحلول عام 2030. وتستحوذ السعودية وحدها على نحو 50 في المائة من هذه القيمة المتوقعة بفضل استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي، ومشاريع المدن الذكية، مثل «نيوم» و«ذا لاين»، والبنية السحابية التي تتوسع عبر شراكات مع «غوغل كلاود»، و«أرامكو كلاود»، وغيرهما.

كما تستهدف المملكة رفع مساهمة الاقتصاد الرقمي إلى 19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، وفق وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، بينما تجاوزت نسبة استخدام الإنترنت 98 في المائة، والهواتف الذكية 130 في المائة من عدد السكان بحسب «DataReportal 2025».

لكن هذا الزخم لا يتعلق بالأرقام فحسب، بل بالنضج الاستراتيجي. فالمملكة تعمل على بناء سيادة رقمية حقيقية من خلال مراكز بيانات محلية، ونماذج لغوية عربية، مثل «علّام»، ما يمثّل انتقالاً من مجرد استهلاك التكنولوجيا إلى صناعتها، وتوطينها.

الاستثمار في رأس المال البشري والتحول نحو “اقتصاد المهارات” يشكلان الأساس لبناء مجتمعات رقمية منتجة ومستقلة (شاترستوك)

سوريا... عودة تدريجية إلى الخريطة التقنية

في المقابل، بدأت دول مثل سوريا تتخذ خطوات أولى في هذا الطريق، وإن كانت متواضعة مقارنة بجيرانها الخليجيين. في دمشق، يُرتقب عقد معرض «سيريا هايتك 2025» لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأسبوع المقبل. ويُنظر إلى هذا الحدث على أنه بداية لإعادة إدماج سوريا في المشهد التكنولوجي الإقليمي بعد سنوات من الانقطاع. وسيستقطب الحدث المرتقب أكثر من 223 شركة من 10 دول، من بينها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، وقطر، وسلطنة عمان، وتركيا، والمملكة المتحدة، والصين، ولبنان، والأردن، ونخبة مبتكرين ومستثمرين دوليين، وأبرز العاملين في القطاع من المنطقة والعالم، وذلك لعرض ابتكاراتهم في مجالات الاتصالات والبرمجيات، والتكنولوجيا المالية، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والبنية التحتية الرقمية.

عبد السلام هيكل وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السوري

يعد وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السوري عبد السلام هيكل أن الحدث سيرسي دعائم منظومة رقمية تتيح للشركات المحلية تحفيز وتيرة نموها من خلال إبرام شراكات مثمرة مع أفضل شركات التكنولوجيا العالمية. ويشير هيكل إلى أن وزارته تضع أولويات استراتيجية حيوية تتمثل في تعزيز البنية التحتية الرقمية في سوريا، واستقطاب الشراكات الدولية، وتمكين المبتكرين المحليين، بما يعكس التزام الحكومة ببناء اقتصاد رقمي مستدام، وشامل.

ورغم التحديات المتعلقة بالبنية التحتية، فإن هذه المبادرات تشي بوعيٍ متنامٍ بأهمية الاقتصاد الرقمي بوصفه أداة لإعادة بناء المجتمعات والمؤسسات، حيث تم إطلاق مبادرات كبرى لتحسين البنية التحتية الرقمية، وتأسيس منظومة اتصالات متطورة، منها مشروع «سيلك لينك» للألياف الضوئية، ومشروع «أوغاريت 2» لمضاعفة سعة الإنترنت في سوريا في غضون أشهر، وتعزيز تبادل البيانات الإقليمي، وغيرها من المشاريع.

الاقتصاد القائم على المهارات

أحد التحولات المفصلية في اقتصادات ما بعد الأزمات هو الانتقال من «اقتصاد المساعدات» إلى «اقتصاد المهارات». فبدلاً من الاعتماد على الدعم الخارجي، تتجه دول المنطقة إلى تمكين رأس المال البشري الرقمي. يشير تقرير منظمة العمل الدولية لعام 2025 إلى أن الوظائف الرقمية تمثل الآن أكثر من 14في المائة من فرص العمل الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بزيادة تفوق 70 في المائة مقارنة بعام 2019. ويُتوقع أن تصل نسبة العاملين في الاقتصاد الرقمي في الدول العربية إلى 20 في المائة من إجمالي القوى العاملة بحلول 2030.

ويأتي منتدى «سيريا هايتك 2025» المزمع عقده في دمشق باعتباره خطوة رمزية في هذا الاتجاه، إذ يسعى إلى بناء شبكة خبرات محلية بالتعاون مع خبراء سوريين في الخارج، وشركاء إقليميين، مع التركيز على تطوير المهارات الرقمية، وتحفيز الابتكار الشبابي. ورغم أن نسبة انتشار الإنترنت في سوريا لم تتجاوز 49 في المائة عام 2024، يعد باحثون أن المبادرات المحلية في التعليم الرقمي والبرمجة بدأت تؤسس لاقتصاد جديد يعتمد على الكفاءات لا على البنية فقط.

تصاعد الهجمات السيبرانية يجعل الأمن الرقمي عنصراً أساسياً لضمان استدامة التحول الرقمي وخصوصاً في القطاعات الحيوية (أدوبي)

البيانات واللغة العربية

تواجه المنطقة تحديين رئيسين في مسيرة التحول الرقمي، نقص البيانات المهيكلة، وضعف المحتوى العربي. فرغم أن الناطقين بالعربية يتجاوزون 400 مليون شخص، فإن المحتوى العربي لا يمثل أكثر من 3 في المائة من محتوى الإنترنت العالمي، وفقاً لتقرير «اليونسكو 2024» رغم تضاعفه بين 2018 و2024. وهنا تبرز الحاجة إلى بناء بنوك بيانات محلية تتعامل مع اللغات واللهجات الإقليمية، وهي خطوة بدأت بالفعل في الخليج من خلال مشاريع اللغة العربية الذكية مثل «علّام» الذي أطلقته شركة «هيوماين» بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا).

التحدي الأمني والمعلوماتي

في موازاة هذا التطور، تتزايد الحاجة إلى حماية رقمية أكثر صرامة. يصنف تقرير «IBM X-Force» لعام 2024 الشرق الأوسط رابع أكثر المناطق استهدافاً للهجمات الإلكترونية بنسبة 10 في المائة من الهجمات العالمية. كما ارتفعت عمليات التصيد الإلكتروني والهجمات على الأنظمة التعليمية والمالية في المنطقة بنسبة 22 في المائة خلال عام واحد فقط، وفق تقرير «Kaspersky Threat Intelligence».

لهذا، تركز الهيئات الوطنية في السعودية والإمارات ومصر على الأمن السيبراني بوصفه «الركيزة الخفية» للتحول الرقمي، وتدعو الشركات الناشئة في الدول الأقل تطوراً إلى اعتماد معايير الحماية من اليوم الأول. من جهة أخرى يرى باحثون أنه بالنسبة لدول مثل سوريا على سبيل المثال، التي تبني أنظمتها الرقمية من الصفر تقريباً، فإن الاستفادة من الخبرات الخليجية في هذا المجال قد تختصر سنوات من التطوير، وتمنحها قدرة دفاعية أسرع، وأكثر نضجاً.


مقالات ذات صلة

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

تكنولوجيا صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

حذرت مجموعة من الخبراء من قيام نماذج الذكاء الاصطناعي بتحسين مهاراتها في الاختراق، مشيرين إلى أن تنفيذها هجمات إلكترونية بمفردها يبدو أنه «أمر لا مفر منه».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا ستبقى شركة «أوبن إيه آي» اليافعة من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة رمزاً للعبقرية التي أطلقت الذكاء الاصطناعي التوليدي وأتاحته على أوسع نطاق (رويترز)

هيمنة شركة «أوبن إيه آي» على سوق الذكاء الاصطناعي تهتز بعد 3 سنوات صدارة

بعد ثلاث سنوات من الصدارة، باتت منصة شركة «أوبن إيه آي» للذكاء الاصطناعي - تطبيق «تشات جي بي تي» - مهددة بفعل اشتداد المنافسة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شهدت الدورة الحالية للمسابقة تقديم أكثر من 10 آلاف مشروع مبتكر تعتمد كلها على تقنيات الذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)

السعودية تتوّج بالمركز الأول في أضخم مسابقة دولية في الذكاء الاصطناعي

تُوِّجت السعودية بالمركز الأول عالمياً في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب (WAICY 2025)، بعد تحقيقها 26 جائزة في المسابقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج المهندس أحمد الصويان وأنطونيو غوتيريش يبحثان الموضوعات المشتركة وسُبل التعاون (هيئة الحكومة الرقمية)

غوتيريش يشيد بتقدم السعودية النوعي في الحكومة الرقمية

أشاد أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بما حققته السعودية من تقدم نوعي في مجال الحكومة الرقمية، عادّاً ما وصلت إليه نموذجاً دولياً رائداً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)

كيف يتحول «مايكروسوفت كوبايلوت» من أداة عمل إلى رفيق يومي للمستخدمين؟

يكشف التقرير أن «كوبايلوت» لم يعد مجرد أداة إنتاجية بل أصبح شريكاً رقمياً يلجأ إليه المستخدمون للعمل والقرارات اليومية بما يطرح تحديات ثقة ومسؤولية للمطوّرين.

نسيم رمضان (لندن)

ماذا نعرف عن «الاقتران الخفي» أحدث طرق الاحتيال عبر «واتساب»؟

تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
TT

ماذا نعرف عن «الاقتران الخفي» أحدث طرق الاحتيال عبر «واتساب»؟

تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)

تنتشر حالياً عملية احتيال جديدة ومتطورة تستهدف مستخدمي تطبيق «واتساب»، وتُعرف هذه العملية باسم «الاقتران الخفي» أو (Ghost Pairing)، وهي حيلة تُمكّن المُحتال من السيطرة على حساب «واتساب» الخاص بالضحية دون الحاجة إلى اختراق كلمة المرور أو اعتراض الرسائل.

بدلاً من ذلك، تعتمد هذه العملية على أساليب «الهندسة الاجتماعية»، حيث يتم خداع المستخدمين لحملهم على منح الوصول إلى حساباتهم للمحتالين. ويُحذّر خبراء الأمن السيبراني من مخاطر هذه العملية، التي تنتشر عبر جهات الاتصال الموثوقة، مما يجعلها «خبيثة للغاية»، وفق ما ذكره موقع «صوت المراقب» أو (observer voice).

فهم عملية «الاقتران الخفي»

تبدأ العملية عادةً برسالة تبدو بريئة من جهة اتصال موثوقة. قد يتلقى الضحايا رسالة نصية تقول: «مرحباً، هل هذا أنت في هذه الصورة؟» أو «لقد وجدت صورتك للتو»، مصحوبة برابط يبدو أنه يؤدي إلى منشور مألوف على وسائل التواصل الاجتماعي.

عند النقر على الرابط، يتم توجيه المستخدمين إلى صفحة ويب زائفة مصممة لتقليد موقع شرعي. تطلب هذه الصفحة منهم «التحقق» من هويتهم لعرض المحتوى، مما يُفعّل بدء عملية الاقتران أو الربط مع الجهاز المُستخدم من خلاله تطبيق «واتساب».

وخلال هذه العملية، يُطلب من المستخدمين إدخال رقم جوالهم، يلي ذلك توليد رمز رقمي للربط. ثم تُوجّه الصفحة الاحتيالية الضحية لإدخال هذا الرمز في واتساب، مُخفيةً إياه كأنه «إجراء أمني».

بذلك، تربط الضحية دون علمها جهاز المُهاجِم بحسابها. وبمجرد الربط، يحصل المُهاجم على وصول كامل إلى حساب «واتساب» الخاص بالضحية، مما يسمح له بقراءة الرسائل، وتنزيل الوسائط، وإرسال الرسائل دون علم الضحية.

الانتشار السريع للعملية الاحتيالية

يُعدّ الاحتيال عبر «الاقتران الخفي» خطيراً للغاية نظراً لاعتماده على الثقة. فبمجرد اختراق حساب، يستطيع المهاجمون استخدامه لإرسال روابط خبيثة إلى جهات اتصال الضحية ومجموعات الدردشة.

ولأن هذه الرسائل تأتي من مصادر مألوفة، يزداد احتمال نقر المستلمين عليها، مما يُسهّل انتشار عملية الاحتيال بسرعة دون الحاجة إلى رسائل بريد إلكتروني عشوائية أو علامات تحذيرية واضحة.

ووفق موقع «صوت المراقب»، فقد رُصدت هذه العملية في البداية في أجزاء من أوروبا، لكن الخبراء يُحذّرون من أنها لا تقتصر على منطقة مُحدّدة، بل يُمكن أن تستهدف أي مُستخدم لتطبيق «واتساب» في العالم.

ويُعزّز جانب «الهندسة الاجتماعية» في العملية من فاعليتها. إذ يستغل المحتالون ثقة المستخدمين في جهات اتصالهم وشعورهم بالأمان تجاههم، وهو ما يُشجّع الضحايا على التفاعل أكثر مع عملية الاحتيال.

وتتميز عملية الاحتيال عبر «الاقتران الخفي» عن غيرها من عمليات الاحتيال بأنها لا تعتمد على استغلال ثغرات التطبيقات أو إضعاف التشفير. وتُسلط العملية الضوء على اتجاه مُقلق في التهديدات الرقمية، حيث يُركز المُهاجمون على استغلال السلوك البشري بدلاً من نقاط الضعف التقنية.

كيف تحمي نفسك؟

للحماية من عملية «الاقتران الخفي»، يجب على المستخدمين إعطاء الأولوية للوعي بالحلول التقنية. ويُعدّ التحقق المنتظم من قائمة «الأجهزة المرتبطة» في «واتساب» أمراً بالغ الأهمية، حيث يُمكّن المستخدمين من تحديد أي أجهزة غير مألوفة وإزالتها، كما يجب التعامل بحذر مع أي طلبات لإدخال رموز اقتران أو التحقق من الهوية عبر مواقع ويب خارجية.

ويُمكن أن يُوفّر تفعيل «التحقق بخطوتين» أو (Two-step verification) طبقة إضافية من الأمان. كما يجب على المستخدمين توخي الحذر من الرسائل غير المتوقعة، حتى من جهات الاتصال المعروفة، والتحقق من صحتها قبل النقر على أي روابط.


«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)
TT

«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)

كشفت شركة «تسلا»، السبت، عن روبوتها الشبيه بالبشر المُسمى «أوبتيموس» أمام الجمهور في العاصمة الألمانية برلين.

وقام الروبوت بتوزيع الفشار في سوق لعيد الميلاد بمركز التسوق «إل بي 12»، المعروف أيضاً باسم «مول برلين»؛ حيث كان يلتقط علب الفشار الصغيرة ويملؤها، ثم يقدمها للزوار.

وتشكل طابور طويل أمام المنصة. وكما الحال في عروض مماثلة أخرى قدمتها «تسلا»، ظل من غير الواضح إلى أي مدى كان «أوبتيموس» يعمل بشكل ذاتي، أو ما إذا كان خاضعاً للتحكم عن بُعد جزئياً على الأقل.

«أوبتيموس» (أ.ب)

وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تتراجع مبيعات سيارات «تسلا» الكهربائية مرة أخرى هذا العام، أعلن الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك أن مستقبل «تسلا» يكمن في سيارات الأجرة ذاتية القيادة «الروبوتاكسي»، والروبوتات الشبيهة بالبشر.

كما توقّع ماسك أن يفوق عدد الروبوتات عدد البشر في العالم مستقبلاً، مشيراً إلى أن السيارات ذاتية القيادة والروبوتات ستفضي إلى «عالم بلا فقر»، يتمتع فيه الجميع بإمكانية الوصول إلى أفضل رعاية طبية. وأضاف قائلاً: «سيكون (أوبتيموس) جراحاً مذهلًا».

وأوضح ماسك أنه يأمل في بدء إنتاج هذه الروبوتات بحلول نهاية العام المقبل.

وحسب تقارير إعلامية، يتم التحكم في بعض هذه الروبوتات عن بُعد خلال مثل هذه العروض. وأثار مقطع فيديو ضجة على الإنترنت مؤخراً، يظهر فيه روبوت «أوبتيموس» وهو يسقط إلى الخلف مثل لوح مسطح خلال فعالية في مدينة ميامي.

وقبل أن يسقط يرفع الروبوت ذراعيه الاثنتين إلى رأسه، في حركة توحي بأن الشخص الذي كان يتحكم فيه عن بُعد قد نزع نظارة ثلاثية الأبعاد. ولم تعلق «تسلا» على ذلك.


خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
TT

خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)

أفاد تقرير بأن تفويض بعض المهام إلى الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ؛ بل وقد يضر بمهارات التفكير النقدي وحل المشكلات.

في وقت سابق من هذا العام، نشر «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) دراسة أظهرت أن الأشخاص الذين استخدموا برنامج «شات جي بي تي» لكتابة المقالات أظهروا نشاطاً أقل في شبكات الدماغ المرتبطة بالمعالجة المعرفية في أثناء قيامهم بذلك.

لم يتمكن هؤلاء الأشخاص أيضاً من الاستشهاد بمقالاتهم بسهولة، كما فعل المشاركون في الدراسة الذين لم يستخدموا روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي. وقال الباحثون إن دراستهم أظهرت «أهمية استكشاف احتمال انخفاض مهارات التعلم».

تم اختيار جميع المشاركين الـ54 من «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) والجامعات المجاورة. وسُجِّل نشاط أدمغتهم باستخدام تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، الذي يتضمن وضع أقطاب كهربائية على فروة الرأس.

وتضمنت بعض التوجيهات التي استخدمها المشاركون طلب المساعدة من الذكاء الاصطناعي لتلخيص أسئلة المقالات، والبحث عن المصادر، وتحسين القواعد والأسلوب.

كما استُخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد الأفكار والتعبير عنها، ولكن بعض المستخدمين شعروا بأنه لم يكن بارعاً في ذلك.

انخفاض التفكير النقدي

وفي دراسة منفصلة، ​​وجدت جامعة «كارنيجي ميلون» و«مايكروسوفت» التي تُشغّل برنامج «Copilot»، أن مهارات حل المشكلات لدى الأفراد قد تتضاءل إذا ما اعتمدوا بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي.

واستطلعت الدراسة آراء 319 موظفاً من ذوي الياقات البيضاء ممن يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في وظائفهم مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، حول كيفية تطبيقهم للتفكير النقدي عند استخدامها.

ودرس الباحثون 900 مثال لمهام مُسندة إلى الذكاء الاصطناعي، تتراوح بين تحليل البيانات لاستخلاص رؤى جديدة والتحقق من استيفاء العمل لقواعد مُحددة.

وخلصت الدراسة إلى أن ارتفاع مستوى الثقة في قدرة الأداة على أداء مهمة ما يرتبط بـ«انخفاض مستوى التفكير النقدي»، وذكرت الدراسة أن «مع أن الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد يُمكن أن يُحسِّن كفاءة العاملين، فإنه قد يُعيق التفاعل النقدي مع العمل، وقد يُؤدي إلى اعتماد مُفرط طويل الأمد على الأداة، وتراجع مهارات حل المشكلات بشكل مستقل».

كما أُجري استطلاع رأي مماثل على طلاب المدارس في المملكة المتحدة، نُشر في أكتوبر (تشرين الأول) من قِبل مطبعة جامعة أكسفورد. وأظهر أن 6 من كل 10 أشخاص شعروا بأن الذكاء الاصطناعي قد أثر سلباً على مهاراتهم الدراسية.

وقد وجدت دراسة أجرتها كلية الطب بجامعة هارفارد ونُشرت العام الماضي، أن مساعدة الذكاء الاصطناعي حسَّنت أداء بعض الأطباء، ولكنها أضرَّت بأداء آخرين لأسباب لم يفهمها الباحثون تماماً.

معلم خصوصي لا مقدم للإجابات

تقول جاينا ديفاني التي تقود التعليم الدولي في شركة «أوبن إيه آي» -الشركة التي تمتلك «شات جي بي تي»- والتي ساعدت في تأمين الدراسة مع جامعة أكسفورد، إن الشركة «تدرك تماماً هذا النقاش في الوقت الحالي».

وتقول لـ«بي بي سي»: «لا نعتقد قطعاً أن على الطلاب استخدام (شات جي بي تي) لتفويض المهام الدراسية». وترى أنه من الأفضل استخدامه كمعلمٍ خصوصي لا مجرد مُقدّمٍ للإجابات.