عناصر «حماس» خلف الخط الأصفر... ماذا نعرف عنهم وكيف سيعودون؟

مساعٍ حثيثة لإخراجهم «خروجاً آمناً»

TT

عناصر «حماس» خلف الخط الأصفر... ماذا نعرف عنهم وكيف سيعودون؟

عنصران من «حماس» مع أفراد من «الصليب الأحمر» الدولي خلال استئناف عملية البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمدينة غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)
عنصران من «حماس» مع أفراد من «الصليب الأحمر» الدولي خلال استئناف عملية البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمدينة غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

تُبذَل مساعٍ على قدم وساق لإخراج عناصر من «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، موجودين خلف «الخط الأصفر» المشار إليه في خريطة انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، «خروجاً آمناً» بعد حادثتين منفصلتين وقعتا في مدينة رفح بجنوب القطاع.

ففي غضون أسبوعين من دخول الاتفاق، الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقعت حادثتان قُتل وأصيب فيهما عدد من الجنود الإسرائيليين، وكادتا تعصفان بوقف إطلاق النار المتفق عليه.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

وصرحت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، بأنه بعد الحادثة الأولى التي وقعت برفح في 19 أكتوبر الماضي، والتي أعلن فيها عن مقتل جندي إسرائيلي في ظروف ما زالت غامضة، وما أعقب ذلك من قصف إسرائيلي شرس لأهداف في المدينة، تدخل الوسطاء لمنع تفاقم الأزمة، وطلبوا من الحركة محاولة تحديد أماكن فقد العناصر المسلحة خلف الخط الأصفر.

وأكدت الحركة بعد التواصل مع قيادة «القسام»، أن الاتصال مقطوع مع مجموعات كثيرة منذ نهاية مارس (آذار) الماضي، تحديداً بعد استئناف إسرائيل الحرب عقب الهدنة الأولى.

وأضافت المصادر أنه بعد الحدث الثاني في الـ29 من الشهر الماضي، الذي قتل فيه جندي إسرائيلي في ملابسات لا تزال أيضاً غير واضحة، جرت اتصالات بادر إليها بعض الوسطاء من أجل وضع حد لهذه الأزمات، مشيرين إلى أن إسرائيل أبلغتهم بأنها رصدت تحركات لعناصر داخل بعض الأنفاق، وأنها تشتبه بأنه لا يوجد تواصل بينهم وبين قياداتهم؛ وهو ما يتفق مع رواية «القسام» في الواقعة الأولى برفح من انقطاع الاتصال بكثير من المجموعات.

وفي اليوم التالي، نشر موقع «أكسيوس» الأميركي تقريراً ذكر فيه أن إسرائيل أمهلت «حماس» 24 ساعة، لسحب عناصرها من تلك المناطق، وأن تلك المهلة انتهت مساء الخميس الماضي. وشنت طائرات إسرائيلية في أعقاب انتهاء المهلة سلسلة هجمات في هذه المناطق.

فقد الاتصال

اتهمت إسرائيل حركة «حماس» بأنها وراء الواقعتين، لكن الحركة نفت ذلك، وقال جناحها العسكري إن لديه عناصر فقد الاتصال بها في رفح منذ أشهر.

فلسطينية تُعد شيئاً من طعام فوق نار وسط أنقاض المباني المدمرة بمدينة غزة يوم الأحد (رويترز)

وذكرت تقارير إعلامية، الأحد، أن الوسطاء قدموا مبادرة لتأمين خروج عناصر «القسام» من خلف «الخط الأصفر»، عبر مركبات «الصليب الأحمر»، لتفادي أي احتكاك مع الجنود الإسرائيليين، وأن الحركة وافقت عليها، فيما لا يزال يُنتظر الرد الرسمي الإسرائيلي.

ويقسّم «الخط الأصفر» قطاع غزة فعلياً إلى قسمين؛ جزء غربي تسيطر عليه «حماس» ويعيش فيه نحو مليوني نسمة، وجزء شرقي يخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة ويعيش فيه بضعة آلاف من الفلسطينيين، غالبيتهم من عوائل أشخاص أسسوا مجموعات مسلحة متعاونة مع إسرائيل، كما تقول «حماس»، مثل جماعة ياسر أبو شباب وغيرها.

و«الخط الأصفر» هو خط الانسحاب الإسرائيلي الأول المنصوص عليه بالمرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

وذكرت مصادر الحركة لـ«الشرق الأوسط»، أنها أبلغت الوسطاء في غمرة الهجمات الإسرائيلية يوم 29 أكتوبر، بأنه لا يوجد تواصل فعلي مع هؤلاء العناصر «إن كانت الرواية الإسرائيلية عن وجودهم صادقة»، خصوصاً أنهم كانوا في الأنفاق والعقد العسكرية القتالية داخل تلك المناطق لأشهر.

وبعد الهجوم الثاني في رفح، قال رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: «ما حدث هو انتهاك من الجانب الفلسطيني»، مشيراً إلى أنه تم العمل على احتواء الموقف حينها، ومعرباً عن أمله في عدم انتهاك وقف إطلاق النار أو فعل أي شيء يؤدي لانهياره.

كم عددهم؟

لا توجد تقديرات دقيقة توضح عدد المسلحين التابعين لحركة «حماس» خلف الخط الأصفر، إذ تُقدر مصادر الحركة أن عدد الأحياء منهم نحو 100 أو أقل قليلاً، إلى جانب عدد آخر قضى نحبه، بينما تقول مصادر إسرائيلية إن عددهم نحو 200.

وتقول المصادر إن المساعي الجارية حالياً هدفها الأساسي منع تدهور الأوضاع مجدداً، ومحاولة ضبط الظروف الميدانية بما يسمح بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال قيادي بارز من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: «نحن والوسطاء، وباعتقادي الأطراف الأخرى (إسرائيل والولايات المتحدة)، جميعنا معنيون ونعمل لما فيه مصلحة للجميع بألا يتم نسف الاتفاق، ونزع فتيل أي أحداث أخرى قد تقع مجدداً، ما يسمح للاحتلال باتخاذ ذلك ذريعة لاستئناف حربه أو خروقاته التي لم تتوقف يومياً».

وأشار بعض المصادر الميدانية من «حماس» إلى أن تواصلاً جديداً جرى بين عناصر مسلحة في العُقَد القتالية وقادتهم الميدانيين بطريقة رفضت الإفصاح عنها، الأمر الذي أعاد القضية إلى الطاولة مجدداً.

الخروج الآمن

وطلبت قيادة الحركة ووفدها المفاوض من الوسطاء، خصوصاً تركيا، الحديث مع المسؤولين الأميركيين للتدخل والضغط على إسرائيل لإيجاد آلية معينة لخروج عناصر الفصائل من أماكنها، الأمر الذي أتاح فرصة أمام الوسطاء لوضع مبادرة سريعة بهذا الشأن، ووافقت «حماس» عليها بخروج العناصر «خروجاً آمناً» من دون أسلحة برفقة وفد من «الصليب الأحمر». فيما قالت مصادر أخرى إن الوسطاء هم من طلبوا من الحركة التحرك ومحاولة التواصل مع تلك المجموعات والتعرف على أماكنها من أجل إخراجها، وليس بطلب من الحركة.

مقاتلون من «كتائب القسام» يقفون للحراسة خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بشرق قطاع غزة يوم الأحد (إ.ب.أ)

وقالت مصادر متطابقة من داخل «حماس»، إن هناك بوادر إيجابية لقبول إسرائيل بالمبادرة، بما يسمح بخروج العناصر النشطة، وبما يسمح أيضاً باستكمال عملية البحث عن جثث إسرائيليين كانوا محتجزين في مناطق واقعة شرق الخط الأصفر.

وكشفت المصادر أن هناك عدداً من العناصر المسلحة موجود في أماكن برفح وشرق خان يونس، إلى جانب عدد أقل بكثير يوجد في مناطق أخرى؛ مثل بيت حانون والشجاعية، مبينةً أن كثيراً ممن بقوا طوال الأشهر الماضية في الأنفاق والعُقَد القتالية قد قُتلوا؛ إما نتيجة عمليات إسرائيلية خصوصاً الغارات الجوية، أو خلال خوض اشتباكات لم يكشف عنها ومقتلهم فيها، وبعضهم ربما توفي نتيجة نقص الطعام والمياه، خصوصاً أن فترة بقائهم فيها كانت طويلة، دون أن تتمكن أي جهة ميدانية من تقديم دعم لوجيستي لهم.


مقالات ذات صلة

«حماس» تعلن استعدادها لتسليم سلاحها لسلطة فلسطينية «إذا انتهى الاحتلال»

المشرق العربي مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز) play-circle

«حماس» تعلن استعدادها لتسليم سلاحها لسلطة فلسطينية «إذا انتهى الاحتلال»

أعلن رئيس «حماس» في غزة خليل الحية، السبت، أن الحركة مستعدة لتسليم سلاحها لـ«الدولة» التي ستدير القطاع مستقبلاً، لكن ذلك مرتبط بانتهاء «الاحتلال» الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

خاص عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

بينما يمر اتفاق غزة بوضع حرج، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتنفيذ فوري للمرحلة الثانية، عبر انسحاب إسرائيل، وتسليم «حماس» سلاحها للسلطة.

كفاح زبون (رام الله)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) أنه ينبغي نشر قوة دولية لإرساء الاستقرار في غزة على طول «الخط الأصفر» للتحقق من وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (الدوحة - القاهرة)
الخليج رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يتحدث في اليوم الأول من النسخة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز) play-circle

قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة

كشف رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اليوم (السبت)، أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بمرحلة حرجة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

قُتل فلسطيني وأُصيب 3 آخرون برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة شمال غربي قطاع غزة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية اليوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل
TT

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس، مطلب إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، ومؤكداً في الوقت ذاته «(أننا) لسنا معنيين بأن نكون دولة تصدّر العنف، بما في ذلك إلى إسرائيل».

وتعهد الشرع، في حوار على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، «محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء»، في إشارة إلى مواجهات دموية شهدتها مناطق يقطنها دروز وعلويون في وقت سابق من هذا العام.

وعشية ذكرى مرور سنة على إسقاط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، بثت قناة «العربية/ الحدث» تسجيلات مصوَّرة تجمع الرئيس المخلوع بمستشارته لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024. وتتضمن «تسجيلات الأسد» ومستشارته سخرية من الجنود السوريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف قواته، وشتائم وجهها الرئيس المخلوع لغوطة دمشق (يلعن أبو الغوطة)، كما تتضمن انتقادات للقائد العسكري سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، ولـ«حزب الله» اللبناني.

واعتبر سوريون أن ما كشفت عنه التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.


احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

عكست وقفات وتحركات احتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً ضد الدولة و«حزب الله»، على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، مما اضطر كثيرين إلى الخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

تأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يعانون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي، لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويؤكد «أن هذه الاحتجاجات تأتي في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهن المحتجين أن مواقفه (أي حزب الله) تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة».


انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

مع مواصلة إسرائيل تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ووسط مشهد غير واضح، انشغلت دول عربية وإسلامية بالتصدي المسبق لخطر تهجير الغزيين عبر رفح.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة، أمس، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية قد أعلن، الأربعاء الماضي، فتح معبر رفح «خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

إلى ذلك، شدد وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».