القيادة الإسرائيلية تنتقم من جنود وضباط سرَّبوا صور تعذيب أسرى فلسطينيين

أسرى فلسطينيون في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
أسرى فلسطينيون في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

القيادة الإسرائيلية تنتقم من جنود وضباط سرَّبوا صور تعذيب أسرى فلسطينيين

أسرى فلسطينيون في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
أسرى فلسطينيون في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

يشهد الجيش الإسرائيلي، هزة داخلية كبيرة على خلفية التحقيقات الجنائية التي فُتحت، الخميس، مع عدد من الضباط والجنود؛ بتهمة تسريب مقطع فيديو يوثّق اعتداء جنود إسرائيليين جسدياً وجنسياً على معتقل فلسطيني في مركز الاعتقال في قاعدة «سديه تيمان» العسكرية، العام الماضي.

ويخضع لهذا التحقيق مسؤولون كبار في النيابة العسكرية، منهم المدعية العسكرية الأولى، يفعات تومر يروشالمي، وهي تحمل درجة لواء، والتي أخرجها رئيس الأركان، إيال زامير، إلى إجازة مؤقتة إلى حين استيضاح تفاصيل إضافية حول القضية. ومع أن بيان الجيش قال إن قرار إحالة المدعية العسكرية لإجازة بناءً على طلبها إلى حين الانتهاء من استيضاح الأمر، فإن مصادر عسكرية وسياسية مقربة من الحكومة قالت إن هناك بينات عدّة تدل على أن يروشالمي متورطة في التسريب، وأنها كانت تعلم به وربما بادرت إليه. ولذلك تم إبعادها بطريقة ناعمة. ولم تستبعد هذه المصادر أن تحوَّل المدعية إلى التحقيق تحت التحذير؛ ما يعني أن هناك أدلة تجعلها متهمة. كما قرر زامير ألا يعين نائب المدعية قائماً بأعمالها، كونه هو أيضاً محاطاً بالشبهات.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في أجهزة إنفاذ القانون، قولها إن الشبهات تتركز حول قيام مقربين من المدعية بتسريب الفيديو. وإن الإجراءات الاحترازية اتُخذت بمعرفة وموافقة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا؛ ما يعني أن الشبهات قوية.

فلسطينيون مُحررون من سجون إسرائيل يرفعون علامة النصر لأقاربهم وأحبائهم من داخل حافلة في رام الله (أرشيفية - د.ب.أ)

وقد خرج وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بتصريحات «احتفالية» حول إخراج المدعية العامة إلى إجازة مفتوحة. فقال: «لن تعود إلى منصبها طالما استمرت التحقيقات في التسريب»، واصفاً القضية بأنها «خطيرة للغاية لأنها خلقت فرية دم ضد جنود الجيش داخل إسرائيل وخارجها»، على حد قوله.

يذكر أن الحكومة الإسرائيلية وقادة الجيش يحاولون دفن القضية الجوهرية في الموضوع، وهي تعذيب الأسرى الفلسطينيين. فالحديث يجري عن إقامة معسكر اعتقال إسرائيلي تم حشر ألوف الأسرى الفلسطينيين الذين تسميهم «قاتلي النخبة في حماس»، الذين تتهمهم بتنفيذ الهجوم على البلدات الإسرائيلية المدنية في 7 أكتوبر (تشرين الأول). ويتضح أن الكثيرين من هؤلاء الأسرى مدنيون ولا علاقة لهم بـ«حماس» وهجومها. والشخص الذي تم تسريب الفيديو عن تعذيبه، تبين أنه شرطي محلي. وقد تم الاعتداء عليه بوحشية من حراس وأعضاء في القوة العسكرية رقم 100، ومهمتهم هي حراسة المعتقلين أثناء الحرب. وفي حينه، قام مجموعة من الوزراء والنواب في اليمين بالتظاهر أمام المعسكر المذكور واقتحموه واعتدوا على الحراس لأنهم اكتشفوا أن الشرطة العسكرية اعتقلت 11 من الجنود الذين عذَّبوا فلسطينيين، وتسربت معلومات عن جريمتهم إلى الخارج. ومن قاموا بتسريب المعلومات، أرادوا في الواقع صد هجوم اليمين هذا، والتوضيح أن عدم معاقبة الجنود الذين عذَّبوا الأسرى الفلسطينيين سيؤدي إلى تعزيز الاتهامات الدولية لإسرائيل بتنفيذ جرائم حرب. لكن اليمين لا يكترث لذلك، ولا يهمه سوى جني الأرباح السياسية بحجة الدفاع عن فرق التعذيب تلك.

وحسب المحرر العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، فإن «تفاصيل التنكيل بالمعتقل الفلسطيني ترسم صورة مقرفة، ولم يتم دحض الاتهامات حتى الآن». وقال في تقرير: «بخصوص السجناء، أُجريت تحقيقات محدودة جداً حول ظروف الاعتقال الصعبة في منشآت الجيش الإسرائيلي وسجون مصلحة السجون منذ بداية الحرب، ولم يتم نشر النتائج بتوسع ولم يتم اتخاذ خطوات انضباطية أو جنائية ضد المتورطين. هذا رغم شهادات قاسية لمعتقلين وتقارير شديدة لمنظمات دولية ضد إسرائيل. حسب أقوال الفلسطينيين فقد توفي 80 معتقلاً وسجيناً في منشآت السجون في إسرائيل منذ بداية الحرب (معظمهم في الأشهر الأولى) في ظروف تثير الاشتباه على الأقل».

أسرى فلسطينيون في سجن إسرائيلي (أرشيفية - مصلحة السجون)

وكتب جندي احتياط خدم في «سديه تيمان» مقالاً في صحيفة «هآرتس» في مايو (أيار) الماضي، قال فيه: «سديه تيمان، كما يعرف كل الذين كانوا هناك، هو معسكر تعذيب سادي. دخل إليه المعتقلون أحياء وغادروه في أكياس. التحقيق مع جنود الاحتياط يجري كما لو أن الجحيم الذي خلقناه هناك يتلخص في مسألة ما إذا كان قد تم إدخال جسم في مؤخرة سجين أم لا. لكن أنا شاهدت هذا الجحيم... شاهدت أشخاصاً يدخلون إلى هذه المنشأة وهم مصابون بإصابة حرب، بعد ذلك يتم تجويعهم لأسابيع ومن دون تقديم العلاج لهم. أنا شاهدتهم وهم يتبولون على أنفسهم لأنه لم يسمح لهم بدخول الحمام. كثيرون منهم لم يكونوا من النخبة، بل مجرد غزيين تم احتجازهم من أجل التحقيق معهم وتم إطلاق سراحهم إلى بيوتهم بعد تعرضهم لانتهاكات شديدة، عندما تبين أنهم أبرياء. ليس من الغريب أن يموت الناس هناك، الغريب هو أن بعضهم تمكنوا من النجاة».

ولذلك؛ فإن الضجة التي تثيرها الحكومة بأجواء هستيرية من الفرح، جاءت لتطمس القضية الأساسية، وهي التعذيب الرهيب.


مقالات ذات صلة

مبتورو الأطراف في غزة يكافحون لإعادة بناء حياتهم وسط نقص الأجهزة التعويضية

المشرق العربي حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)

مبتورو الأطراف في غزة يكافحون لإعادة بناء حياتهم وسط نقص الأجهزة التعويضية

تجلس حنين المبحوح على كرسيها المتحرك، تحلم بإعادة بناء أسرتها، وحمل طفل رضيع. تحلم بالمشي مجدداً. لكن حياتها في غزة متوقفة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خيام النازحين الفلسطينيين في حي الزيتون وخلفها تظهر مبانٍ مدمرة شرق مدينة غزة (إ.ب.أ) play-circle

مقتل فلسطيني بنيران إسرائيلية في شمال غزة... وغارات على رفح

قتل مواطن فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية، صباح اليوم السبت، شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي آليات عسكرية إسرائيلية تتوغل في مناطق بجنوب سوريا (الجيش الإسرائيلي) play-circle

سوريا: توغل 6 آليات عسكرية إسرائيلية في ريف القنيطرة الجنوبي

توغلت القوات الإسرائيلية بست آليات عسكرية في قرية صيدا الحانوت بريف القنيطرة الجنوبي في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا في 25 مارس (أ.ف.ب)

إسرائيل تخطط لشن هجوم واسع النطاق على أهداف «حزب الله» في لبنان

يخطِّط الجيش الإسرائيلي لشنِّ هجوم واسع النطاق على أهداف «حزب الله» في جميع أنحاء لبنان، في حال فشلت جهود الحكومة اللبنانية وجيشها في نزع سلاح الحزب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصاعد الدخان من جراء غارات إسرائيلية على جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

إسرائيل تشن غارات على جنوب لبنان

أفادت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» اليوم الجمعة بأن إسرائيل شنت غارات على الجبل الرفيع وأطراف بلدات سجد والريحان وعرمتي وجباع في جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«مستقبل مشلول»... مبتورو الأطراف في غزة يكافحون لإعادة بناء حياتهم وسط نقص الأجهزة التعويضية

حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)
حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)
TT

«مستقبل مشلول»... مبتورو الأطراف في غزة يكافحون لإعادة بناء حياتهم وسط نقص الأجهزة التعويضية

حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)
حنين المبحوح فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع جميعاً بغزة (أ.ب)

تجلس حنين المبحوح على كرسيها المتحرك، تحلم بإعادة بناء أسرتها، وحمل طفل رضيع، وبالمشي مجدداً. لكن حياتها في غزة متوقفة، كما تقول، بعد بتر ساقها، بانتظار سفرها إلى الخارج لتلقي المزيد من العلاج.

في يوليو (تموز) عام 2024، دمرت غارة جوية إسرائيلية منزلها في وسط غزة بينما كانت هي وعائلتها نائمين. قُتلت بناتها الأربع، بمن فيهن طفلتها الرضيعة ذات الخمسة أشهر. وأُصيب زوجها بحروق بالغة. سُحقت ساقا المبحوح تحت الأنقاض، واضطر الأطباء إلى بتر ساقها اليمنى فوق الركبة، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقالت في منزل والديها: «على مدار العام ونصف العام الماضيين، لم أتمكن من الحركة، من العيش كغيري. على مدار العام ونصف العام الماضيين، عشت بلا أطفالي».

حنين المبحوح من غزة فقدت ساقها في غارة إسرائيلية على منزلها أسفرت أيضاً عن مقتل بناتها الأربع (أ.ب)

كان وقف إطلاق النار في غزة، الذي مضى عليه شهران، بطيئاً في تقديم المساعدة لآلاف الفلسطينيين الذين فقدوا أطرافهم جراء القصف الإسرائيلي على مدار العامين الماضيين. تُقدّر منظمة الصحة العالمية أن عدد مبتوري الأطراف جراء الحرب يتراوح بين 5 و6 آلاف شخص، 25 في المائة منهم أطفال.

يُعاني مبتورو الأطراف من صعوبة التأقلم، في ظل نقص الأطراف الاصطناعية، وتأخر عمليات الإجلاء الطبي من غزة.

وأفادت منظمة الصحة العالمية بوصول شحنة من المستلزمات الأساسية للأطراف الاصطناعية إلى غزة مؤخراً، ويبدو أنها أول شحنة كبيرة تصل خلال العامين الماضيين.

ووفقاً للؤي أبو سيف، رئيس برنامج ذوي الاحتياجات الخاصة في منظمة المعونة الطبية للفلسطينيين (MAP)، ونيفين الغصين، المديرة بالإنابة لمركز الأطراف الاصطناعية وشلل الأطفال في مدينة غزة، فإن إسرائيل لم تسمح بدخول أي أطراف اصطناعية جاهزة، أو مواد لتصنيعها تقريباً منذ بدء الحرب.

قالت المبحوح: «مستقبلي مشلول». كانت نائمة وطفلتها الرضيعة بين ذراعيها عندما ضربت الغارة منزلهم في النصيرات. ولأسابيع عديدة أثناء فترة علاجها في المستشفى، لم تكن المبحوح تعلم بمقتل طفلتها.

خضعت لعدة عمليات جراحية. ولا تزال يدها تعاني من صعوبة في الحركة. أما ساقها المتبقية فما زالت محطمة، ومثبتة بقضبان معدنية. وهي بحاجة إلى ترقيع عظمي، وعلاجات أخرى لا تتوفر إلا خارج غزة.

أُدرج اسمها على قائمة الإجلاء الطبي قبل عشرة أشهر، لكنها لم تحصل بعد على إذن بمغادرة غزة.

الخبير في الأطراف الاصطناعية أحمد الأشقر يعمل في أحد المستشفيات وسط قطاع غزة (أ.ب)

في انتظار فرصتها للمغادرة، تعيش في منزل والديها. تحتاج إلى مساعدة في تغيير ملابسها، ولا تستطيع حتى الإمساك بقلم، وما زالت غارقة في حزنها على أطفالها. قالت عن طفلتها الرضيعة: «لم أسمعها تنطق كلمة (ماما)، ولم أرَ سنها الأول، ولم أشاهدها تخطو خطواتها الأولى».

تحلم بإنجاب طفل جديد، لكن ذلك مستحيل حتى تتلقى العلاج.

وأفادت: «من حقي أن أعيش، وأن أنجب طفلاً آخر، وأن أستعيد ما فقدته، وأن أمشي... أما الآن، فقد شُلّ مستقبلي. لقد دمروا أحلامي».

لا تزال عمليات الإجلاء الطبي بطيئة. لم يُسفر وقف إطلاق النار إلا عن زيادة طفيفة في عمليات الإجلاء الطبي لـ16 ألفاً و500 فلسطيني، بحسب الأمم المتحدة، ينتظرون تلقي العلاج الضروري في الخارج -ليس فقط لمبتوري الأطراف، بل أيضاً مرضى يعانون من أنواع عديدة من الأمراض المزمنة، أو الجروح.

حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول)، تم إجلاء 235 مريضاً منذ بدء وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول)، أي أقل بقليل من خمسة مرضى يومياً. في الأشهر التي سبقت ذلك، كان المتوسط ​​نحو ثلاثة مرضى يومياً.

أعلنت إسرائيل الأسبوع الماضي استعدادها للسماح للمرضى وغيرهم من الفلسطينيين بمغادرة غزة عبر معبر رفح الذي تسيطر عليه إسرائيل بين غزة ومصر. لكن من غير المؤكد حدوث ذلك، لأن مصر، التي تسيطر على الجانب الآخر من المعبر، تطالب أيضاً بفتح رفح أمام الفلسطينيين لدخول غزة، كما ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار.

صرح الدكتور ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لوكالة «أسوشييتد برس»، بأن تراكم الحالات يعود إلى نقص الدول القادرة على استضافة المرضى الذين يتم إجلاؤهم. وأضاف أن هناك حاجة لفتح طرق إجلاء طبي جديدة، لا سيما إلى الضفة الغربية المحتلة، والقدس الشرقية، حيث المستشفيات جاهزة لاستقبال المرضى.

بالنسبة للمنتظرين، تتوقف الحياة تماماً. يرقد ياسين معروف في خيمة بوسط غزة، وقد بُترت قدمه اليسرى، وساقه اليمنى بالكاد مُثبتة بقضبان.

أُصيب الشاب البالغ من العمر 23 عاماً وشقيقه بقصف إسرائيلي في مايو (أيار) أثناء عودتهما من زيارة منزلهما في شمال غزة الذي أُجبرت عائلتهما على الفرار منه. قُتل شقيقه. كان معروف ينزف على الأرض، بينما هاجم كلب ضال ساقه اليسرى الممزقة.

ياسين معروف البالغ من العمر 23 عاماً فقد قدمه اليسرى وأصيب بجروح بالغة في ساقه اليمنى بعد تعرضه لقصف إسرائيلي في غزة (أ.ب)

يقول الأطباء إن ساقه اليمنى ستحتاج أيضاً إلى البتر، ما لم يتمكن من السفر إلى الخارج لإجراء عمليات جراحية قد تُنقذها. قال معروف إنه لا يستطيع تحمل تكلفة المسكنات، ولا يستطيع الذهاب إلى المستشفى بانتظام لتغيير ضماداته كما ينبغي.

وصرح: «إذا أردت الذهاب إلى الحمام، فإنني أحتاج إلى شخصين أو ثلاثة ليحملوني».

كان محمد النجار يدرس تكنولوجيا المعلومات في جامعة فلسطين قبل الحرب.

قبل سبعة أشهر، اخترقت شظايا ساقه اليسرى خلال غارات على المنزل الذي كانت عائلته تحتمي فيه. اضطر الأطباء لبتر ساقه فوق الركبة. كما أصيبت ساقه اليمنى بجروح بالغة، ولا تزال الشظايا عالقة في أجزاء من جسده.

رغم خضوعه لأربع عمليات جراحية، وجلسات علاج طبيعي، لا يزال النجار، البالغ من العمر 21 عاماً، غير قادر على الحركة.

يقول: «أرغب في السفر إلى الخارج، وتركيب طرف صناعي، والتخرج من الجامعة، والعيش حياة طبيعية كباقي الشباب خارج غزة».

تواجه غزة نقصاً حاداً في الأطراف الاصطناعية. فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها في أكتوبر أن نحو 42 ألف فلسطيني أصيبوا بإصابات غيّرت مجرى حياتهم في الحرب، بما في ذلك البتر، وإصابات الدماغ، وإصابات الحبل الشوكي، والحروق الشديدة.

وقد «تحسّن الوضع قليلاً» بالنسبة لمن يحتاجون إلى المساعدة، لكن «لا يزال هناك نقص كبير في المنتجات المساعدة»، مثل الكراسي المتحركة، والمشايات، والعكازات. وأوضحت منظمة الصحة العالمية في بيان لوكالة «أسوشييتد برس» أن غزة لا تضم ​​سوى ثمانية اختصاصيي أطراف اصطناعية قادرين على تصنيع وتركيب الأطراف الاصطناعية.

أفاد مدير مركز الأطراف الاصطناعية وشلل الأطفال في مدينة غزة، وهو أحد مركزين لا يزالان يعملان في القطاع، بأن المركز تلقى شحنة من المواد اللازمة لتصنيع الأطراف الاصطناعية قبيل بدء الحرب عام 2023. ودخلت شحنة صغيرة أخرى في ديسمبر 2024، لكن لم تصل أي شحنات منذ ذلك الحين.

يوسف السامري البالغ من العمر 16 عاماً والذي فقد ساقيه أثناء جلب الماء بالقرب من منزله بعد غارة جوية إسرائيلية يرقد على أرضية في روضة الأطفال التي نزح إليها بغزة (أ.ب)

وتمكن المركز من توفير أطراف اصطناعية لـ250 حالة خلال الحرب، إلا أن الإمدادات بدأت تنفد، بحسب الغصين.

وأوضح أبو سيف من منظمة MAP أنه لم تدخل أي أطراف اصطناعية جاهزة، سواءً كانت أرجلاً أو أذرعاً، وأن إسرائيل لا تحظرها، لكن إجراءاتها تتسبب في تأخيرات، و«في النهاية تتجاهلها».

يرغب إبراهيم خليف في الحصول على طرف اصطناعي للساق اليمنى ليتمكن من العمل في الأعمال اليدوية، أو تنظيف المنازل لإعالة زوجته الحامل، وأطفاله.

وفي يناير (كانون الثاني)، فقد ساقه إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت مدينة غزة بينما كان يبحث عن الطعام. قال خليف: «كنتُ المعيل لأطفالي، أما الآن فأنا جالس هنا. أفكر في كيف كنتُ وما أصبحتُ عليه».


«الأونروا»: إسرائيل تواصل منع إدخال المساعدات مباشرة إلى قطاع غزة

فتى بُترت ساقه في غزة من الذين يحتاجون إلى مساعدات «الأونروا» (أ.ب)
فتى بُترت ساقه في غزة من الذين يحتاجون إلى مساعدات «الأونروا» (أ.ب)
TT

«الأونروا»: إسرائيل تواصل منع إدخال المساعدات مباشرة إلى قطاع غزة

فتى بُترت ساقه في غزة من الذين يحتاجون إلى مساعدات «الأونروا» (أ.ب)
فتى بُترت ساقه في غزة من الذين يحتاجون إلى مساعدات «الأونروا» (أ.ب)

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، اليوم السبت، أن إسرائيل مستمرة في منعها إدخال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى قطاع غزة.

وحذرت الوكالة عبر منصة «إكس» من تأثير حلول الشتاء وهطول الأمطار على الأوضاع السيئة للنازحين بالفعل، موضحة أن فرقها تعمل على جمع القمامة، وتقديم الرعاية الصحية، وتوزيع الملابس.

وأكدت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أن لديها إمدادات تكفي لتوفير المأوى لنحو 1.3 مليون شخص مخزنة خارج غزة.


مقتل فلسطيني بنيران إسرائيلية في شمال غزة... وغارات على رفح

خيام النازحين الفلسطينيين في حي الزيتون وخلفها تظهر مبانٍ مدمرة شرق مدينة غزة (إ.ب.أ)
خيام النازحين الفلسطينيين في حي الزيتون وخلفها تظهر مبانٍ مدمرة شرق مدينة غزة (إ.ب.أ)
TT

مقتل فلسطيني بنيران إسرائيلية في شمال غزة... وغارات على رفح

خيام النازحين الفلسطينيين في حي الزيتون وخلفها تظهر مبانٍ مدمرة شرق مدينة غزة (إ.ب.أ)
خيام النازحين الفلسطينيين في حي الزيتون وخلفها تظهر مبانٍ مدمرة شرق مدينة غزة (إ.ب.أ)

قتل مواطن فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية، صباح اليوم السبت، شمال قطاع غزة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

ونقل «المركز الفلسطيني للإعلام» عن مصادر محلية قولها «إن شاباً (18 عاماً) استشهد بنيران جيش الاحتلال في جباليا النزلة شمالي قطاع غزة».

وأشارت إلى أن «طائرات الاحتلال شنت غارات على شرقي خان يونس وشرقي رفح، حيث سمع دوي انفجارات ناجمة عن القصف»، لافتة النظر إلى «تنفيذ قوات الاحتلال عمليات نسف للمباني شرقي خان يونس».

وأفادت المصادر بأن «طائرات الاحتلال شنت صباحاً المزيد من الغارات على شرقي رفح، وخان يونس، وغزة».

ووفق المركز «تواصل قوات الاحتلال انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار منذ بدء سريانه في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما أسفر عن نحو 390 شهيداً، وألف جريح».

وتتواصل المحادثات لدفع المرحلة التالية من خطة الرئيس ترمب لإنهاء الصراع المستمر منذ عامين في غزة.

وتنص الخطة على إدارة فلسطينية تكنوقراط مؤقتة في القطاع، يشرف عليها «مجلس سلام» دولي، وتدعمها قوة أمنية متعددة الجنسيات. وقد ثبتت صعوبة المفاوضات حول تشكيل هذه القوة، وتفويضها.