بعد أن كانت جهات إسرائيلية سياسية قد تحدثت في الشهرين الماضيين عن قرب التوصل لاتفاق أمني مع سوريا من خلال محادثات مباشرة تجري بينهما بوساطة الولايات المتحدة الأميركية، كشف مسؤول إسرائيلي كبير، الأربعاء، عن أن هناك تباطؤاً ظاهراً في الجهود الإسرائيلية، وأن «هذا التباطؤ جاء رداً على الحملة العدائية المشتركة بين دمشق وأنقرة ضد إسرائيل، ومطالبتها بالانسحاب من مرتفعات الجولان» المحتلة.

وقال المصدر، وفقاً لما أوردته «القناة الـ12» العبرية، إن إسرائيل «كانت تتوقع أن يحصل اختراق إيجابي في المفاوضات المباشرة مع دمشق في الشهور الماضية، لدرجة أن الجانبين أكدا أنهما يقتربان من توقيع اتفاق أمني، في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إلا أن الأمور تغيرت عندما راحت وسائل إعلام عربية تهاجم إسرائيل».
وفي تصريحات نشرتها صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية المقربة من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أعرب مسؤول إسرائيلي آخر عن امتعاضه من «الحملة السورية» المعادية. وقال إنه يلمس «تأثيراً تركياً على موقف دمشق». ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي وصفته بـ«المطّلع»، أن الحملة السورية «تحظى بدعم مباشر من أنقرة، التي تُعدّ الراعي الأساسي للرئيس السوري أحمد الشرع، كجزء من المواجهة الصامتة مع إسرائيل حول النفوذ داخل سوريا».

وقدمت الصحيفة، كـ«دليل» على هذه الحملة، ما قاله المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، في جلسات مجلس الأمن ومؤسسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الشهرين الماضيين، حيث هاجم فيها إسرائيل بشدّة، واتّهمها بـ«افتعال حوادث عسكرية متكررة، وانتهاك اتفاق فصل القوات الموقع بعد حرب عام 1973، وخرق السيادة السورية، ودعا فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات حازمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية»، وطالب إسرائيل بـ«سحب قواتها من كامل الأراضي السورية، بما في ذلك الجولان المحتل منذ عام 1967، والمناطق التي شهدت توغلات عسكرية في الآونة الأخيرة، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا».
واقتبست الصحيفة ما تعدّه موقفاً عدائياً من المندوب علبي، قوله إن «الجولان سيبقى عربياً وسورياً، وجزءاً لا يتجزأ من أراضيها السيادية، ولن يكون يوماً خاضعاً للمساومة أو التنازل».

وقال المسؤول الإسرائيلي الرفيع للصحيفة، إن تل أبيب «لن تتنازل ولو عن سنتيمتر واحد من الجولان، ولن تنسحب من مواقعها العسكرية داخل الأراضي السورية ما دامت هذه المواقع ضرورية لضمان أمن إسرائيل». واعتبر، هذا الاحتلال، «جزءاً من الاستراتيجية الأمنية في مواجهة الخطر الإيراني و(حزب الله)». وقال إن «التحرك السوري - التركي ضد إسرائيل يتعارض مع المحادثات بين دمشق وتل أبيب حول ترتيبات أمنية محتملة».
ويثير هذا التوجه الإسرائيلي الاستهجان، ويكشف عن نوايا سلبية تجاه المفاوضات، وتساؤلات إن كانت تخبئ أهدافاً عدوانية. فالمعروف أن إسرائيل كانت تدير محادثات مع سوريا بوساطة تركية في مطلع السنة. لكنها تتبع سياسة مساومة إزاء ملفات أخرى، مثل ملف الخلافات في قبرص؛ إذ تتهم تركيا إسرائيل بإقامة مستوطنة يهودية على أراضي قبرص اليونانية، لتكون نقطة انطلاق ضد المصالح التركية في الجزيرة وشرقي البحر الأبيض المتوسط.

واتخذت إسرائيل موقفاً عدائياً من أي وجود تركي في غزة، وحتى المشاركة في التفتيش عن جثامين المحتجزين الإسرائيليين المدفونين تحت الردم. وأعادت فريقاً قدم خصيصاً من تركيا يضم 81 خبيراً، بقي عدة أيام في العريش ينتظر موافقة إسرائيل التي لم تأت. ولكن إقحام سوريا في هذا الصراع يشعل الضوء الأحمر، خصوصاً أن قواتها لا تتردد في انتهاك حرمة الأراضي السورية، وتنفيذ عمليات حربية بحجج واهية.



