لبنان: «الأكثرية النيابية» تُفقد جلسة البرلمان نصابها بمواجهة «الثنائي الشيعي»

مطالبة بإدراج قانون الانتخاب... والعين على جلسة الحكومة

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
TT

لبنان: «الأكثرية النيابية» تُفقد جلسة البرلمان نصابها بمواجهة «الثنائي الشيعي»

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

اشتعلت مجدداً شرارة الخلاف في مجلس النواب اللبناني، بعد رفع رئيس المجلس نبيه بري الجلسة التشريعية لعدم اكتمال النصاب، إذ لم يحضر سوى 63 نائباً، فيما امتنعت عدد من الكتل الداعية لتعديل قانون الانتخابات النيابية عن دخول القاعة، احتجاجاً على عدم إدراج اقتراح تعديل القانون على جدول الأعمال.

هذا التطور، الذي جاء في ظلّ انقسامٍ عمودي بين المكوّنات السياسية، فتح الباب على جدلٍ دستوري واسع حول معنى المقاطعة وحدودها.

المربّع الأول

كانت الجلسة مخصصةً لمتابعة درس مشاريع واقتراحات القوانين التي لم تُبتّ في الجلسة السابقة في 29 سبتمبر (أيلول)، غير أنّ المقاطعة الواسعة من قبل كتل «حزب القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» وعدد من المستقلين و«التغييريين»، أدّت إلى فقدان النصاب.

وجاءت الخطوة احتجاجاً على رفض برّي إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى شطب المادتين 112 و122 من القانون النافذ، بما يسمح للبنانيين في الاغتراب بالاقتراع من أماكن إقامتهم، وفق قيودهم في لوائح الشطب لـ128 نائباً.

الإصلاح قبل التشريع

بعد رفع الجلسة، توجّه نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، من مقر البرلمان، برسالةٍ مباشرةٍ إلى رئيس الحكومة نواف سلام قائلاً: «قُم بما يجب في جلسة الغد (الأربعاء) لأنّ وضع المجلس النيابي واضح، وعليك أن تكون إلى جانب الأكثرية لأنّه لولاها لما كنت رئيساً للحكومة».

وأضاف عدوان: «أملنا كبير في موقف الحكومة غداً، ونطالب الوزراء بأن يقوموا بواجباتهم، ولا ينسوا أننا منحناهم الثقة كي يتحمّلوا مسؤولياتهم. نحن لا نقاطع التشريع وسنحضر جلسة الموازنة».

وفي بيان لها، قالت النائبة ستريدا جعجع: «‏لقد أكدت الأكثرية النيابية اليوم، مرة جديدة، أنها مؤتمنة على انتظام العمل البرلماني وصون المسار الدستوري والديمقراطي للمؤسسات، منطلقة من إيمان راسخ بأن المجلس النيابي هو ركيزة الحياة الديمقراطية في لبنان وحصنها الأخير، ولا يمكن لأحد الهيمنة عليه بأي شكل من الأشكال».

وفي مؤتمر صحافي، قال نواب تغييريون إنّ «الامتناع عن إدراج اقتراح قانونٍ معجّل مكرّر مستوفٍ للشروط القانونية يُشكّل مخالفة صريحة لأحكام النظام الداخلي، وتجاوزاً لمبدأ المساواة بين النواب في ممارسة حقّهم الدستوري في التشريع والمبادرة البرلمانية»، وأكدوا أنّ «هذا الامتناع يُفضي عملياً إلى تعطيل عمل المجلس النيابي وتحويله من هيئة جماعية تتّخذ قراراتها وفق الأصول إلى ممارسة انتقائية تُقيّد صلاحيات النواب وتحدّ من دورهم التشريعي والرقابي، في تعارضٍ واضح مع جوهر النظام البرلماني القائم على المشاركة والتداول».

القانون النافذ

في المقابل، نقل وفد نيابي من كتلتي «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) والنائب جهاد الصمد، هواجسه إلى رئيس الحكومة نواف سلام خلال لقاءٍ في السراي، حيث تحدث باسم الوفد النائب علي حسن خليل، قائلاً: «بحثنا في مشروع قانون لتعديل قانون الانتخابات النافذ، وأكدنا أنّ هناك قانوناً قائماً وعلى الحكومة اتخاذ الإجراءات التنفيذية له، وإجراء الانتخابات في وقتها المحدد»، مشيراً إلى أنّ «الحرص يجب أن يكون على المناخ التوافقي وتطبيق القانون كما هو».

ضغطٌ مشروع

على الضفة المقابلة، قال النائب فراس حمدان لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على فقدان النصاب في الجلسة الأخيرة إنّ «ما جرى اليوم ليس إلا نتيجة طبيعية لتمسّك بعض الكتل بموقفٍ سياسيٍّ يحول دون مناقشة التعديلات الضرورية على قانون الانتخابات»، مشيراً إلى أنّ «الفريق الآخر يروّج لفكرة أن هناك قانوناً نافذاً يمكن إجراء الانتخابات على أساسه، وهذا غير صحيح إطلاقاً».

وأوضح حمدان أنّ «الحكومة، في قرارها الصادر بتاريخ 16سبتمبر (أيلول) 2025، أكدت صراحةً أن القانون الحالي لا يمكن إجراء الانتخابات على أساسه من دون تعديل المادتين 112 و122 اللتين تتضمنان غموضاً يحتاج إلى توضيحٍ وتشريعٍ جديد يسمح بإجراء الانتخابات النيابية بصورة سليمة»، وأضاف: «الحديث عن قانون نافذ صالح للتطبيق هو تضليل، لأنّ الحكومة نفسها أعلنت أنّ التعديلات ضرورية لتصحيح الثغرات القائمة، خصوصاً ما يتصل بحق اقتراع المغتربين».

واعتبر حمدان أنّ «مقاطعة الجلسة وعدم تأمين النصاب ضغط مشروع على رئيس المجلس النيابي، لوضع كافة القوانين المعجلة المكررة اللازمة لتحقيق اقتراع المغتربين لـ128 نائباً»، ورأى أنّ «المطلوب اليوم هو تعديل القانون لإزالة الالتباسات التي تمنع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، لا سيما أن الصيغة الحالية تجعل تطبيقه مستحيلاً».

وأكد أن «أي جلسة لن يكون على جدول أعمالها تعديل قانون الانتخاب، سواء بالسلب أو بالإيجاب، سيتمّ مقاطعتها، فلا يمكن القبول بالذهاب إلى استحقاق انتخابي على أساس قانونٍ معطوبٍ ومليءٍ بالالتباسات»، مشدداً على أنّ «القانون الحالي لا يمكن إجراء الانتخابات على أساسه من دون تعديل المادتين 112 و122 لتوضيح الغموض المتعلق باقتراع المغتربين وبكيفية توزيع الدوائر. من هنا، فإن أي تجاهل لهذه التعديلات هو عملياً تعطيلٌ مسبقٌ للعملية الانتخابية نفسها».

الغياب موقف

وفي قراءةٍ دستوريةٍ للمشهد، قال الخبير الدستوري سعيد مالك لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «عدم حضور فريقٍ كبير وشريحةٍ واسعة من النواب الجلسة التشريعية، الثلاثاء، لا يُعتبر مقاطعةً للتشريع أو للسلطة الاشتراعية، بل هو تعبيرٌ واضح عن موقفٍ سياسي يجب أن يتفهّمه جميع المعنيين بعمل المؤسسات الدستورية»، وأضاف: «أما في ما يخصّ قانون الانتخاب، فمن الثابت أنّ هناك قانوناً نافذاً وساري المفعول. واليوم هناك اقتراح قانون لتعديل بعض النصوص، ومن المنتظر أن يصل الأربعاء مشروع قانون من الحكومة (قدّمه وزير الخارجية المحسوب على «القوات» يوسف رجي) أيضاً لتعديل بعض البنود، ما يعني أنّ على مجلس النواب أن يلتئم لمناقشة هذه الاقتراحات والمشاريع المعجلة المكرّرة، واتخاذ القرار المناسب بشأنها».

وختم مالك بالقول: «أعتقد أنه بمجرد إدراج هذه الاقتراحات أو مشاريع القوانين على جدول أعمال أي جلسة تشريعية، سيتوفر النصاب وستجري مناقشة برلمانية محتدمة وديمقراطية، وصولاً إلى القناعة التي يتّخذها مجلس النواب، فالهيئة العامة هي وحدها المخوّلة أن تقرّر وتفصل في هذا الموضوع».

«الثنائي» فقد الأكثرية

ومن زاويةٍ سياسيةٍ أوسع، قال مصدر نيابي معارض لـ«الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط»، إنّ الثنائي الشيعي «أدرك بعد الجلستين الأخيرتين أنّه لم يعُد يملك الأكثريّة داخل المجلس كما كان في السابق»، مشيراً إلى أنّ «المعركة لم تعد محصورة بالنقاش حول قانون الانتخاب أو مقاربة معيّنة، بل تحوّلت إلى مواجهةٍ تتّصل بإدارة مجلس النواب وبالأسلوب الذي اعتمد طيلة العقود الماضية».

وفيما تتجه الأنظار لما سيصدر عن جلسة الحكومة، الأربعاء، حول قانون الانتخاب، أكد المصدر أن «الحكومة ماضية في إعداد مشروع قانون لتعديل بعض بنود قانون الانتخاب، ومن واجب رئيس المجلس إدراجه على جدول الأعمال فور وروده من الحكومة، لأنّ الامتناع عن ذلك يُعدّ تعطيلاً متعمّداً للدستور ولعمل المؤسسات»، مشيراً إلى أن امتناع رئيس البرلمان نبيه بري عن إدراج مشروع قانونٍ ترسله الحكومة على جدول أعمال الهيئة العامة، فذلك يُعدّ مخالفة دستورية صريحة.


مقالات ذات صلة

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

المشرق العربي لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

مثل رجلان بريطانيان من أصول لبنانية أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، بعد توجيه اتهامات لهما بالانتماء إلى جماعة «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، مساء الثلاثاء، شاحنة صغيرة على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في تصعيد لافت بمداه الجغرافي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللنباني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

زيارة الدبلوماسيين لجنوب لبنان... دعم دولي للمسار الدبلوماسي ولإجراءات الجيش

تابع رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، الثلاثاء، التحضيرات للاجتماع المقرر عقده بباريس للبحث في حاجات الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)

تأخّر المحاكمات يُطلق سراح وزير الاقتصاد اللبناني السابق

أطلق القضاء اللبناني سراح وزير الاقتصاد والتجارة السابق أمين سلام، بعد مضيّ ستة أشهر على توقيفه بتهمة «اختلاس أموال عامة وصرف نفوذ وتبييض أموال».

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري عناصر من «اليونيفيل» خلال دورية في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

تحليل إخباري لبنان يأمل من الحراك الدولي خفض قلقه من تهديدات إسرائيل

يولي اللبنانيون أهمية لانعقاد الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي تستضيفه باريس، هذا الخميس، ويليه في اليوم التالي، أي الجمعة، اجتماع لـ«ميكانيزم»

محمد شقير (بيروت)

حملة اعتقالات ومداهمات إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية

عناصر من الجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ب)
عناصر من الجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ب)
TT

حملة اعتقالات ومداهمات إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية

عناصر من الجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ب)
عناصر من الجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ب)

شن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

ففي مدينة بيت لحم، اعتقلت القوات الإسرائيلية ثمانية فلسطينيين بينهم مُسنّ، واستدعت آخر لمقابلة المخابرات الإسرائيلية، وذلك بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها.

وفي جنين، اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية الحي الشرقي للمدينة تبعتها تعزيزات عسكرية للجيش وداهمت منزلاً في الحي وحولته لثكنة عسكرية بينما حاصرت منزلاً آخر.

وأضافت مصادر «وفا» أن القوات الإسرائيلية شنت حملة احتجاز واسعة في صفوف الفلسطينيين وقامت بالتحقيق معهم.

كما اعتقلت القوات الإسرائيلية فلسطينيين وداهمت عدداً من المنازل في عدة مناطق بمحافظة الخليل، بما فيها مخيم الفوار ومخيم العروب وبلدة يطا.

واقتحم الجيش الإسرائيلي البلدة القديمة بمدينة نابلس. وأفاد مراسل «وفا» بأن «عدداً من الدوريات» الإسرائيلية اقتحمت مدينة نابلس، وداهمت حارة العقبة في البلدة القديمة وسط انتشار واسع في محيط حي راس العين.

واعتقلت القوات الإسرائيلية أيضاً أربعة فلسطينيين من مدينة طولكرم، منهم ثلاثة أسرى محررين. كما اعتقلت عدة أشخاص من بلدة عين يبرود ومخيم الجلزون في شرق وشمال رام الله.

وفي القدس، اعتقل الجيش الإسرائيلي عدداً من الفلسطينيين من بلدة عناتا بشمال شرق القدس. وقالت مصادر محلية إنه لم يتم التعرف على هوية المعتقلين بعد.


«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي
TT

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

أكَّدت مصادرُ في حركة «حماس» أنَّ الحركة تسعى إلى عقد جولة تفاوضية غير مباشرة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء بشأن الوضع في قطاع غزة، وتطورات الانتقال للمرحلة الثانية بما يضمن إمكانية أن تنفذ هذه المرحلة بسلاسة.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنَّ هناك سعياً لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة بحضور وفد من إسرائيل، وأيضاً من الجانب الأميركي، بما يدعم إمكانية الضغط الأميركي على الجانب الإسرائيلي؛ بهدف المضي في تنفيذ الخطة الأميركية لتحقيق الاستقرار.

ويبدو أنَّ «حماس» تُعوّل على تغيير تفكير الإدارة الأميركية، بشأن سلاحها، من خلال البحث عن مقترحات حول إمكانية تجميد السلاح، أو تسليمه لجهة يتم الاتفاق عليها.

وينبع هذا التعويل من ‏استراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي تصنف الشرق الأوسط منطقة شراكة، بما يشير إلى أنَّ أميركا تحت حكم الرئيس دونالد ترمب، منفتحة على أنَّ أعداءها يمكن أن تكون لديهم الفرصة في حال أثبتوا قدرتهم على أن يصبحوا شركاء نافذين لها بالمنطقة، وأنه لا يهمها من يحكم، إنما يهمها الشراكة المجدية فقط.


بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
TT

بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)

بين شوارع تنبض بالحياة في المدن الرئيسية وأرياف هشّة وفقيرة، ودمار كثيف يعم المناطق السورية، تواجه الدولة الناشئة في دمشق تحديات هائلة ناجمة عن تعقيدات العهد السابق.

فخلف الصورة البراقة للأحياء التي شهدت احتفالات بسقوط نظام الأسد على مدى أيام، تُدار معركة أخرى أقل صخباً وأكثر تعقيداً حيث «يشكل (داعش) والمهاجرون (المقاتلون الأجانب) التحدي الأبرز»، بحسب مصدر أمني.

ولكن في مقابل من يرى في «داعش» والتطرف عموماً «عقدة تقنية» يمكن حلها بمقاربة أمنية، هناك من يعتبر أن «المشكلة الفعلية تكمن في رسم خطط لاستيعاب كتلة بشرية هائلة نشأت خارج أي سياق اجتماعي طبيعي لسنوات عدّة، وبلا منظومة تعليمية أو أسرية أو أي شكل ناظم للحياة».

إنه تحدي إعمار المناطق المدمّرة وإيجاد مصادر رزق، خصوصاً في الأرياف، ولا سيما إدلب، حيث تتشابك الهوّيات السياسية والاجتماعية مع إرث الفصائل المتشددة، ما يجعل المنطقة أرضاً خصبة لصراعات محتملة.

وفي حين تقدم تجربة «الصحوات العراقية» نموذجاً محتملاً لسوريا، بتحويل المتضررين من التطرف إلى رافعات سياسية وأمنية، يبقى العبور من العسكرة إلى السياسة ومن الفصائلية إلى الدولة، المهمة الأصعب أمام سوريا الجديدة.