أميركا ترسخ هيمنتها على غزة... القرار لها لا لإسرائيل؟

طائرات مسيرة وشاشات عملاقة للمراقبة... ومنع تل أبيب من أي هجمات

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث مع جنود في أثناء زيارته لمركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث مع جنود في أثناء زيارته لمركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (رويترز)
TT

أميركا ترسخ هيمنتها على غزة... القرار لها لا لإسرائيل؟

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث مع جنود في أثناء زيارته لمركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتحدث مع جنود في أثناء زيارته لمركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (رويترز)

رسخت الولايات المتحدة هيمنتها على إسرائيل ومنعتها من اتخاذ أي خطوات ضد حركة «حماس»؛ رداً على تأخرها في إعادة جميع الجثامين المحتجزة في قطاع غزة، فيما عززت القوات الأميركية سيطرتها على قطاع غزة برقابة مباشرة لصيقة، تسمح لها بتوجيه إسرائيل و«حماس» معاً.

وقالت مصادر مطلعة لهيئة البث الإسرائيلية «كان» إن الولايات المتحدة منعت إسرائيل من فرض عقوبات أو اتخاذ أي خطوات في هذه المرحلة، رداً على عدم إعادة القتلى، وعلى الرغم من أن «حماس» لم تعد ولا جثة واحدة آخر 3 أيام.

والضغط الأميركي على إسرائيل جاء في ظل اتهامات إسرائيلية لـ«حماس» بتعمد عدم تسليم الجثامين وإبطاء العملية.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في مطار بن غوريون بتل أبيب للسفر إلى الدوحة السبت (أ.ف.ب)

وقالت المصادر إن أجهزة الأمن الإسرائيلية مقتنعة بقدرة «حماس» على إعادة 10 على الأقل من جثث الرهائن الـ13 المتبقية في غزة، (حتى مساء يوم السبت) حتى دون مساعدة دولية. وقد عرض كبار مسؤولي الاستخبارات المعلومات التي تقود إلى هذا الاستنتاج على نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، في أثناء وجوده في إسرائيل.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي إن هذه المعطيات «تثبت أن ادعاءات (حماس) بشأن حاجتها إلى وقت إضافي للعثور على الجثامين تهدف إلى المماطلة وتأجيل تنفيذ اتفاق شرم الشيخ».

لكن رغم ذلك لجمت الولايات المتحدة إسرائيل عن أي رد، وذلك في سياق الحفاظ على وقف النار، مع قناعة أميركية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحكومته، يريدان تخريب الاتفاق.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، شغل جسراً جوياً إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، شمل نائبه جي دي فانس والمبعوثَين ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر ثم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن زيارة روبيو ليست الأخيرة لكبار المسؤولين الأميركيين؛ إذ ينتظر وصول مسؤول كبير آخر في إدارة ترمب يوم الأحد، وهي مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يصل أيضاً وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، إلى إسرائيل، نهاية الأسبوع المقبل.

ويُعدّ استمرار وجود كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية رسالةً إلى إسرائيل.

وتريد الولايات المتحدة ضمان تنفيذ الاتفاق مع «حماس»، وإرساء نظام جديد في غزة يحدد مستقبلها الأمني والإداري.

وعملياً، تحولت الولايات المتحدة إلى الجهة التي تقرر بشأن قطاع غزة وليس إسرائيل أو «حماس».

مصافحة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس الخميس الماضي (رويترز)

طائرات أميركية للمراقبة

وأطلق الجيش الأميركي في الأيام الأخيرة طائرات مسيّرة للمراقبة فوق قطاع غزة، «للتأكد من التزام الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار» الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وأكد مسؤولون لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن طائرات الاستطلاع المسيرة تساعد مهمة مركز التنسيق المدني العسكري الأميركي، الذي تم إنشاؤه حديثاً في جنوب إسرائيل.

وتشير مهمة المراقبة إلى أن الإدارة تريد معرفة ما يحدث في القطاع على نحو مستقل عن إسرائيل. ويتم بث تسجيلات الكاميرات مباشرة إلى مركز التنسيق المدني - العسكري الأميركي في «كريات غات» جنوب إسرائيل.

وجاء التقرير الأميركي بعد آخر في قناة «كان» قال إن الولايات المتحدة تتابع عن كثب جميع التحركات في القطاع من خلال المقر الأميركي، بل تقوم أحياناً بالموافقة أو منع بعض العمليات الميدانية لضمان استقرار اتفاق وقف إطلاق النار.

ويقلق هذا الوضع إسرائيل إلى حد كبير. وكان ثمة نقاش حاد في إسرائيل حول الرقابة الأميركية الخانقة على تل أبيب، وكيف أخذت الولايات المتحدة المبادرة في قطاع غزة، وأصبحت تقرر في الشؤون الأمنية والسياسية الإسرائيلية بشكل صارخ، ما حول إسرائيل إلى «محمية» أميركية فعلاً، إلى الحد الذي اضطر نتنياهو إلى الخروج ونفي أن إسرائيل محمية أميركية.

جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي يلقي كلمة في مركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (إ.ب.أ)

ورأى إيتامار آيشنر، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن تدويل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني الذي كان كابوساً كبيراً لإسرائيل، حدث أخيراً، في ظل وقف إطلاق النار وخطة ترمب، أمام أعيننا، في المقر في كريات غات.

وكتب آيشنر أنه على الرغم من تعيين الجيش ممثلاً في المقر، وقول نتنياهو إنه يدار بشكل مشترك، لكن كل شيء يقول إن هناك دولة واحدة فقط تدير هذا المكان، وهي الولايات المتحدة؛ إذ يوجد مسؤول واحد للموقع، وهو الأميركي ستيفن فاجن، ويوُضع علم واحد هناك وهو العلم الأميركي، ويوجد للمقر مهمة محورية واحدة: ضمان استمرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة. ومن هناك يُنسّقون كل شيء، ويتلقون تحديثات منتظمة.

وقال آيشنر: «تُعرض على شاشة كبيرة رسائل مأخوذة من مصادر مفتوحة، ومن منصات التواصل الاجتماعي، وغيرها: متى وصلت آخر شاحنات المساعدات؟ ومتى أفادت منصات التواصل الاجتماعي من غزة بوجود نقص في الخضراوات والفواكه والأجبان وغيرها من السلع؟».

وأشار آيشنر إلى أنه وسط حظيرة الطائرات الكبيرة عُلِّقت لافِتَتان تُظهران خطة ترمب ذات العشرين نقطة. وأضاف: «يمكن التقدير أنه بفضل الحراسة اللصيقة للأميركيين، الذين يراقبون دقيقة بدقيقة (حرفياً) ما يحدث في قطاع غزة، لن يسمحوا لإسرائيل باستئناف إطلاق النار بهذه السرعة، حتى في ظل الانتهاكات المتواصلة لـ(حماس) التي لا تزال تحتجز 13 رهينة في القطاع».

نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس يلقي كلمة في مركز التنسيق المدني - العسكري في جنوب إسرائيل الجمعة (إ.ب.أ)

وتسيطر إسرائيل على 57 في المائة من القطاع، و«حماس» على 43 في المائة.

خطوط عدة في القطاع

وقالت «يديعوت أحرونوت» إن منطقة «حماس» الواقعة غرب «الخط الأصفر» الذي انسحب إليه الجيش الإسرائيلي، معروفة أميركياً باسم «المنطقة الحمراء». ووفقاً للقواعد التي وضعها الأميركيون، يُحظر على الجيش الإسرائيلي شنّ عمليات هجومية مكثفة في هذه المنطقة. ولا يُسمح للجنود بإطلاق النار إلا دفاعاً عن النفس إذا تعرضوا لهجوم من المنطقة. والجيش مُلزم، من خلال آلية التنسيق والإشراف، بإخطار الأميركيين، وطلب الإذن منهم، لأي «عملية هجومية استثنائية» في المنطقة.

أما المنطقة التي يسيطر عليها الجيش شرق «الخط الأصفر» (وكذلك في قطاعات ضيقة شماله وجنوبه) فيُطلق عليها الأميركيون اسم «المنطقة الخضراء». ويعيش فيها حالياً نحو 200 ألف غزاوي فقط، معظمهم من أفراد العشائر والجماعات المسلحة (بما في ذلك العصابات) المعارضة لـ«حماس».

وفي هذه المنطقة، يُنفّذ الجيش الإسرائيلي، حتى خلال وقف إطلاق النار، عملياتٍ مُتسارعة لكشف وتدمير الأنفاق والبنى التحتية الأخرى.

وبحسب تحليل أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، فإن الجيش الإسرائيلي يمارس سيطرته على مساحة أكبر من غزة مقارنة بما كان متوقعاً بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس».

وقالت الهيئة إن مقاطع فيديو وصور أقمار اصطناعية أظهرت أن العلامات التي وضعتها القوات الإسرائيلية في منطقتين لتحديد الخط الفاصل كانت موجودة على عمق مئات الأمتار داخل القطاع مقارنة بخط الانسحاب المتوقع.

رغم ذلك، لم تكن هذه المسألة محل خلاف، ويضبط الأميركيون المسألة، ويصرون على دفع الاتفاق قدماً.

وكتب رون بن يشاي في «يديعوت أحرونوت» قائلاً: «القدس وواشنطن على يقين تام بأن المرحلة (أ) من خطة ترمب ستُنفذ بالكامل، ولكن بوتيرة أبطأ من المقرر. لكن ماذا سيحدث في المرحلة (ب) من الخطة؟ وهل يُمكن تنفيذها أصلاً؟ هذا هو المجهول الكبير الذي يُقلق الجميع، وخاصةً البيت الأبيض».


مقالات ذات صلة

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

المشرق العربي منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار بغلاف غزة في أكتوبر 2023 (أ.ب) play-circle

نتنياهو يدفع لتحقيق منزوع الصلاحيات حول هجوم «7 أكتوبر»

صادقت لجنة وزارية إسرائيلية على مشروع قانون قدمه حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق في هجوم «7 أكتوبر» (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل جثمان رضيع توفي بسبب البرد القارس في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

إسرائيل تُحرّك الخط الأصفر في جباليا لتعميق سيطرتها شمال غزة

تواصل القوات الإسرائيلية تعميق سيطرتها داخل قطاع غزة عبر إحكام قبضتها على العديد من المناطق، إذ توغلت آلياتها العسكرية بشكل مفاجئ في مخيم جباليا شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يواصل الاعتراض على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في 7 أكتوبر

يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض فتح تحقيق مستقل في الهجمات غير المسبوقة التي شنتها حركة «حماس» وغيرها من المسلحين في إسرائيل قبل عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

كشف تحقيق جديد عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

TT

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

وأضاف نتنياهو، وفقاً لوكالة «رويترز»، ‌أن ‍أنشطة طهران النووية ستخضع للنقاش مع الرئيس الأميركي دونالد ​ترمب خلال زيارته في وقت لاحق من هذا الشهر.

و أضاف نتنياهو في بيان مشترك مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس «نحن نراقب الوضع ونتخذ الاستعدادات اللازمة. أود أن أوضح لإيران أن أي عمل ضد إسرائيل سيقابل برد قاس للغاية»، بحسب صحيفة«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني (واي نت).

ولم يدل نتنياهو بمزيد من المعلومات عن إشارته إلى التدريبات الإيرانية.

تأتي تصريحات نتنياهو في سياق تصاعد التحذيرات الأميركية – الإسرائيلية من عودة إيران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية، بعد الحرب التي اندلعت بين الطرفين في يونيو (حزيران) الماضي.

ويتزايد القلق في إسرائيل، من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزءاً من جهود أوسع لإعادة بناء الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب.

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين أمس، أن هامش تحمل المخاطر بات أقل من السابق، في ظل تجربة الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من حرب متعددة الجبهات.

ورغم أن التقديرات الاستخباراتية لا تشير إلى هجوم إيراني وشيك، فإن المخاوف تتركز على احتمال سوء تقدير متبادل قد يقود إلى مواجهة غير مقصودة.

وتقول تقديرات أمنية غربية إن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية حساسة خلال تلك الحرب لم تُنه التهديد بالكامل، بل دفعت طهران، وفق هذه التقديرات، إلى السعي لإعادة ترميم قدراتها بأساليب أكثر تحصيناً.

وقال قائد الجيش الإيراني، أمير حاتمي أن القوات المسلحة تراقب «بدقة» تحركات خصومها، وستتعامل «بحزم» مع أي أعمال عدائية.

تباينت وسائل إعلام رسمية في إيران بشأن تقارير عن بدء اختبار صاروخي في عدة محافظات من البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتواصل الخلاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مشاهدات ميدانية وتقارير واردة من مواطنين وقوع اختبار صاروخي في نقاط مختلفة من إيران.

وفي وقت لاحق، نفى حساب التلفزيون الرسمي في بيان مقتضب على «تلغرام» إجراء أي مناورات صاروخية.


نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

​قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل وافقت على ‌تعزيز ‌التعاون الأمني ​​مع ‌اليونان ⁠وقبرص.

وجاءت ​تعليقات ‌نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ⁠ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي ‌نيكوس ‍خريستودوليديس في ‍القدس.

وقال نتنياهو أيضاً ‍إن الدول الثلاث تعتزم المضي قدماً ​في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند ⁠والشرق الأوسط وأوروبا، وهو مبادرة لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط بحراً وبراً.


مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

TT

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام
صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية، في وقت تشير فيه تقديرات أمنية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية خلال حرب يونيو (حزيران) لم تنه التهديد بالكامل.

وبينما تؤكد واشنطن أن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد قصف منشأة فوردو، تتحدث تل أبيب عن نافذة زمنية تضيق، وخيارات عسكرية تعود إلى الطاولة، وسط مخاوف من سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة جديدة غير مقصودة.

وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن إيران «لم تستوعب الرسالة كاملة» عقب القصف الأميركي لمنشأتها النووية بواسطة قاذفات الشبح «بي 2» خلال الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في يونيو، وذلك وسط تقارير تشير إلى محاولات طهران إعادة ترميم قدراتها النووية والصاروخية.

وأضاف هاكابي، في مقابلة أُجريت على هامش مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، أنه «لا يعتقد أن إيران أخذت الرئيس الأميركي دونالد ترمب على محمل الجد إلى أن جاءت الليلة التي توجهت فيها قاذفات الشبح إلى فوردو»، وفق ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية.

ورداً على سؤال بشأن التقارير المتداولة حول مساعي طهران لإعادة ترميم المنشأة، قال: «آمل أنهم فهموا الرسالة، لكن يبدو أنهم لم يفهموها كاملة؛ لأنهم يحاولون إعادة تشكيل الموقع وإيجاد طرق جديدة لتعميق التحصينات وجعلها أكثر أمناً».

حركة المرور أمام جدارية دعائية تصور رأساً حربياً لصاروخ إيراني يحمل شعاراً بالفارسية يقول: «سقط الصاروخ بين العفاریت» في أحد شوارع طهران يوليو الماضي (إ.ب.أ)

وتعرب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن قلق متزايد إزاء تقدم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، متهمين طهران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما مع وقوع إسرائيل ضمن مدى هذه الصواريخ.

وحسب شبكة «إن بي سي» الأميركية، يتخوف مسؤولون أميركيون بصورة متزايدة من توسع البرنامج الصاروخي الإيراني، ونقلت الشبكة عن مصادر لم تسمّها، السبت، أن مسؤولين يستعدون لإطلاع الرئيس الأميركي على «الخيارات المتاحة» للتعامل مع هذا التهديد، بما في ذلك سيناريوهات عسكرية محتملة.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في 29 ديسمبر (كانون الأول) في ميامي، حيث يعتزم، وفق مصادر إسرائيلية، بحث مساعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية، إضافة إلى احتمال توجيه ضربة أخرى لإيران في عام 2026. وكانت قناة «إن بي سي نيوز» قد كشفت سابقاً عن نية نتنياهو عرض هذا الملف على ترمب، في إطار ما تصفه إسرائيل بأنه تهديد آخذ في التصاعد.

وعند سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تمنح الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي جديد على إيران في حال رأت إسرائيل أن ذلك ضروري، أجاب هاكابي: «كل ما يمكنني فعله هو التذكير بما قاله الرئيس ترمب مراراً، وهو أن إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم أبداً، ولن تمتلك سلاحاً نووياً». وأضاف أن استئناف إيران لقدراتها في مجال الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي لا يشكل تهديداً لإسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل «يمثل تهديداً حقيقياً لأوروبا بأكملها»، متابعاً بنبرة حادة أن الأوروبيين «إن لم يفهموا ذلك، فهم أكثر غباءً مما أعتقد أحياناً»، مع الإشارة إلى أن أوروبا أعادت تفعيل عقوبات «سناب باك» ضد إيران.

واشنطن على الخط

وفي السياق ذاته، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه «يؤيد شن هجوم على إيران»، محذّراً من أن مساعي طهران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن برنامجها النووي.

وجاءت تصريحات غراهام خلال زيارة يجريها حالياً إلى إسرائيل، التقى خلالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين كباراً في الجيش الإسرائيلي، من بينهم رئيس شعبة العمليات ووزير الأمن يسرائيل كاتس. وقال غراهام في مقابلة مع محطة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية إن إيران «تحاول استعادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم»، معتبراً أن ذلك، إلى جانب تطوير الصواريخ الباليستية، يمثل «تهديداً حقيقياً لإسرائيل».

وأضاف السيناتور الجمهوري أن «أي شيء يضعف إسرائيل يضعف الولايات المتحدة أيضاً»، داعياً إلى استهداف القدرات الصاروخية الإيرانية في أي ضربة مقبلة. وفي مقابلة منفصلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، قال غراهام إن الصواريخ الباليستية الإيرانية قد «تغرق القبة الحديدية»، مؤكداً أنه «لا يمكن السماح لإيران بإنتاجها». وأوضح أنه لا يؤيد غزواً أميركياً لإيران، لكنه يدعم «توجيه ضربة عسكرية» في حال ظهرت مؤشرات على استئناف البرنامج النووي أو برنامج الصواريخ.

قلق إسرائيلي متصاعد

بالتوازي، أفاد تقرير لموقع «أكسيوس» بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب (أ.ب)

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة». في المقابل، أكد مصدر أميركي أن الاستخبارات الأميركية لا تملك حالياً مؤشرات على هجوم إيراني وشيك.

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه. وفي هذا السياق، أجرى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، اتصالاً مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أبلغه خلاله بقلق إسرائيل من المناورة الصاروخية التي بدأها «الحرس الثوري».

وأشار زامير إلى أن تحركات الصواريخ الإيرانية وخطوات تشغيلية أخرى قد تكون غطاءً لهجوم مفاجئ، داعياً إلى تنسيق دفاعي وثيق بين القوات الأميركية والإسرائيلية.

تلميحات بحرب جديدة

وترافق القلق الاستخباراتي مع تصعيد في الخطاب العلني. وحذر زامير، خلال مراسم تسليم مهام رئيس مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، من أن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء»، في تلميح واضح إلى احتمال استهداف إيران مجدداً.

وقال زامير إن «في صميم أطول وأعقد حرب في تاريخ إسرائيل تقف الحملة ضد إيران»، معتبراً أن طهران هي التي «مولت وسلّحت حلقة الخنق حول إسرائيل»، في إشارة إلى الحرب متعددة الجبهات التي اندلعت منذ أكتوبر 2023.

تهديد مُلح

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وتؤكد المصادر أن طهران بدأت بالفعل خطوات لإعادة بناء قواتها الصاروخية، لكنها لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الحرب. ولا ترى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ولا جهاز «الموساد» أن وتيرة هذه الخطوات تفرض تحركاً عسكرياً عاجلاً خلال الشهرين أو الثلاثة المقبلة، إلا أنها قد تتحول إلى مسألة أكثر إلحاحاً لاحقاً هذا العام.

طفل يجلس فوق رأس حربي لصاروخ باليستي في المعرض الدائم التابع لـ«الحرس الثوري» بضواحي طهران نوفمبر الماضي (أ.ب)

وفي هذا الإطار، يتركز القلق الإسرائيلي بشكل متزايد على الصواريخ الباليستية بوصفها تهديداً أكثر إلحاحاً من البرنامج النووي نفسه، رغم وصف إسرائيل العلني للنووي الإيراني بأنه تهديد وجودي؛ إذ يرى مسؤولون إسرائيليون أن الصواريخ تمثل الخطر الفوري الأكبر، خصوصاً بعد التجربة الأخيرة التي لم تتمكن فيها الدفاعات الإسرائيلية من اعتراض جميع الهجمات.