آلاف الأطفال في غزة ينتظرون اللقاحات والخروج للعلاج

توفي ما يقرب من 140 طفلاً أثناء وجودهم على قوائم الانتظار

أطفال فلسطينيون يتلقون العلاج بعد إصابتهم في غارة إسرائيلية بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع (رويترز)
أطفال فلسطينيون يتلقون العلاج بعد إصابتهم في غارة إسرائيلية بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع (رويترز)
TT

آلاف الأطفال في غزة ينتظرون اللقاحات والخروج للعلاج

أطفال فلسطينيون يتلقون العلاج بعد إصابتهم في غارة إسرائيلية بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع (رويترز)
أطفال فلسطينيون يتلقون العلاج بعد إصابتهم في غارة إسرائيلية بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع (رويترز)

يكابد أطفال في غزة من أجل البقاء على قيد الحياة، بين أطفال ينتظرون الإجلاء للعلاج خارج القطاع المدمر، وآخرين على أمل تمكينهم من دخول اللقاحات اللازمة لهم.

وفي أجنحة مختلفة من مستشفى ناصر، يرقد طفلان في العاشرة من عمرهما، أحدهما مصاب برصاصة إسرائيلية ويعاني من شلل في الرقبة، والآخر مصاب بورم في المخ.

والآن، وبعد سريان وقف إطلاق النار الهش، أصبحا من بين نحو 15 ألف مريض تقول منظمة الصحة العالمية إنهم بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل.

تجلس علا أبو سعيد تُداعب شعر ابنها عمار برفق. تقول عائلته إنه كان في خيمتهم جنوب غزة عندما أصيب برصاصة طائشة أطلقتها مسيرة إسرائيلية. استقرت الرصاصة بين فقرتين من فقراته، مما أدى إلى إصابته بالشلل.

تقول علا لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «إنه بحاجة إلى عملية جراحية عاجلة، لكن الأمر معقد. أخبرنا الأطباء بأنها قد تُسبب وفاته أو إصابته بسكتة دماغية أو نزيف في المخ. يحتاج إلى عملية جراحية في مكان مُجهز جيداً».

وحالياً، غزة بعيدة كل البعد عن ذلك. بعد عامين من الحرب، أصبحت مستشفيات القطاع في حالة حرجة.

وتجلس شهد بجانب شقيقها الأصغر، أحمد الجد، وتقول إن شقيقها كان مصدر عزاء دائم لها طوال عامين من الحرب والنزوح، وتقول: «عمره 10 سنوات فقط، وعندما ساءت حالتنا، كان يخرج ويبيع الماء ليساعدنا في توفير بعض المال». قبل بضعة أشهر، ظهرت عليه أولى علامات اعتلال صحته.

وتوضح شهد: «بدأ فم أحمد يتدلى إلى جانب واحد. في إحدى المرات ظل يقول لي: رأسي يؤلمني يا شهد، فأعطيناه باراسيتامول، لكن لاحقاً توقفت يده اليمنى عن الحركة».

وتتوق طالبة الجامعة السابقة بشدة لسفر شقيقها إلى الخارج لإزالة ورمه. وتقول شهد: «لا نريد أن نفقده. لقد فقدنا والدنا ومنزلنا وأحلامنا بالفعل. عندما بدأ وقف إطلاق النار، منحنا ذلك بعض الأمل في أن يكون هناك احتمال ولو بنسبة 1 في المائة أن يتمكن أحمد من السفر وتلقي العلاج».

مناشدات أممية وأوروبية

ويوم الأربعاء، نسّقت منظمة الصحة العالمية أول قافلة طبية تُغادر غزة منذ بدء وقف إطلاق النار الهش في 10 أكتوبر (تشرين الأول). وقد نقلت القافلة 41 مريضاً و145 مُقدّم رعاية إلى مستشفيات في الخارج عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، حيث نقلت سيارات الإسعاف والحافلات المجموعة إلى الأردن. وقد مكث بعضهم هناك لتلقي العلاج.

ودعت الوكالة الأممية إلى زيادة أعداد عمليات الإجلاء الطبي بسرعة للتعامل مع آلاف الحالات من المرضى والجرحى. وتريد أن تتمكن من إجلاء المرضى عبر معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر كما فعلت سابقاً.

أقارب فلسطينيين ينتظرون انتشال الجثث من مستشفى الشفاء خلال عمليات استخراجها في مدينة غزة (إ.ب.أ)

مع ذلك، أعلنت إسرائيل أنها ستُبقي المعبر مغلقاً حتى «تفي» حركة «حماس» بالتزاماتها بموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بإعادة جثث الرهائن المتوفين. وتُبقي إسرائيل الجانب الغزي من الحدود المصرية مغلقاً منذ مايو (أيار) 2024، عندما سيطرت على القطاع خلال الحرب.

وفي مؤتمر صحافي عُقد يوم الخميس، قال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن «الإجراء الأكثر تأثيراً» سيكون سماح إسرائيل لمرضى غزة بتلقي العلاج في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، كما كانت الحال قبل الحرب.

وقد دعا كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية أكثر من 20 دولة - بما في ذلك المملكة المتحدة - إلى ذلك سابقاً، وعرضوا «مساهمات مالية، وتوفير الكادر الطبي أو المعدات اللازمة».

خسائر يومية في الأرواح

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور فادي الأطرش، الرئيس التنفيذي لمستشفى أوغوستا فيكتوريا في جبل الزيتون: «يمكن علاج مئات المرضى بسهولة وفاعلية في وقت قصير إذا أُعيد فتح هذا المسار لشبكة مستشفيات القدس الشرقية ومستشفيات الضفة الغربية». وأضاف: «يمكننا علاج 50 مريضاً على الأقل يومياً للعلاج الكيميائي والإشعاعي، بل وأكثر من ذلك. تستطيع المستشفيات الأخرى إجراء كثير من العمليات الجراحية».

ويضيف الأطرش: «تحويلهم إلى القدس الشرقية هو أقصر الطرق وأكثرها فاعلية، لأننا نملك الآلية اللازمة. فهناك لديهم ملفات طبية لمرضى غزة. لقد كانوا يتلقون العلاج في مستشفيات القدس الشرقية لأكثر من عقد قبل الحرب».

فلسطينيون يستعيدون جثث أفراد عائلاتهم الذين قُتلوا خلال الحرب من مستشفى الشفاء بمدينة غزة (إ.ب.أ)

وسألت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (كوغاط)، الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن معابر غزة، عن سبب عدم الموافقة على المسار الطبي، فأجاب المكتب بأن ذلك قرار من القيادة السياسية، وأحال الاستفسارات إلى مكتب رئيس الوزراء الذي لم يقدم أي توضيحات إضافية.

وبعد 7 أكتوبر 2023، تذرعت إسرائيل بأسباب أمنية لمنع مرضى غزة من دخول الأراضي الفلسطينية الأخرى. كما أشارت إلى أن معبر إيريز، المعبر الرئيسي للأفراد، قد استُهدف من قِبل «حماس» خلال الهجوم.

وتقول وزارة الصحة في غزة إنه في الفترة حتى أغسطس (آب) 2025، توفي ما لا يقل عن 740 شخصاً، بينهم ما يقرب من 140 طفلاً، أثناء وجودهم على قوائم الانتظار.

وفي مستشفى ناصر، يُعرب الدكتور أحمد الفرا، مدير قسم الأطفال والأمومة، عن إحباطه. ويقول: «إنه أصعب شعور على الطبيب أن يكون حاضراً، وقادراً على تشخيص حالة مرضية، ولكنه غير قادر على إجراء الفحوصات الأساسية، ويفتقر إلى العلاجات اللازمة. لقد حدث هذا في حالات كثيرة، وللأسف، هناك خسائر يومية في الأرواح بسبب نقص الإمكانات لدينا». فمنذ وقف إطلاق النار، تضاءل الأمل في مزيد من مرضاه.

وخلال الأسبوع الماضي، شيّعت جنازة سعدي أبو طه، البالغ من العمر 8 سنوات، في باحة المستشفى، والذي توفي بسرطان الأمعاء. وفي اليوم التالي، توفي زين طافش، البالغ من العمر 3 سنوات، ولؤي دويك، البالغ من العمر 8 سنوات، بسبب التهاب الكبد.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

شؤون إقليمية 
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
العالم العربي احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلّة بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

روت عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني، أحمد شكر، تفاصيل جديدة بشأن اختفائه قبل أيام، مشيرة إلى أن مغترباً لبنانياً في كينشاسا يُدعى «ع . م» تواصل مع أحمد لاستئجار شقته في جنوب بيروت، وأنه زار لبنان مراراً.

وقال عبد السلام، شقيق الضابط المختفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المغترب طلب لاحقاً من أحمد المساعدة في بيع قطعة أرض في زحلة لِمُتموّل يُدعى سليم كساب، لكن تبين لاحقاً أنه اسم مستعار.

وفي يوم اختفاء أحمد، ذهب لمقابلة المتمول، لكن المغترب اعتذر من عدم الحضور. وأظهرت كاميرات المراقبة تحرك سيارة باتجاه بلدية الصويرة، حيث فُقد أثر أحمد؛ مما أثار الشكوك بشأن تعرضه للاختطاف، من دون وجود أدلة واضحة.

ونفت العائلة أي علاقة لأحمد بملف الطيار الإسرائيلي رون آراد المفقود منذ 1986، وأيَّ علاقة له بالأحزاب.


الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
TT

الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)

أفاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بأن العلاقات السورية - الروسية تدخل عهداً جديداً مبنياً على الاحترام المتبادل.

وقال الشيباني، خلال اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أمس، إن مناقشة العلاقة بين البلدين تجري بقدر أكبر من الصراحة والانفتاح، مشدداً على أن دمشق تتطلع إلى بناء علاقات متوازنة وهادئة مع جميع الدول.

والتقى الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتناول اللقاء سبل تطوير الشراكة العسكرية، بما يعزز القدرات الدفاعية للجيش السوري، ويواكب التطورات الحديثة في الصناعات العسكرية.

وأوردت «الوكالة العربية السورية للأنباء» أن الرئيس الروسي «جدّد موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكّد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».


العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
TT

العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

كثّف العراق ملاحقته القضائية لمواطنين تورطوا في القتال ضمن الحرب الروسية – الأوكرانية، محذّراً من عقوبات بحق من يلتحق بقوات عسكرية أجنبية من دون موافقة رسمية.

وأكد رئيس مجلس القضاء فائق زيدان أن القانون يعاقب بالسجن كل من يشارك في نزاعات خارجية، مشدداً على تجريم شبكات التجنيد والاتجار بالبشر.

جاء ذلك بالتزامن مع عمل لجنة حكومية خاصة بمكافحة تجنيد العراقيين للقتال في أراض أجنبية، وسط تضارب بشأن أعداد المجندين.

وتتحدث تقارير صحافية عن وجود نحو 50 ألف عراقي جُندوا للقتال في صفوف القوات الروسية، في حين تشير إحصاءات غير رسمية إلى نحو 5 آلاف مقاتل يتوزعون بواقع 3 آلاف مع الجيش الروسي، وألفي مقاتل مع الجيش الأوكراني.

وكانت محكمة عراقية قد أصدرت حكماً بالسجن المؤبد بحق مدان بتجنيد مقاتلين للقتال مع روسيا.