نمو نشاط الأعمال في منطقة اليورو يتجاوز التوقعات في أكتوبر

قطاع الخدمات يقود انتعاش الاقتصاد الألماني... وفرنسا تواجه تباطؤاً غير متوقع

برجا مونبارناس وإيفل وحي «لا ديفانس» في باريس (رويترز)
برجا مونبارناس وإيفل وحي «لا ديفانس» في باريس (رويترز)
TT

نمو نشاط الأعمال في منطقة اليورو يتجاوز التوقعات في أكتوبر

برجا مونبارناس وإيفل وحي «لا ديفانس» في باريس (رويترز)
برجا مونبارناس وإيفل وحي «لا ديفانس» في باريس (رويترز)

نما نشاط الأعمال في منطقة اليورو بوتيرة أسرع من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، مع تلقي الشركات طلبات جديدة بأسرع معدل خلال عامين ونصف العام؛ ما يشير إلى اكتساب الاقتصاد زخماً في بداية الربع الأخير.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب لمنطقة اليورو، الذي تعدّه «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 52.2 في أكتوبر من 51.2 في سبتمبر (أيلول)، مسجلاً بذلك الشهر العاشر على التوالي من التوسع، وأعلى مستوى له خلال 17 شهراً، متجاوزاً توقعات استطلاع أجرته «رويترز» التي أشارت إلى انخفاضه إلى 51.0. وتشير قراءات المؤشر التي تزيد على 50 إلى نمو النشاط، وفق «رويترز».

وقاد نشاط الخدمات هذا التوسع، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى 52.6 من 51.3 في سبتمبر، مسجلاً أعلى مستوى له منذ 14 شهراً، بينما نما إنتاج الصناعات التحويلية بوتيرة أبطأ عند 51.1 مقارنة بـ50.9 الشهر الماضي. وقد استقر المؤشر الرئيسي للقطاع عند 50.0 بعد أن ارتفع من 49.8، متجاوزاً التوقعات بعدم حدوث تغيير عن الشهر الماضي.

وعاد التوظيف إلى النمو في أكتوبر بعد الانخفاض الطفيف في سبتمبر، حيث خلق قطاع الخدمات فرص عمل بأسرع معدل منذ يونيو (حزيران) 2024، في حين خفضت شركات التصنيع أعداد موظفيها بأسرع وتيرة في أربعة أشهر؛ تماشياً مع ضعف الطلب.

وتباطأت الزيادة في تكاليف التشغيل الإجمالية قليلاً، بينما رفعت الشركات أسعارها بشكل أسرع بعض الشيء. وأضاف دي لا روبيا: «لا يزال التضخم في قطاع الخدمات في منطقة اليورو معتدلاً. ارتفع معدل التضخم في أسعار المبيعات بشكل طفيف، لكنه لا يزال قريباً من المتوسط الطويل الأجل. ومن المرجح أن يرى البنك المركزي الأوروبي، الذي يولي اهتماماً خاصاً بالتضخم في قطاع الخدمات، في هذه البيانات تأكيداً على موقفه بعدم تطبيق المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة». وأوضح أن البنك أنهى خفض أسعار الفائدة مع استقرار التضخم حول هدفه البالغ 2 في المائة واستمرار الاقتصاد في التقدم بثبات، وفقاً لأغلبية متزايدة من الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز» ونُشر الأربعاء.

وعلى الرغم من تحسن النشاط الاقتصادي، انخفضت ثقة الشركات إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر؛ ما يشير إلى أن الشركات لا تزال حذرة بشأن آفاق المستقبل.

ارتفاع نشاط الأعمال الألماني

في ألمانيا، سجل القطاع الخاص أقوى نمو له منذ عامين ونصف العام في أكتوبر، مدعوماً بارتفاع قوي في نشاط الخدمات. وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب الألماني الأولي «إتش سي أو بي»، الذي تعدّه «ستاتدرد آند بورز غلوبال»، إلى 53.8 نقطة في أكتوبر من 52.0 في سبتمبر، مسجلاً أسرع نمو منذ مايو (أيار) 2023، متجاوزاً توقعات المحللين البالغة 51.5 نقطة. ويُمثل أكتوبر الشهر الخامس على التوالي الذي يتجاوز فيه المؤشر المركب مستوى 50 نقطة؛ ما يشير إلى استمرار النمو في أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وتصدَّر قطاع الخدمات موجة الارتفاع، حيث ارتفع المؤشر المقابل إلى 54.5 نقطة في أكتوبر من 51.5 في سبتمبر، مسجلاً أكبر زيادة في نشاط الأعمال منذ أكثر من عامين. وذكر سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في «بنك هامبورغ التجاري»: «إنها بداية جيدة على غير المتوقع للربع الأخير»، مشيراً أيضاً إلى ارتفاع إنتاج الصناعات التحويلية للشهر الثامن على التوالي، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كان عليه في سبتمبر.

ومع ذلك، ظل مؤشر مديري المشتريات التصنيعي في منطقة الانكماش على الرغم من تحسنه قليلاً إلى 49.6 في أكتوبر من 49.5، متجاوزاً التوقعات ببقائه مستقراً. وأضاف دي لا روبيا: «هذه ظروف مواتية للنمو في الربع الرابع»، لكنه لفت إلى أن التوقعات المستقبلية أكثر حذراً، سواء بين مقدمي الخدمات أو في قطاع الصناعة؛ ما يعكس هشاشة الوضع الاقتصادي.

كما تراجعت توقعات الأعمال للعام المقبل بسبب المخاوف من ضعف الاقتصاد المحلي، التوترات الجيوسياسية، وارتفاع التكاليف. واستمر انخفاض التوظيف في القطاع الخاص، وإن كان بوتيرة أبطأ، مع تسجيل أكتوبر الشهر السابع عشر من التخفيضات، وهي أطول فترة منذ الأزمة المالية 2008 - 2010.

انكماش نشاط الأعمال الفرنسي

انخفض نشاط الأعمال الفرنسي بوتيرة أسرع من المتوقع في أكتوبر، مع استمرار ضعف الطلب على السلع والخدمات في ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وسط مناخ سياسي متقلب.

وبلغ مؤشر مديري المشتريات الأولي لقطاع الخدمات، الذي تعدّه «ستاتدرد آند بورز غلوبال»، التابع لشركة «إتش سي أو بي فرانس»، 47.1 نقطة في أكتوبر، وهو أدنى مستوى له في ستة أشهر، وبقي دون عتبة الـ50 نقطة الفاصلة بين النمو والانكماش للشهر الرابع عشر على التوالي. وكانت توقعات استطلاع أجرته «رويترز» عند 48.7 نقطة، بينما بلغ الرقم النهائي لشهر سبتمبر 48.5 نقطة.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات الأولي لقطاع التصنيع بشكل طفيف إلى 48.3 نقطة من 48.2 في سبتمبر، متجاوزاً توقعات استطلاع «رويترز» عند 48.2 نقطة. لكن المؤشر المركب لشهر أكتوبر – الذي يشمل قطاعي الخدمات والتصنيع – انخفض إلى 46.8 نقطة من 48.1 في سبتمبر، وأدنى من المتوقع عند 48.4 نقطة، مسجلاً أشد معدل انخفاض له في ثمانية أشهر.

وقال جوناس فيلدهوزن، الخبير الاقتصادي المساعد في «بنك هامبورغ التجاري»: «لا يزال القطاع الخاص الفرنسي راكداً»، مضيفاً أن الإنتاج في كل من قطاعي التصنيع والخدمات يشهد تراجعاً؛ ما يعكس ضعفاً واسع النطاق.

وعلى الرغم من التباطؤ الاقتصادي، واصلت الشركات الفرنسية التوظيف للشهر الثالث على التوالي، وإن كان بمعدل هامشي. وأوضح فيلدهوزن أن الشركات ظلت متفائلة بشأن النشاط المستقبلي، رغم تراجع التوقعات بسبب حالة عدم اليقين السياسي وضعف الظروف الاقتصادية العالمية. وأضاف: «لقد تدهور مؤشر توقعات الأعمال أكثر من مستواه المنخفض أصلاً».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال «بنك فرنسا» إن البلاد في طريقها لتحقيق نمو بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثالث مقارنة بالربع الثاني، على الرغم من الاضطرابات السياسية والتوترات التجارية.


مقالات ذات صلة

عوائد سندات اليورو تتراجع بعد قرار «الفيدرالي»

الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

عوائد سندات اليورو تتراجع بعد قرار «الفيدرالي»

سجلت عوائد سندات حكومات منطقة اليورو انخفاضاً طفيفاً بعد أن أشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى توقعات أقل تشدداً مما كان متوقعاً من بعض المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة والإسكان دان يورغنسن يتحدث بمؤتمر صحافي في بروكسل (إ.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يُسرّع مشاريع شبكات الكهرباء في سباقٍ لكبح أسعار الطاقة

يعتزم الاتحاد الأوروبي تقليص مدة انتظار إصدار التصاريح وتطبيق التخطيط المركزي لبنية شبكات الكهرباء في جميع أنحاء أوروبا، في محاولة منه لكبح أسعار الطاقة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد شعار إنتل (إنتل)

«إنتل» تخسر الطعن ضد حكم مكافحة الاحتكار الأوروبي... وتفوز بخفض الغرامة

خسرت شركة صناعة الرقائق الأميركية «إنتل» طعنها ضد غرامة مكافحة احتكار فرضها الاتحاد الأوروبي قبل عامين بقيمة 376 مليون يورو (438 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

عوائد سندات اليورو تستقر بعد استبعاد خفض الفائدة الأوروبية في 2026

استقرت عوائد سندات حكومات منطقة اليورو يوم الثلاثاء، حيث أخذ المستثمرون قسطاً من الراحة بعد استبعاد خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي لعام 2026.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الحي المالي في فرنكفورت ألمانيا (رويترز)

معنويات المستثمرين بمنطقة اليورو تتحسن في ديسمبر

أظهر مؤشر «سنتكس»، الذي يقيس معنويات المستثمرين في منطقة اليورو، ارتفاعاً إلى -6.2 في ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بـ -7.4 في نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
TT

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)

في وقت تتدفق فيه مئات المليارات نحو صناعة الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام ثورة رقمية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، أم على أعتاب فقاعة مالية جديدة تشبه الدوت كوم؟

فالسباق العالمي لبناء مراكز البيانات، وتطوير الرقائق، وتوسيع البنية التحتية، تجاوز بالفعل حجم استثمارات تاريخية مثل «مشروع مانهاتن» و«برنامج أبولو»، فيما تتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة على اقتناص موقع قيادي في «سباق السلاح الرقمي» الجديد. لكن هذا الزخم الهائل ترافقه مؤشرات مقلقة: أسعار أسهم صعدت بوتيرة فلكية، وتقييمات شركات ناشئة لا تعكس حجم إيراداتها الفعلي، وشهية استثمارية تغذِّيها توقعات النمو أكثر مما تغذيها النتائج الواقعية.

وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة اقتصادية تمتد لعقود، يُحذر آخرون من أن الحماس المفرط قد يُخفي وراءه هشاشة يمكن أن تؤدي إلى تصحيح قاسٍ في الأسواق.

لا يعتقد مورتن ويرود، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه بي بي»، أن هناك فقاعة، لكن «نرى بعض القيود فيما يتعلق بسعة البناء التي لا تواكب جميع الاستثمارات الجديدة»، وفقاً لـ«رويترز».

وأضاف: «نتحدث عن تريليونات من الاستثمارات، وستستغرق عدة سنوات لتنفيذها، لأن الموارد والبشر غير كافيين لبناء كل هذا».

أما دينيس ماشويل، الرئيس التنفيذي لشركة «أديكو»، فيرى أن «هناك بالفعل فجوة حالية بين هذا العرض الهائل من الذكاء الاصطناعي والطريقة التي تقوم بها الشركات بتضمينه فعلياً في عملياتها الأساسية»، كما قال في نوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف أن المشروع المشترك لمجموعته مع «سيلس فورس» قد يقلل من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي من خلال دفع الشركات لاستخدامات أكثر واقعية للتقنية.

يد آلية أمام رسالة مكتوب عليها «الذكاء الاصطناعي» ولوحة مفاتيح (رويترز)

ويقول سندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت»: «لا أعتقد أن أي شركة ستكون بمنأى عن التأثر، بما في ذلك نحن»، وذلك في مقابلة مع «بي بي سي» نُشرت في 18 نوفمبر، عند سؤاله عن كيفية تعامل «غوغل» مع احتمال انفجار فقاعة. وأضاف أن موجة الاستثمار الحالية في الذكاء الاصطناعي «لحظة استثنائية»، لكنه أقر بوجود «عناصر من السلوك غير العقلاني» في السوق، مشيراً إلى تحذيرات مماثلة خلال فترة فقاعة «الدوت كوم».

أما جيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «أمازون»، فيقول: «عندما يتحمس الناس بشدة للذكاء الاصطناعي كما يحدث اليوم، يتم تمويل كل تجربة... ويصعب على المستثمرين التمييز بين الأفكار الجيدة والسيئة وسط هذا الحماس».

وأضاف: «الفقاعات الصناعية ليست بالخطورة نفسها كالفقاعات المصرفية، وقد تكون مفيدة لأن الفائزين النهائيين سيعودون بالنفع على المجتمع من خلال تلك الابتكارات».

وحذر بنك إنجلترا (البنك المركزي) من أن الأسواق العالمية قد تتراجع إذا تغير مزاج المستثمرين تجاه آفاق الذكاء الاصطناعي. وقالت لجنة السياسة المالية في البنك في 8 أكتوبر (تشرين الأول): «ارتفعت مخاطر حدوث تصحيح حاد في السوق»، مضيفةً أن احتمال تأثير ذلك على النظام المالي البريطاني «مهم».

وخلال حلقة نقاشية في قمة خاصة بالتكنولوجيا في آسيا في 3 أكتوبر الماضي، قال برايان يو، المدير الاستثماري في «جي آي سي»، إن «هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال الشركات الناشئة»، وأضاف: «أي شركة ناشئة تحمل شعار (إيه آي) ستُقوَّم بمضاعفات ضخمة مهما كان حجم الإيرادات الصغيرة... قد يكون ذلك عادلاً لبعض الشركات وليس كذلك لأخرى».

فيما أكد جوزيف بريغز، الاقتصادي في «غولدمان ساكس» للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن فيض الاستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة مستدام، ورفض المخاوف المتزايدة من أن القطاع قد يكون في مرحلة فقاعة. لكنه حذر من أن «الفائزين النهائيين في الذكاء الاصطناعي لا يزالون غير واضحين»، مع تغير التكنولوجيا بسرعة، وانخفاض تكلفة الانتقال، مما قد يحد من مزايا المبادر الأول.

وأشار بيير-أوليفييه غورينتشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى أنه قد تتبع موجة استثمارات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة انهياراً شبيهاً بفترة «الدوت كوم»، لكنها أقل احتمالاً أن تكون حدثاً نظامياً يضر بالاقتصاد الأميركي أو العالمي. وأضاف: «هذا لا يتم تمويله بالديون، مما يعني أنه إذا حدث تصحيح في السوق، قد يخسر بعض المساهمين وبعض حاملي الأسهم».

جن سين هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، يقول: «تحدث الكثير عن فقاعة الذكاء الاصطناعي، لكن من وجهة نظرنا نرى شيئاً مختلفاً جداً»، مشيراً إلى الطلب الكبير من شركات الحوسبة السحابية على رقائق شركته.

وفي أغسطس (آب) الماضي، تساءل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»: «هل نحن في مرحلة يكون فيها المستثمرون بأكملهم مفرطين في الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي؟ جوابي: نعم». وأضاف: «سوف يخسر البعض مبالغ هائلة، وسيجني البعض الآخر مبالغ هائلة أيضاً».

وفي أول منشور له على «إكس» منذ أكثر من عامين، حذر مايكل بوري، مستثمر ومؤسس «سايون» لإدارة أصول، من فقاعة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ووضع رهانات هبوطية على «إنفيديا» و«بالانتير» الشهر الماضي، وهذا زاد من مخاوف المستثمرين بشأن الإنفاق المبالغ فيه في صناعة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

لكن تشي تاي-وون، رئيس «إس كيه هاينكس» الكورية الجنوبية، لا يرى «أي فقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي». وأضاف: «لكن عند النظر إلى أسواق الأسهم، نجدها صعدت بسرعة كبيرة جداً، وأعتقد أنه من الطبيعي أن يكون هناك بعض التصحيحات»، مشيراً إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي تجاوزت قيمتها الأساسية.

ويرى محللو الأسهم في بنك «يو بي إس»، أن عدد المستثمرين الذين يعتقدون أننا في فقاعة الذكاء الاصطناعي يقارب عدد أولئك الذين ما زالوا محتفظين باستثماراتهم في القطاع. وأضافوا في مذكرة منتصف أكتوبر الماضي: «معظمهم شعر بأننا في فقاعة، لكن بعيداً عن الذروة فإن نحو 90 في المائة من الذين قالوا إننا في فقاعة ما زالوا مستثمرين في العديد من مجالات الذكاء الاصطناعي».


أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
TT

أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)

يدخل أكثر من 12 مليون طرد الاتحاد الأوروبي يومياً، مما يجعل مهمة فحصها بحثاً عن البضائع غير القانونية، أو التي لم تُعلن، أو تقدير الرسوم المستحقة عليها، مهمة شاقة على رجال الجمارك.

والكثير من هذه الطرود صغير الحجم وقليل القيمة، ففي عام 2024 دخل إلى التكتل 4.6 مليار طرد بقيمة معلنة فردية أقل من 22 يورو (25.6 دولار).

وذكرت المفوضية الأوروبية في أغسطس (آب) الماضي أن نسبة ما فحصته سلطات الجمارك من إجمالي المنتجات المستوردة بلغت فقط 0.0082 في المائة.

ووفقاً لديوان المحاسبة الأوروبي (محكمة المدققين الأوروبيين)، تفتقر عمليات الفحص الجمركي في بعض الدول الأعضاء إلى الصرامة الكافية. كما أن عدم توحيد تطبيق القواعد في جميع دول الاتحاد يجعل الاحتيال أمراً سهلاً.

إصلاح الجمارك: ما الخطة؟

وفي عام 2023، قدمت المفوضية الأوروبية مقترحات تهدف إلى إجراء إصلاح شامل للحد من البيروقراطية والتعامل مع تحديات مثل الارتفاع الحاد في حجم التجارة الإلكترونية.

وتُعدّ كيفية إدارة التدفق الهائل للطرود والشحنات الواردة من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي -خصوصاً الصين- نقطة محورية في خطة الإصلاح.

وقررت دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي إلغاء الحد الحالي للإعفاء الجمركي، البالغ 150 يورو، على الطرود، وذلك بمجرد استكمال الإجراءات اللازمة -وهو أمر متوقع بحلول عام 2028- مع الالتزام بفرض رسوم جمركية مؤقتة على الطرود الصغيرة خلال الفترة الانتقالية. كما اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم عامة على المناولة، وهو إجراء لا يزال قيد النقاش.

وعلى نحو مختصر، يهدف الإصلاح إلى تحديث إجراءات الجمارك، وتعزيز التعاون بين سلطات الجمارك في الدول الأعضاء، وتحسين الرقابة على الواردات والصادرات. كما يعد بتحسين تحصيل الرسوم والضرائب، وتوفير حماية أفضل للسوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي.

ومن أجل تحقيق ذلك، سيجري إنشاء «منصة بيانات الجمارك الأوروبية»، التي ستخضع لإشراف هيئة الجمارك الأوروبية، التي لم تُنشأ بعد.

ومن المقرر أن تعمل هيئة الجمارك الأوروبية بوصفها مركزاً رئيسياً لدعم هيئات الجمارك في الدول الأعضاء. وبمجرد تشغيلها، سوف تسعى إلى تبسيط الإجراءات، وتحسين سلامة المشتريات الإلكترونية، وتزويد السلطات الوطنية بأدوات أكثر بساطة وتوحيداً.

ومن المتوقع أن يحقق الإصلاح عدة مزايا، من بينها تبسيط متطلبات الإبلاغ عبر جهة موحدة، وذلك توافقاً مع وعود رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بتقليص الروتين.

ويتوقع الاتحاد الأوروبي تحقيق توفير بقيمة مليارَي يورو سنوياً، عبر إحلال المنصة محل بنية تكنولوجيا المعلومات في الدول الأعضاء.

مقر هيئة الجمارك الأوروبية

من المقرر إنشاء هيئة الجمارك الأوروبية بداية من عام 2026، وسوف تتولي المفوضية الأوروبية مسؤولية إطلاقها. ومن المتوقع أن تحصل الشركات على أول فرصة وصول إلى منصة البيانات بحلول 2028، مع بدء الاستخدام الطوعي في 2032، ثم الإلزامي في 2038.

أما القرار الأول الحاسم فسوف يكون تحديد مقر الهيئة، وقد تقدمت تسع دول أعضاء الأسبوع الماضي، بملفات لاستضافة المقر: بلجيكا (لييغ)، وكرواتيا (زغرب)، وفرنسا (ليل)، وإيطاليا (روما)، وهولندا (لاهاي)، وبولندا (وارسو)، والبرتغال (بورتو)، ورومانيا (بوخارست)، وإسبانيا (مالقا).

وستقوم المفوضية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- الآن بدراسة الطلبات التسعة، على أن تضمن أن الموقع الذي يقع عليه الاختيار سوف يمكن الهيئة من أداء مهامها، واستقطاب كوادر مؤهلة ومتخصصة، وتوفير فرص تدريب.

ومن المتوقع صدور قرار في هذا الشأن خلال شهر فبراير (شباط)، تقريباً، بالتعاون بين الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي.

وسيتعيّن على الدولة المضيفة توفير مبانٍ جاهزة على الفور، وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا المعلومات والأمن، ومساحة لما لا يقل عن 250 من الموظفين، إلى جانب غرف اجتماعات ذات تقنية عالية، و«منطقة آمنة» لإدارة المعلومات السرية، إلى جانب العديد من الشروط الأخرى.

حماية الأسواق الأوروبية

وقال وزير المالية البولندي، أندجي دومانسكي: «تجارة أكثر أماناً تعني أوروبا أكثر أماناً». وأوضح أن اتحاداً جمركياً «قوياً ومرناً» يضمن حماية السوق الداخلية وسلامة المستهلك والتنمية الاقتصادية المستقرة.

ولكن، ما تزال كيفية إدارة سياسات التجارة والجمارك المشتركة محل خلاف. ويأتي الإصلاح في الوقت المناسب، في الوقت الذي تسعى فيه العواصم الأوروبية إلى حماية القطاعات الاستراتيجية الرئيسية لديها في ظل تصاعد حدة التوتر في التجارة الدولية.

وتتعالى الدعوات في بعض الأوساط لإطلاق برنامج «صنع في أوروبا»، الذي يعطي أفضلية للمنتجات المحلية، وهو موقف تتبناه فرنسا، على نحو خاص.

وكانت المفوضية الأوروبية تعتزم نشر مبادرة أوروبية مرتبطة بهذا الأمر هذا الشهر، لكنها واجهت معارضة من جمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وآيرلندا، والسويد ولاتفيا، وغيرها. وحسب ما ذكرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أُجّل المقترح حتى مطلع العام المقبل.


الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)

ذكر تلفزيون الصين المركزي (سي سي تي في) نقلاً عن مسؤول اقتصادي كبير، السبت، أن الصين تخطط لتعزيز الصادرات والواردات العام المقبل ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز التجارة «المستدامة».

ويثير الفائض التجاري البالغ تريليون دولار الذي سجله ثاني أكبر اقتصاد في العالم توتراً مع شركاء بكين التجاريين، ويؤدي إلى انتقادات من صندوق النقد الدولي، ومراقبين آخرين يقولون إن نموذج النمو الاقتصادي الذي يركز على الإنتاج غير مستدام.

وقال هان ون شيو، نائب مدير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية المركزية، في مؤتمر اقتصادي: «يجب أن نلتزم بالانفتاح، ونعزز التعاون المربح للجانبين في قطاعات متعددة، ونوسع الصادرات مع زيادة الواردات في الوقت نفسه، لدفع التنمية المستدامة للتجارة الخارجية».

وأضاف أن الصين ستشجع صادرات الخدمات في عام 2026، متعهداً باتخاذ تدابير لتعزيز دخل الأسر، ورفع المعاشات الأساسية، وإزالة القيود «غير المعقولة» في قطاع الاستهلاك.

وحث صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع بكين على اتخاذ «الخيار الشجاع» بالحد من الصادرات، وتعزيز الطلب الاستهلاكي.

ووعد القادة الصينيون يوم الخميس بالإبقاء على سياسة مالية «نشطة» في العام المقبل لتحفيز الاستهلاك، والاستثمار، إذ يتوقع المحللون أن تستهدف بكين تحقيق نمو بنحو 5 في المائة.