لقاءات الفصائل الفلسطينية في القاهرة... مساعٍ إلى توافقات بشأن «إدارة غزة»

مصدر قال لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تتحرك بخطة متدرجة لدفع الاتفاق إلى الأمام

فلسطينيون يمشون وسط ركام المباني المدمرة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يمشون وسط ركام المباني المدمرة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)
TT

لقاءات الفصائل الفلسطينية في القاهرة... مساعٍ إلى توافقات بشأن «إدارة غزة»

فلسطينيون يمشون وسط ركام المباني المدمرة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يمشون وسط ركام المباني المدمرة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)

تستضيف القاهرة محادثات بين الفصائل الفلسطينية بحثاً عن «توافقات» للذهاب إلى المرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، التي ترتكز على ترتيبات أمنية وأخرى تتعلق بإدارة القطاع.

تلك المحادثات التي تديرها مصر تتزامن مع تحركات أميركية بالمنطقة، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تعزز مسار صمود الاتفاق واستكمال مرحلته الأولى والدفع باتجاه الثانية، مؤكدين أن محادثات القاهرة تمهد الأرض الفلسطينية للمرحلة التالية وصد أي ذرائع إسرائيلية لتعطيلها.

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، إن لقاءات الفصائل التي تشهدها القاهرة تسعى لاستكشاف مواقف الجميع سعياً لتوافقات حول الترتيبات الأمنية أولاً، والانتقال للسياسية، مؤكداً أن هناك تفاؤلاً بأن الاقتراب من اتفاق أولي سيدفع بالحوار الفلسطيني للأمام فيما يتعلق بحسم الترتيبات الأمنية وتعزيز الدور الفلسطيني في الإدارة عبر السلطة ولجنة الإسناد كشريك على الأرض، وجوده مهم في الفترة المقبلة.

وأضاف المصدر: «من المبكر أن نصل لتوافقات نهائية، لكن القاهرة تعمل على مسارات متعددة وتحركات مدروسة في سبيل الوصول للمرحلة الثانية عبر خطة تدريجية مرحلية جاهزة لتجاوز أي عثرات تواجه الترتيبات في قطاع غزة».

واستطرد: «الجهود مستمرة مع الوسطاء لدعم الوصول للمرحلة الثانية؛ لكن لا يمكن حسم متى تبدأ، إلا إذا ضغطت واشنطن بقوة على إسرائيل، وهذا نراه في الجولات الأميركية بالمنطقة».

ترتيبات ما بعد الحرب

وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الخميس، نقلاً عن مصادر بأن «القاهرة تستضيف محادثات بين الفصائل الفلسطينية للوصول إلى توافق فلسطيني في إطار المرحلة الثانية» لاتفاق غزة.

وذكرت أن رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، التقى في القاهرة حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، بحضور رئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، في إطار جهود مصر لإنهاء الأزمة بغزة.

ووفقاً للمصادر المصرية، فإنه «تم التوافق خلال لقاء رئيس المخابرات العامة المصرية ونائب رئيس دولة فلسطين على دعم ومواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار بغزة».

فلسطينيون يسيرون حاملين مساعدات إنسانية في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأفادت «القاهرة الإخبارية» بأن وفداً من حركة «حماس» التقى مع وفد من حركة «فتح» برئاسة الشيخ. وأوضحت أن اللقاء كان بغرض بحث ما يتعلق بالمشهد الوطني عموماً وترتيبات ما بعد وقف الحرب في غزة.

وإلى جانب الشيخ الذي وصل القاهرة مساء الأربعاء، وصل وفد حركة «حماس» الأحد، ولحق بهما الخميس الوفد القيادي لـ«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»، بحسب بيانات للأطراف الثلاثة. فيما أفاد مصدر فلسطيني تحدث سابقاً لـ«الشرق الأوسط» بأن «(الجهاد) موجودة أيضاً بالاجتماعات».

وتتضمن «خطة ترمب» إلى وقف حرب غزة، بمرحلتها الثانية، نزع سلاح «حماس»، و«تشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير مسيّسة لحكم غزة، تكون مسؤولة عن تسيير الخدمات العامة والبلدية اليومية لسكان غزة، ستتألف من فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين، تحت إشراف ورقابة هيئة دولية جديدة تسمّى (مجلس السلام)»، من المزمع أن يرأسه ترمب، إضافة إلى ترتيبات أمنية متعلقة بقوات دولية.

يجيء هذا في الوقت الذي تُعد فيه مصر لعقد مؤتمر لإعادة إعمار قطاع غزة في النصف الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقال نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، في القدس: «تنتظرنا مهمة صعبة للغاية، وهي نزع سلاح حركة (حماس) وإعادة بناء غزة، سعياً لتحسين حياة السكان، وأيضاً لضمان ألا تعود (حماس) لتشكّل تهديداً لأصدقائنا في إسرائيل».

قطع أي «ذرائع»

أستاذ العلوم السياسية المتخصص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، يرى أن مصر «تستكمل دورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية بدعم مسار الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، وما يترتب عليه من توافقات تعزز فرص الانتقال للمرحلة الثانية»، داعياً «الفصائل الفلسطينية للتجاوب مع النصائح المصرية لتجاوز أي عقبات محتملة قد تتذرع بها إسرائيل في المرحلة الثانية».

وأكّد عضو «اللجنة التنفيذية» لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، أن لقاءات الفصائل «تحرك مصري مهم لدعم الوصول لترتيبات المرحلة الثانية والتوصل لاتفاقات بشأن قطاع إدارة القطاع تحت سيطرة الجانب الفلسطيني - الفلسطيني لقطع أي ذرائع إسرائيلية للحيلولة دون استكمال الاتفاق».

جثامين فلسطينيين سلمتها إسرائيل بموجب وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى خلال تشييعها في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

ووسط تلك التطورات، قالت المصادر المصرية لـ«القاهرة الإخبارية»، الخميس، إن «مصر تكثف اتصالاتها مع الولايات المتحدة لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتحقيق السلام العادل بالمنطقة».

وأكّد دي فانس، في تصريحات، الخميس، أن إسرائيل و«حماس» تحترمان اتفاق غزة، وأن واشنطن ملتزمة بصموده، معبراً عن تفاؤله باستمراره.

وانضم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى التحرك الدبلوماسي الحثيث، إذ بدأ ثالث زيارة لمسؤول أميركي رفيع المستوى إلى إسرائيل هذا الأسبوع، بعد زيارة دي فانس والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.

وقالت متحدثة الحكومة الإسرائيلية، شوش بيدروسيان، الأربعاء، إن زيارة روبيو «هي الزيارة الثالثة لوزير الخارجية إلى إسرائيل منذ منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي».

وبعد زيارة إسرائيل، توجه ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى أبوظبي، حيث التقيا الشيخ طحنون بن زايد نائب حاكم أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي، لبحث الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لضمان تثبيت الاتفاق، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الإماراتية (وام) الأربعاء.

كما بحث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الضامنان لاتفاق غزة، في الدوحة، الأربعاء، جهود تثبيت وقف إطلاق النار هناك، وفق بيان للديوان الأميري.

وعن تلك المساعي، قال فهمي: «القاهرة معنية بصورة كبيرة بدفع اتفاق شرم الشيخ للأمام للانتقال للمرحلة الثانية، وهذا يتكامل مع تحركات أميركية بالمنطقة، لا تتوقف على صمود الاتفاق فقط، بل تريد دفعه للمراحل التالية».

ورجّح واصل أبو يوسف أن تنجح الجهود المصرية المتوافقة مع المواقف الفلسطينية في الدفع للمرحلة الثانية عبر توافقات فلسطينية - فلسطينية مدعومة بجهود الوسطاء، في إطار المساعي الأميركية الإقليمية لاستكمال اتفاق غزة.


مقالات ذات صلة

تقرير: أميركا تضغط على دول لإرسال قوات إلى غزة... ولا استجابة بعد

المشرق العربي امرأة فلسطينية تمر عبر الدمار الناتج عن الحرب في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: أميركا تضغط على دول لإرسال قوات إلى غزة... ولا استجابة بعد

أفادت صحيفة أميركية، السبت، بأن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)

إسرائيل تغتال قيادياً بارزاً في «القسام»

تواصل إسرائيل الاستفادةَ من التشوش الذي يحيط بخطة «سلام غزة»، بتحقيق مكاسب على الأرض، كما فعلت أمس، باغتيال القيادي في «كتائب القسام» رائد سعد، في غارة استهدفت.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

واشنطن لنشر «قوة غزة» بلا خطة للتعامل مع سلاح «حماس»

أميركا أبلغت إسرائيل بأنها تنوي نشر القوة الدولية، لكن دون إجابات حول مصير سلاح «حماس»... وإسرائيل تصر على تفكيكه.

كفاح زبون (رام الله)
تحليل إخباري أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي العمل على رفع أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي لإعادة فتح شارع في خان يونس جنوب قطاع غزة السبت (أ.ف.ب) play-circle

إسرائيل تغتال القيادي البارز في «القسام» رائد سعد

«حماس» حمَّلت إسرائيل المسؤولية الكاملة والمباشرة عن الواقع الإنساني البالغ القسوة الذي يعيشه سكان القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«الدعم السريع» تهاجم مقرَّ الأمم المتحدة في كادوقلي

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تهاجم مقرَّ الأمم المتحدة في كادوقلي

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

شنَّت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة، استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل 6 جنود من بنغلادش، في حين بدأت بعض المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة في المدينة، تنفيذ عمليات إجلاء لموظفيها، كما تشهد المدينة نزوحاً سكانياً.

وعدَّ مجلس السيادة الانتقالي السوداني الهجوم «خرقاً جسيماً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني». وقال في بيان إنَّ «استهداف منشأة أممية محمية يمثل تصعيداً خطيراً وسلوكاً إجرامياً يرقى إلى عمل إرهابي منظم ويكشف عن استخفاف متعمَّد بالقانون الدولي، وتهديد مباشر لعمل البعثات الإنسانية والدولية»، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ «مواقف حازمة وإجراءات رادعة» تكفل حماية المنشآت الأممية.

يأتي ذلك بعد يومين من اتهام الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، «الدعم السريع» بـ«القوات السيئة»، لتردّ الأخيرة باتهام الأمم المتحدة بـ«ازدواجية المعايير».


«القبائل» الجزائرية تتوحَّد ضد مشروع «ماك» الانفصالي

ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
TT

«القبائل» الجزائرية تتوحَّد ضد مشروع «ماك» الانفصالي

ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)

رداً على مسعى حركة (ماك) الانفصالية لإطلاق «دولة القبائل المستقلة»، اليوم في فرنسا، تشهد منطقة القبائل الجزائرية زخماً وحركة غير مألوفين، تمثلا في أنشطة ميدانية معارضة لهذا الحدث الذي يشكل أحد أبرز فصول التوتر مع الجزائر، التي تتهمها بـ«احتضان أعداء وحدتها الترابية».

وشهدت ولاية بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، أكبر مدن القبائل سلسلةً من المبادرات التي عبّر من خلالها مواطنون وفعاليات محلية عن رفضهم أي طرح يمس بالوحدة الوطنية. ولوحظ تعليق العلم الوطني على واجهات عدد كبير من المنازل والمحلات التجارية.

ونظَّمت مديرية الشباب والرياضة لولاية بجاية قافلة سيارات مزيّنة بالأعلام الوطنية، انطلقت من وسط المدينة وجابت عدداً من الشوارع والقرى، تحت شعار «الجزائر واحدة موحدة»، فيما أصدر طلبة جامعة بجاية بياناً عبّروا فيه عن رفضهم لمشروع حركة «ماك» الانفصالية، مؤكدين تمسُّكَهم بـ«وحدة الجزائر وسيادتها».


«الدعم السريع» تهاجم مقر الأمم المتحدة بجنوب كردفان ومقتل 6 جنود بنغلادشيين

عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)
عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)
TT

«الدعم السريع» تهاجم مقر الأمم المتحدة بجنوب كردفان ومقتل 6 جنود بنغلادشيين

عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)
عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)

شنت «قوات الدعم السريع»، أمس (السبت)، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة، استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل ستة جنود بنغلادشيين على الأقل، في حين بدأت بعض المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة في المدينة، تنفيذ عمليات إجلاء لموظفيها، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة الأمنية الموقتة لأبيي (يونيسفا) أن «ستة جنود قتلوا وأصيب ستة آخرون» عندما ضربت طائرة مسيّرة معسكرهم في كادوقلي، مضيفة أن جميع الضحايا من بنغلادش. وأعرب رئيس وزراء بنغلادش محمد يونس في بيان عن «حزنه الشديد» إزاء الواقعة.

بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الهجمات على قوات حفظ السلام الأممية في السودان «غير مبررة وترقى لجرائم حرب».

وطالب غوتيريش، في منشور على منصة «إكس»، بمحاسبة المسؤولين عن استهداف قوات حفظ السلام.

«السيادة» السوداني يدين

وعدَّ مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الهجوم «خرقاً جسيماً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني». وقال في بيان إن «استهداف منشأة أممية محمية يمثل تصعيداً خطيراً وسلوكاً إجرامياً يرقى إلى عمل إرهابي منظم ويكشف عن استخفاف متعمَّد بالقانون الدولي».

الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وحمَّل المجلس «الدعم السريع»، «المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء»، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ «مواقف حازمة وإجراءات رادعة» تكفل حماية المنشآت الأممية.شنت «قوات الدعم السريع»، أمس (السبت)، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة، استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل 6 مدنيين على الأقل، في حين بدأت بعض المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة في المدينة، تنفيذ عمليات إجلاء لموظفيها، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية.

وعدَّ مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الهجوم «خرقاً جسيماً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني». وقال في بيان إن «استهداف منشأة أممية محمية يمثل تصعيداً خطيراً وسلوكاً إجرامياً يرقى إلى عمل إرهابي منظم ويكشف عن استخفاف متعمَّد بالقانون الدولي، وتهديد مباشر لعمل البعثات الإنسانية والدولية». وحمَّل المجلس «الدعم السريع»، «المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء»، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ «مواقف حازمة وإجراءات رادعة» تكفل حماية المنشآت الأممية.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

تأتي الخطوة بعد يومين من اتهامات متبادلة بين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي وصف «الدعم السريع» بـ«القوات السيئة»، وردت «الدعم السريع» باتهام الأمم المتحدة بـ«ازدواجية المعايير».

وتحدثت مصادر متعددة عن قيام «قوات الدعم السريع» بشن هجوم بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي. وشوهدت أعمدت الدخان، في المدينة. وأفاد مصدر طبي لوكالة الصحافة الفرنسية، بمقتل 6 مدنيين على الأقل في القصف الذي استهدف مبنى تابعاً للأمم المتحدة.

فرار السكان

ونقل موقع سوداني أن تحالف السودان «تأسيس» التابع لـ«الدعم السريع»، طالب الخميس، سكان كادوقلي بضرورة مغادرة مناطق التماس العسكري وخطوط العمليات. وذكر أن النداء وجد استجابة واسعة من السكان، مشيراً إلى أن هذه الموجة من النزوح تعد الأكبر منذ اندلاع الحرب، وقال إن غالبية المغادرين من النساء والأطفال وكبار السن.

ونقل موقع «السودانية نيوز» عن قيادي في «تأسيس» التزام التحالف الكامل بحماية المدنيين وتيسير عمليات الإجلاء الطوعي من مدينة كادوقلي، مجدِّداً دعوته جميع المواطنين إلى الابتعاد عن مواقع الاشتباكات حفاظاً على أرواحهم.

تأتي هذه التطورات وسط مخاوف متزايدة من اتساع رقعة المواجهات العسكرية في ولاية جنوب كردفان وتأثيرها على الأوضاع الإنسانية للمدنيين.

ويسيطر الجيش على آخر ثلاث مدن في ولاية جنوب كردفان، وهي: كادوقلي العاصمة، والدلنج، وأوجبيهة.

و«تأسيس» هو تحالف سياسي بمشاركة «قوات الدعم السريع»، انطلق في يوليو (تموز) الماضي، وأعلن تشكيل حكومة موازية في السودان برئاسة محمد حسن التعايشي.

مَسيرات حاشدة في الخرطوم

إلى ذلك خرج الآلاف من السودانيين أمس، في مسيَّرات حاشدة بالعاصمة الخرطوم وغيرها من مدن البلاد؛ تأييداً للجيش في حربه ضد «قوات الدعم السريع»، التي بدورها حذرت من استغلال المواطنين في مواجهة المجتمع الدولي، لإجهاض جهوده وقف الحرب الدائرة في البلاد.

تأتي المسيَّرات تلبيةً لدعوات أطلقتها «اللجنة العليا للاستنفار والمقاومة الشعبية»، بالتنسيق مع الفصائل المسلحة والتيارات الإسلامية التي تقاتل في صفوف الجيش السوداني.

مسيرة في بورتسودان مؤيدة للجيش السبت (أ.ف.ب)

والشهر الماضي، أعلن رئيس اللجنة، الفريق بشير مكي الباهي، التعبئة العامة وفتح معسكرات التدريب في عدد من الولايات؛ لإسناد الجيش في جميع محاور القتال في الخطوط الأمامية في كردفان.

وقالت اللجنة في بيان: «إن هذا الخروج الشعبي الواسع يجسد الإرادة الحقيقية للشعب السوداني، ويؤكد أنه لا شرعية فوق مؤسسات الدولة الوطنية». ورصدت «الشرق الأوسط» خروج مسيَّرات في عواصم الولايات التي يسيطر عليها الجيش السوداني، منها: «الخرطوم، وبورتسودان، ومدني، ودنقلا، وسنار، وحلفا».

كما خرج متضامنون في عشرات البلدات والقرى الصغيرة في ولاية الجزيرة وسط البلاد التي شهدت انتهاكات واسعة من «قوات الدعم السريع».

ورفع المتظاهرون لافتات تدعو للوقوف خلف الجيش السوداني، ورددوا هتافات «جيش واحد، شعب واحد»، كما رفع البعض الآخر شعارات تطالب بتصنيف «قوات الدعم السريع» منظمة إرهابية.

في المقابل، أطلقت القوى المناهضة للحرب، أبرزها التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) هاشتاغاً تداوَل بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار «نعم للسلام والديمقراطية.. لا للحرب.. لا لحكم العسكر».