لقاءات الفصائل الفلسطينية في القاهرة... مساعٍ إلى توافقات بشأن «إدارة غزة»

مصدر قال لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تتحرك بخطة متدرجة لدفع الاتفاق إلى الأمام

فلسطينيون يمشون وسط ركام المباني المدمرة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يمشون وسط ركام المباني المدمرة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)
TT

لقاءات الفصائل الفلسطينية في القاهرة... مساعٍ إلى توافقات بشأن «إدارة غزة»

فلسطينيون يمشون وسط ركام المباني المدمرة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يمشون وسط ركام المباني المدمرة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)

تستضيف القاهرة محادثات بين الفصائل الفلسطينية بحثاً عن «توافقات» للذهاب إلى المرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، التي ترتكز على ترتيبات أمنية وأخرى تتعلق بإدارة القطاع.

تلك المحادثات التي تديرها مصر تتزامن مع تحركات أميركية بالمنطقة، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تعزز مسار صمود الاتفاق واستكمال مرحلته الأولى والدفع باتجاه الثانية، مؤكدين أن محادثات القاهرة تمهد الأرض الفلسطينية للمرحلة التالية وصد أي ذرائع إسرائيلية لتعطيلها.

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، إن لقاءات الفصائل التي تشهدها القاهرة تسعى لاستكشاف مواقف الجميع سعياً لتوافقات حول الترتيبات الأمنية أولاً، والانتقال للسياسية، مؤكداً أن هناك تفاؤلاً بأن الاقتراب من اتفاق أولي سيدفع بالحوار الفلسطيني للأمام فيما يتعلق بحسم الترتيبات الأمنية وتعزيز الدور الفلسطيني في الإدارة عبر السلطة ولجنة الإسناد كشريك على الأرض، وجوده مهم في الفترة المقبلة.

وأضاف المصدر: «من المبكر أن نصل لتوافقات نهائية، لكن القاهرة تعمل على مسارات متعددة وتحركات مدروسة في سبيل الوصول للمرحلة الثانية عبر خطة تدريجية مرحلية جاهزة لتجاوز أي عثرات تواجه الترتيبات في قطاع غزة».

واستطرد: «الجهود مستمرة مع الوسطاء لدعم الوصول للمرحلة الثانية؛ لكن لا يمكن حسم متى تبدأ، إلا إذا ضغطت واشنطن بقوة على إسرائيل، وهذا نراه في الجولات الأميركية بالمنطقة».

ترتيبات ما بعد الحرب

وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الخميس، نقلاً عن مصادر بأن «القاهرة تستضيف محادثات بين الفصائل الفلسطينية للوصول إلى توافق فلسطيني في إطار المرحلة الثانية» لاتفاق غزة.

وذكرت أن رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، التقى في القاهرة حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، بحضور رئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، في إطار جهود مصر لإنهاء الأزمة بغزة.

ووفقاً للمصادر المصرية، فإنه «تم التوافق خلال لقاء رئيس المخابرات العامة المصرية ونائب رئيس دولة فلسطين على دعم ومواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار بغزة».

فلسطينيون يسيرون حاملين مساعدات إنسانية في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأفادت «القاهرة الإخبارية» بأن وفداً من حركة «حماس» التقى مع وفد من حركة «فتح» برئاسة الشيخ. وأوضحت أن اللقاء كان بغرض بحث ما يتعلق بالمشهد الوطني عموماً وترتيبات ما بعد وقف الحرب في غزة.

وإلى جانب الشيخ الذي وصل القاهرة مساء الأربعاء، وصل وفد حركة «حماس» الأحد، ولحق بهما الخميس الوفد القيادي لـ«الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»، بحسب بيانات للأطراف الثلاثة. فيما أفاد مصدر فلسطيني تحدث سابقاً لـ«الشرق الأوسط» بأن «(الجهاد) موجودة أيضاً بالاجتماعات».

وتتضمن «خطة ترمب» إلى وقف حرب غزة، بمرحلتها الثانية، نزع سلاح «حماس»، و«تشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير مسيّسة لحكم غزة، تكون مسؤولة عن تسيير الخدمات العامة والبلدية اليومية لسكان غزة، ستتألف من فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين، تحت إشراف ورقابة هيئة دولية جديدة تسمّى (مجلس السلام)»، من المزمع أن يرأسه ترمب، إضافة إلى ترتيبات أمنية متعلقة بقوات دولية.

يجيء هذا في الوقت الذي تُعد فيه مصر لعقد مؤتمر لإعادة إعمار قطاع غزة في النصف الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقال نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، في القدس: «تنتظرنا مهمة صعبة للغاية، وهي نزع سلاح حركة (حماس) وإعادة بناء غزة، سعياً لتحسين حياة السكان، وأيضاً لضمان ألا تعود (حماس) لتشكّل تهديداً لأصدقائنا في إسرائيل».

قطع أي «ذرائع»

أستاذ العلوم السياسية المتخصص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، يرى أن مصر «تستكمل دورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية بدعم مسار الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، وما يترتب عليه من توافقات تعزز فرص الانتقال للمرحلة الثانية»، داعياً «الفصائل الفلسطينية للتجاوب مع النصائح المصرية لتجاوز أي عقبات محتملة قد تتذرع بها إسرائيل في المرحلة الثانية».

وأكّد عضو «اللجنة التنفيذية» لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، أن لقاءات الفصائل «تحرك مصري مهم لدعم الوصول لترتيبات المرحلة الثانية والتوصل لاتفاقات بشأن قطاع إدارة القطاع تحت سيطرة الجانب الفلسطيني - الفلسطيني لقطع أي ذرائع إسرائيلية للحيلولة دون استكمال الاتفاق».

جثامين فلسطينيين سلمتها إسرائيل بموجب وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى خلال تشييعها في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

ووسط تلك التطورات، قالت المصادر المصرية لـ«القاهرة الإخبارية»، الخميس، إن «مصر تكثف اتصالاتها مع الولايات المتحدة لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتحقيق السلام العادل بالمنطقة».

وأكّد دي فانس، في تصريحات، الخميس، أن إسرائيل و«حماس» تحترمان اتفاق غزة، وأن واشنطن ملتزمة بصموده، معبراً عن تفاؤله باستمراره.

وانضم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى التحرك الدبلوماسي الحثيث، إذ بدأ ثالث زيارة لمسؤول أميركي رفيع المستوى إلى إسرائيل هذا الأسبوع، بعد زيارة دي فانس والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.

وقالت متحدثة الحكومة الإسرائيلية، شوش بيدروسيان، الأربعاء، إن زيارة روبيو «هي الزيارة الثالثة لوزير الخارجية إلى إسرائيل منذ منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي».

وبعد زيارة إسرائيل، توجه ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى أبوظبي، حيث التقيا الشيخ طحنون بن زايد نائب حاكم أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي، لبحث الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لضمان تثبيت الاتفاق، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الإماراتية (وام) الأربعاء.

كما بحث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الضامنان لاتفاق غزة، في الدوحة، الأربعاء، جهود تثبيت وقف إطلاق النار هناك، وفق بيان للديوان الأميري.

وعن تلك المساعي، قال فهمي: «القاهرة معنية بصورة كبيرة بدفع اتفاق شرم الشيخ للأمام للانتقال للمرحلة الثانية، وهذا يتكامل مع تحركات أميركية بالمنطقة، لا تتوقف على صمود الاتفاق فقط، بل تريد دفعه للمراحل التالية».

ورجّح واصل أبو يوسف أن تنجح الجهود المصرية المتوافقة مع المواقف الفلسطينية في الدفع للمرحلة الثانية عبر توافقات فلسطينية - فلسطينية مدعومة بجهود الوسطاء، في إطار المساعي الأميركية الإقليمية لاستكمال اتفاق غزة.


مقالات ذات صلة

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المشرق العربي المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

قالت عائلة معتقل فلسطيني مسن من قياديي حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب) play-circle

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».


أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

خطوة جديدة نحو إنهاء أزمة شرق الكونغو التي تصاعدت منذ بداية العام، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ذلك الاتفاق الذي أكد ترمب أنه «وضع حداً للنزاع»، يراه خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط» خطوة تحمل أملاً كبيراً لشرق الكونغو الديمقراطية، لكن «تحتاج لتطبيق فعلي على أرض الواقع، وآليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، في ظل تكرار المواجهات رغم التفاهمات التي جرت خلال الآونة الأخيرة».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

وقال كاغامي عقب توقيع الاتفاق: «ستكون هناك عثرات أمامنا، لا شك في ذلك»، بينما وصف تشيسكيدي الاتفاق بأنه «بداية مسار جديد، مسار يتطلب الكثير من العمل».

وهذه النبرة الأكثر حذراً من الرئيسين الأفريقيين تأتي في ظل تواصل المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي بيانين متبادلين، الثلاثاء، اتهم جيش الكونغو، ومتمردو «23 مارس» بعضهما بـ«انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة التي جرى تجديدها الشهر الماضي». وفي مؤتمر صحافي في واشنطن، الأربعاء، حمّل المسؤول الكونغولي، باتريك مويايا، الحركة «مسؤولية القتال الأخير»، قائلاً إنه «دليل على أن رواندا لا تريد السلام».

وتفاقمت الهجمات التي تهدد المسار السلمي في الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ إذ برزت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي منذ عام 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، وتواصلت هجمات الجماعة في مناطق شرق الكونغو مع تصاعد عمليات حركة «23 مارس»، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «اتفاق واشنطن» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، خطوة تحمل قدراً من الأمل، لكنه يبقى أملاً هشاً للغاية، موضحاً أنه رغم أن التوقيع الرسمي يمنح الانطباع بأن البلدين دخلا مرحلة جديدة من التهدئة، فإن الواقع في شرق الكونغو يكشف عن أن الطريق إلى السلام ما زال طويلاً وشائكاً.

ولفت إلى أنه رغم التوقيع، عادت الاشتباكات إلى الاشتعال في مناطق كيفو، وهو ما يدل على أن المشكلة أعمق بكثير من اتفاق يعلن من واشنطن، مشدداً على أن «السلام في شرق الكونغو يحتاج أكثر من توقيع، ويحتاج إلى آليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، وتعامل مباشر مع مطالب المجتمعات المحلية التي عاشت سنوات من الإهمال والصراع».

ترمب يحيي حفل توقيع «اتفاق السلام» مع بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

والاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار سلام في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، بخلاف إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو الماضي.

ووسط ذلك التقدم، رحبت مصر في بيان لـ«الخارجية»، الجمعة، بتوقيع اتفاقات السلام والازدهار في واشنطن بين الكونغو الديمقراطية رواندا، مؤكدة أنه «يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، بما يسهم في دعم جهود إحلال السلام، وترسيخ أسس المصالحة وإفساح المجال للتنمية الشاملة في المنطقة».

وأمام هذا الواقع والتفاؤل المصري، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أنه يمكن الحفاظ على الاتفاق وتجاوز عثراته عبر خطوات عملية وواضحة، أهمها تنفيذ البنود الأمنية بشكل جدي، خصوصاً انسحاب القوات الرواندية ووقف أي دعم للجماعات المسلحة، وبناء ثقة مع سكان شرق الكونغو عبر تحسين الأمن، وإشراكهم في أي ترتيبات ميدانية، باعتبارهم الأكثر تأثراً، ودون رضاهم سيظل الاتفاق هشاً.

ويعتقد أن الأمل المصري بشأن اعتبار الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء التوتر بين البلدين، يعود إلى «احتمال تجاوز حالة الانسداد السياسي التي سادت لسنوات»، مؤكداً أن «هذه الخطوة يُمكن أن تترجم إلى استقرار فعلي إذا بدأ الطرفان بتنفيذ البنود الأكثر حساسية، وهي الانسحاب التدريجي للقوات، ووقف دعم الجماعات المسلحة، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق التعاون».

وشدد على أنه يمكن أن يستمر اتفاق السلام إذا تحول إلى عملية تنفيذ ملزمة تشارك فيها الأطراف الإقليمية والدولية، لكن إن بقي الوضع الميداني على حاله، أو استُخدم الاتفاق غطاءً لإعادة تموضع قوات أو جماعات مسلحة، فسيظل مجرد هدنة مؤقتة معرضة للانهيار في أي وقت.