واشنطن تحث بغداد على «نزع سلاح الميليشيات»

السوداني دعا إلى تجنب «خطوات أحادية خارج التشاور»

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (وكالة الأنباء العراقية)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (وكالة الأنباء العراقية)
TT

واشنطن تحث بغداد على «نزع سلاح الميليشيات»

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (وكالة الأنباء العراقية)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (وكالة الأنباء العراقية)

في وقت وضع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الفصائل المسلحة أمام خيارين: «الاندماج في الأجهزة الأمنية، أو التحوّل إلى العمل السياسي»، دعا خلال اتصال تلقّاه من وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الإدارة الأميركية إلى تجنّب أي خطوات أو قرارات أحادية الجانب خارج إطار التشاور والتنسيق.

ووفقاً لبيان صدر عن مكتب السوداني في وقتٍ متأخر من مساء الثلاثاء، عقب الاتصال الهاتفي مع وزير الخارجية الأميركي، أكد السوداني حرص حكومته على مواصلة زخم التعاون الثنائي، والمضي قدماً في تنفيذ الاتفاقات والتفاهمات القائمة، لا سيما تلك المتعلقة بتوسيع الروابط الاقتصادية، وتنمية البيئة الاستثمارية الجاذبة، وتهيئة المناخ أمام الشركات الأميركية للعمل في العراق، بما يجسّد الرؤية المشتركة بين البلدين.

وأضاف البيان أن الجانبين تطرقا إلى الاستحقاق الدستوري المتمثل في الانتخابات المرتقبة في العراق، حيث شدد السوداني على التزام الحكومة بدعم المسار الديمقراطي، وترسيخ الاستقرار السياسي، وتحقيق التنمية المستدامة.

وأكد السوداني أن «العلاقات الودية بين بغداد وواشنطن تقوم على الحوار البنّاء، والتواصل المستمر عبر قنوات متعددة، بما يعزز المصالح المشتركة، ويكرّس الثقة المتبادلة، في إطار من التشاور والتنسيق لتحقيق الأهداف المشتركة»، مشدداً على «ضرورة تجنّب أي خطوات أحادية خارج إطار التشاور».

إلا أن بيان السوداني جاء مختلفاً إلى حد بعيد مع البيان الأميركي عن الاتصال الهاتفي ذاته، إذ شدد بوضوح على ضرورة «نزع سلاح الميليشيات».

وقالت وزارة الخارجية الأميركي في البيان إن الوزير ماركو روبيو أبلغ السوداني بضرورة الإسراع في نزع سلاح الفصائل المسلحة الموالية لإيران داخل العراق.

وبحث روبيو جهود إتمام صفقات تجارية أميركية في العراق، مشيراً إلى أن «الميليشيات المدعومة من إيران في العراق تهدد حياة وأعمال الأميركيين والعراقيين على حد سواء، وتنهب الموارد العراقية لصالح طهران». لكنه أكد التزام واشنطن بـ«العمل الوثيق مع العراقيين لتعزيز المصالح المشتركة».

وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها هذا التباين في المواقف العراقية الأميركية بشأن ملف الفصائل، ففي فبراير (شباط) 2025، وبعد مكالمة بين السوداني وروبيو أيضاً، اكتفى بيان للحكومة العراقية بالإشارة إلى مناقشة العلاقة بين البلدين بشكل عام خلال المكالمة الهاتفية، في حين ذكر بيان الخارجية الأميركية الذي نشرته سفارة واشنطن في بغداد أن الجانبين «بحثا سبل الحد من النفوذ الإيراني الخبيث».

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره العراقي فؤاد حسين في واشنطن في أبريل 2025 (إعلام حكومي)

تعيين مارك سافايا

إلى ذلك، لا تزال الأوساط الحكومية والسياسية تتفاعل مع قرار الرئيس الأميركي تعيين مارك سافايا مبعوثاً إلى العراق. ووصف حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط» الأمر بـ«المهم والفاعل، ويُظهر اهتمام ترمب بالعراق كدولة حليفة وصديقة، نظراً لحجم المصالح المشتركة والشراكة الاستراتيجية الكبيرة بين البلدين، في إطار اتفاقية الإطار الاستراتيجي».

وأضاف علاوي أن «رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يحرص على تفعيل هذه الاتفاقية، ونقلها من الجانب الأمني والعسكري إلى أبعاد أشمل، تشمل العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية والطاقة والذكاء الاصطناعي والغاز والصحة، والابتعاث إلى الجامعات الأميركية، بالإضافة إلى الشراكات المصرفية وعمل الشركات الأميركية مع القطاع الخاص العراقي، مما يدل على تحول العلاقات نحو مستوى استراتيجي رفيع».

تباين عراقي - أميركي

وبشأن التباين في المواقف بين العراق وأميركا، قال الشمري: «من الواضح أن هناك قضايا خلافية بين الجانبين، كما أن السوداني جاء من بيئة الإطار التنسيقي الشيعي، وبالتالي لا يريد أن يظهر وكأنه خرج عن توجهات هذه المنظومة، لأنه يدرك أن لذلك تبعات خاصة».

من جهته، رأى إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تعيين سافايا يمثل تحولاً في توجهات الرئيس الأميركي نحو العراق، حيث بدأ العراق يحتل أولوية في حسابات ترمب، الذي يرى أن العراق يشكل الآن دولة أزمة بالنسبة للولايات المتحدة، خصوصاً أن أميركا هي من أسست النظام الحالي، وهي الراعية له».

وأضاف الشمري أن «هناك سبباً آخر لهذا التعيين يتمثل في رؤية ترمب لإيران ونفوذها في العراق، وهو يرى أن التمدد الإيراني لم يعد مقبولاً، وبالتالي جاء التعيين كخطوة لفك الارتباط مع إيران، ونزع سلاح الفصائل المسلحة، بعيداً عن السياقات المؤسساتية». وأوضح أن «العراق، من وجهة نظر ترمب، يجب أن يدخل مسار الشرق الأوسط الجديد، وهو ما يستدعي تعيين مبعوث يتولى هذا الملف، كما أن أميركا تسعى للعودة الكاملة إلى العراق لضبط الإيقاع السياسي والاقتصادي بطابع أميركي».

وأشار إلى أن «السوداني يراعي طبيعة وجود الفصائل المسلحة، وتعقيد عملية نزع سلاحها، لذا فهو يرى أن أي إجراءات أحادية قد تؤدي إلى فوضى داخلية».


مقالات ذات صلة

بغداد تطوي صفحة «يونامي»... وتتطلع إلى «شراكات» دولية

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بغداد (إعلام حكومي)

بغداد تطوي صفحة «يونامي»... وتتطلع إلى «شراكات» دولية

مع انتهاء مهام بعثة «يونامي»، عدّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن العراق بات «دولة طبيعية»، داعياً «العالم إلى فهم ذلك».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يتوسط رئيسَي «الحشد الشعبي» فالح الفياض (يمين) ومجلس القضاء فائق زيدان (أرشيفية - أ.ف.ب)

القضاء العراقي يدعو الأحزاب إلى حسم الرئاسات الثلاث

دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، السبت، القوى والأحزاب السياسية إلى حسم الاستحقاقات الدستورية المتعلقة باختيار رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان.

فاضل النشمي (بغداد)
رياضة عربية عدنان درجال (الاتحاد العراقي)

كأس العرب: رئيس الاتحاد العراقي يعتذر للجمهور بعد الخروج

قدّم رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال اعتذاره للجماهير العراقية بعد الخُروجِ من منافسات كأس العرب المقامة بقطر، واعداً بتحضيرات مميزة للملحق العالمي.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس وزراء العراق)

غوتيريش: نقف مع العراق لبناء بلد مزدهر ومستقر

وصل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى بغداد للمشاركة في الاحتفالية الكبرى التي ستنظمها الحكومة العراقية بمناسبة انتهاء مهام بعثة «يونامي».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

واشنطن تضغط على «التنسيقي» العراقي بشأن الفصائل

تتجه مشاورات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة نحو مزيد من التعقيد، مع تمسك القوى المنضوية في «الإطار التنسيقي» باستكمال التفاهمات حول هوية رئيس الوزراء المقبل.

حمزة مصطفى (بغداد)

تركيا: «قسد» تستقوي بإسرائيل ولم تتحرك يوماً ضد نظام الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا: «قسد» تستقوي بإسرائيل ولم تتحرك يوماً ضد نظام الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم السبت، إن قوات سوريا الديمقراطية «قسد» تستمد جرأتها من إسرائيل، مشيراً إلى أنها لم تتحرك يوماً مع المعارضة ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ونقلت وكالة «الأناضول» للأنباء عن فيدان قوله إن ما يجري في جنوب سوريا «ربما يشكل حالياً أكبر منطقة خطر بالنسبة لنا. فالمشكلة في الجنوب لا تكمن بحد ذاتها في حجمها، بل في تحوّل إسرائيل إلى طرف متدخل، ما يخلق منطقة خطر».

وأكد فيدان أن ملف إلقاء تنظيم حزب العمال الكردستاني للسلاح «يسير بشفافية عالية وبشكل جيد جداً من جانب تركيا... لكن لا نسمع أي جملة عما يعتزم التنظيم القيام به».

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية ذكي آق تورك، أمس الجمعة، إن بعض الدول تشجع قوات «قسد» على رفض إلقاء السلاح وعدم الاندماج في صفوف الجيش السوري، نافياً نية بلاده شن عملية عسكرية في سوريا.

وأكد المتحدث خلال مؤتمر صحافي في أنقرة أنه «لا جدوى من محاولات قسد لكسب الوقت ولا خيار آخر أمامها غير الاندماج بالجيش السوري»، مؤكداً أن أنشطة قوات سوريا الديمقراطية تضر بجهود تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا.

ونفى المتحدث ادعاءات بأن الجيش التركي يستعد لعملية عسكرية في سوريا، مؤكداً أن التحركات الأخيرة للجيش التركي كانت في إطار «عمليات تناوب اعتيادية للوحدات».

وأشار المتحدث إلى أن تركيا سبق أن أعربت عن تطلعها لاندماج «قسد» في الجيش السوري أفراداً، وشدد على أنه يجب متابعة تحركات «تنظيم قسد وأنشطة الجيش السوري».

كان الرئيس السوري أحمد الشرع وقع اتفاقاً مع مظلوم عبدي قائد «قسد» في العاشر من مارس (آذار) الماضي لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا لكن لم يتم التنفيذ حتى الآن.


الشرع: سوريا لا تحمل أي نزعات إقصائية أو ثأرية تجاه أي طائفة

الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية - رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية - رويترز)
TT

الشرع: سوريا لا تحمل أي نزعات إقصائية أو ثأرية تجاه أي طائفة

الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية - رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية - رويترز)

أكد الرئيس السوري، أحمد الشرع، اليوم (السبت)، أن الدولة لا تحمل أي نزعات إقصائية أو ثأرية تجاه أي مكوّن.

وقال الشرع، في لقاء بقصر الشعب مع وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس، إن سوريا تدخل مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة على أساس الاستقرار ومشاركة الشعب.

الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)

وقالت الرئاسة السورية، في بيان، إن الشرع شدد على أن سوريا «دولة مواطنة تضمن العدالة وتحفظ حقوق جميع السوريين».

وأضافت الرئاسة أن وجهاء وأعيان المحافظتين أكدوا «أهمية ترسيخ السلم الأهلي وسيادة القانون، وطرحوا ضرورة إعداد خريطة استثمارية في الساحل لدعم التنمية وتوفير فرص العمل».


«الصحة العالمية»: وفاة 10 أشخاص في غزة جرّاء الأمطار الغزيرة خلال 24 ساعة

نفّذ «مركز الملك سلمان للإغاثة» تدخلات إغاثية ميدانية عاجلة لصالح الأسر النازحة في مخيمات جنوب قطاع غزة (واس)
نفّذ «مركز الملك سلمان للإغاثة» تدخلات إغاثية ميدانية عاجلة لصالح الأسر النازحة في مخيمات جنوب قطاع غزة (واس)
TT

«الصحة العالمية»: وفاة 10 أشخاص في غزة جرّاء الأمطار الغزيرة خلال 24 ساعة

نفّذ «مركز الملك سلمان للإغاثة» تدخلات إغاثية ميدانية عاجلة لصالح الأسر النازحة في مخيمات جنوب قطاع غزة (واس)
نفّذ «مركز الملك سلمان للإغاثة» تدخلات إغاثية ميدانية عاجلة لصالح الأسر النازحة في مخيمات جنوب قطاع غزة (واس)

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، السبت، إن ما لا يقل عن 10 أشخاص توفوا في غزة جرّاء الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

منع إدخال المساعدات

وأضاف غيبريسوس أن إسرائيل منعت دخول معدات تشخيص الأمراض إلى قطاع غزة بدعوى أنها ذات استخدام مزدوج، محذراً من أن هناك توقعات من ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض التنفسية والتهاب الكبد جرّاء نقص المياه وسوء الأحوال الجوية.

أطفال فلسطينيون في مخيم للنازحين خلال يوم ماطر شرق مدينة غزة السبت (إ.ب.أ)

إسرائيل مستمرة في منعها من إدخال المساعدات

وفي وقت سابق من اليوم، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن إسرائيل مستمرة في منعها من إدخال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى قطاع غزة.

وحذّرت الوكالة عبر منصة «إكس» من تأثير دخول الشتاء وهطول الأمطار على الأوضاع السيئة للنازحين.

وحذرت السلطات بحركة «حماس» التي تدير قطاع غزة، اليوم السبت، من «كارثة إنسانية معقدة» في المنطقة الساحلية التي مزقتها الحرب بعد أن تسببت العواصف الممطرة في فيضانات واسعة النطاق.

كما أفاد المكتب الإعلامي التابع لـ«حماس» بأن 13 منزلاً انهارت نتيجة للأمطار الغزيرة.

وأضاف المكتب أن أكثر من 53 ألف خيمة تضررت أو تعرضت للتلف أو جرفتها المياه، وأن نحو 250 ألفاً من بين 1.5 مليون شخص يعيشون في خيام أو ملاجئ مؤقتة نتيجة حرب غزة، تضرروا من العواصف.