كان مساءً مطيراً في بريستول، غير أنّ مجموعة غوريلات الأراضي المنخفضة الغربية لم تبدُ متبرّمة من الجوّ الرطب، إذ كانت تجمع وجبات خفيفة من الخسّ والحبوب المُتناثرة في أرجاء الحديقة. وربما ترى العين غير المدرَّبة تعبيراتها حزينة، لكن أمينة الثدييات في «جمعية بريستول للحيوان»، سارة غيدمان، أكدت أنّ القردة كانت في حالة استرخاء تام، ومتآلفة بعضها مع بعض، وقالت: «إنها ليست حزينة على الإطلاق».
تصدَّر التساؤل عمّا إذا كانت الغوريلات في حدائق حيوان بريستول حزينة، عناوين الصحف البريطانية، منها «الغارديان» التي تناولت الموضوع، كما أثار قلق محبّي الحيوانات حول العالم. فمنذ 3 سنوات أُغلق الموقع القريب من جسر «كليفتون» المُعلّق أمام الجمهور، ونُقل معظم الحيوانات إلى موقع جديد هو مشروع «حديقة حيوان بريستول» على أطراف المدينة، حيث تتوفّر مساحات أوسع وأشجارٌ أكثر وخضرةٌ وافرة. وظلّت 8 غوريلات في الموقع القديم إلى حين الانتهاء من بناء مسكنها الجديد «الغابة الأفريقية»، الذي تزيد مساحته على مسكنها الحالي.
في وقت سابق من هذا الشهر، اقتحم أحد المستكشفين الحضريين الحديقة ونشر مقطعاً مصوّراً لإحدى الغوريلات وهي تدقّ على الزجاج، فتبدو حزينة في نظر المُشاهد غير المتخصّص. وكتبت إحدى الصحف عن «أكثر غوريلات العالم شعوراً بالوحدة» في حديقة حيوان مهجورة.
وقالت غيدمان إنّ تعبير الغوريلا والظروف التي تعيشها فُسّرت خطأ، موضحةً: «نحن نُراقب حالتها باستمرار. تختلف تعبيرات الغوريلات عن تعبيرات البشر تماماً. نحن نبتسم إذا كنّا سعداء، لكن الابتسامة لدى الغوريلا علامة عدائية. نادراً ما تعبّر الغوريلات عن مشاعرها بالوجه، وإنما من خلال الأفعال والأوضاع ولغة الجسد». وترى غيدمان أنّ التعبير الذي ظهر على وجه الغوريلا في الصورة المُنتشرة كان محايداً، وقالت: «يعني هذا أنها مُسترخية، وهو مؤشر جيّد على السعادة والعافية».
وأضافت أنّ الغوريلات لا تفتقد الزوّار، قائلةً: «لا يؤثر وجود البشر أو غيابهم فيها. نحن نحافظ عليها في مجموعة عائلية كما هي طبيعتها. لدينا ذكر فضيّ الظهر يبلغ 42 عاماً مع 3 إناث بالغة وأبنائها. إنها مجموعة لطيفة تتنوّع أعمارها وشخصياتها، وحاجاتها الاجتماعية ملبّاة».
وأشارت غيدمان إلى أنّ شيئاً لم يتغيَّر منذ إغلاق الحديقة، فالغوريلات ترى الأطباء البيطريين والباحثين والطلاب بانتظام، كما يتولّى فريق متخصّص رعايتها. وبسبب خطر الدخلاء، تُحجز الغوريلات داخل منازلها ليلاً، مما يُقيّد حركتها قليلاً.
من جهته، قال الرئيس التنفيذي للجمعية، جاستن موريس، إنّ «فكرة التخلّي عن القردة في الحديقة المُغلقة سخيفة. إنها تنعم بالرعاية نفسها التي حظيت بها حين كانت الحديقة مفتوحة. إنها مجموعة من الغوريلات الأصحّاء». ومن المقرَّر نقلها قريباً إلى موقعها الجديد وفتح أبوابه للجمهور في الربيع المقبل.
تواجه غوريلات الأراضي المنخفضة الغربية أخطاراً في البرّية بسبب الصيد وفقدان الموائل والأمراض. وقال موريس: «يبدو أنّ العالم لا يلتزم بالقواعد البيئية. هذه المجموعة جزء من الأنواع المهدَّدة بالانقراض، وهي مؤمَّنة ضمن حدائق الحيوان الأوروبية».
عادت الغوريلات إلى مسكنها الدافئ بعد التقاط الأوراق الخضراء والحبوب، وبقيت الأنثى «كارلا» في الخارج تأكل الخسّ، ومع بزوغ الشمس لم يبدُ عليها أي حزن أو وحدة.


