قال كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، فيليب لين، يوم الثلاثاء، إن بنوك منطقة اليورو قد تواجه ضغوطاً في حال نقص التمويل بالدولار الأميركي -شريان الحياة للأسواق المالية- في ظل المخاوف المرتبطة بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وكانت مخاوف تمويل الدولار حاضرة في أذهان محافظي البنوك المركزية منذ إعلان ترمب موجة من الرسوم الجمركية وممارسته ضغوطاً على «الاحتياطي الفيدرالي» في وقت سابق من هذا العام.
وقال لين إن بنوك منطقة اليورو نجحت في تجاوز الأزمة ببراعة، لكنها قد تجد نفسها في موقف حرج بالنظر إلى تعرضها الكبير للدولار، الذي شكّل ما بين 7 و28 في المائة من إجمالي التزاماتها، و10 في المائة من أصولها في الربع الثاني من العام. وأضاف أنه لا يمكن استبعاد أي تغييرات مفاجئة في صافي هذه الانكشافات، وهو ما قد يحد من قدرة البنوك على الإقراض للاقتصاد. وأضاف أن «زيادة احتمالية حدوث مثل هذا الحدث الخطير ستُولّد ضغوطاً على جانبي الميزانيات العمومية للبنوك، وربما ضغطاً هبوطياً على التعرضات داخل الميزانية العمومية، مثل القروض المقدمة للاقتصاد الحقيقي».
وعادةً ما تقترض البنوك الأوروبية الدولار من البنوك الأميركية والمؤسسات المالية الأخرى، مما يجعل هذا النوع من التمويل أقل موثوقية في أوقات الأزمات مقارنة بالودائع، التي تتحرك ببطء نسبياً. وقد نصح مشرفو البنك المركزي الأوروبي البنوك بمراقبة تعرضها للدولار وتقليل أي تفاوت بين أصولها والتزاماتها؛ أي إدارة اقتراض كل بنك على حدة. وفكّر محافظو البنوك المركزية من خارج الولايات المتحدة في تجميع احتياطياتهم الدولارية لدعم البنوك في حال سحب «الاحتياطي الفيدرالي» خطوط مقايضة الطوارئ، لكن أي تعاون من هذا النوع، بالإضافة إلى صعوبته السياسية، من غير المرجح أن يكون كافياً نظراً إلى حجم السوق الدولية للقروض المقومة بالدولار، الذي يبلغ تريليونات الدولارات.
وفي محاولة لتجنّب ضغط الدولار، أبقى «الاحتياطي الفيدرالي» على خطوط مقايضة مع البنوك المركزية الأخرى منذ الأزمة المالية العالمية، لتتيح للمقرضين التجاريين خارج الولايات المتحدة اقتراض الدولارات من بنوكهم المركزية عند تعذر الحصول عليها من السوق.
وأشار لين إلى أن بنوك منطقة اليورو عزّزت احتياطياتها النقدية بالدولار الأميركي، حيث ارتفعت نسبة تغطية السيولة (LCR) من نحو 85 في المائة في نهاية 2021 إلى أكثر من 110 في المائة حالياً. وتشير النسبة التي تتجاوز 100 في المائة إلى امتلاك البنك أصولاً عالية الجودة وسهلة التحويل كافية لتغطية إجمالي التدفقات النقدية الخارجة الصافية خلال فترة ضغط مدتها 30 يوماً. وقد مكنها ذلك من تحمّل ضغوط السوق في أبريل (نيسان)، على سبيل المثال، عندما انخفضت أسعار سندات الخزانة الأميركية بالتزامن مع ضعف الدولار، مما حد من قدرتها المعتادة على التحوط ضد الخسائر.
وصرّح لين: «بما أن النظام المصرفي في منطقة اليورو قد أحرز تقدماً في زيادة نسب تغطية السيولة بالدولار الأميركي خلال السنوات الأخيرة، فإنه لم يواجه ضغوطاً كبيرة على السيولة حتى في ذروة تقلبات سعر الصرف في أوائل أبريل، رغم أن هذه الأزمة ربما تكون قد أعادت صياغة خوارزمية إدارة السيولة لبقية العام».
