ناطحات سحاب «رقمية» بدقة الذرّة ستشكل مستقبل حياتنا اليومية

ولادة جديدة لـ«ترانزستورات» الأجهزة الإلكترونية

تعمل المعمارية والمواد الكهربائية والضوء في وئام لتغيير شكل الحوسبة كليا
تعمل المعمارية والمواد الكهربائية والضوء في وئام لتغيير شكل الحوسبة كليا
TT

ناطحات سحاب «رقمية» بدقة الذرّة ستشكل مستقبل حياتنا اليومية

تعمل المعمارية والمواد الكهربائية والضوء في وئام لتغيير شكل الحوسبة كليا
تعمل المعمارية والمواد الكهربائية والضوء في وئام لتغيير شكل الحوسبة كليا

قصة الحضارة الحديثة هي قصة الـ«ترانزستور»، وهو مكون كهربائي صغير جداً يستطيع تغيير شحنته مليارات المرات في الثانية الواحدة. ومع صغر حجمه غير أنه قوي جداً لدرجة أنه بنى عالمنا الرقمي بأكمله، من الهواتف بين أيدينا إلى الذكاء الاصطناعي: كل شيء يعتمد على هذه الدارة المجهرية. وتقف هذه الوحدة الآن على حافة إعادة الابتكار، لتعيد تعريف مستقبل الحوسبة والتقنيات بشكل جذري.

العصر الجديد للحوسبة

أصبح إيقاع هذا التقدم هو نبض الحوسبة الحديثة، حيث تعمل مليارات الترانزستورات داخل كل شريحة مثل مفاتيح الإضاءة المجهرية، تضيء وتتوقف في تناغم مدروس. وكمثال على ذلك، فإن أحدث وحدة معالجة رسومات من «إنفيديا» المسماة «بلاكوويل» Blackwell تحتوي على 28 مليار ترانزستور. وهذا الأمر يعني 28 مليار مفتاح يعمل معاً في كل نانو ثانية، مع توجه الجيل التالي من وحدات معالجات الرسومات المسمى «روبن» Rubin الذي سيتم إطلاقه العام المقبل لتقديم 1.3 كوادريليون ترانزستور (1300 تريليون أو 1.3 مليار مليون، أو واحد وإلى يمينه 12 صفراً).

وقد يعرف البعض شركة «تس إس إم سي» TSMC التايوانية التي تُعتبر أكبر شركة مصنعة للدارات الإلكترونية في العالم المسؤولة عن تصنيع معظم الدارات في جميع أجهزتك من مختلف الشركات العالمية. ولكن خلف الكواليس، هناك شركة بلجيكية تُشكّل المستقبل اسمها «آي إم إي سي» IMEC تخترع الجيل التالي من تقنيات الترانزستور وتقدمها لـ«تس إس إم سي» لتقوم بتصنيعها.

وكشفت «آي إم إي سي» أخيراً عن خريطة طريق تمتد لما يقرب من عقدين في المستقبل، ترسم كيف ستقلص البشرية رقائق اليوم البالغة 2 نانومتر إلى حدود مذهلة تبلغ 0.2 نانومتر بحلول عام 2037، وحتى ما بعد العام 2039، مقدمة مخطط العصر التالي للحوسبة.

وكل عملاق في عالم التقنية من «إنفيديا» و«غوغل» و«مايكروسوفت» و«آبل» و«إنتل» و«إيه إم دي»، وغيرها، دخل في سباق المستقبل، ليس من أجل تطوير شاشات أكبر أو شبكات أسرع، بل من أجل الحصول على الشريحة الخارقة.

تزيد ناطحات السحاب الرقمية من عدد الـ"ترانزستورات" طوليا وأفقيا لأعداد غير مسبوقة

تطور تقني بلا حدود

* ما هو الترانزستور؟ ولفهم هذه التقنية الجديدة، يجب العودة بالزمن إلى بضعة عقود، حين كانت الرقائق تستخدم ترانزستورات مسطحة إلى جانب بعضها بعضاً، وهي هياكل بسيطة على سطح واحد. والترانزستور في جوهره هو بوابة تقوم بتطبيق الجهد الكهربائي ليتدفق التيار من المصدر إلى الوجهة.

وواصل المهندسون تقليص هذه القنوات الصغيرة التي ينتقل خلالها التيار حتى وصلوا إلى الحدود الفيزيائية لتلك الممرات، حيث أصبح عليهم التفكير بأسلوب مختلف لتصغير الترانزستورات بشكل أكبر، لذلك قاموا بقلب الترانزستور عمودياً مثل زعنفة تقطع الماء، وأصبح هذا الهيكل ثلاثي الأبعاد الجديد يُعرف باسم «فين فيت» Fin Field Effect Transistor FinFET ويسمح بوضع المزيد من الترانزستورات في المساحة نفسها.

مراحل تطور صناعة الـ"ترانزستورات" من اليسار إلى اليمين

* تطور تقني لا يعرف حدوداً. ومع مرور السنوات، وصلت هذه التقنية إلى حدودها الفيزيائية، ليتم الآن التحول من هذه التقنية الطولية إلى ترانزستورات تسمى «جي إيه إيه» Gate-All-Around GAA Transistors. تخيل وضع تلك الزعنفة العمودية على جانبها، ثم تكديس عدة طبقات مثل ناطحة سحاب رقمية مصنوعة من أدوار ذرية. هذا التصميم الجديد يلف بوابة الترانزستور حول الجوانب الأربعة للقناة، مما يسمح بتحكم غير مسبوق في تدفق التيار، مما يعني رقائق أصغر وأسرع وأكثر برودة. وتخطط «تس إس إم سي» لإدخال هذه التقنية في المعالجات الجديدة بحلول نهاية هذا العام. النتيجة هي القدرة على وضع نحو 300 مليون ترانزستور في كل مليمتر مربع.

ثورة أخرى تكمن في كيفية تزويد هذه المعالجات بالطاقة؛ فعلى مدى عقود، كانت جميع الأسلاك الداخلية الخاصة بالطاقة والإشارات موجودة في أعلى المعالج. ولكن، تخيل محاولة تركيب جميع المواسير وأسلاك الكهرباء في منزلك في السقف وإنزالها إلى أماكنها الخاصة. هكذا كانت تعمل المعالجات في السابق، ليقلب المهندسون الآن هذا النظام بأكمله، حيث أصبح بالإمكان توصيل الطاقة من الأسفل، حيث توضع جميع خطوط الطاقة أسفل الشريحة، مما يحرر السطح للدارات ومسارات البيانات.

متى سنشهد النقلة التقنية النوعية؟

وبدءاً من العام المقبل، ستقوم هذه البنية الثورية بالعمل داخل كل جهاز، من الهواتف الذكية إلى الكمبيوترات العملاقة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وبدقة 1 نانومتر. وبعد ذلك، سيتم استخدام تقنية «سي إف إي تي» Complementary Field-Effect Transistor CFET لخفض الدقة بعشرة أضعاف، أي بمقياس الذرة الواحدة. تخيل بناء ناطحة سحاب باستخدام ذرات الرمل ووضع كل ذرة في مكانها الصحيح بدقة متناهية وبناء 200 دور دون أي خلل واحد في أي ذرة رمل. هذه هي آلية بناء المعالجات المقبلة التي ستغير حياتنا كلياً دون أن نلحظ ذلك.

وعوضاً عن استخدام السليكون في بناء معالجات المستقبل، سيتم استخدام مادتين مختلفتين هما ثاني كبريتيد الموليبدينوم Molybdenum DiSulfide MoS2 وثاني كبريتيد التنغستن Tungsten DiSulfide WS2. وسيتم استخدام تقنيات حفر المسارات الكهربائية باستخدام أشعة الضوء فوق البنفسجي فائق الدقة، لتعمل المعمارية والمواد الكهربائية والضوء في وئام لنقل الحوسبة إلى مرحلة غير مسبوقة على مر التاريخ.

كما يتم دراسة استخدام الأنابيب الكربونية بدقة النانو المصنوعة من الغرافين السريع والفعال بشكل كبير والذي يعمل بجهد كهربائي أقل من نصف فولت، مما يخفض من استهلاك الطاقة والانبعاثات الحرارية بشكل كبير.

التقنية التي ستستخدم هذه الأنابيب اسمها «سيموس 2.0» Complementary Metal Oxide Semiconductor CMOS 2.0، وهي عبارة عن شريحة متعددة الطبقات تتخصص فيها كل طبقة بوظيفة واحدة، مثل طبقة للذكاء الاصطناعي وأخرى للرسومات وثالثة للحوسبة اليومية، وغيرها.

ومن خلال الإبداع البشري، تطور الـ«ترانزستور» التقليدي من مسطح إلى زعنفة، ومن زعنفة إلى صفيحة نانو، ومن ثم إلى ناطحات السحاب الرقمية. إنها رحلة من السليكون إلى أقصى الحواجز الفيزيائية.


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعدّ «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» أكبر حدث من نوعه حضوراً في العالم (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني)

بمشاركة دولية واسعة وازدياد في المحتوى... «بلاك هات 25» ينطلق بأرقام قياسية جديدة

أكد متعب القني، الرئيس التنفيذي لـ«الاتحاد السعودي للأمن السيبراني»، أن مؤتمر «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» يحقق هذا العام أرقاماً قياسية جديدة.

غازي الحارثي (الرياض)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».