مصر: الدولار يتراجع والاقتصاد يتحسن... والأسعار لا تتجاوب

وسط مطالبات برفع الحد الأدنى للأجور

فوضى بالأسواق المصرية ومغالاة في تحديد هامش الربح (الشرق الأوسط)
فوضى بالأسواق المصرية ومغالاة في تحديد هامش الربح (الشرق الأوسط)
TT

مصر: الدولار يتراجع والاقتصاد يتحسن... والأسعار لا تتجاوب

فوضى بالأسواق المصرية ومغالاة في تحديد هامش الربح (الشرق الأوسط)
فوضى بالأسواق المصرية ومغالاة في تحديد هامش الربح (الشرق الأوسط)

بينما كان ينتظر الموظف الأربعيني، محمد يحيى، انخفاض أسعار السلع الأساسية التي لا يستغنى عنها يومياً مع تراجع الدولار أمام الجنيه، وجد نفسه أمام ارتفاعات جديدة بعد ساعات قليلة من إعلان الحكومة المصرية زيادة أسعار الوقود بنسبة بلغت 13 في المائة، مطلع هذا الأسبوع، ما جعله يتساءل: «متى يمكن أن يشعر بتحسن أوضاعه المعيشية؟»، مع بشائر حكومية متعددة بـ«تجاوز الأزمة الاقتصادية».

ووجد المواطن المصري المقيم بشارع فيصل الشعبي بمحافظة الجيزة، نفسه أمام ارتفاع أسعار الخبز السياحي، وأضحى سعر الرغيف الواحد بـ«2.50» جنيه (الدولار يساوي 47.6 جنيه في البنوك المصرية)، بعد أن كان سعره جنيهين قبل أيام.

وتوقع رئيس شعبة المخابز التابعة لاتحاد الغرف التجارية بالقاهرة، خالد فكري، ارتفاع أسعار المخبوزات والعيش الحر، مشيراً في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إلى أنها «ستشهد زيادة تتراوح بين 15 و20 في المائة، متأثرة بارتفاع تكاليف الإنتاج ومصاريف التشغيل بعد زيادة أسعار البنزين».

وأضاف يحيى لـ«الشرق الأوسط»: «سائق التاكسي الذي يقوم بتوصيل اثنين من أبنائي إلى مدرستهما، طالبني بزيادة قدرها 200 جنيه عن كل طفل»، مضيفاً: «تأثرت مباشرة برفع أسعار الوقود، ولا أدري كيف يمكن أن تنعكس مؤشرات الاقتصاد الإيجابية على حياتي اليومية، ولا بد من رفع الحد الأدنى للأجور».

أحد المتاجر المصرية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

في المقابل، أشار وزير المالية المصري، أحمد كجوك، قبل أيام، إلى أن «الاقتصاد المصري يتحسن وينمو بازدياد ثقة المستثمرين، وأن الإصلاحات الاقتصادية والمالية تؤتي ثمارها في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي ودفع النمو إلى 4.4 في المائة، وكذلك الأداء القوي لقطاعات الصناعة والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال العام المالي الماضي».

ورفعت الحكومة المصرية، الجمعة، أسعار الوقود بنسب وصلت إلى 13 في المائة، في زيادة هي الثانية خلال العام الحالي، على أن «تقوم بتثبيتها في السوق المحلية لمدة عام على الأقل».

ورغم أن معدلات التضخم في مصر شهدت سلسلة تراجعات متتالية على مدار الأشهر الماضية، لتنخفض من مستويات 16.8 في المائة في مايو (أيار) 2025، إلى 11.7 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن خبراء تحدثوا لوسائل إعلام محلية في مصر، أشاروا إلى أن رفع أسعار الوقود قد يقود لارتفاع معدلاته إلى مستويات تتراوح بين 13 و15 في المائة بنهاية العام.

وتشهد سوق الصرف في مصر منذ عام 2016 تغيرات متسارعة، ليقفز سعر الدولار من 7.8 جنيه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، إلى 18.7 جنيه، ثم استمر بالارتفاع عقب قرارات تعويم تالية، ليصل سعره إلى أكثر من 50 جنيهاً في مارس (آذار) الماضي، لكنه انخفض قليلاً مؤخراً، ليصل إلى 47.6 جنيه في البنوك المصرية، وفقاً لأرقام، الاثنين.

وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور كريم العمدة، عدم استجابة الأسعار لمتغيري تراجع سعر الدولار، وتحسن مؤشرات الاقتصاد، إلى ما وصفه بـ«الأسباب المركبة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدولار يتراجع بنسب صغيرة، يضيع تأثيرها أمام ارتفاع تكلفة إنتاج معظم السلع، خصوصاً عند زيادة أسعار المحروقات والبنزين، كما أن الحكومة تقوم بزيادة أسعار الخدمات من كهرباء ومياه وغيرهما».

وبحسب العمدة، فإن «ضعف الرقابة على الأسواق، وقيام كل تاجر بزيادة هامش ربحه بما يتناسب مع احتياجاته المادية، وليس على أساس السعر العادل، يؤديان إلى زيادة الأسعار».

وأكد العمدة أنه «يوجد ما يسمى (الحلقات الوسيطة)؛ وهي دورة تجارية تبدأ منذ إنتاج السلعة أو استيرادها إلى أن تصل إلى المستهلك، فإذا كانت السلعة مستوردة، يحدد المستورد سعراً يضع فيه هامش ربح كبيراً، ثم يليه تاجر الجملة، وتاجر نصف الجملة، ثم التاجر، ثم البائع، وكل شخص في هذه السلسلة يضع هامش ربح كبيراً، فتصل السلعة إلى المستهلك بسعر أكبر كثيراً من تكلفة إنتاجها».

وكانت تأكيدات الحكومة المختلفة بتحسن مؤشرات الاقتصاد دون أن يوازيها تغيير ملموس في أسعار السلع المختلفة، وانعكاس ذلك على حياة المواطنين، مثار تندر من جانب مواطنين وأقلام صحافية محلية، ونشرت صحيفة «المصري اليوم» المحلية كاريكاتيراً للفنان عمرو سليم تطرق فيه إلى الأزمة.

استمرار ارتفاع أسعار السلع مثار تندر (المصري اليوم)

وطالبت الإعلامية لميس الحديدي، في برنامجها «الصورة»، السبت، بتوضيحات من الحكومة المصرية عن أسباب زيادة الوقود بتلك النسبة، قائلة: «رئيس الوزراء سبق وقال إنه إذا ظلت أسعار البترول العالمية عند مستويات السبعينات، وبقي سعر الصرف وقت حديثه عند 50 جنيهاً للدولار كما هو، فلن تكون هناك زيادة؛ لكن الحقيقة أن خام برنت انخفض إلى نحو 61 دولاراً للبرميل، وتحسن الجنيه أمام الدولار... نحتاج إلى مبرر واضح توضحه الحكومة: لماذا الزيادة بهذه النسبة؟ نحتاج أن نفهم».

ومؤخراً، أشاد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في «صندوق النقد الدولي»، جهاد أزعور، بتحسن الاقتصاد المصري، وقال في مؤتمر صحافي على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، الجمعة الماضي، إن «مصر شهدت تحسناً ملموساً خلال العامين الماضيين، منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي مع الصندوق».

وخلال المؤتمر الصحافي عقب اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن «تحسن المؤشرات الاقتصادية في مصر ليس مجرد أرقام أو تقارير، بل نتيجة حقيقية لجهد كبير على الأرض، من خلال إقامة مشروعات جديدة، وتشغيل مصانع، وجذب استثمارات، وتوفير فرص عمل، مما يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتحسن مستوى المعيشة»، موضحاً أن «الأجواء إيجابية وتسير في الاتجاه الصحيح».

الحلقات الوسيطة ضمن أسباب ارتفاع أسعار السلع بمصر (الشرق الأوسط)

ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأسواق المصرية تعاني فوضى أسعار، فلا توجد رقابة ولا ما يعرف بالسعر العادل للسلعة، وكل أطراف المنظومة التجارية سواء مستوردين أو تجار، أو موردين، كل منهم يضع هامش الربح الذي يريده دون أي ضوابط، ويصل هامش الربح أحياناً عند كل تاجر إلى أكثر من مائة في المائة».

بدورها، طالبت النقابة العامة للعاملين في القطاع الخاص، برفع الحد الأدنى للأجور إلى 9 آلاف جنيه شهرياً، بعد رفع أسعار الوقود، ودعا رئيس النقابة شعبان خليفة إلى مراجعة الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص.

وناشدت النقابة في تصريحات صحافية، الاثنين، بـ«رفع الحد الأدنى للأجور إلى 9 آلاف جنيه»، بدلاً من 7 آلاف جنيه كما هو مقرر حالياً.


مقالات ذات صلة

مصر تستكمل مساعيها بزيارة رئيس وزرائها بيروت الأسبوع المقبل

المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل السفير المصري علاء موسى (الرئاسة اللبنانية)

مصر تستكمل مساعيها بزيارة رئيس وزرائها بيروت الأسبوع المقبل

تعمل مصر على محاولة تخفيف حدة التوتر، وتجنيب لبنان أي تطور عسكري إسرائيلي، ضمن مبادرة متواصلة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا القائد العام للقوات المسلحة المصرية يلتقي عدداً من قوات حرس الحدود (المتحدث العسكري المصري)

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بـ«الاستعداد الدائم» لمواجهة «التحديات المحتملة»

طالب القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، قوات الجيش بـ«الاستعداد الدائم لمواجهة التحديات المحتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق صورة لملصق دعائي لطبق الكشري كما أعلنت عنه وزارة الثقافة المصرية

الكشري المصري يدخل القائمة التمثيلية للتراث غير المادي لـ«اليونيسكو»

أعلنت وزارة الثقافة المصرية أنها نجحت في إدراج أكلة الكشري في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية لمنظمة «اليونيسكو».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزارة التربية والتعليم المصرية اتخذت إجراءات صارمة ضد مدرسة دولية جديدة بالإسكندرية (الوزارة)

مصر: اتهامات متعاقبة بـ«التحرش» تُصعّد الانتقادات للتعليم الخاص

بعد اتهامات متعاقبة بوجود وقائع «تحرش جنسي» داخل مدارس خاصة ودولية في مصر، تصاعدت الانتقادات الموجهة لهذه النوعية من المدارس.

أحمد جمال (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح بعض مشروعات منصة «مصر الرقمية» (الرئاسة المصرية)

الحكومة المصرية تطمح لـ«رقمنة الخدمات»... فماذا عن عقبة «الأمية»؟

أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن توجه حكومي للإسراع في قصر إتاحة بعض الخدمات على الإنترنت.

رحاب عليوة (القاهرة)

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
TT

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)

تجمّع عشرات الأشخاص، السبت، في مدينة غزة لتشييع 6 أشخاص قضوا بالأمس في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين، فيما عدته «حماس» «خرقاً واضحاً ومتجدداً لوقف إطلاق النار».

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال، مساء الجمعة، ردّاً على استفسارات بشأن هذه الضربة إنه «خلال نشاط عملياتي في منطقة الخط الأصفر شمال قطاع غزة، تم رصد عدد من الأفراد المشبوهين في مراكز قيادة غرب الخط الأصفر»، مشيراً إلى أن قواته أطلقت النار على المشتبه بهم «للقضاء على التهديد».

وهو أقرّ بأنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة»، معرباً عن أسفه «لأي ضرر لحق بالأفراد غير المتورطين»، وهو «يعمل على تخفيف الضرر قدر الإمكان».

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين في غزة (أ.ب)

أما حركة «حماس»، فوصفت القصف المدفعي على مدرسة تؤوي نازحين في حيّ التفاح شرق مدينة غزة «وما أسفر عنه من استشهاد عددٍ من المواطنين، معظمهم من الأطفال» بأنه «جريمة وحشية تُرتكب بحقّ المدنيين الأبرياء، وخرق فاضح ومتجدّد لاتفاق وقف إطلاق النار».

وأشارت في بيان أصدرته، السبت، إلى أن «الاحتلال لا يكتفي باستهداف المدنيين، بل يُمعن في تعميق الكارثة الإنسانية عبر منع سيارات الإسعاف والطواقم الطبية من الوصول إلى أماكن الاستهداف لإسعاف المصابين، وعرقلة عمليات الإنقاذ».

وطالبت «الوسطاء الضامنين للاتفاق والإدارة الأميركية بالاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هذه الانتهاكات».

السبت، أمام مشرحة مجمّع «الشفاء»، وقف رجل يحمل بين ذراعيه جثّة طفل ملفوفة بكفن أبيض، بحسب صور التقطتها كاميرا «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت 5 جثث أخرى مكفّنة مصفوفة على الأرض. وأقام رجال صلاة الجنازة قبل دفن الضحايا.

وكان الدفاع المدني في غزة قد أبلغ بدايةً «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، عن «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حيّ التفاح شرق مدينة غزة.

والسبت، قال الناطق باسمه محمود بصل إن الحصيلة ارتفعت إلى 6 قتلى، في حين ما زال هناك شخصان مفقودان تحت الأنقاض.

فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي أصاب مركز إيواء للنازحين بغزة (أ.ف.ب)

ومن بين الضحايا رضيع في شهره الرابع وفتاة في الرابعة عشرة من العمر وسيّدتان، وفق محمد أبو سلمية مدير مستشفى «الشفاء».

وقال نافذ النادر من أمام المستشفى: «هذه ليست هدنة، بل حمّام دماء نريده أن يتوقّف»، في إشارة إلى وقف إطلاق النار الساري منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في غزة بين إسرائيل و«حماس».

وصرّح عبد الله النادر الذي فقد أقرباء له في الغارة الإسرائيلية: «كانت منطقة آمنة، مدرسة آمنة وفجأة بدأوا بإطلاق مقذوفات من دون سابق إنذار، مستهدفين نساءً وأطفالاً ومدنيين».

لا يزال وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر، هشّاً مع تبادل الجانبين الاتهامات بانتهاكه.

مقاتلون من «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وبموجب الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل و«حماس» في غزة، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى مواقع شرق ما تسميه «الخط الأصفر»، وهو خط غير محدد، داخل القطاع.

والسبت، أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» في القطاع عن مقتل 401 فلسطيني على الأقلّ بنيران الجيش الإسرائيلي منذ سريان وقف إطلاق النار.

وقضى مذاك 3 جنود إسرائيليين في غزة.


رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

ذكرت مصادر أمنية تركية ​أن رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين التقى اليوم السبت مع رئيس حركة «حماس» في ‌قطاع غزة ‌وكبير ⁠مفاوضيها ​خليل ‌الحية، وناقشا الإجراءات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة.

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وأوضحت المصادر، التي ⁠طلبت عدم الكشف عن ‌هويتها، أن ‍كالين التقى ‍بوفد «حماس» في ‍إسطنبول في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ،وأن الجانبين ​ناقشا الخطوات اللازمة لمنع ما وصفوها ⁠بانتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار.

وأضافت، دون الخوض في التفاصيل، أنهما بحثا أيضاً الإجراءات اللازمة لحل القضايا العالقة تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة.


«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
TT

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» لمعرفة مدى استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدّتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، على أن يبدأ ذلك من شمال نهر الليطاني فور الانتهاء من تنفيذ عملية سحب السلاح في منطقة جنوب النهر، وبمواكبة من قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» ولجنة «الميكانيزم»، التي ستُعاود عقد اجتماعها في السابع من يناير (كانون الثاني) المقبل؛ حيث سيُدرج على جدول أعمالها تقويم مستوى الإنجاز الذي حققته الوحدات العسكرية عبر إحكام سيطرتها على جنوب النهر.

فـ«حزب الله» لا يزال يحتفظ بسلاحه، ولا يستخدمه التزاماً بوقف الأعمال العدائية، وحواره مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يراوح مكانه، وهذا ما ينسحب أيضاً على تواصله بفرنسا ومصر.

وأشار مصدر وزاري إلى أن «حزب الله» يمتنع عن كشف أوراقه، ويصر، عبر تصريح أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، على رفع سقوفه السياسية، متهماً حكومة الرئيس نواف سلّام بارتكاب خطيئة لموافقتها على حصرية السلاح، رغم تأييده بيانها الوزاري الذي نصّ على احتكار الدولة للسلاح، ومشاركته في الحكومة بوزيرين على هذا الأساس.

وكشف المصدر أن القيادة الإيرانية لم تستجب لوساطة فرنسا ومصر بالتدخل لدى «حزب الله» لإقناعه بإعادة النظر في موقفه بتسهيل استكمال حصرية السلاح.

وقال إنه ترتب على موقفها خفض منسوب التواصل، سواء معها أو مع الحزب، الذي لم يتجاوب مع الوساطة التي قام بها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، والذي اقترح عليه الموافقة على خطة قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح، بوصفها الممر الإلزامي لبسط سلطة الدولة على أراضيها تنفيذاً للقرار «1701».

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل يتفقّد موقع تفجير منشأة «حزب الله» في الجنوب (مديرية التوجيه)

ورأى المصدر أن هناك مبالغة في الحديث عن استمرار التواصل بين الحزب ومصر، مؤكداً أنه أقل من المطلوب في ضوء عدم تجاوب الحزب مع الأفكار التي طرحها اللواء رشاد خلال زيارته إلى بيروت.

وأوضح أن أحمد مهنا، العضو في الفريق الذي يرأسه رئيس كتلة الحزب النائب محمد رعد، والمكلّف بالحوار مع رئيس الجمهورية ميشال عون، التقى مسؤول الأمن في السفارة المصرية على هامش زيارة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إلى بيروت.

وأكد أن اللقاء لم يدم طويلاً؛ نظراً لأن الحزب لم يبدل موقفه تجاوباً مع إصرار الحكومة على حصرية السلاح وعدم العودة عن قرارها في هذا الخصوص.

وقال إن مهنا هو مَن يتواصل مع العميد رحال، الذي يلتقي عند الضرورة برعد، وإن كان الحوار بدا متقطعاً في الآونة الأخيرة، لأن الحزب يمتنع عن كشف أوراقه، وأن ما يُنقل إلى رحال يبقى محصوراً بمواقفه العلنية التي اعتاد قاسم طرحها، ما يعني، من وجهة نظر رسمية، أن الحزب يرفض التقاط الفرص للانخراط في مشروع الدولة بتخليه عن سلاحه.

الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى اجتماعه برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في قصر بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)

وكشف أن رشاد موجود حالياً، وبتكليف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في واشنطن لحث الإدارة الأميركية على الضغط على إسرائيل، ومنعها من توسعة الحرب وإلزامها بوقف الأعمال العدائية.

وأكد أن تواصل عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مستمر، ويكاد يكون تعويضاً عن المراوحة التي طغت على حواره بالحزب. علماً بأن العميد رحال مكلف بتكثيف تواصله مع بري، ليس لأنه يحمل تفويضاً من «حزب الله» الذي كان وراء التوصل، مع الموفدين الأميركيين، إلى اتفاق لوقف النار برعاية واشنطن وباريس فحسب، بل لأنه الأقدر على استيعاب موقف الحزب وضبط أدائه، وقيادة عملية احتضانه التسوية من أجل إعادة الاستقرار إلى الجنوب. كما أنه يلتقي الموفدين الدوليين والعرب إلى لبنان، على عكس الحزب الذي لم يعد له حليف سوى إيران، واضعاً كل أوراقه في سلتها.

وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي إن على قيادة «حزب الله» أن تُدرك جيداً أن هدر الوقت ليس لمصلحتها، ولم يعد أمامها أي خيار سوى الانخراط في مشروع الدولة، مشروطاً بتسليم السلاح، لأنها لا تملك، على الأقل في المدى المنظور، القدرة على استخدامه.

وتساءل المصدر: ما الجدوى من إيداع السلاح بعهدة طهران لاستخدامه لإعادة الاعتبار لمفاوضاتها مع واشنطن، كونها وحدها القادرة على تقديم الثمن لها، في مقابل تسليمها السلاح لأنها صاحبة الحق فيه وأمنت وصوله للحزب؟

وأكّد المصدر أن لدى أصدقاء لبنان قناعة راسخة بامتناع الحزب عن التجاوب مع الوساطات؛ لأنه ماضٍ في وضع سلاحه بخدمة إيران ليكون في وسعها تحسين شروطها في حال أبدت واشنطن استعدادها لمعاودة المفاوضات. وقال إن موقفها يؤدي حتماً إلى حشر الدولة، ويزيد من الإرباك الذي تتخبط فيه قيادة الحزب، ولا تأخذ بالنصائح لإنزالها من أعلى الشجرة.

ومع أن المصدر لم يستبعد مجيء وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى بيروت، فإنه يؤكد أن لقاءاته لن تُقدّم أو تؤخر، وأنه لا مجال أمامه للإمساك بالورقة اللبنانية لتسييلها، بالمفهوم السياسي للكلمة، لفتح ثغرة في الحائط المسدود الذي يقف عائقاً أمام استئناف مفاوضاتها مع واشنطن.

وعليه، يقف لبنان حالياً على مشارف حسم موقفه بإعداد جدول زمني لاستكمال حصرية السلاح، في ضوء فترة السماح التي أُعطيت له من قبل الدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري الذي رعته باريس لانعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش في فبراير (شباط) المقبل.

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان هذا الأسبوع (أ.ف.ب)