الجزائر تسعى إلى تحسين وضعها الدولي في «مكافحة غسل الأموال» ​

أعلنت عن إجراءات للرقمنة وإنهاء استعمال النقود بالمعاملات التجارية

اجتماع حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (وزارة العدل)
اجتماع حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (وزارة العدل)
TT

الجزائر تسعى إلى تحسين وضعها الدولي في «مكافحة غسل الأموال» ​

اجتماع حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (وزارة العدل)
اجتماع حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (وزارة العدل)

في إطار خطة شاملة تهدف إلى تحسين وضعها الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أعلنت الجزائر عن إجراءات لتعزيز النظام الرقمي، وإنهاء استعمال النقود الورقية في المعاملة التجارية. ويعمل البنك المركزي (بنك الجزائر) على تسريع وتيرة التحضيرات، لضمان جاهزية البنوك والمؤسسات المالية للانتقال إلى نظام رقمي متكامل يُمهّد الطريق نحو التحرر التدريجي من الاقتصاد غير المهيكل، ويسهم في دعم جهود الجزائر للخروج من «القائمة الرمادية» للدول الأقل انخراطاً في مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، وفق ما جاء في تصريحات لمحافظ البنك المركزي صلاح الدين طالب، نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية، السبت.

البنك المركزي يبدي تفاؤلاً بالخروج من القائمة الرمادية قريباً

وفي غضون ثلاث سنوات، يُتوقع أن تعلن الجزائر رسمياً نهاية استعمال النقود الورقية في المعاملات التجارية، والانتقال إلى نموذج «صفر نقدي»، حسب طالب الذي أشار إلى أن «القانون النقدي والمصرفي» الجديد يتضمن «تعهداً واضحاً بتسريع عملية تحديث النظام المصرفي الوطني ورقمنته وتحويله إلى نظام رقمي، خصوصاً من خلال تأسيس اللجنة الوطنية للدفع، التي وضعت استراتيجية وطنية تهدف إلى الوصول إلى معاملات خالية من النقود الورقية بحلول عام 2028».

اقتصاد غير رسمي ضخم

يقول خبير الاقتصاد أحمد الحيدوسي، إن مشروع الحكومة، بإلغاء استخدام السيولة النقدية، «يمثل ثورة حقيقية في بلد تُقدر فيه قيمة الاقتصاد غير الرسمي ما بين 50 و60 مليار دولار، ولا تزال فيه المعاملات النقدية مهيمنة في كثير من القطاعات مثل التوزيع، والتجارة والزراعة». وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد صرّح يوم 28 سبتمبر (أيلول) 2021 بأن الأموال المتداوَلة في السوق الموازية الجزائرية تُقدر بـ90 مليار دولار.

محافظ «بنك الجزائر» صلاح الدين طالب (البنك)

وأكد صلاح الدين طالب أن بنك الجزائر «اتخذ تدابير عدة لتسريع تطوير وسائل الدفع الرقمية، ومكافحة هيمنة التعاملات النقدية». وأشار إلى توقيع وإصدار عدة نصوص تنظيمية تهدف إلى تحفيز رقمنة وسائل الدفع، من بينها: النص الذي يحدد شروط الترخيص لتأسيس واعتماد ومزاولة أنشطة مقدمي خدمات الدفع، متضمناً المبادئ العامة للتأسيس والاعتماد، والنص الذي ينظم قواعد ممارسة وعمل مقدمي خدمات الدفع، إضافة إلى نصوص أخرى تتعلق بشروط تأسيس ومزاولة نشاط البنوك الرقمية، وتنظيمها.

وزير المالية الجزائري عبد الكريم بوالزرد (وزارة الوزارة)

تفاؤل رسمي

وبحكم أن النقد في المعاملات وسيلة شائعة في عمليات غسل الأموال، تناول محافظ «بنك الجزائر» في تصريحاته، الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بهدف إبعاد الجزائر من «القائمة الرمادية» لـ«مجموعة العمل المالي» المعروفة اختصاراً بـ«جافي»، وهي هيئة دولية تضع معايير لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تأسست عام 1989 بمبادرة من «مجموعة الـ7».

وأعرب صلاح الدين طالب عن تفاؤله بشأن هذا الملف، قائلاً: «الجهود التي بذلتها الجزائر حظيت بإشادة من المقررين التابعين لفريق العمل المالي المشترك، وهو ما يعد اعترافاً بالتقدم المحرز، ومؤشراً إيجابياً يوحي بقرب خروج بلادنا من قائمة الدول الخاضعة للرقابة المشددة من طرف جافي».

رجال أعمال في السجن بتهمة غسل الأموال (الشرق الأوسط)

تصنيف أوروبي

وفي يوليو (تموز) الماضي، أقر البرلمان الأوروبي، بأغلبية كبيرة، إدراج الجزائر ضمن قائمة الدول عالية الخطورة في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبمقتضى هذا القرار، ستصبح جميع التعاملات المالية مع الكيانات الجزائرية داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي تحت المجهر والتدقيق المُشدَّد. ويمثل هذا التصنيف، وفقاً لمراقبين، نقطة تحول جديدة في العلاقة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، حيث شدّد المشرعون الأوروبيون على وجود «ثغرات عميقة في نظام الجزائر لمكافحة الجرائم المالية»، خصوصاً في ضعف متابعة رؤوس الأموال وقلة الرقابة على الجمعيات الأهلية، بالإضافة إلى قصور التعاون القضائي الدولي.

ورحبت النائبة الأوروبية لورانس تروشو، من مجموعة المحافظين والإصلاحيين، بهذا القرار، واصفة إياه عبر منصة «إكس» بأنه «خبر سار». ويُلزم هذا القرار، بعد دخوله طور التنفيذ، المؤسسات المالية الأوروبية بتطبيق مجموعة من الإجراءات المشددة في تعاملاتها مع الأطراف الجزائرية. وتشمل هذه الإجراءات تطبيق «تدابير يقظة قصوى»، وفرض رصد دقيق لمصادر الأموال وحركتها، وكذلك إخضاع التحويلات والتعاملات المالية لضوابط إضافية، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام فرنسية.

وبحسب الإعلام الفرنسي، يسعى الاتحاد الأوروبي من خلال هذا التصنيف إلى تقليص مخاطر تمويل الأنشطة الممنوعة، والارتقاء بمستوى الشفافية في المعاملات مع الدول المُدرجة. وتشمل المراجعة الأخيرة التي نشرتها المفوضية الأوروبية لـ«قائمة الدول عالية المخاطر» حوالي 20 دولة. وقد أضاف التحديث الأخير كلاً من الجزائر، ولبنان، وأنغولا، وكوت ديفوار، وكينيا، ولاوس، وموناكو، وناميبيا، ونيبال، وفنزويلا. وفي المقابل، تم حذف بعض الدول من القائمة بعد إحرازها تقدماً ملحوظاً في إصلاح أنظمتها الرقابية.

وإثر صدور التقييم الأوروبي، تعهد وزير المالية الجزائري، عبد الكريم بوالزرد، في رده على سؤال برلماني حول هذا التصنيف السلبي، برفع «تقرير شامل» إلى مجموعة العمل المالي (GAFI)، يتضمن عرضاً مفصلاً عن الإصلاحات والإجراءات التي باشرتها الجزائر في إطار مكافحة تدفقات الأموال غير المشروعة ومخاطر تمويل الإرهاب.

وأوضح أن التقرير سيغطي الفترة الممتدة من 2024 إلى 2026، ويتناول الجهود القانونية والتنظيمية والرقابية المبذولة لتعزيز شفافية النظام المالي، ورفع مستوى التزام الجزائر بالمعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال.



الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)

أفاد تقرير للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، بأن أكثر من 1000 مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) الماضي، بمخيم زمزم للنازحين شمال دارفور، تعرض نحو ثلثهم لعمليات إعدام خارج نطاق القانون.

وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تقريرها إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وأكدت المفوضية «مقتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً».

وفي سياق آخر، شنت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً واسعاً بعشرات الطائرات المسيّرة، طالت عدداً من المدن في ولاية النيل بشمال السودان، مستهدفة محطة رئيسية لتوليد الكهرباء، مما أدى إلى مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي في المدن السودانية الكبرى.

وقال مصدر عسكري وشهود إن الهجوم تم بنحو 35 مسيّرة على مدن عطبرة والدامر وبربر في ولاية النيل، وألحق أضراراً بالغة بمحولات كهربائية في محطة المقرن في عطبرة نتج عنها إظلام تام في ولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر.


مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

رسمت مصر «خطوطاً حمراء» بشأن الأزمة في السودان، وحذرت من تجاوزها باعتبارها «تمس الأمن القومي المصري». ولوّحت باتخاذ كافة التدابير التي تكفلها «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين، في خطاب يراه خبراء «الأكثر حدة» منذ اندلاع الحرب في السودان.

وجاء الموقف المصري بالتزامن مع استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حيث أكد السيسي «دعم بلاده الكامل للشعب السوداني في مساعيه لتجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة»، وشدد على «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره»، مؤكداً استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي.

وجددت مصر، في أثناء زيارة البرهان، «تأكيد دعمها الكامل لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاصة بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان»، وذلك في إطار «توجه الإدارة الأميركية لإحلال السلام، وتجنب التصعيد، وتسوية المنازعات في مختلف أنحاء العالم».

تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك

مع التأكيد على تلك الثوابت، وضعت القاهرة «خطوطاً حمراء» للمرة الأولى في الأزمة السودانية، مؤكدة أنها «لا يمكن أن تسمح بتجاوزها باعتبارها تمس الأمن القومي المصري الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي السوداني»، وتضمنت المحاذير المصرية «الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان».

وقالت الرئاسة المصرية، الخميس، إن «الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع المساس بهذه المؤسسات، هو خط أحمر آخر».

وأكدت «الحق الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي»، ومن بينها «تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين؛ لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها».

الرئيس المصري خلال محادثات في القاهرة الخميس مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان (الرئاسة المصرية)

وفي مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري مع السودان»، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976، في مواجهة «التهديدات الخارجية».

عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري، اللواء يحيى كدواني، قال إن الأمن القومي المصري يرتبط مباشرة بوحدة الأراضي السودانية، «ومع وجود مؤامرات تهدف إلى تقسيمه، فإن ذلك يستدعي وضع (خطوط حمراء) لعدم تجاوزها، بما يحقق الحفاظ على مقدرات الدولة السودانية، وبما يشكل ضمانة لحماية الأمن القومي المصري».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف المصري بشأن الحفاظ على وحدة وسلامة السودان ثابت وقوي، والقاهرة قادرة على تنفيذ ما تعلن عنه من شعارات ومبادرات لحماية مؤسسات الدولة السودانية»، لافتاً إلى أن استدعاء «اتفاقية الدفاع المشترك» جاء للتأكيد على أن «هناك تنسيقاً مشتركاً بين البلدين في إطار الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة في السابق بين البلدين».

وذكر بيان الرئاسة المصرية، الخميس، أن «القاهرة تتابع بقلق بالغ استمرار حالة التصعيد والتوتر الشديد الحالية في السودان، وما نجم عن هذه الحالة من مذابح مروعة وانتهاكات سافرة لأبسط قواعد حقوق الإنسان في حق المدنيين السودانيين، خاصة في الفاشر»، كما أكدت «رفضها القاطع لإنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه».

أما عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فأكد أن التنسيق المصري - السوداني في مجابهة تهديدات تقسيم البلاد يأتي في إطار حماية الأمن القومي المصري والسوداني والعربي، خاصة أن البلدين ضمن «مجلس الدول المتشاطئة على البحر الأحمر»، وهو لديه أدوار رئيسية تتمثل في «الدفاع والتنمية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف المصري يأتي في إطار مبادرة «الرباعية الدولية»، والمبادرة التي طرحها ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، في أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة، موضحاً أن «القاهرة تدعم تنفيذ (خريطة طريق) تبدأ بهدنة تستمر ثلاثة أشهر، ودمج (قوات الدعم السريع) في الجيش السوداني، مع الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية السودانية».

ووفقاً لبيان الرئاسة المصرية، أكدت القاهرة «حرصها الكامل على استمرار العمل في إطار (الرباعية الدولية)، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية».

وطرحت «الرباعية»، التي تضم دول (المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة الأميركية) في أغسطس (آب) الماضي، «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر».

جانب من اجتماع سابق لـ«الرباعية» في نيويورك (الخارجية المصرية)

وتأتي زيارة البرهان إلى مصر بعد أخرى قام بها إلى المملكة العربية السعودية، الاثنين الماضي، وأكد في ختام زيارته حينها «حرص السودان على العمل مع ترمب ووزير خارجيته، ماركو روبيو، ومبعوثه للسلام في السودان، مسعد بولس، في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب».

وأكدت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أماني الطويل، أن «مصر وضعت خطوطاً حمراء لأول مرة في الملف السوداني، وموقفها الأخير هو الأكثر حدة منذ اندلاع الحرب، وهو يتماهى مع الموقفين السعودي والأميركي بشأن الحفاظ على وحدة السودان، وضرورة وقف الحرب، ورفض الكيانات الموازية، والحفاظ على مؤسسات الدولة».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «نستطيع القول إن هناك توافقاً سعودياً - مصرياً على المواقف القوية بشأن وحدة السودان، ما يبرهن على أن الاتجاه السائد الآن هو بلورة مبادرة لوقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية»، لكنها شددت أيضاً على أن «المسألة الأكثر تعقيداً تتعلق بالحلول السياسية في ظل التعامل مع أطراف سودانية لا تقبل بعضها، ومن الممكن أن يأتي إعلان مبادئ (نيروبي) مقدمةً لهذا السياق».

ووقَّعت القوى السياسية والمدنية في «تحالف صمود» السوداني، بالعاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، على إعلان مبادئ مشترك مع حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد النور، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» (الأصل) لوقف الحرب في السودان، ويُعد هذا أول تقارب يجمع غالبية الأطراف السودانية المناهضة للحرب.

وأكد متحدث الرئاسة المصرية، الخميس، أن محادثات السيسي والبرهان «تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يجسّد تطلعات الشعبين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة، وتطرقت كذلك إلى مستجدات الأوضاع الميدانية في السودان».


«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
TT

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)

طرحت الزيارة التي أجراها قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، لمقر القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي في مدينة بنغازي، أسئلة كثيرة، وسط إشارات إلى «خريطة تحالفات جديدة» تتعلق بموازين القوى.

واستقبل حفتر مساء الأربعاء، في بنغازي (شرق)، قائد الجيش الباكستاني، يرافقه وفد عسكري رفيع المستوى، في إطار زيارة رسمية إلى ليبيا لعقد سلسلة من الاجتماعات ذات الاهتمام المشترك. وقال مكتب القيادة العامة إن زيارة الوفد الباكستاني تأتي في إطار «تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات»، حيث أكد الطرفان عمق العلاقات التاريخية الليبية - الباكستانية، وأهمية المضي قدماً في تطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة بين الجانبين.

قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير في زيارة لبنغازي الأربعاء (القيادة العامة)

وعدّ المحلل السياسي الليبي، محمد قشوط، زيارة الوفد الباكستاني «غير عادية»، ورأى أنها «تمثل نقلة نوعية مرتبطة برؤية القيادة العامة 2030 في تطوير قدرات القوات المسلحة الليبية، التي لم تعد رهينة الاعتماد على دولة واحدة للتسلّح منها بلا آفاق وأبواب جديدة».

وأضاف قشوط في إدراج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن التعاون مع الجيش الباكستاني «سيضيف إلى قواتنا المسلحة كثيراً»، وعدّه «حليفاً استراتيجياً سيكون بمنزلة ردع لأي تهديدات مستقبلية».

وأُقيمت مراسم استقبال رسمية للوفد الباكستاني، وكان في مقدمة مستقبليه، نائب القائد العام الفريق أول صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، الفريق أول خالد حفتر، إلى جانب عدد من رؤساء الأركان بالقوات المسلحة.

وينظر الباحث في الشأن الليبي، محمد تنتوش، إلى زيارة الوفد العسكري الباكستاني لبنغازي على أنها «فشل دبلوماسي لحكومة (الوحدة)؛ ورئاسة الأركان في المنطقة الغربية»، وأرجع ذلك إلى أنها «لم تصنع علاقة بذات المستوى مع باكستان». وذهب تنتوش إلى أن «كل قوة وتطور في عمل معسكر الرجمة هو عامل إضافي، قد يُمكِّنها من السيطرة على كامل ليبيا، أو على الأقل يشجعها على ذلك».

كانت القيادة العامة قد مهّدت لقدوم الوفد الباكستاني بزيارة أجراها صدام حفتر إلى إسلام آباد في يوليو (تموز) الماضي، التقى خلالها شخصيات باكستانية عديدة، من بينهم رئيس الوزراء محمد شهباز شريف، ورئيس أركان البحرية الأدميرال نويد أشرف، وذلك ضمن زيارته الرسمية للبلاد.

ويرى محللون أن الزيارة، التي بحثت تعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات، جاءت في توقيت تتصاعد فيه التحركات الإقليمية، وإعادة رسم خرائط النفوذ العسكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كان تعديل دستوري أقرته باكستان مؤخراً، قد عزز من نفوذ منير، بمنحه أدواراً إضافية وحصانة مدى الحياة، في خطوة عدّها محللون ترسيخاً لمكانة قائد الجيش في موقع «الرجل الأقوى في البلاد».

وسبق أن قال موقع «إنسايد أوفر» الإيطالي، إن حفتر «لم يعد مكتفياً بالتحالف مع موسكو لتحقيق أهدافه في ليبيا؛ بل بات يناور بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة، ويخلق توازناً في منطقة مضطربة». فيما يرى متابعون أن زيارة الوفد العسكري الباكستاني تحمل رسائل عدة تشير إلى انفتاح شرق ليبيا على تعاون عسكري أوسع مع قوى مؤثرة خارج الإطار التقليدي.

حفتر ومنير يستعرضان قطعة سلاح الأربعاء (القيادة العامة)

كان حفتر قد التقى في مايو (أيار) الماضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في العاصمة موسكو، كما التقى أيضاً وزير الدفاع أندريه بيلوسوف، وسكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو.

ويفرض مجلس الأمن الدولي منذ إسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حظراً على السلاح. فيما جدد مؤخراً تفويضه بتفتيش السفن المتجهة من وإلى السواحل الليبية لمدة ستة أشهر. وينصّ قرار مجلس الأمن، الذي صُوّت عليه في نيويورك بتمديد مهمة العملية البحرية الأوروبية «إيريني»، على ضرورة توافر «أسباب معقولة» للاشتباه قبل الشروع في تفتيش السفن.