تعليم النازحين السوريين من السويداء يثير استياء بعض القوى اللبنانية

«اليونيسف» تعدّها خطوة محورية في تحقيق «حق التعليم للأطفال»

نساء وأطفال سوريون خلال رحلة عودتهم إلى بلادهم من بيروت الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
نساء وأطفال سوريون خلال رحلة عودتهم إلى بلادهم من بيروت الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
TT

تعليم النازحين السوريين من السويداء يثير استياء بعض القوى اللبنانية

نساء وأطفال سوريون خلال رحلة عودتهم إلى بلادهم من بيروت الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)
نساء وأطفال سوريون خلال رحلة عودتهم إلى بلادهم من بيروت الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

أثار قرار الحكومة اللبنانية بالسماح للمدارس الرسمية بتسجيل التلامذة السوريين غير الحائزين على إقامة قانونية، استياء حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، اللذين اعتبرا أن قرارات كهذه «لا تسهم في عودة النازحين السوريين إلى بلادهم؛ إنما تحفزهم على البقاء في لبنان».

 

القرارات الجديدة

أصدرت الحكومة اللبنانية في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قراراً حمل الرقم 19، يسمح بتسجيل الطلاب السوريين الذين باشروا إجراءات الحصول على الإقامة، أو تجديدها باسمهم أو باسم أحد أولياء أمرهم، وفقاً للأصول المرعية الإجراء، على أن يُبرِزوا إيصالاً رسمياً صادراً عن الأمن العام لإثبات ذلك.

وأصدرت وزيرة التربية ريما كرامي في 15 أكتوبر، مذكرة سمحت بتسجيل أي طالب، حتى لو لم تتوافر فيه الشروط التي حددتها الحكومة، على أن يتم إنشاء «داتا» خاصة به تُحال إلى المديرية العامة للأمن العام، كما سمحت المذكرة لطلاب الثانوي بالتسجيل في دوام قبل الظهر، مع العلم أن تعليم السوريين لطالما كان محصوراً بدوام بعد الظهر.

وزيرة التربية ريما كرامي (الوكالة الوطنية للإعلام)

وأكدت وزيرة التربية السبت، أن المذكرة «ترجمة لقرار مجلس الوزراء، المصوت عليه بالإجماع، من دون تسجيل أي تحفظ من أي من الوزراء في الحكومة»، مشيرة إلى أن «اللجنة التي درست المشروع قبل رفعه لمجلس الوزراء، كانت تضم وزراء من مختلف الطوائف واستمعت للآراء كافة».

ورأت في بيان، أن هذا القرار «يضمن حق الطلاب في التعليم، التزاماً بتعهدات لبنان الوطنية والدولية، ويسهم في تسهيل عودة النازحين السوريين إلى بلدهم (من خلال إيجاد داتا معلومات حولهم)، والتخفيف من المخاطر الاجتماعية والإنسانية، وتيسير حصول العائدين منهم على الإفادات الرسمية، فضلاً عن تنظيم وضبط التعليم غير النظامي».

 

طلاب السويداء

وتبيّن أن السبب الرئيسي لقرار الحكومة ومذكرة وزارة التربية، هو استيعاب الطلاب السوريين الذين فروا من محافظة السويداء بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها، بحيث قام الحزب «التقدمي الاشتراكي» بجهود كبيرة مع المسؤولين المعنيين للسماح بانخراط هؤلاء الطلاب، ومعظمهم من الطائفة الدرزية في العام الدراسي في لبنان.

لاجئون سوريون إلى لبنان يتحضرون للعودة إلى بلادهم في بيروت (إ.ب.أ)

وحسب بيان صادر عن مفوضية الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي»، فإن القرار الحكومي «يشكل ثمرة متابعة دقيقة قام بها الحزب التقدمي الاشتراكي، لضمان التحاق الطلبة النازحين بالتعليم الرسمي، ومنع حرمانهم من حقهم الأساسي في التعلم».

ولم يتضح بعد عدد الطلاب السوريين الذي سيلتحقون بالعام الدراسي الحالي، باعتبار أن مدة التسجيل تنتهي نهاية الشهر الحالي.

 

«خطر على التربية»

واستهجن النائب في تكتل «الجمهورية القوية» رازي الحاج، هذه الإجراءات الجديدة، وذكّر بأن الحكومة «قدّمت خطة لعودة السوريين الموجودين بطريقة غير شرعية إلى بلادهم، وقد لحظت بشكل واضح، أنه بنهاية عام 2025، كل سوري لا تكون لديه إقامة صالحة أو وضع قانوني سويّ، يُعدّ وجوده على الأراضي اللبنانية غير شرعي»، لافتاً إلى أن «القرار الحكومي الأخير لن يُسهم بعودة السوريين إلى بلدهم».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تحفظ وزراء (القوات اللبنانية) على هذا القرار... والمشكلة أنه ذهب أبعد، بالسماح بتسجيل التلامذة السوريين خلال فترة قبل الظهر التي لطالما كانت مخصصة حصراً للبنانيين»، مضيفاً: «بذلك نحمّل المدارس الرسمية تكلفة وعبئاً إضافيين في وقت يعد فيه التمويل شبه متوقف للتعليم الرسمي في لبنان، ما قد يؤدي إلى تفريغ المدارس الرسمية من الطلاب اللبنانيين».

 

«الوطني الحر»

وشنّ نواب وقياديو «التيار الوطني الحر» حملة عنيفة على الحكومة ووزيرة التربية، كما على وزراء «القوات»، لاعتبار أنهم وافقوا على القرار ولم يعترضوا عليه.

واعتبر النائب في تكتل «لبنان القوي» سيزار أبي خليل، أن «قرار الحكومة تسجيل النازحين السوريين بالمدارس الرسمية، فضيحة، واشتراك بالمؤامرة، واستكمال لسياسة التوطين المقنّع»، لافتاً إلى أن «الأسوأ أن وزراء القوات وافقوا وسكتوا، بدل أن يضغطوا لخطة تؤمن عودتهم إلى بلدهم».

نساء وأطفال سوريون يتحضرون لمغادرة بيروت يوم الأربعاء الماضي في رحلة العودة إلى بلادهم (إ.ب.أ)

وفيما حذّر النائب في التكتل نفسه إدغار طرابلسي، ‏من أن هذه القرارات «ستعزز وجود النزوح السوري وتطيل أمده، وستستجلب آخرين من سوريا لتسجيل أولادهم بمدارس لبنان، في الوقت الذي زال فيه مبرر بقائهم في لبنان»، وصف نائب رئيس «الوطني الحر» ناجي حايك، هذه القرارات بـ«الجريمة بحق لبنان، وبحق الطلاب اللبنانيين كما بحق السوريين الذين هم عملياً لا يتلقون التعليم، ونعطيهم حوافز للبقاء في لبنان، في وقت أصبحت فيه سوريا آمنة، وبدأت الاستثمارات هناك قبل أن تبدأ هنا».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «آن أوان عودة النازحين إلى بلدهم، ولم يعد هناك أي مبرر لبقائهم هنا»، معتبراً أنه «من غير الواضح ما المقايضات التي تحصل، وغير مفهوم أي تحالف يبقي السوريين في لبنان».

 

أزمة إنسانية

في المقابل، استغرب النائب في كتلة «اللقاء الديمقراطي» الدكتور بلال عبد الله، الحملة القائمة على قرار الحكومة، معتبراً أنه «جاء لمعالجة أزمة إنسانية كبيرة نتجت عن أحداث السويداء والتهجير والمذابح التي حصلت وافتعلتها أدوات إسرائيل هناك»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا القرار «يلحظ شريحة صغيرة من الطلاب».

وليد جنبلاط متحدثاً في اجتماع درزي موسع عُقد في بيروت خلال أحداث السويداء (الشرق الأوسط)

وأوضح عبد الله أنه «في الوقت الذي تتم فيه راهناً معالجة الموضوع سياسياً مع السلطة السورية، هناك جزء من الحل إنساني بالسماح بتعليم السوريين الفارين في لبنان». وأضاف: «يجب عدم تحميل الموضوع أكثر مما يحتمل، إلا إذا كان هناك من هو ممتعض من مواجهة الزعيم وليد جنبلاط لمخطط تفتيت المنطقة».

 

موقف «اليونيسف»

ورحّب ممثل «اليونيسف» في لبنان ماركولويجي كورسي، بـ«جهود وزارة التربية والتعليم العالي لضمان وصول جميع الأطفال في لبنان إلى التعليم، بغضّ النظر عن وضعهم»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الخطوة «تُشكّل تقدّماً أساسياً نحو عامٍ دراسي ناجح، وخطوة محورية في تحقيق الحق الأساسي لكل طفل بالحصول على تعليم نوعي».

وأضاف: «ستواصل (اليونيسف) وشركاؤها من الجهات المانحة، دعم وزارة التربية والتعليم العالي من خلال الصندوق الائتماني للتربية (TREF)، بما يشمل تعزيز نظام التعليم الرسمي، وتوفير المواد التعليمية، وتدريب المعلّمين، وضمان بيئات تعليمية شاملة وآمنة ونوعية لجميع الأطفال في لبنان، بمن فيهم الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة، واللاجئون، والفئات الأكثر هشاشة».


مقالات ذات صلة

اتهامات أميركية لـ«حزب الله» بالسعي لإعادة تسليح نفسه

المشرق العربي عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)

اتهامات أميركية لـ«حزب الله» بالسعي لإعادة تسليح نفسه

غداة إعلان الحكومة اللبنانية عن اقتراب الجيش من تنفيذ خطة حصرية السلاح بالكامل في جنوب نهر الليطاني، اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي، الجمهوري ليندسي غراهام أمس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

تقديرات «المفوضية» أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)

سيناتور أميركي يتهم «حزب الله» بإعادة تسليح نفسه

اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي، ليندسي غراهام، «حزب الله» بالسعي إلى إعادة تسليح نفسه

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مقر «المصرف المركزي» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)

لبنان: مشروع قانون استرداد الودائع يُفجر غضب المصارف والمودعين

أثار الإعلان عن الخطوط العريضة لقانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019 غضب المودعين في المصارف اللبنانية وجمعية المصارف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصرين بـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، استهداف عنصرين بـ«حزب الله» في جنوب لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري بين الجيش والجماعة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إقرار بناء 19 مستوطنة بالضفة واستمرار الخروقات في غزة

إقرار بناء 19 مستوطنة بالضفة واستمرار الخروقات في غزة
TT

إقرار بناء 19 مستوطنة بالضفة واستمرار الخروقات في غزة

إقرار بناء 19 مستوطنة بالضفة واستمرار الخروقات في غزة

وافق مجلس الوزراء الأمني المصغر في إسرائيل، أمس، على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة وصفها وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، بأنها «تاريخية»، وقال إنها تهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية». وبهذا الإعلان، يرتفع عدد المستوطنات التي تمت الموافقة عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة. تزامن هذا مع استمرار الخروقات الإسرائيلية في قطاع غزة، إذ قُتل ثلاثة فلسطينيين في قصف بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، أمس، بينما أصيب آخران بالرصاص، أحدهما بالحي نفسه، والآخر في جباليا البلد بشمال القطاع.وفي الضفة، قُتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين.

وفيما يتعلق بـ«اتفاق غزة»، خرجت تسريبات إسرائيلية تحمل تلميحات عن نزع سلاح منطقة «الخط الأصفر»، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية بالقطاع، التي لا توجد فيها «حماس»، وتمهيدها لإعمار جزئي منفرد بعيداً عن المرحلة الثانية من الاتفاق، في خطوة عدَّها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ورقة ضغط على الوسطاء وعلى «حماس» للمضي في نزع سلاحها بالمناطق التي تسيطر عليها.

يأتي هذا بعد أيام قليلة من لقاء عقده رباعي الوساطة في «اتفاق غزة» بمدينة ميامي الأميركية، ودعوا فيه جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وضبط النفس، كاشفين عن استمرار المشاورات في الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية.


اتهامات أميركية لـ«حزب الله» بالسعي لإعادة تسليح نفسه

عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
TT

اتهامات أميركية لـ«حزب الله» بالسعي لإعادة تسليح نفسه

عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)
عناصر من «حزب الله» خلال مناورة عسكرية بجنوب لبنان في مايو 2023 (د.ب.أ)

غداة إعلان الحكومة اللبنانية عن اقتراب الجيش من تنفيذ خطة حصرية السلاح بالكامل في جنوب نهر الليطاني، اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي، الجمهوري ليندسي غراهام أمس «حزب الله» بالسعي إلى إعادة تسليح نفسه.

وقال خلال زيارته لإسرائيل: «أرى أن (حزب الله) يحاول صنع مزيد من الأسلحة... وهذا أمر غير مقبول».إلى ذلك، وبعد عامين على نزوحهم جراء الحرب والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق الهدنة، استقر نحو 90 ألف نازح من القرى الحدودية في جنوب لبنان، في مناطق سكناهم الجديدة ونقلوا أعمالهم إليها.

وتوجد فئة منهم في مدن وقرى جنوبية، والفئة الأخرى نزحت إلى الضاحية الجنوبية ومناطق بيروت، وبينهم من اختار الإقامة في ضواحي جبل لبنان قرب العاصمة.


مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

توقّعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام 2026، في ظل التعافي التدريجي الذي تشهده سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وقال غونزالو فارغاس يوسا، ممثل المفوضية في سوريا، إن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري عادوا بالفعل إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024، إضافة إلى نحو مليونَي شخص من النازحين داخلياً الذين عادوا إلى مناطقهم الأصلية.

وأوضح أن ذلك يعني أن أكثر من 3 ملايين سوري عادوا، خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، إلى مناطقهم في بلد أنهكته الحرب على المستويات الاقتصادية والبنيوية والخدمية.

تكدُّس السوريين أمام البوابات الحدودية في تركيا انتظاراً لعودتهم إلى بلادهم (أ.ب)

وقال المسؤول الأممي لوكالة «الأناضول»، إنه كان في سوريا قبل أشهر قليلة من سقوط النظام المخلوع، وشهد عن قرب مرحلة الانتقال السياسي في البلاد. وأشار إلى أن الخوف الذي كان يهيمن على المجتمع السوري «تراجع بسرعة، ليحلّ محله شعور واسع بالأمل».

وأضاف أنه توجّه مع فريقه يوم 9 ديسمبر 2024 إلى الحدود اللبنانية، حيث شاهد آلاف السوريين يعودون تلقائياً إلى بلادهم بعد أكثر من 14 عاماً من اللجوء القسري. ولفت إلى أن الكثير من العائدين السوريين عبّروا عن فرحتهم ببلوغ وطنهم عبر تقبيل الأرض فور وصولهم.

الحاجة للدعم الدولي

وفي ما يخص التوقعات المستقبلية، قال يوسا: «منذ 8 ديسمبر 2024، عاد لاجئون سوريون بشكل أساسي من تركيا ولبنان والأردن، وبنسب أقل من مصر والعراق».

وأضاف: «تشير تقديراتنا إلى أن عام 2026 قد يشهد عودة نحو مليون شخص إضافي، ما يعني أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين». وأشار إلى أن «هذا الحجم الكبير من العودة يتم في ظروف بالغة الصعوبة، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة وحاسمة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية».

السوريون في تركيا يواصلون عودتهم إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد (أ.ب)

دور تركي فاعل

وأشاد يوسا بدور تركيا، موضحاً أنها استضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين لسنوات طويلة، ولعبت في الوقت ذاته «دوراً إيجابياً» في دعم الحكومة السورية الجديدة عقب 8 ديسمبر 2024.

وأشار إلى أن ممثلين عن القطاع الخاص التركي بدأوا بزيارة سوريا لاستكشاف فرص الاستثمار. واعتبر المسؤول الأممي خطوة المستثمرين الأتراك «مؤشراً مهماً» على بدء مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.

عودة بعد عزلة

وفي تقييمه للمرحلة الراهنة، اعتبر يوسا أن ما تشهده سوريا هو عملية انتقالية معقّدة ستستغرق وقتاً، في ظل الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب على مدى 14 عاماً.

وقال: «بعد حرب طويلة، من الطبيعي أن تكون البلاد مدمرة اقتصادياً وبنيوياً، وهذا التعافي لن يكون فورياً. ومع ذلك، فإن الحكومة والشعب السوري يستحقون إشادة كبيرة لنجاحهم في إعادة ربط البلاد بالعالم خلال فترة قصيرة نسبياً».

وأشار إلى أن سوريا كانت معزولة عن الساحة الدولية لأكثر من 14 عاماً، قبل أن تعود خلال عام واحد فقط إلى إقامة علاقات مع عدد متزايد من الدول، وهو ما اعتبره «تطوراً بالغ الأهمية».

وأكد المسؤول الأممي أن رؤية أعداد كبيرة من السوريين يعودون إلى ديارهم «تمثّل مؤشراً إيجابياً، إلا أن تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل ملموس سيحتاج إلى وقت، ما يستدعي دعماً دولياً منسقاً ومستداماً».

محل صرافة وتحويل أموال في دمشق يوم 18 ديسمبر بعد أن أُلغيت عقوبات «قيصر» الصارمة التي فُرضت على سوريا في عهد الرئيس السابق بشار الأسد (رويترز)

مفتاح التعافي

وسلّط ممثل «المفوضية» الضوء على جملة من العوامل الضرورية لتسريع عملية التعافي في سوريا، وفي مقدمتها الرفع الكامل للعقوبات.

وأعرب عن أمله أن يفتح رفع العقوبات الباب أمام استثمارات واسعة من القطاع الخاص في خطوة ضرورية لمرحلة إعادة الإعمار والتنمية.

وأوضح أن «المفوضية» وشركاءها يقدّمون دعماً مباشراً للعائدين، خاصة في ما يتعلق بإعادة استخراج الوثائق الرسمية.

ولفت إلى أن أكثر من ربع العائدين يفتقرون إلى وثائق أساسية مثل الهويات الشخصية أو سندات الملكية.

مطار دمشق الدولي يستقبل آلاف السوريين منذ سقوط النظام (سانا)

والخميس، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حفل بالبيت الأبيض قانون تفويض «الدفاع الوطني» لعام 2026 المتضمن بنداً لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وبذلك تم رفع العقوبات رسمياً عن سوريا.

وفي 11 ديسمبر 2019 أقر الكونغرس الأميركي «قانون قيصر» لمعاقبة أركان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على «جرائم حرب» ارتكبها بحق المدنيين.

وجرى توقيع «قانون قيصر» خلال ولاية ترمب الرئاسية الأولى (2017 ـ 2021)، لكن تطورات سوريا أواخر العام الماضي دفعته إلى العمل على إلغائه.

ورحبت «الخارجية السورية» في بيان، الجمعة، بـ«الإزالة النهائية» للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وما تضمنه من إجراءات أثرت على مختلف مناحي الحياة المعيشية والاقتصادية.

وأضافت الوزارة أن الخطوة «تطور مهم يسهم في تخفيف الأعباء عن الشعب السوري، ويفتح المجال أمام مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار».