تقرير: إسرائيل تأمل أن يتيح لها وقف إطلاق النار متنفساً لإنهاء عزلتها الدولية

جنود إسرائيليون أمام مقر رئاسة «الأونروا» في قطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون أمام مقر رئاسة «الأونروا» في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: إسرائيل تأمل أن يتيح لها وقف إطلاق النار متنفساً لإنهاء عزلتها الدولية

جنود إسرائيليون أمام مقر رئاسة «الأونروا» في قطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون أمام مقر رئاسة «الأونروا» في قطاع غزة (أ.ف.ب)

أنعش وقف إطلاق النار في غزة آمال الكثيرين في إسرائيل في أن تبدأ دولتهم بترميم صورتها على الساحة الدولية، بعد أشهر من العزلة المتفاقمة جراء تداعيات الصراع الذي استمر عامين، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.

وتغير الرأي العام في الغرب بشكل كبير منذ اندلاع الحرب، في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأسفر، وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية، عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 آخرين.

وتصاعدت موجات الغضب بسبب الكلفة الإنسانية للحملة الإسرائيلية فيما أعلنت عدة دول غربية اعترافها بدولة فلسطينية في الأشهر القليلة الماضية، رغم المعارضة الشديدة من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأيضاً من واشنطن.

جنود إسرائيليون أمام دباباتهم في نقطة على حدود غزة (أ.ب)

وأظهرت استطلاعات للرأي في الخارج انحسار الدعم للحملة العسكرية الإسرائيلية، حتى في الولايات المتحدة أوثق حلفاء إسرائيل. ووفقاً لمسؤولي الصحة في قطاع غزة، أسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني.

وتحدثت «رويترز» إلى 13 خبيراً ومسؤولاً إسرائيلياً حاليين وسابقين أقروا بأن الخسائر الإنسانية للصراع ألحقت ضرراً كبيراً بسمعة إسرائيل. وعبَّر عدد منهم عن الأمل في أن يسهم الإفراج، هذا الأسبوع، عن الرهائن الإسرائيليين وأسرى فلسطينيين في إطار المرحلة الأولى من اتفاق غزة في تحسين صورة إسرائيل.

وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، هذا الأسبوع: «قد يساعد ذلك إسرائيل على استعادة بعض التعاطف والشرعية التي فقدتها خلال الحرب».

وعلق بيتر ليرنر، المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي، للإعلام الدولي، بالقول إن ذلك سيتطلب إجراءات سياسية من جانب حكومة نتنياهو، وليس مجرد تصريحات.

ودعا إلى «التزام واضح وموثوق بالسلام، وحماية أرواح الأبرياء، واحترام القانون الدولي، والاستثمار الجاد في الشراكات الإقليمية والإنسانية».

جنود إسرائيليون يعملون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة جنوب إسرائيل (رويترز)

ولم يحضر رئيس الوزراء قمة استضافتها مصر، يوم الاثنين، بهدف مناقشة خطوات التوصل لإنهاء دائم للحرب على غزة، وأرجع هذا «لقرب بداية عيد (يهودي)».

وخلصت دراسة نشرها «مركز بيو للأبحاث»، ومقره واشنطن، في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، إلى أن 39 في المائة من الأميركيين قالوا إن إسرائيل تجاوزت الحد في عمليتها العسكرية ضد «حماس»، مقارنة بنحو 31 في المائة قبل عام، و27 في المائة في أواخر عام 2023.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد دق ناقوس الخطر منذ أشهر في اجتماعات مغلقة مع نتنياهو ووزراء آخرين حول التداعيات الدبلوماسية للحرب، وفقاً لمسؤولين اثنين حضرا الاجتماعات، ومسؤول آخر مطلع على الأمر.

وفاجأ نتنياهو كثيراً من الإسرائيليين، الشهر الماضي، عندما قال إن إسرائيل ستحتاج إلى أن تصبح أكثر اعتماداً على نفسها في السنوات المقبلة، بسبب ردود الفعل الدولية المُنددة بالحرب.

وسبق أن توعَّد رئيس الوزراء، الذي أكد مراراً رفضه إقامة دولة فلسطينية، بمواصلة الحرب حتى تدمير «حماس» بشكل كامل.

وقال دبلوماسي من أوروبا الغربية إن «تحسين السمعة يحتاج إلى وقت طويل من إعادة بناء الثقة»، مضيفاً أن وقف إطلاق النار كان «خطوة أولى جيدة... لكن سيتعين اتخاذ خطوات كثيرة أخرى».

خوف من العزلة

كشف استطلاع رأي أجراه «معهد دراسات الأمن القومي»، وهو مركز أبحاث في تل أبيب، في أغسطس (آب)، أن أكثر من 66 في المائة من الإسرائيليين يخشون من تعرض إسرائيل لعزلة دولية، مقارنة مع 55 في المائة في يوليو (تموز) تموز 2024.

وقال مرصد عالمي لمراقبة الجوع في أغسطس إن مدينة غزة والمناطق المحيطة بها تعاني من المجاعة، ورفضت إسرائيل هذه النتيجة.

وذكرت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، الشهر الماضي، أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، وهي تهمة رفضتها الحكومة الإسرائيلية مراراً، قائلة إنها تحارب «حماس»، وليس الشعب الفلسطيني.

وقال بعض المطلعين على جهود التواصل والإعلام والدبلوماسية الإسرائيلية إن إخفاق حكومة نتنياهو في التعامل دبلوماسياً مع مخاوف الغرب بشأن العواقب الإنسانية للحرب في غزة فاقم من عزلة إسرائيل.

جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق برج دبابة متمركزة في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتحدث بعض المسؤولين السابقين أيضاً عن غياب التنسيق بشأن التواصل، والافتقار إلى الموارد. وقالوا إن جهود التواصل في وقت الحرب ظلت موزعة بين إدارات مختلفة، وإن مديرية الدبلوماسية العامة الوطنية، المسؤولة عن تنسيق الرسائل الإعلامية والدبلوماسية العامة بين مختلف الجهات الحكومية، تفتقر إلى الموارد أيضاً، كما يناقض بعض الوزراء اليمينيين المتطرفين علناً تصريحات مسؤولين آخرين.

وعبر ريتشارد هيخت، المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام الدولي، عن اعتقاده بأن إسرائيل، التي أصبح جيشها المصدر الرئيسي للمعلومات عن عملية غزة، بحاجة إلى إنشاء منظمة حكومية مدنية فعالة لإدارة التواصل الدولي.

وتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا. وتدعو المرحلة الثانية من الاتفاق إلى إنشاء «مجلس سلام» بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للإشراف على تنفيذ الخطوات التالية.

جنود إسرائيليون يقفون بجوار مركبات عسكرية على الحدود مع قطاع غزة يوم 10 أكتوبر 2025 (رويترز)

ورغم إعلان ترمب أمام الكنيست الإسرائيلي يوم الاثنين انتهاء «الكابوس الطويل» الذي عاشه الفلسطينيون، فإنه لا تزال هناك عقبات كبيرة أمام تسوية الصراع، مثل إنشاء حكومة تكنوقراط فلسطينية لإدارة غزة، ونزع سلاح «حماس».

ولا يزال اتفاق وقف إطلاق النار هشاً؛ إذ فتح الجيش الإسرائيلي، الذي يحتل نحو نصف قطاع غزة، النار، يوم الثلاثاء، على فلسطينيين قال إنهم كانوا يقتربون من قواته.

ودعت بنينا شارفيت باروخ، التي تدير برنامجاً بحثياً عن إسرائيل والقوى العالمية في «معهد دراسات الأمن القومي»، إسرائيل إلى البناء على خطة ترمب المكونة من 20 نقطة لتعزيز الشراكات الإقليمية والاستقرار في غزة، وتجديد التواصل مع الدول العربية المعتدلة.

وقالت: «مثل هذا المسار لن يعزز أمن المنطقة فحسب، وإنما سيساعد إسرائيل أيضاً على إعادة بناء مكانتها ومصداقيتها الدولية».

وتساءل بعض الخبراء عما إذا كانت الحكومة اليمينية الحالية في إسرائيل، التي تعتمد على دعم الأحزاب الدينية القومية المتطرفة، قادرة على بناء جسور مع الدول المجاورة والقيادة الفلسطينية.

وعبَّر السفير السابق إيمانويل نحشون، الذي شغل منصب نائب المدير العام للدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية الإسرائيلية بالشهور الأولى من الحرب، عن اعتقاده بأن نتنياهو لم يسافر إلى قمة شرم الشيخ في مصر لتجنب مناقشة حل الدولتين.

وأضاف: «أعتقد أن أول خطوة لتحسين سمعة إسرائيل في العالم هي إجراء انتخابات واختيار حكومة جديدة تسلك مساراً مختلفاً يأخذ بعين الاعتبار الدروس المستفادة من الحرب».


مقالات ذات صلة

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب في دار المستشارية في برلين (إ.ب.أ) play-circle

الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تدعو إلى ضبط النفس في غزة

حضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

تحليل إخباري ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

قال رئيس «هيئة الاستعلامات» المصرية، ضياء رشوان، إن الحديث عن الترتيب للقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن «شائعة لا أساس لها».

أحمد جمال (القاهرة )
شؤون إقليمية 
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»

مسار أمني ــ اقتصادي لمفاوضات لبنان وإسرائيل

تأخذ المفاوضات بين لبنان وإسرائيل مساراً أمنياً - اقتصادياً، في وقت تعتمد تل أبيب سياسة «تضخيم» لقدراتِ «حزب الله»، ما يثير مخاوف من أنها تمهّد لتوجيه ضربة.

«الشرق الأوسط» (بيروت - تل أبيب)
المشرق العربي الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

حوّلت إسرائيلُ «الخط الأصفر» الوارد في خريطة الانسحاب من قطاع غزة، إلى ما يمكن أن يوصف بـ«مصيدة للموت»؛ تقتل من خلالها كل من يقترب منه. وخلال 24 ساعة قُتل.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

توقّعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام 2026، في ظل التعافي التدريجي الذي تشهده سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وقال غونزالو فارغاس يوسا، ممثل المفوضية في سوريا، إن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري عادوا بالفعل إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024، إضافة إلى نحو مليونَي شخص من النازحين داخلياً الذين عادوا إلى مناطقهم الأصلية.

وأوضح أن ذلك يعني أن أكثر من 3 ملايين سوري عادوا، خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، إلى مناطقهم في بلد أنهكته الحرب على المستويات الاقتصادية والبنيوية والخدمية.

تكدُّس السوريين أمام البوابات الحدودية في تركيا انتظاراً لعودتهم إلى بلادهم (أ.ب)

وقال المسؤول الأممي لوكالة «الأناضول»، إنه كان في سوريا قبل أشهر قليلة من سقوط النظام المخلوع، وشهد عن قرب مرحلة الانتقال السياسي في البلاد. وأشار إلى أن الخوف الذي كان يهيمن على المجتمع السوري «تراجع بسرعة، ليحلّ محله شعور واسع بالأمل».

وأضاف أنه توجّه مع فريقه يوم 9 ديسمبر 2024 إلى الحدود اللبنانية، حيث شاهد آلاف السوريين يعودون تلقائياً إلى بلادهم بعد أكثر من 14 عاماً من اللجوء القسري. ولفت إلى أن الكثير من العائدين السوريين عبّروا عن فرحتهم ببلوغ وطنهم عبر تقبيل الأرض فور وصولهم.

الحاجة للدعم الدولي

وفي ما يخص التوقعات المستقبلية، قال يوسا: «منذ 8 ديسمبر 2024، عاد لاجئون سوريون بشكل أساسي من تركيا ولبنان والأردن، وبنسب أقل من مصر والعراق».

وأضاف: «تشير تقديراتنا إلى أن عام 2026 قد يشهد عودة نحو مليون شخص إضافي، ما يعني أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين». وأشار إلى أن «هذا الحجم الكبير من العودة يتم في ظروف بالغة الصعوبة، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة وحاسمة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية».

السوريون في تركيا يواصلون عودتهم إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد (أ.ب)

دور تركي فاعل

وأشاد يوسا بدور تركيا، موضحاً أنها استضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين لسنوات طويلة، ولعبت في الوقت ذاته «دوراً إيجابياً» في دعم الحكومة السورية الجديدة عقب 8 ديسمبر 2024.

وأشار إلى أن ممثلين عن القطاع الخاص التركي بدأوا بزيارة سوريا لاستكشاف فرص الاستثمار. واعتبر المسؤول الأممي خطوة المستثمرين الأتراك «مؤشراً مهماً» على بدء مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.

عودة بعد عزلة

وفي تقييمه للمرحلة الراهنة، اعتبر يوسا أن ما تشهده سوريا هو عملية انتقالية معقّدة ستستغرق وقتاً، في ظل الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب على مدى 14 عاماً.

وقال: «بعد حرب طويلة، من الطبيعي أن تكون البلاد مدمرة اقتصادياً وبنيوياً، وهذا التعافي لن يكون فورياً. ومع ذلك، فإن الحكومة والشعب السوري يستحقون إشادة كبيرة لنجاحهم في إعادة ربط البلاد بالعالم خلال فترة قصيرة نسبياً».

وأشار إلى أن سوريا كانت معزولة عن الساحة الدولية لأكثر من 14 عاماً، قبل أن تعود خلال عام واحد فقط إلى إقامة علاقات مع عدد متزايد من الدول، وهو ما اعتبره «تطوراً بالغ الأهمية».

وأكد المسؤول الأممي أن رؤية أعداد كبيرة من السوريين يعودون إلى ديارهم «تمثّل مؤشراً إيجابياً، إلا أن تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل ملموس سيحتاج إلى وقت، ما يستدعي دعماً دولياً منسقاً ومستداماً».

محل صرافة وتحويل أموال في دمشق يوم 18 ديسمبر بعد أن أُلغيت عقوبات «قيصر» الصارمة التي فُرضت على سوريا في عهد الرئيس السابق بشار الأسد (رويترز)

مفتاح التعافي

وسلّط ممثل «المفوضية» الضوء على جملة من العوامل الضرورية لتسريع عملية التعافي في سوريا، وفي مقدمتها الرفع الكامل للعقوبات.

وأعرب عن أمله أن يفتح رفع العقوبات الباب أمام استثمارات واسعة من القطاع الخاص في خطوة ضرورية لمرحلة إعادة الإعمار والتنمية.

وأوضح أن «المفوضية» وشركاءها يقدّمون دعماً مباشراً للعائدين، خاصة في ما يتعلق بإعادة استخراج الوثائق الرسمية.

ولفت إلى أن أكثر من ربع العائدين يفتقرون إلى وثائق أساسية مثل الهويات الشخصية أو سندات الملكية.

مطار دمشق الدولي يستقبل آلاف السوريين منذ سقوط النظام (سانا)

والخميس، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حفل بالبيت الأبيض قانون تفويض «الدفاع الوطني» لعام 2026 المتضمن بنداً لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وبذلك تم رفع العقوبات رسمياً عن سوريا.

وفي 11 ديسمبر 2019 أقر الكونغرس الأميركي «قانون قيصر» لمعاقبة أركان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على «جرائم حرب» ارتكبها بحق المدنيين.

وجرى توقيع «قانون قيصر» خلال ولاية ترمب الرئاسية الأولى (2017 ـ 2021)، لكن تطورات سوريا أواخر العام الماضي دفعته إلى العمل على إلغائه.

ورحبت «الخارجية السورية» في بيان، الجمعة، بـ«الإزالة النهائية» للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وما تضمنه من إجراءات أثرت على مختلف مناحي الحياة المعيشية والاقتصادية.

وأضافت الوزارة أن الخطوة «تطور مهم يسهم في تخفيف الأعباء عن الشعب السوري، ويفتح المجال أمام مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار».


ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
TT

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

وأوضح ساعر، عبر منصة «إكس»، أنه أخبر السيناتور الأميركي ليندسي غراهام خلال لقائهما أن «(حماس) لا تنزع سلاحها، بل تحاول ترسيخ سلطتها في غزة، وليس التخلي عنها»، مشدداً: «نحن لن نقبل هذا».

وأضاف ساعر: «إذا قامت (حماس) بنزع سلاحها سيكون هناك إعادة إعمار ومستقبل أفضل لغزة».

وحضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، السبت، الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس، وفق ما أفاد الموفد الأميركي ستيف ويتكوف بعد محادثات في ميامي.

واجتمع مسؤولون من الدول الثلاث مع ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب، لمراجعة المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في بيان نشره ويتكوف على منصة «إكس»: «نؤكد مجدداً التزامنا الكامل بخطة السلام المكونة من 20 نقطة والتي وضعها الرئيس، وندعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وممارسة ضبط النفس، والتعاون مع ترتيبات المراقبة».

ودعت الدول الأربع إلى «إنشاء وتفعيل» إدارة انتقالية «على المدى القريب»، وهي خطوة تنص عليها المرحلة الثانية من الاتفاق، لافتة النظر إلى أن المشاورات ستستمر في الأسابيع المقبلة بشأن تنفيذها.

وبموجب الاتفاق، من المفترض أن تنسحب إسرائيل من مواقعها الحالية في غزة، وأن تتولى سلطة مؤقتة إدارة القطاع الفلسطيني بدلاً من حركة «حماس»، وأن يتم نشر «قوة استقرار دولية».


إجراءات أمنية مشددة لحماية احتفالات الميلاد ورأس السنة في سوريا

إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
TT

إجراءات أمنية مشددة لحماية احتفالات الميلاد ورأس السنة في سوريا

إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)

لأول مرة منذ 14 عاماً، احتفل المسيحيون في محافظة إدلب بإنارة شجرة عيد الميلاد، بحضور وسائل إعلام محلية ودولية، في وقت اتخذت فيه وزارة الداخلية إجراءات أمنية احترازية مشددة؛ لضمان حماية الأماكن التي تشهد تجمعات حاشدة.

ومع بدء الطوائف المسيحية المختلفة في سوريا التحضير لأعياد الميلاد ورأس السنة والاحتفالات بإنارة شجرة الميلاد وإقامة البازارات، نفذت قوى الأمن الداخلي انتشاراً كثيفاً في أحياء باب شرقي وباب توما والقصاع والقصور. بدأ ذلك مساء السبت بقطع بعض الطرق، ومنع دخول السيارات في الشوارع المكتظة بمحيط الكنائس، وسط حراسة مشددة، وذلك عقب حادثة سرقة تعرض لها نصب تذكري للقديس بولس في باب كيسان أمام باب دير مار بولس لطائفة الروم الكاثوليك، في حادثة غامضة أحدثت صدمة في أوساط المسيحيين.

وقالت مصادر من أهالي الحي بالقرب من الدير، إن اللصوص استغلوا أن موقع النصب المصنوع من البرونز والنحاس، والبالغ ارتفاعه ثلاثة أمتار ونصف المتر، قريب من ساحة باب مصلى على الشارع العام، كما استغلوا اقتصار الحراسة على شخص واحد من الكنيسة، حيث قاموا في ساعة متأخرة من الليل بإزالة التمثال عن قاعدته وسرقته، حيث لم يتبادر لذهن العابرين في المكان أن من يقوم بفك النصب بطريقة احترافية لصوص.

عنصر أمن سوري على سطح يطل على كنيسة القصير أثناء الاحتفال بإنارة شجرة الميلاد (متداولة)

وأرخت حادثة سرقة نصب القديس بولس بظلال ثقيلة على أجواء العيد في دمشق، مع أن التحليلات تتجه إلى أن الدافع هو سرقة المعدن المصنوع منه، إلا أن ذلك زاد التحديات الأمنية لدى السلطات التي تبدي اهتماماً خاصاً هذا العام بضبط الأمن في أماكن الاحتفالات والتجمعات الشعبية عموماً والدينية خصوصاً. وبدا هذا واضحاً في المدن والبلدات التي تشهد احتفالات، مثل مدينة حمص والبلدات التابعة لها، وفي بلدات الساحل السوري، ومحافظة حماة، والمناطق كافة التي سبق أن حصلت فيها حوادث عنف ذات طابع طائفي.

صورة جوية لبلدة الغسانية ذات الأغلبية المسيحية جنوب حمص وقد بدأ سكانها بالعودة إلى منازلهم ومتاجرهم المدمرة (أ.ف.ب)

كما برز بوضوح الاهتمام الرسمي باحتفالات البلدات المسيحية مثل القنية واليعقوبية في محافظة إدلب التي عاد إليها قسم كبير من أبنائها بعد الإطاحة بنظام الأسد، حيث كانت تلك المناطق ولسنوات ساحات للمواجهات العسكرية ومخيمات النازحين.

فرقة كنسية تعزف في ساحة كنيسة الصليب المقدس بدمشق احتفالاً بإضاءة شجرة عيد الميلاد (سانا)

واتخذت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية السورية إجراءات أمنية في إدلب لضمان إقامة الفعاليات بشكل آمن. كما عُزفت موسيقى عيد الميلاد للمرة الأولى، بعد أن اقتصرت الاحتفالات خلال سنوات الحرب على الصلوات داخل الكنيسة وفي المنازل.

وأظهرت الصور المتداولة للاحتفالات مشاركة واسعة من الأهالي؛ كونها الأولى منذ عام 2011، ولها أهمية تتجاوز أبعاد الاحتفال الديني إلى التأكيد على بدء عودة الحياة الطبيعية لمناطق كانت الأولى باندلاع المواجهات العسكرية.

صورة متداولة لتمثال مار بولس المسروق (متداولة)

في الأثناء، حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع الكنيسة لمعرفة مزيد من التفاصيل، إلا أنه تم التحفظ على المعلومات، لأن الأمر ما زال قيد التحقيق.

وقال الأب سلامة سمعان في تصريحات، إنه سيكتفي بقول جملة واحدة فقط: «دمشق من دون مار بولس». وللقديس بولس أهمية روحية ورمزية عند المسيحيين والدمشقيين، كونه يعبر عن لحظة اهتداء بولس إلى المسيحية على أسوار دمشق، وقد نفذه نحات إيطالي ووضع أمام باب كيسان، حيث إن مدخل الدير هو الموقع الذي اهتدى فيه القديس بولس، ويظهر بالنصب لحظة وقوعه عن ظهر الحصان، وكان نظره متجها نحو السماء.

رجل ينتظر عند كشك عصير زين ضمن التحضيرات لأعياد الميلاد في دمشق (أ.ب)

يقول الإعلامي السوري ثابت سالم لـ«الشرق الأوسط»: «لو عرف اللصوص رمزية نصب بولس بغض النظر عن البُعد الديني، ما أقدموا على هذه الفعلة»، لافتاً إلى أنه في بداية أبريل (نيسان) عام 2007 ، قامت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي بزيارة لدمشق، وقُبيل مغادرتها قالت في مؤتمر صحافي: «I am on the road to Damascus»، وترجمتها: «أنا على طريق دمشق»، مرددة تعبير بولس.

ويشير سالم إلى أن وزير الخارجية آنذاك وليد المعلم لم يفهم ما قصدته بيلوسي في تصريحها المهم، ولم يرد على تصريحها رغم لغته الإنجليزية القوية. وأنه عادة ما يستخدم هذا القول للإشارة إلى تحول بولس الرسول أو شاؤول إلى المسيحية عند تل كوكب قُرب داريا، نتيجة رؤيته المعروفة للهداية، وهو الضابط اليهودي المكلف بتأديب المسيحيين في دمشق وإنهاء وجودهم.