جدل لبناني متجدد حول اقتراع المقيمين بالخارج وحديث عن توجّه لإلغائه

نائب يقدم طلباً لتأجيلها لأسابيع «ليتمكن المغتربون من المجيء والمشاركة»

لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات البلدية في بيروت - مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)
لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات البلدية في بيروت - مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

جدل لبناني متجدد حول اقتراع المقيمين بالخارج وحديث عن توجّه لإلغائه

لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات البلدية في بيروت - مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)
لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات البلدية في بيروت - مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

عاد ملف اقتراع اللبنانيين في الخارج إلى واجهة النقاش السياسي، بعدما تزايد الحديث عن احتمال إلغائه في الانتخابات النيابية المقبلة، سواء فيما يخصّ المقاعد الستة المخصّصة للانتشار، أو فيما يتعلق بتصويت المنتشرين للنواب الـ128 في دوائرهم الأصلية.

وهذا الأمر كشف عنه النائب غسان سكاف، الخميس، عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، معلناً عن «اتجاه لإلغاء اقتراع المغتربين»، ومشيراً إلى أن «بري شدّد على ضرورة إجراء الانتخابات في شهر مايو (أيار) المقبل».

وأشار إلى أنه طلب من رئيس البرلمان «تأجيلاً تقنياً لبضعة أسابيع فقط ليتاح للمغتربين المجيء إلى لبنان والمشاركة في الاقتراع»، مؤكداً أن «المنتشرين جزء لا يتجزأ من الجسم الانتخابي، ولا يجوز استبعادهم تحت أي ذريعة».

رئيس البرلمان نبيه بري (رئاسة البرلمان)

في المقابل، أكد وزير الداخلية والبلديات بسام الحجار، أن وزارته ملتزمة بإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري في مايو 2026، قائلاً: «باشرنا التحضيرات لإنجازها وفقاً لأعلى معايير الشفافية والحيادِ والنزاهة»، مشدداً على أن «الالتزام بالمواعيد الدستورية ثابت لا يخضع لأي مساومة».

مشروع الخارجية

في موازاة ذلك، أعادت مبادرة وزير الخارجية والمغتربين الجدل إلى الواجهة بإحالته مشروع قانونٍ معجّلاً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء يقضي بإلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب، ما يسمح للبنانيين المنتشرين بالاقتراع في دوائر قيدهم الأصلية بدلاً من تخصيص ستة مقاعد فقط لهم.

الخطوة رغم استنادها إلى منطلق قانوني، فتحت نقاشاً سياسياً واسعاً حول توقيتها، لا سيما أنها تأتي قبل أقلّ من عام من موعد الانتخابات، وسط تحذيرات من أن أي تعديل في قانون الانتخاب في هذه المرحلة، قد يعقّد التحضيرات أو يفتح الباب أمام تأجيل غير مباشر.

واعتبر مسؤول العلاقات الخارجية في حزب «القوات اللبنانية» ريشار قيومجيان، في تصريحٍ لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحديث عن إلغاء اقتراع اللبنانيين المنتشرين في الخارج يشكّل تراجعاً خطيراً وخطوة إلى الوراء، بعد أن شارك هؤلاء في انتخابات 2018 و2022 في دوائرهم داخل لبنان».

وقال إن «ما يُحكى عن تسوية جديدة، هو في الحقيقة تسوية على حساب أصوات المنتشرين؛ إذ يُراد العودة إلى صيغة لا دوائر فيها للمغتربين، وفي الوقت نفسه يُحرمون من حقّهم بالتصويت في دوائرهم الأصلية».

وزير الداخلية أحمد الحجار مفتتحاً مركز الدفاع المدني في برجا في إقليم الخروب (الوكالة الوطنية للإعلام)

وأضاف: «أي تعديل بهذا الشكل يعني عملياً ضرب المبدأ الديمقراطي القائم على المساواة بين الناخبين، وحرمان فئة واسعة من اللبنانيين من حقّهم الذي كرّسته التجارب السابقة. لا يمكن أن نلغي مشاركة المنتشرين لأن نتائج الانتخابات السابقة لم تُرضِ بعض الأطراف، فالقانون لا يُفصّل على قياس الخاسرين أو الرابحين».

وذكّر بأن «أكثر من 60 نائباً وقّعوا عريضة لتعديل المادتين 112 و122 بما يتيح للمغتربين التصويت في كل الدوائر، وقدّم وزراء (القوات) سابقاً مشروعاً مشابهاً لم يُقرّ في حينه»، مضيفاً: «المطلوب أن يصوّت مجلس النواب على المشروع، ونحن نقبل بنتيجته، لأنّ هذه هي الديمقراطية التي نحافظ عليها بالوسائل الدستورية والقانونية».

البرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية)

هاشم: القانون النافذ

إلا أن عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا قانون نافذ يُنظّم العملية الانتخابية، وهو المرجعية الوحيدة لإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، وأي حديث خارج هذا الإطار لا يغيّر من الواقع القانوني القائم».

وأوضح أن «القانون الحالي هو الأساس الذي تُبنى عليه كل الإجراءات الانتخابية، ويجب تطبيقه كما هو دون اجتهادات ظرفية»، لافتاً إلى أن «بعض القوى تحاول فتح نقاشات جانبية في تعديلات غير ناضجة». وأضاف أن «اقتراع المغتربين يطرح إشكالية تتعلق بتكافؤ الفرص بين القوى السياسية».

المسار الدستوري

دستورياً، أوضح الخبير سعيد مالك أن «وزير الخارجية قام بواجباته الدستورية كاملةً من خلال إحالة مشروع قانونٍ مُعجّل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بهدف إدراجه على جدول أعمال أول جلسة حكومية مقبلة».

من جلسة لمجلس الوزراء (آر تي)

وأضاف مالك لـ«الشرق الأوسط» أن «صلاحية تحديد جدول أعمال مجلس الوزراء تعود لرئيس الحكومة وفق الدستور، بحيث يطرح المشروع في أول جلسة تعقدها الحكومة، أو أن يتريّث في ذلك استناداً إلى صلاحيته الدستورية».

وأشار إلى أنه «بعد طرح المشروع على مجلس الوزراء، تتم مناقشته والتصويت عليه، وهو يحتاج إلى أكثرية الثلثين لكونه يتعلّق بقانون الانتخاب. وعندها يصدر مجلس الوزراء قراراً بتبنّي مشروع الوزير، ويُحال بصفة المعجّل إلى الأمانة العامة لمجلس النواب من أجل دراسته وإقراره أصولاً».

وحول إمكان امتناع رئيس مجلس النواب عن إدراج المشروع على جدول أعمال الهيئة العامة، أوضح مالك أنه «استناداً إلى أحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس النيابي، لا يوجد ما يُلزم رئيس المجلس بوضع المشروع على جدول أعمال أول جلسة تشريعية».

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مترئساً اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب (رئاسة البرلمان)

وتابع أن «للجان المختصة مهلة 15 يوماً لتقديم تقريرها، ليُعرض بعدها المشروع على الهيئة العامة، أو يمكن أن يُعرض مباشرةً دون المرور باللجان».

وأوضح مالك أن «السلطة الاستنسابية تُخوّل رئيس المجلس تحديد أولويات النقاش التشريعي وفقاً لتقديره السياسي أو الترتيبي، ما يمنحه تأثيراً كبيراً في مسار العملية التشريعية؛ إذ لا توجد مهلة تُلزمه بطرح المشاريع المحالة عليه».


مقالات ذات صلة

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

المشرق العربي أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

ألقت وحدات حرس الحدود السورية، في وقى متأخر من يوم أمس (الجمعة)، القبض على 12 شخصاً بينهم عناصر وضباط لديهم ارتباط بالنظام السابق على الحدود السورية اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)

المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «يونيفيل» يقدمون الرعاية الصحية لمواطنة في جنوب لبنان (يونيفيل)

العيادات النقالة... خيار سكان جنوب لبنان للحصول على رعاية طبية

يلجأ غالبية سكان قرى الحافة الأمامية والخلفية، لخيار العيادات الطبية النقالة للحصول على الرعاية الطبية، خياراً «أكثر أماناً وأقل تكلفة»

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
TT

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)

أغلقت القوات الإسرائيلية، صباح اليوم (السبت)، حاجز عطارة العسكري، شمال رام الله بالضفة الغربية.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن «الاحتلال أغلق الحاجز منذ ساعات الصباح الأولى، ما تسبب في عرقلة حركة المواطنين، خاصة القادمين والمغادرين من قرى وبلدات شمال غربي وغرب رام الله، ومن المحافظات الشمالية».

وفق تقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، فإن العدد الإجمالي للحواجز الدائمة والمؤقتة التي تقسم الأراضي الفلسطينية بلغت ما مجموعه 916 ما بين حاجز عسكري وبوابة.


سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)

لقي خمسة أشخاص من عائلة واحدة سورية حتفهم مساء الجمعة داخل منزلهم في ظروف غامضة بحي البياض في مدينة حماة.

وبحسب وزارة الداخلية، أظهرت نتائج التحقيقات الأولية أن الزوج أقدم على قتل زوجته وبناته الثلاث قبل أن يقتل نفسه.

والتحقيقات مستمرة لمعرفة الدوافع والملابسات الكاملة للجريمة، وفق ما أوردته قناة «الإخبارية» السورية اليوم السبت.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلاح المستخدم في جريمة القتل هو بندقية حربية نوع كلاشينكوف.


تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
TT

تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)

في حادث جديد يُسلّط الضوءَ على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية، قُتل ما لا يقلُّ عن 8 أشخاص، وجُرح آخرون في انفجار وقع داخل مسجد بمدينة حمص (وسط البلاد) وتبنّته جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش».

وأوضح مسؤول بوزارة الصحة السورية، في تصريح نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أنَّ حصيلة تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص بلغت 8 قتلى و18 مصاباً. وقالَ مدير مديرية الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، نجيب النعسان، إنَّ الحصيلة «غير نهائية».

وفيما أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة التابعة لـ«داعش» مسؤوليتَها عن التفجير، قائلة إنَّها استهدفت مسجداً علوياً، تعهد وزير الداخلية السوري أنس خطاب بأن تصلَ يدُ العدالة إلى الجهة التي تقف وراء التفجير «أياً كانت». ووصف استهدافَ دور العبادة بأنَّه «عمل دنيء وجبان».

ويعدّ هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الحالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران)، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وتبنّته أيضاً مجموعة «سرايا أنصار السنة».

ولقيَ تفجير حمص أمس إدانات عربية واسعة، فيما شدّدت وزارة الخارجية السعودية على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهودَ حكومتها لإرساء الأمن والاستقرار.