اغتيال مرشح من حزام بغداد «يلطخ» انتخابات العراق

السلطات فتحت تحقيقاً... والشكوك تحوم حول فصائل مسلحة

عضو مجلس محافظة بغداد صفاء المشهداني (إعلام حكومي)
عضو مجلس محافظة بغداد صفاء المشهداني (إعلام حكومي)
TT

اغتيال مرشح من حزام بغداد «يلطخ» انتخابات العراق

عضو مجلس محافظة بغداد صفاء المشهداني (إعلام حكومي)
عضو مجلس محافظة بغداد صفاء المشهداني (إعلام حكومي)

في حادثة تعد الأولى من نوعها منذ انطلاق الحملات الانتخابية سنوات في العراق، قتل، فجر الأربعاء، صفاء المشهداني، عضو مجلس محافظة بغداد ومرشح تحالف «السيادة» للانتخابات المقبلة، إثر تفجير عبوة لاصقة استهدفت سيارته في منطقة الطارمية شمال العاصمة.

ووقع الهجوم، الذي أسفر أيضاً عن إصابة أربعة من مرافقيه، قبل أقل من شهر على موعد الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، ما أثار مخاوف من انزلاق المسار الانتخابي إلى مربع العنف، في بلد لا تزال فيه الساحة السياسية شديدة الهشاشة.

وأعلنت قيادة عمليات بغداد فتح تحقيق عاجل بأوامر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتشكيل فريق جنائي مشترك، دون الكشف عن نتائج أولية حتى الآن.

وأظهرت مقاطع مصورة، نشرتها منصات رقمية محلية، ألسنة النيران وهي تتصاعد من العجلة التي كان يستقلها المرشح، بينما أكدت مصادر أنه كان عائداً من اجتماع في منطقة المنصور وسط بغداد.

والطارمية التي يتحدر منها المشهداني بلدة زراعية جزء من حزام بغداد الذي تسكنه غالبية سنية، ومنذ عام 2017 تدفقت إليها تشكيلات عسكرية تابعة لـ«الحشد الشعبي» وفصائل شيعية بذريعة محاربة الإرهاب، لكن كثيرين يرون أن «وجودها هناك لم يعد له داع».

اغتيال سياسي أم تصفية نفوذ؟

رغم أن المنطقة التي وقع فيها الهجوم كانت في السابق معقلاً لجماعات متطرفة مثل «القاعدة» و«داعش»، فإن ردود فعل شعبية وسياسية في العراق ذهبت في اتجاه ترجيح فرضية «الاغتيال السياسي» المرتبط بالصراع على النفوذ والمصالح، لا سيما في ظل اتساع المنافسة بين تحالفات سنية وشيعية داخل وخارج المناطق المختلطة.

وخرج العشرات من سكان قضاء الطارمية في مظاهرات غاضبة اتهموا خلالها «جهات سياسية» بالوقوف وراء اغتيال المشهداني، مؤكدين أن منطقتهم أصبحت آمنة نسبياً، ولا تنشط فيها التنظيمات المسلحة بالشكل الذي يسمح بتنفيذ عمليات من هذا النوع.

من المشهداني؟

كان المشهداني يُعد من أبرز الوجوه الصاعدة في تحالف «السيادة» الذي يمثل مكوناً سنياً واسعاً في العراق. وقد عرف بنشاطه في ملف الأراضي الزراعية واستثماراتها، وهو ملف شائك في مناطق «حزام بغداد»؛ إذ يتقاطع النفوذ السياسي مع المصالح الاقتصادية لجماعات شيعية مسلحة.

وكان آخر ما نشره المشهداني على صفحته في «فيسبوك» إعلانه متابعة قرارات مجلس المحافظة القاضية بوقف تخصيص الأراضي الزراعية شمال بغداد، مؤكداً أن «الأرض حق لأهلها»، وأنه «لن يسمح بالمساس بها أو انتزاعها».

وتشير مصادر سياسية إلى أن هذه المواقف ربما وضعته في مواجهة غير مباشرة مع جماعات نافذة تتحكم بمشاريع استثمارية ومصالح عقارية في تلك المناطق.

فوضى انتخابية

طالب رئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي، «الجهات المعنية بتحمّل مسؤوليّاتها وملاحقة الجناة وتقديمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل»، فيما حمّل تحالف «السيادة» الجهات الأمنية في بغداد مسؤولية اغتيال مرشحه المشهداني، واعتبر الحادث امتداداً لنهج «الإقصاء والغدر» الذي تمارسه قوى السلاح المنفلت، محذراً من خطورة هذا الخرق الأمني على المسار الانتخابي، وفق تعبيره.

من جانبه، وصف شبل الزيدي، وهو قائد في «الحشد الشعبي»، اغتيال المشهداني بأنه «استهداف للاعتدال والمشاريع الوطنية الوسطية»، ملمحاً إلى أن «الجناة يتمتعون بحماية رسمية».

ويرى مراقبون أن هذه الجريمة، التي تُعد أول اغتيال سياسي لمرشح قد تدشن «تطليخ الانتخابات العراقية بالدم»، وقد تمثل تحولاً خطيراً في طبيعة التنافس السياسي داخل العراق، حيث يزداد التوتر مع اقتراب موعد الانتخابات في بلد لم يتعافَ بعد من آثار النزاعات الطائفية وتفشي السلاح غير الشرعي.

ويرجح محللون أن تكون الجريمة محاولة «لتصفية صوت معتدل»، أو لتوجيه رسالة مفادها أن بعض المناطق ما زالت غير آمنة، وبالتالي غير مؤهلة لإجراء انتخابات حرة.

وقال المحلل الأمني مخلد حازم لـ«الشرق الأوسط» إن «اغتيال المشهداني قد يكون رسالة داخلية وخارجية، تفيد بأن البيئة الانتخابية في العراق غير مستقرة، وأن بعض القوى لا تزال ترى في صناديق الاقتراع تهديداً لمكاسبها السياسية والمالية».

وتشهد الساحة السياسية العراقية احتقاناً متزايداً مع اقتراب موعد الانتخابات، وسط انقسامات حادة داخل التحالفات التقليدية، وتزايد الانتقادات بشأن «هيمنة السلاح المنفلت»، ووجود أطراف تحاول توظيف العنف السياسي أداةً لإعادة رسم خريطة النفوذ.

ويأتي اغتيال المشهداني في وقت تتحدث فيه تقارير محلية عن دعوات لمظاهرات مرتقبة قد تُنظم الشهر المقبل، احتجاجاً على «تردي الأوضاع السياسية»، و«غياب العدالة في توزيع المشاريع والاستثمارات»، ما يضع الحكومة العراقية أمام تحدٍّ حقيقي لضبط الأمن وضمان انتخابات لا تُختطف بالنفوذ أو بالعنف.


مقالات ذات صلة

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

الاقتصاد علم كردستان العراق في حقل نفطي (إكس)

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

قال نائب رئيس شركة النفط العراقية الحكومية (سومو)، ‌السبت، إن ⁠اتفاقية ​تصدير ‌النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون أي مشكلات، حسبما نقلت ​شبكة «رووداو» المحلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

تحليل إخباري فصائل عراقية تنضم إلى دعوات لحصر السلاح بيد الدولة

يسارع قادة ميليشيات عراقية هذه الأيام إلى إعلان دعواتهم لحصر السلاح بيد الدولة في تطور يثير مفاجآت وعلامات استفهام، وكذلك انتقادات على المستوى المحلي.

فاضل النشمي (بغداد)
العالم العربي ضابط من القوات المسلحة العراقية يقف حارساً خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثامنة لانتصار العراق على تنظيم «داعش» (د.ب.أ)

القيادات العراقية تدعو للإسراع بتشكيل العملية السياسية في البلاد

دعا كبار القادة في العراق اليوم (السبت)، إلى الإسراع بتشكيل العملية السياسية الجديدة، واحترام المدد الدستورية، وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي 
الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)

الحكيم يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة

دعا عمار الحكيم، أحدُ قادة تحالف «الإطار التنسيقي» في العراق، إلى حصر السلاح بيد الدولة، مشدداً على عدم استخدامه أداة للضغط على صناع القرار في البلاد.

حمزة مصطفى (بغداد)
خاص الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)

خاص بغداد تدفع نحو «شراكة أقوى» مع واشنطن لمكافحة «داعش»

قال مسؤول عراقي إن التعاون الأمني مع الولايات المتحدة يتخذ وتيرة متزايدة لمكافحة الإرهاب، في أعقاب عملية الإنزال المشتركة التي نفذتها قوة خاصة في سوريا.

حمزة مصطفى (بغداد)

إسرائيل تكشف عن قاعدة بيانات الفصائل العراقية

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تكشف عن قاعدة بيانات الفصائل العراقية

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

كشفت مصادرُ مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أنَّ مسؤولين عراقيين تسلّموا خلال الأيام الماضية قاعدة بيانات أمنية إسرائيلية شديدة التفصيل عن الفصائل المسلحة العراقية، نُقلت عبر جهاز استخبارات غربي، وتضمَّنت معلوماتٍ واسعة عن القيادات، والبنية العسكرية، والشبكات المالية، والواجهات الحكومية المرتبطة بهذه الجماعات.

وأفادت المصادر بأنَّ حجم البيانات ودقَّتها «أذهلا» المسؤولين، وشكّلا إنذاراً عملياً بقرب تحرك عسكري محتمل.

وجاء تسليم «ملف ضخم» من البيانات بعد تحذير من دولة عربية «صديقة» أبلغت بغدادَ بأنَّ إسرائيل تتحدَّث عن ضوء أخضر أميركي للتحرك منفردة في العراق، وسط تراجع صبر واشنطن حيال ملف السلاح خارج الدولة. وأكَّد مسؤول عراقي «وصول الرسائل إلى بغداد».

ووفق المعلومات، فإنَّ الضربات المحتملة كانت ستشمل معسكرات تدريب، ومخازن صواريخ ومسيّرات، إضافة إلى مؤسسات وشخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري على صلة بالفصائل و«الحشد الشعبي».

وساهمت هذه التطورات في تسريع نقاشات داخل «الإطار التنسيقي» حول حصر السلاح بيد الدولة، مع طرح مراحل أولى لتسليم الأسلحة الثقيلة وتفكيك مواقع استراتيجية، رغم استمرار الخلافات حول الجهة المنفذة وآليات الضمان. ويتزامن ذلك مع ضغوط أميركية ربطت التعاون الأمني بجدول زمني قابل للتحقق لنزع القدرات العملياتية للفصائل.

إقليمياً، أفادت «إن بي سي نيوز» بأنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيطلع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مخاطر توسع برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وخيارات توجيه ضربات جديدة.


سلام: حصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي قريباً


رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
TT

سلام: حصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي قريباً


رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً رئيس الوفد اللبناني في لجنة الميكانيزم سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

أكَّد رئيسُ الحكومة اللبنانية نواف سلام لـ«الشرق الأوسط»، أنَّ المرحلة الثانية من خطة الجيش لحصر السلاح والمفترض أن تبدأ قريباً، ستكون بين ضفتي نهر الليطاني جنوباً ونهر الأولي شمالاً، فيما ستكون المرحلة الثالثة في بيروت وجبل لبنان، ثم الرابعة في البقاع، وبعدها بقية المناطق.

ولفت سلام إلى أنَّ ما قامت به المؤسسة العسكرية اللبنانية أدَّى إلى بسط سلطة الدولة بالكامل على المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني وصولاً إلى الحدود الجنوبية، ما عدا النقاط التي تحتلها إسرائيل، التي يجب أن تنسحبَ منها من دون إبطاء.

وفيما أشار الرئيس سلام إلى أنَّ مجلس الوزراء سوف ينعقد بدايات العام الجديد لتقييم المرحلة الأولى، مؤكداً ضرورة قيام إسرائيل بخطوات مقابلة، ووقف اعتداءاتها وخروقاتها لقرار وقف الأعمال العدائية، فإنَّه رأى أنَّ هذا لا يمنع لبنانَ من الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة حصر السلاح التي تمتد من شمال نهر الليطاني إلى منطقة نهر الأولي، وهي منطقة كبيرة نسبياً.


«ترمب ينتقم»... ضرب 70 هدفاً لـ«داعش» في سوريا

جنود أميركيون يجهزون مقاتلة "إف 15إي" بالذخائر قبيل انطلاقها لضرب أهداف ل"داعش" في سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
جنود أميركيون يجهزون مقاتلة "إف 15إي" بالذخائر قبيل انطلاقها لضرب أهداف ل"داعش" في سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
TT

«ترمب ينتقم»... ضرب 70 هدفاً لـ«داعش» في سوريا

جنود أميركيون يجهزون مقاتلة "إف 15إي" بالذخائر قبيل انطلاقها لضرب أهداف ل"داعش" في سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
جنود أميركيون يجهزون مقاتلة "إف 15إي" بالذخائر قبيل انطلاقها لضرب أهداف ل"داعش" في سوريا الجمعة (أ.ف.ب)

نفّذ الرئيس دونالد ترمب تهديدَه بالانتقام من تنظيم «داعش» على خلفية مقتل 3 أميركيين، هم جنديان ومترجم، بهجوم قام به متطرفٌ في تدمر بالبادية السورية، السبت قبل الماضي. وشملت ضربات أميركية، فجر الجمعة، 70 هدفاً لـ«داعش» في بوادي دير الزور وحمص والرقة. واستمرت الغارات نحو خمس ساعات وشاركت في تنفيذها طائرات ومروحيات وراجمات صواريخ من نوع «هيمارس». كما أعلن الأردن مشاركة طائراته في الهجوم.

وفيما تحدث ترمب، الجمعة، عن «ضربة انتقامية قوية جداً»، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث: «بدأت القوات الأميركية عملية (ضربة عين الصقر) في سوريا للقضاء على مقاتلين وبنى تحتية ومواقع تخزين أسلحة لـ(داعش)»، واصفاً العملية بأنَّها «إعلان انتقام» بعد هجوم تدمر الذي أسفر عن مقتل 3 أميركيين.

وقالت مصادر قريبة من وزارة الدفاع في دمشق إنَّ الضربات الأميركية قد تكون مفتوحة وتستمر لأيام.