ترمب يثير الجدل حول «ما يراه مناسباً» لمستقبل الفلسطينيين

بايدن يشيد بجهود الرئيس الأميركي وفريقه المفاوض... وأربعة سيناريوهات للمرحلة المقبلة

ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام على متن الطائرة الرئاسية (أ.ف.ب)
ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام على متن الطائرة الرئاسية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يثير الجدل حول «ما يراه مناسباً» لمستقبل الفلسطينيين

ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام على متن الطائرة الرئاسية (أ.ف.ب)
ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام على متن الطائرة الرئاسية (أ.ف.ب)

أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب جدلاً حينما صرح للصحافيين خلال رحلة عودته للولايات المتحدة بأنه سيقرر بنفسه «ما يراه مناسباً» لمستقبل الفلسطينيين، وذلك عقب توقيع اتفاق غزة الذي أنهى عامين من الصراع.

وكرر ترمب أن «إنهاء الحرب كان حدثاً مهماً، لأن أحداً لم يكن ليتوقع أن يكون هذا ممكناً»، لكنه أشار إلى أنه «لا يستطيع التنبؤ بما سيحدث للسلام» بعد انتهاء ولايته الرئاسية، وقال: «لا أستطيع أن أتنبأ بما سيحدث، لكني سأكون هناك لأدافع عن أي شخص».

وشدد على أنه سيركز على إعادة بناء غزة، وفي إجابته على أسئلة حول رغبة بعض الدول مثل مصر، في رؤية مسار لحل الدولتين، أجاب قائلاً: «إنهم يتحدثون عن خطة مختلفة وأنا أتحدث عن شيء مختلف تماماً، أتحدث عن إعادة إعمار غزة. كثيرون يفضلون حل الدولة الواحدة وبعضهم يفضل حل الدولتين، وسنرى. وأنا سأقرر ما أراه صحيحاً، لكني سأنسق الأمر مع دول أخرى».

ترمب والرئيس السابق جو بايدن (أ.ف.ب)

وأشاد الكثير من السياسيين الجمهوريين والمحللين بما حققه ترمب من «إنجاز تاريخي بإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين»، إلا أن الأضواء اتجهت إلى البيان الذي أصدره الرئيس السابق جو بايدن عبر منصة «إكس»، وأشاد فيه بترمب وإدارته، وقال: «أشعر بامتنان عميق وارتياح لمجيء هذا اليوم من أجل آخر عشرين رهينة على قيد الحياة، عانوا من جحيم لا يصدق، ومن أجل المدنيين في غزة الذين تكبدوا خسائر فادحة». وأضاف بايدن: «أشيد بالرئيس ترمب وفريقة على جهودهم للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والآن بدعم من الولايات المتحدة والعالم يسير الشرق الأوسط على طريق السلام الذي آمل أن يدوم، ومستقبل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، يتمتعون فيه بقدر متساو من السلام والكرامة».

وأشاد عدد كبير من الجمهوريين بجهود إدارة ترمب، وشدد مسؤولون على أن اتفاق غزة «يمثل انتصاراً دبلوماسياً كبيراً للرئيس الأميركي ونهجه في المزج غير التقليدي بين ممارسة الضغط، والعلاقة الشخصية مع إسرائيل والدول العربية والخليجية والإسلامية». لكن ترمب حظي أيضاً بإشادة نادرة من الديمقراطيين، منهم السيناتور تشاك شومر، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، الذي أشار إلى «الدعم الهائل الذي قدمه ترمب لعائلات الرهائن»، وحيَّا «جهوده وإدارته، وكل من ساهم في تحقيق هذه اللحظة».

وأشار النائب آدم سميت، كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إلى أنه «لا بد أن ينسب الفضل في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي للرئيس ترمب»، واكتفى عدد آخر من الديمقراطيين بالإشادة بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، فيما أشار البعض الآخر إلى الرغبة في تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.

جرافات تابعة لبلدية غزة تمر بجانب نازحين في طريقها لإزالة أنقاض المباني من المحاور والشوارع الرئيسية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

ورغم هذه الإشادات، فإن كثيراً من المحللين والخبراء أعربوا عن قلق ومخاوف إزاء المراحل التالية في الخطة التي تحتوي على مجموعة من المهام الأصعب بكثير، وهي المتعلقة بنزع سلاح «حماس»، والحوكمة، وإعادة الإعمار، وتشكيل قوة أمنية متعددة الجنسيات.

وأشار محللون أيضاً إلى «لغة الوصاية التي يتبناها ترمب في ملف الشرق الأوسط»، ما يطرح تساؤلات حول «مصير الفلسطينيين وما إذا كانت القضية الفلسطينية قد أصبحت رهينة لرؤيته الشخصية، بما يقلل من دور الفلسطينيين أنفسهم في تحديد مصيرهم، محولاً الصراع إلى قرار أميركي فردي، وقيادة أميركية مطلقة، خصوصاً وأنه يضع نفسه رئيساً لمجلس السلام»، الذي سيشرف على الحكم الانتقالي في غزة، مع غياب أي دور واضح للسلطة الفلسطينية في المراحل الأولى.

وتنص الخطة على إجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية قبل توليها السيطرة ما يجعل واشنطن الحكم الفعلي في هذه العملية. وهو ما أشارت إليه صحيفة «واشنطن بوست» بوصفه «فجوة كبيرة» بين إسرائيل والولايات المتحدة والعالم العربي حول طريق حل الدولتين.

ويجمع محللون على أن تحويل وقف إطلاق النار إلى سلام دائم يتطلب تسلسلاً مفصلاً، ومؤسسات وآليات مراقبة جديدة، وضمانات أمنية موثوقة لإسرائيل، ومساراً سياسياً شاملاً للفلسطينيين، وتمويلاً ورقابة دوليين مستدامين، وهو ما يطرح التساؤل حول المسار الذي ستتبعه إدارة ترمب لوضع آليات قوية وصارمة لتنفيذ المرحلة الثانية، وكيف سيتعامل البيت الأبيض مع التحديات؛ ذلك هو المعيار الذي سيحدد ما إذا كانت مبادرة ترمب ستصبح نقطة تحول حقيقية في تشكيل شرق أوسط جديد، أم أن النجاح في تنفيذ المرحلة الأولى سيكون مجرد هدوء مؤقت.

الرئيس دونالد ترمب في شرم الشيخ (أ.ب)

ويقول آرون ديفيد ميلر، المفاوض الأميركي السابق في الشرق الأوسط، والباحث البارز في «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي»، إن على ترمب «أن يكون مستعداً لتحمل هذه الأزمة حتى النهاية»، وأضاف: «إذا لم يفعل، فسوف تنحرف الأمور، وسينتهي الأمر بغزة أشبه بما حدث في السابع من أكتوبر، سواء شاركت (حماس) أم لا».

وشرح ميللر أنه «لا بد أن يحصل الرئيس على ضمانات بوجود أربع مجموعات عمل يرأسها مسؤول أميركي رفيع المستوى، تكون مسؤولة عن نزع سلاح (حماس)، وتشكيل القوة الدولية، وتشكيل الحكومة، وجمع المليارات لإعادة الاعمار»، وأضاف: «إذا لم يتبعوا هذا الطريقة فلا أرى كيف ستسير الأمور».

وصرحت بابرا ليف المسؤولة السابقة بإدارة الرئيس جو بايدن لشبكة «سي إن إن»، بأن «إنهاء الحرب هو الخطوة الأسهل، وربما بالغت إدارة ترمب في الترويج لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية، لكنها قللت من شأن مسار لإقامة دولة فلسطينية، وهذا ما يزيد من الشكوك والمخاوف».

ثلاثة عوائق مستعصية

ويحذر المحللون إياهم من أن «المطالبة بنزع السلاح الكامل تُنذر بتجدد العنف إذا افتقرت المرحلة الانتقالية إلى ضمانات أمنية موثوقة... نزع السلاح هو المحور الذي تدور حوله كل الأمور الأخرى».

ويثير الجانب الفلسطيني مخاوف من «أن الصياغات الأولية للخطة تُنذر بتهميش الجهات السياسية الفلسطينية الفاعلة، بخاصة السلطة الفلسطينية، وهو ما يُمثل مصدراً رئيسياً للنقد الإقليمي ومحفزاً محتملاً لعدم الاستقرار على المدى الطويل»، ويقول المنتقدون إن خطة ترمب «تُثير غموضاً كبيراً بشأن السيادة والحقوق السياسية للفلسطينيين، وتصريحاته حول الوصاية الأميركية ورؤيته لما يراه صالحاً للفلسطينيين تؤكد هذه المخاوف».

في المقابل، يشير المحللون إلى «أن أولويات بنيامين نتنياهو الأمنية والأحزاب المتشددة في ائتلافه هي الضمانات بأن أي انسحاب لن يُعرّض إسرائيل لهجمات صاروخية أو إرهابية. وهذا يخلق ديناميكية تفاوضية ستضغط فيها إسرائيل من أجل فرض ضوابط ميدانية صارمة وعمليات تحقق، ما سيحد من حرية عمل الجهات الفاعلة الخارجية، ويُعقّد الرقابة الدولية».

ويؤكد دينيس روس، المفاوض الأميركي في عملية أوسلو والسياسي المخضرم على ضرورة «أن يكون التقدم مُرتبطاً بمعايير معينة وخطوات يمكن قياسها وليس عملية مفتوحة»، ويعتقد «أن نزع سلاح (حماس) هو ركيزة أي تسوية مستدامة، وبدون هذه الخطوة، لا يمكن المضي قدماً في الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الإعمار بأمان».

القادة المشاركون في قمة شرم الشيخ (أ.ب)

ويشير محللون إلى أربعة سيناريوهات مطروحة خلال المرحلة الثانية المقرر تنفيذها خلال 60 يوماً، وهي: «سيناريو متفائل» (احتمال 30 في المائة)، حيث يرى خبراء «معهد بروكينغز» أنه سيكون بمثابة «إعادة ترتيب للوضع في الشرق الأوسط»، لكبح جماح إيران وفيه تتسارع وتيرة إعادة الإعمار بتمويل خليجي، ونزع سلاح «حماس» تحت إشراف أميركي عربي، وتولي السلطة الفلسطينية زمام الأمور في غزة، وتوسع «اتفاقيات إبراهيم»، ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة تأييد ترمب داخلياً وخارجياً، ويُرسي استقراراً في ولايته.

- «سيناريو المأزق والركود» (احتمال 40 في المائة) تعثر التنفيذ الجزئي لنزع سلاح «حماس»، وتتجه إسرائيل إلى الاحتفاظ، وربما توسيع المناطق العازلة، وتعيد «حماس» تنظيم صفوفها سراً. تتدفق المساعدات تدريجياً، لكن الاحتجاجات تندلع. وتتوقع صحيفة «نيويورك تايمز» أن تقوم إسرائيل بـ«ضم تدريجي» للأراضي، مما يُضعف الثقة، مع احتمالات وقوع انتهاكات تحفز عودة إسرائيل.

- «سيناريو تراجع متصاعد» (احتمال 20 في المائة) يتضمن ازدياد الانتهاكات، ومحاولات من «حزب الله» أو الحوثيين لتكثيف الهجمات على إسرائيل.

- «سيناريو انفراجه تحويلية» (احتمال 10في المائة) أن ينجح الرئيس ترمب في إبرام صفقة كبرى، تربط غزة بمحادثات الضفة الغربية، والقيود النووية على إيران. وأن ينجح في وضع إطار عمل قائم على حل الدولة الواحدة أو الدولتين، تحت إشرافه المؤقت.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

شؤون إقليمية تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

عادت القيادات السياسية والعسكرية تتحدث عن قلق شديد وشعور بالخطر الوجودي من النشاط الإيراني المتجدد لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز) play-circle

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

نفذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديداتها واحتجزت ناقلة نفط ثانية قبالة سواحل فنزويلا في ضربة جديدة لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لدفعه للتنحي.

هبة القدسي
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يستعد لتوسيع حملته على الهجرة في 2026

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوسيع حملته على المهاجرين في عام 2026، بإضافة تمويلات جديدة تصل إلى مليارات الدولارات، وتتضمن مداهمة مزيد من مواقع العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته (إ.ب.أ)

أمين عام «الناتو»: ترمب الوحيد القادر على إجبار بوتين على إبرام اتفاق سلام

أشارت تقديرات مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى أن الحلف بمقدوره الاعتماد على الولايات المتحدة في حال الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي القبض على أحد عناصر «خلية داعش» في داريا بريف دمشق (سانا)

عملية أمنية تستهدف وكراً لتنظيم «داعش» في داريا بريف دمشق

فكَّك الأمن الداخلي السوري خلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش»، وألقى القبض على أفرادها، وذلك خلال عملية أمنية محكمة في منطقة داريا بريف دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)
المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز)

نفذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديداتها بفرض حصار شامل على ناقلات النفط المبحرة من فنزويلا وإليها، واحتجزت يوم السبت ناقلة نفط ثانية قبالة سواحل فنزويلا في ضربة جديدة لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تستهدف مضاعفة الضغوط لدفعه للتخلي عن السلطة.

وأثارت التحركات الأميركية العسكرية والتهديدات المتكررة واحتجاز ناقلات النفط تساؤلات حول الهدف الحقيقي لإدارة ترمب؛ ما بين مكافحة المخدرات وأطماع السيطرة على النفط والمعادن النادرة وهدف الإطاحة بنظام مادورو، وتساؤلات حول مدى نجاح هذه الاستراتيجية في تغيير السلطة في فنزويلا، وتساؤلات أخرى تجادل بأن مصادرة ناقلات النفط هي أعمال حرب تتطلب تفويضاً من الكونغرس.

مبررات واشنطن

تعتمد استراتيجية واشنطن في فرض هذه الضغوط ضد فنزويلا على المخاوف الأمنية المتعلقة بتهريب المخدرات مثل الكوكايين والفنتانيل والاتجار بالبشر، إضافة إلى الرغبة في تقوية النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية التي تعد «الفناء الخلفي» للولايات المتحدة.

وتتماشى هذه الاستراتيجية مع استراتيجية الأمن القومي لإدارة ترمب التي أعلنتها قبل أسبوعين، والتي تركز على أميركا اللاتينية، معتبرة فنزويلا «نقطة البداية» للقضاء على العديد من المشاكل المثيرة للقلق في نصف الكرة الغربي، على أن يتوسع نطاق الضغط ليشمل كوبا أيضاً.

وأشارت سوزي ويلز رئيسة موظفي البيت الأبيض في مقابلتها مع مجلة «فانيتي فير» إلى أن «الولايات المتحدة تسعى للإطاحة بالرئيس الفنزويلي»، وقالت إن «ترمب يريد مواصلة تدمير القوارب حتى يستسلم مادورو».

وخلال الأسابيع الماضية ضاعفت إدارة ترمب إرسال مجموعات ضاربة من عشرات السفن الحربية والطائرات، ونشرت 15 ألف جندي أميركي قبالة سواحل فنزويلا، وصفها ترمب بأنها أكبر أسطول بحري تم إرساله في تاريخ أميركا الجنوبية. وأسفرت عمليات مكافحة تهريب المخدرات عن تدمير 28 قارباً ومقتل ما لا يقل عن 104 أشخاص، كما أعلن ترمب أن «حكومة فنزويلا هي منظمة إرهابية أجنبية». ودعمت إدارة ترمب المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو الحائزة جائزة «نوبل للسلام»، والمرحبة بتدخل ترمب في منطقة البحر الكاريبي.

شبح الحرب

غموض حول أهداف إدارة ترمب في فنزويلا ما بين مكافحة المخدرات وأطماع النفط وإسقاط النظام في كاراكاس (رويترز)

وعلى خلاف ترويج الرئيس ترمب لنفسه بأنه «صانع سلام»، فقد أعلن في مقابلة يوم الجمعة أنه لا يستبعد إمكانية شن حرب على فنزويلا. وطالبها عبر تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي بإعادة جميع النفط والأراضي والأصول الأخرى التي يقول إن فنزويلا «سرقتها» من الولايات المتحدة، وقال: «لقد استولوا على حقوقنا النفطية. كان لدينا الكثير من النفط هناك. لقد طردوا شركاتنا، ونريد استعادتها»، وهي إشارة لقيام فنزويلا بتأميم قطاعها النفطي في عام 1976، ما أثر على الشركات الأميركية. لكن تصريحات ترمب بعدم استبعاد شن حرب ضد فنزويلا تقابلها انتقادات واعتراضات من المشرعين بالكونغرس؛ إذ ينص الدستور الأميركي على ضرورة موافقة الكونغرس على أي أعمال حربية في البر أو البحر. كما يكشف استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيياك أن 53 في المائة من الأميركيين يعارضون هجمات ترمب على السفن في المياه الإقليمية لفنزويلا، ويعارض 63 في المائة أي عمل عسكري ضد فنزويلا.

ولم يطالب ترمب علناً بتنحي مادورو عن السلطة، لكنه قال مراراً وتكراراً إن أيام الزعيم الفنزويلي أصبحت معدودة. وأفادت بعض التقارير بأن ترمب أعطى الضوء الأخضر لعمليات سرية ضد نظام مادورو الذي يسيطر على فنزويلا منذ عام 2013.

وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن هناك ما يصل إلى 11 مليون برميل من النفط الخام الفنزويلي عالقة على متن 39 ناقلة ترسو قبالة الساحل الفنزويلي. ويمثل النفط أكثر من 80 في المائة من الصادرات لفنزويلا، ونحو 90 في المائة من إيرادات الحكومة، مما يفاقم الوضع الاقتصادي الداخلي الذي يعاني منذ سنوات من الانهيار الاقتصادي نتيجة للسياسات الاشتراكية في فنزويلا. ويعاني 80 في المائة من سكان فنزويلا من مستويات عالية من الفقر.

هل ينجو مادورو؟

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحمل سيفاً كان ملكاً لإيزيكيل زامورا وهو جندي فنزويلي وقائد الفيدراليين في الحرب الفيدرالية في حين يخاطب أنصاره خلال مسيرة لإحياء ذكرى معركة سانتا إينيس في نفس اليوم الذي مُنحت فيه زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو جائزة «نوبل للسلام» لعام 2025 في النرويج... وذلك في كاراكاس بفنزويلا يوم 10 ديسمبر 2025 (رويترز)

وأشارت ميليسا فورد مالدونادو مديرة مبادرة نصف الكرة الجنوبي بمعهد «سياسة أميركا أولاً» إلى أن «الديكتاتور الفنزويلي تحدى لسنوات التوقعات بانهيار نظامه، إلا أن التصعيد المتواصل من قبل إدارة ترمب لمصادرة ناقلات النفط وفرض حصار على السفن، يضرب النظام الفنزويلي في أضعف نقاطه، وهي تجارة النفط الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد، مما يعرض نظام مادورو لخطر شديد؛ لأنه لا يستطيع البقاء دون عائدات النفط». وأضافت: «يحتاج مادورو لأموال النفط لشراء الولاء ودفع رواتب الجنرالات والكارتلات للبقاء في السلطة».

من جانبه، أشار جورج جرايساتي رئيس مجموعة «الإدماج الاقتصادي» إلى أن الضغط النفطي وحده لن يؤدي إلى إسقاط نظام مادورو، بل «مزيج من العقوبات والمصادرات لناقلات النفط، إضافة إلى العزلة الدولية». وقال: «الضغط النفطي وحده لا يكفي، والضغط الدبلوماسي وحده لا يكفي، لكن حينما تجتمع كل هذه العوامل فهناك فرصة أكبر بكثير لسقوط مادورو فعلياً».

ويختلف معه كالي براون رئيس شركة «بولاريس» للأمن القومي الذي أشار إلى أن «الأنظمة الاستبدادية غالباً ما تتغلب على العقوبات من خلال التحول إلى مصادر إيرادات غير مشروعة، ولا يظهر نظام مادورو اهتماماً كبيراً بتأثير العقوبات الأميركية على شعبه».

ويرى محللون أن استراتيجية «الخنق الاقتصادي» التي تمارسها إدارة ترمب قد تؤدي إلى نتائج عكسية تعزز موقف مادورو الذي يروج لرواية «سرقة النفط في ممارسة استعمارية جديدة»، وتجتذب هذه الرواية جمهوراً من الفنزويليين غير المؤيدين له، وتعاطفاً من شرائح اجتماعية معارضة ومترددة، لكنها حساسة لانتهاكات السيادة.

ويرى مسؤولون سابقون أن هذه الاستراتيجية الأميركية إذا لم تنجح في إقناع مادورو بالفرار، فلن يتبقى أمام الولايات المتحدة سوى خيارين؛ الانسحاب أو تغيير النظام بالقوة. ويقول إليوت أبرامز المبعوث الخاص لترمب في ولايته الأولى إلى فنزويلا، إنه «من الممكن أن يعلن الرئيس في غضون شهر أو شهرين النصر، على أساس أن تهريب المخدرات بحراً قد انخفض بشكل كبير، لكن إذا نجا مادورو وانسحب ترمب فهذه هزيمة».

وحذر المحللون من التحديات التي ستنجم من الإطاحة المفاجئة للنظام في كاراكاس، ونصحوا إدارة ترمب بالنظر في عروض الوساطة المقدمة من المكسيك والبرازيل اللتين تحرصان على تجنب التصعيد المسلح في أميركا اللاتينية.


غراهام بعد لقائه نتنياهو: «حماس» و«حزب الله» يعيدان التسلّح

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

غراهام بعد لقائه نتنياهو: «حماس» و«حزب الله» يعيدان التسلّح

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

اتهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام خلال زيارته إسرائيل، الأحد، حركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني بإعادة تسليح نفسيهما، ملاحظاً أن الحركة الفلسطينية تعمل أيضاً على تعزيز نفوذها في قطاع غزة.

وكان اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» قد دخل حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد عامين من حرب مدمرة على قطاع غزة. ورغم الاتفاق، يواصل الطرفان تبادل الاتهامات بخرقه.

وفيما يتعلّق بالنزاع الإسرائيلي مع «حزب الله»، دخل اتفاق آخر لوقف إطلاق النار بين الجانبين حيّز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بعد نحو عام من مواجهة مفتوحة، لكن إسرائيل تواصل شنّ غارات على الأراضي اللبنانية.

وتصر إسرائيل على أن نزع سلاح «حماس» و«حزب الله»، حليفي إيران العدو اللدود للدولة العبرية، شرط أساسي لأي سلام دائم.

وفي بيان متلفز صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال غراهام: «لديّ انطباع بأن (حماس) لا تعمل على نزع سلاحها، بل تُعيد تسليح نفسها»، وأضاف: «أعتقد أنها تُحاول تعزيز حكمها ولن تتخلّى عنه في غزة».

وحسب عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية كارولاينا الجنوبية، وهو حليف للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أسهم في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فإن «حزب الله» يسعى بدوره إلى إعادة تسليح نفسه.

وقال: «أرى أن (حزب الله) يُحاول صنع مزيد من الأسلحة... وهذا أمر غير مقبول».

من جانبه، علق نتنياهو قائلاً: «أنت على حق في الحالتين»، مشيداً بغراهام الذي وصفه بأنه «صديق عظيم لإسرائيل».

وجاءت تصريحات غراهام غداة دعوة الوسطاء، المتمثلين في كل من الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، إسرائيل و«حماس» إلى الالتزام بوقف إطلاق النار.

ويضغط الوسطاء من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الهدنة التي تشمل انسحاباً إسرائيلياً من غزة، وإنشاء سلطة موقتة لإدارة القطاع بدلاً من «حماس»، ونشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

كما تتضمن المرحلة الثانية نزع السلاح من غزة، بما في ذلك سلاح حركة «حماس».

ومن جانبها، دعت حركة «حماس» الوسطاء وواشنطن إلى وقف ما تصفه بـ«الانتهاكات» الإسرائيلية لوقف إطلاق النار.

ومنذ إعلان وقف إطلاق النار، قٌتل 401 شخص في قطاع غزة بنيران إسرائيلية، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

والجمعة، قُتل 6 أشخاص، بينهم طفلان، جرّاء قصف إسرائيلي استهدف مدرسة كانت تُستخدم مأوى للنازحين، وفقاً لجهاز الدفاع المدني في غزة.

وفي لبنان، تعهدت الحكومة اللبنانية بنزع سلاح «حزب الله»، بدءاً من جنوب البلاد. إلا أن إسرائيل تُشكك في فاعلية الجيش اللبناني لإنجاز هذا الأمر، فيما رفض «حزب الله» تكراراً التخلي عن سلاحه.


ترمب يستعد لتوسيع حملته على الهجرة في 2026

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يستعد لتوسيع حملته على الهجرة في 2026

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوسيع حملته على المهاجرين في عام 2026، بإضافة تمويلات جديدة تصل إلى مليارات الدولارات، وتتضمن مداهمة مزيد من مواقع العمل، حتى مع تعالي الأصوات المعارضة قبيل انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.

ونشر ترمب بالفعل موظفين ​في مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى مدن أميركية كبرى؛ حيث اجتاحوا أحياء واشتبكوا مع السكان.

ووفقاً لـ«رويترز»، نفّذ الموظفون هذا العام بعض المداهمات البارزة على الشركات، لكنهم تجنبوا إلى حد كبير مداهمة المزارع والمصانع وغيرهما من الشركات المهمة اقتصادياً، والمعروفة بتوظيف مهاجرين لا يمتلكون وضعاً قانونياً.

وستحصل «وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك» ودوريات الحدود على تمويل إضافي قدره 170 مليار دولار حتى سبتمبر (أيلول) 2029، وهي زيادة هائلة في التمويل على ميزانياتها السنوية الحالية التي تبلغ نحو 19 مليار دولار، وذلك بعدما أقرّ الكونغرس الذي يُسيطر عليه الجمهوريون حزمة ‌إنفاق ضخمة في ‌يوليو (تموز).

ويقول مسؤولو الإدارة الأميركية إنهم يُخططون لتوظيف ‌آلاف الموظفين ⁠الإضافيين، ​وفتح مراكز ‌احتجاز جديدة وحجز مزيد من المهاجرين في سجون محلية، وإقامة شراكات مع شركات خارجية لتعقب الأشخاص الموجودين بالبلاد على نحو غير قانوني.

وانتخبت ميامي، إحدى أكثر المدن تضرراً من حملة ترمب بسبب عدد سكانها الكبير من المهاجرين، أول رئيس بلدية ديمقراطي منذ ما يقرب من 3 عقود الأسبوع الماضي.

وأشارت انتخابات محلية أخرى واستطلاعات رأي إلى تزايد القلق بين الناخبين المتحفظين على الآليات العنيفة لمكافحة الهجرة.

وقال مايك مدريد، وهو خبير استراتيجي سياسي جمهوري معتدل: «بدأ الناس يرون ⁠أن الأمر لم يعد مسألة هجرة بقدر ما هو انتهاك للحقوق وانتهاك للإجراءات القانونية وعسكرة الأحياء خارج نطاق ‌الدستور... لا شك في أن هذه مشكلة بالنسبة للرئيس والجمهوريين».

وتراجعت ‍نسبة التأييد العام لترمب في سياسة ‍الهجرة من 50 في المائة خلال مارس (آذار)، قبل أن يشن حملات في عدة ‍مدن أميركية كبرى، إلى 41 في المائة منتصف ديسمبر (كانون الأول)، بسبب القضية الأهم التي يواجهها منذ عودته للبيت الأبيض في بداية هذا العام.

وتركز القلق العام المتزايد على الموظفين الاتحاديين المقنعين الذين ينتهجون أساليب تتسم بالعنف، منها إطلاق الغاز المسيل للدموع داخل الأحياء واحتجاز مواطنين أميركيين.

وعاد ترمب، الذي ​ينتمي للحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض بعد وعود بمستويات قياسية من عمليات الترحيل، قائلاً إن هناك حاجة إلى ذلك بعد سنوات من ارتفاع مستويات ⁠الهجرة غير الشرعية في عهد سلفه الديمقراطي جو بايدن.

وأغلقت بعض الشركات أبوابها لتجنب المداهمات أو بسبب نقص الزبائن، وأبعد آباء وأمهات عرضة للاعتقال أطفالهم عن المدارس، أو لجأوا إلى جيرانهم لاصطحابهم إلى الدراسة. وبدأ بعض المواطنين الأميركيين حمل جوازات سفر.

وتظهر أرقام «وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك» أن نحو 41 في المائة من نحو 54 ألف شخص اعتقلتهم واحتجزتهم حتى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) لم تكن لديهم سجلات جنائية بخلاف الاشتباه في ارتكابهم مخالفات تتعلق بالهجرة.

وفي الأسابيع القليلة الأولى من يناير (كانون الثاني)، أي قبل تولي ترمب منصبه، كان 6 في المائة فقط من الذين اعتقلتهم واحتجزتهم «وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك» لا يواجهون اتهامات بجرائم أخرى أو سبق أن أدينوا. واستهدفت إدارة ترمب المهاجرين الشرعيين أيضاً.

فقد اعتقل الموظفون أزواج مواطنين ‌أميركيين أثناء مقابلاتهم للحصول على الإقامة الدائمة، واحتجزوا أشخاصاً من بعض البلدان خلال إجراءات تجنيسهم، قبل لحظات من حصولهم على الجنسية الأميركية وألغوا آلاف التأشيرات الطلابية.