تأويلات متناقضة لحديث ترمب عن «التصرف» بنفط العراق

حذر العراقيين من «مشكلة» في حال الفشل بإدارة الثروة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش قمة شرم الشيخ يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش قمة شرم الشيخ يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)
TT

تأويلات متناقضة لحديث ترمب عن «التصرف» بنفط العراق

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش قمة شرم الشيخ يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش قمة شرم الشيخ يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

انشغل العراقيون على المستويين الرسمي والشعبي بعبارات أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حول الثروة النفطية في البلاد وعدم القدرة على إدارتها، وسط مخاوف من «نوايا مستقبلة» قد تضمرها واشنطن لمصدر الدخل الوحيد تقريباً للعراق، الذي يسهم في أكثر من 90 في المائة من إجمالي الناتج القومي.

وحذّر ترمب، الاثنين، خلال كلمته في «قمة شرم الشيخ للسلام»، وفي إطار شكره للدول التي أسهمت بدعم جهود التهدئة وضمنها العراق الذي مثّله رئيس الوزراء محمد السوداني، من أن العراق قد يواجه «مشكلة» إذا فشل في إدارة ثروته النفطية بشكل صحيح، وقال أمام وفود الدول المشاركة في القمة، إن «العراق بلد مليء بالنفط، وسيكون مشكلة لديكم إذا لم تعرفوا كيف تتعاملون مع النفط».

ومع أن معظم القطاعات الرسمية في العراق تدرك حجم المشاكل التي تواجهها البلاد جراء الاعتماد الأساسي على عوائد النفط وانعدام المداخيل الأخرى الناجمة عن الاستثمارات والتجارة والزراعة والصناعة وبقية القطاعات، فإن كلام الرئيس الأميركي شكل ما «يشبه الصدمة» وتذكيراً للجميع بأن أوضاع البلاد الاقتصادية «ليست على ما يرام»، خاصة أن ذلك يصدر عن رئيس الدولة الأقوى من حيث الاقتصاد والنفود والقوة العسكرية.

ولم يغب عن الانشغال العراقي المصافحة التذكارية بين رئيس الوزراء محمد السوداني، والرئيس الأميركي، حيث ذهب مراقبون بعيداً في تأويلها، واعتبروا أن فيها إشارة إلى «قبول أميركي بالسياسات التي ينتهجها السوداني قد تتكلل بدعم لاحق للحصول على ولاية ثانية في رئاسة الوزراء»، فيما قلل آخرون من ذلك، وانتقدوا ما وصفوه بـ«الدور المتواضع» الذي اضطلع به العراق في قمة شرم الشيخ.

تعليقاً على ذلك، رأى إياد السماوي، وهو أحد مستشاري رئيس الوزراء، أن «الإعلام المناهض للسوداني ترك أهميّة مشاركة العراق في هذا التجمع العالمي الذي ضمّ أهم قادة العالم ليركز فقط على ما وراء كلمة ترمب عن نفط العراق الذي لا يعرف قادته ماذا يفعلون به، ويغوصون في تفسيرات لمجاراة السوداني للرئيس الأميركي برفع إبهامه الأيمن».

وتساءل السماوي قائلاً: «ما الخطأ في كلام الرئيس الأميركي عن نفط العراق؟ ألا يوجد في العراق نفط كثير؟ وهل أحسنت الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد زوال الديكتاتورية التصرّف بأموال النفط؟ ألم تظهر فوائد النفط العملية خلال الحكومة الحالية».

وأظهرت بيانات المالية العامة الصادرة عن الحكومة الاتحادية العراقية (FGI) أن الحكومة الحالية، مثل سابقاتها، لم تحقق سوى تقدم محدود، بل يكاد يكون معدوماً، في بلوغ أي من الهدفين، التحرر من الاقتصاد الريعي وتقليل الاعتماد على النفط، ونتيجة لذلك، تواجه عجزاً مالياً جديداً.

يرى أستاذ الاقتصاد والمرشح الحالي للانتخابات العامة عبد الرحمن المشهداني، أن «تصريحات ترمب بشأن النفط لا تبدو سهلة على التفسير، شأن الكثير من التصريحات المبهمة التي يدلي بها عن مختلف القضايا».

وقال المشهداني لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع يعلم بالمشاكل وسوء الإدارة المالية في العراق، ترمب لم يأت بجديد، علينا إصلاح ذلك داخلياً، لا أعتقد أن تصريحات ترمب تثير القلق، ذلك أن العراق يرحب دائماً بالشركات الأميركية في قطاع النفط والاستثمارات».

ويعتقد الكاتب والباحث نزار حيدر أن في تعليق الرئيس الأميركي «إشارة واضحة إِلى فشل العراق كدولة في إدارة موارده الطبيعية الضَّخمة لتحقيق النمو الاقتصادي والنهوض في مستوى المعيشة».

وقال حيدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الولايات المتحدة الأميركية تعرف جيداً وبعمق تفاصيل هذا الملف، على اعتبار أنها ما زالت مسؤولة وتشرف على مبيعات البترول العراقي والذي تدخل عائداته في حساب خاص في الفيدرالي».

ولا يستبعد أن يكون في تعليق ترمب «إشارة إلى العقوبات التي فرضتها الخزانة الأميركية على أفراد وكيانات مرتبطة بمؤسسات الدولة بسبب تهريب البترول، وخاصة ما يسمى بالبترول المخلوط بالنفط الإيراني الذي يتم تهريبه بعنوان عراقي».

وقال الكاتب والصحافي فلاح المشعل، في إشارة إلى عبارة الرئيس الأميركي، إن «هذه التعرية والفضيحة التي كشف عنها ترمب للطبقة السياسية الحاكمة في العراق، والحكومات المتولدة عنها، تشكل كشفاً لحقيقة فشل هذه الطبقة السياسية وحكوماتها المتعاقبة الغارقة بالفساد والعبث والأمية».

وذكر المشعل في تدوينة عبر «إكس» أن الطبقة السياسية «اعتمدت على أسلوب الاقتصاد الريعي في بيع النفط فقط واستعمال إيراداته دون تنمية أو صناعات وطنية - نفطية تتمناها دول العالم، وغابت عن طبقة الحكم الفاسدة».

وأضاف مخاطباً الرئيس ترمب أن «العراق يبيع النفط الخام فقط، وهناك من يعمل على تهريبه أو هدره بالسوق السوداء والصفقات السياسية، والوارد للأحزاب وحملة السلاح ومافيات أعطيت لها تسهيلات في ممارسة أنواع النهب للنفط العراقي الذي لا تعرف سلطاته ماذا تفعل بشأنه».


مقالات ذات صلة

فوز «عصفورة» المدعوم من ترمب برئاسة هندوراس

أميركا اللاتينية شاشة تعرض صورةً لنصري عصفورة وسط أنصاره (أ.ف.ب)

فوز «عصفورة» المدعوم من ترمب برئاسة هندوراس

أعلنت الهيئة الانتخابية، الأربعاء، أن ​نصري عصفورة، مرشح الحزب الوطني المحافظ المدعوم من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فاز بالانتخابات الرئاسية في هندوراس.

«الشرق الأوسط» (تيجوسيجالبا)
شؤون إقليمية لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

نشر المكتب الصحافي لنتنياهو، الأربعاء، مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء وترمب، وهما يقودان طائرة مقاتلة فوق مجموعة من المباني في منطقة صحراوية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

أعلنت السلطات السورية ليل الأربعاء أنها ألقت القبض على قيادي بارز في تنظيم «داعش» بدمشق بالتنسيق مع التحالف الدولي في عملية «أمنية محكمة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الملياردير جيفري إبستين (أ.ب)

تأجيل نشر مزيد من المواد المتعلقة بإبستين بعد اكتشاف مليون وثيقة إضافية

قالت وزارة العدل الأميركية، اليوم (الأربعاء)، إنها قد تحتاج إلى «بضعة أسابيع أخرى» لإنهاء الإفراج عن ملفات الملياردير جيفري إبستين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)

خوف وقلق بين أفغان الولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن وتشديد سياسات الهجرة

بعدما عملوا لسنوات إلى جانب القوات الأميركية في أفغانستان، وجد آلاف الأفغان الذين أعادت الولايات المتحدة توطينهم في أراضيها، أنفسهم فجأة موضع شك.

«الشرق الأوسط» (آناهايم (الولايات المتحدة))

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

عائلة الضابط اللبناني المختطَف: استدرجه مغترب

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

روت عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني، أحمد شكر، تفاصيل جديدة بشأن اختفائه قبل أيام، مشيرة إلى أن مغترباً لبنانياً في كينشاسا يُدعى «ع . م» تواصل مع أحمد لاستئجار شقته في جنوب بيروت، وأنه زار لبنان مراراً.

وقال عبد السلام، شقيق الضابط المختفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المغترب طلب لاحقاً من أحمد المساعدة في بيع قطعة أرض في زحلة لِمُتموّل يُدعى سليم كساب، لكن تبين لاحقاً أنه اسم مستعار.

وفي يوم اختفاء أحمد، ذهب لمقابلة المتمول، لكن المغترب اعتذر من عدم الحضور. وأظهرت كاميرات المراقبة تحرك سيارة باتجاه بلدية الصويرة، حيث فُقد أثر أحمد؛ مما أثار الشكوك بشأن تعرضه للاختطاف، من دون وجود أدلة واضحة.

ونفت العائلة أي علاقة لأحمد بملف الطيار الإسرائيلي رون آراد المفقود منذ 1986، وأيَّ علاقة له بالأحزاب.


الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
TT

الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة جديدة

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق بموسكو (أ.ب)

أفاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بأن العلاقات السورية - الروسية تدخل عهداً جديداً مبنياً على الاحترام المتبادل.

وقال الشيباني، خلال اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أمس، إن مناقشة العلاقة بين البلدين تجري بقدر أكبر من الصراحة والانفتاح، مشدداً على أن دمشق تتطلع إلى بناء علاقات متوازنة وهادئة مع جميع الدول.

والتقى الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتناول اللقاء سبل تطوير الشراكة العسكرية، بما يعزز القدرات الدفاعية للجيش السوري، ويواكب التطورات الحديثة في الصناعات العسكرية.

وأوردت «الوكالة العربية السورية للأنباء» أن الرئيس الروسي «جدّد موقف موسكو الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية»، وأكّد رفضه «أي مشاريع تهدف إلى تقسيم سوريا».


العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
TT

العراق يلاحق «مجندين» في حرب أوكرانيا

صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)
صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

كثّف العراق ملاحقته القضائية لمواطنين تورطوا في القتال ضمن الحرب الروسية – الأوكرانية، محذّراً من عقوبات بحق من يلتحق بقوات عسكرية أجنبية من دون موافقة رسمية.

وأكد رئيس مجلس القضاء فائق زيدان أن القانون يعاقب بالسجن كل من يشارك في نزاعات خارجية، مشدداً على تجريم شبكات التجنيد والاتجار بالبشر.

جاء ذلك بالتزامن مع عمل لجنة حكومية خاصة بمكافحة تجنيد العراقيين للقتال في أراض أجنبية، وسط تضارب بشأن أعداد المجندين.

وتتحدث تقارير صحافية عن وجود نحو 50 ألف عراقي جُندوا للقتال في صفوف القوات الروسية، في حين تشير إحصاءات غير رسمية إلى نحو 5 آلاف مقاتل يتوزعون بواقع 3 آلاف مع الجيش الروسي، وألفي مقاتل مع الجيش الأوكراني.

وكانت محكمة عراقية قد أصدرت حكماً بالسجن المؤبد بحق مدان بتجنيد مقاتلين للقتال مع روسيا.