يكمل الإغلاق الحكومي أسبوعه الثاني، في ظل جمود تام للمفاوضات الهادفة إلى التوصل إلى تسوية لحل الأزمة وإعادة فتح المرافق الحكومية. ويصر الطرفان، الديمقراطي والجمهوري، على مواقفهما الرافضة للتسويات، فمن جهة يرفض الديمقراطيون المساومة على مطالبهم القاضية بتمديد إعفاءات الرعاية الصحية (أوباما كير) والتي ستؤدي في حال انتهاء صلاحيتها نهاية العام إلى زيادة أسعار الالتحاق بها لملايين الأميركيين، ومن جهة أخرى يتحصن الجمهوريون وراء موقفهم الرافض التنازل قبل فتح المرافق الحكومية أبوابها وإقرار التمويل.
استراتيجية هجومية جمهورية

وحتى اللحظة، يبدو أن كفة النزاع تميل للجانب الجمهوري، خاصة مع دعم البيت الأبيض موقف الحزب، واعتماده على استراتيجية تسمح بتسديد رواتب العسكريين وقوى الأمن عبر تجيير المبالغ من برامج فيدرالية تمت الموافقة عليها. فعادة ما يشكل موضوع تأخير رواتب العناصر الأميركية، نقطة الفصل التي يتنازل فيها طرف ضد الآخر، وتحرك البيت الأبيض هذا من شأنه أن يخفف الضغط عن الحزب الجمهوري ويسلط الأضواء على الحزب الديمقراطي الذي لا يحمل بجعبته أي استراتيجية مدروسة لاستكمال مسار العرقلة؛ نظراً لوجوده في حزب الأقلية في المجلسين، على عكس الجمهوريين وترمب. ويحرص الرئيس الأميركي على توجيه ضربات موجعة للديمقراطيين خلال عملية الإغلاق؛ إذ نفذ وعوده بطرد الآلاف من الموظفين الحكوميين وإنهاء برامج فيدرالية تهم الديمقراطيين في ولايات زرقاء. كما يكرر توصيفه للإغلاق بأنه «إغلاق ديمقراطي» لتوظيف القضية ضد الحزب في الانتخابات النصفية.
رهان ديمقراطي

ويتخبط الديمقراطيون في متاهة هذه التصريحات، ويسعون إلى تعزيز وحدة صفهم؛ أملاً بأن يستقطبوا اهتمام ترمب ويتوصلوا إلى تسوية معه. فهم يعلمون جيداً أن الصف الجمهوري متراص وراء الرئيس الأميركي، وأن أي حلحلة في موقفه ستجر وراءها الجمهوريين وتدفعهم للتسوية. لكنه رهان خطر يعتمد على رئيس عُرف بمهارته في التفاوض وانتزاع تسويات أو رفضها.
وبانتظار النتيجة، يعتمد رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، على رهان من نوع آخر؛ إذ رفض منذ الإغلاق عقد جلسات في مجلس النواب نوعاً من الضغط على الديمقراطيين في الشيوخ لإقرار نسخة التمويل نفسها التي أقرها مجلس النواب. ويقول جونسون إنه لا حاجة إلى عقد جلسات في المجلس؛ لأنه قام بعمله وأقر التمويل الفيدرالي، رامياً الكرة في ملعب الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، حيث قال زعيمهم هناك، تشاك شومر، إن حظوظ حزبه تزداد في كل يوم يمر على الإغلاق، وهو خير دليل على عدم وجود أي حلحلة في نهاية الأفق، مع غياب أي نوع من المفاوضات؛ ما ينذر بإغلاق طويل قد يكسر الأرقام القياسية مجدداً.


