إيفانكا عادت... من حائط المبكى في القدس إلى حلبة المصارعة في البيت الأبيض

دونالد ترمب يعيد ابنته الكبرى إلى الواجهة بعد ابتعاد استمر 3 أعوام

إيفانكا ترمب تعود إلى دوائر القرار بعد انكفاء استمر 3 سنوات (إنستغرام)
إيفانكا ترمب تعود إلى دوائر القرار بعد انكفاء استمر 3 سنوات (إنستغرام)
TT

إيفانكا عادت... من حائط المبكى في القدس إلى حلبة المصارعة في البيت الأبيض

إيفانكا ترمب تعود إلى دوائر القرار بعد انكفاء استمر 3 سنوات (إنستغرام)
إيفانكا ترمب تعود إلى دوائر القرار بعد انكفاء استمر 3 سنوات (إنستغرام)

على السجّادة الحمراء الممتدّة في مطار بن غوريون، تتقدّم إيفانكا ترمب باتجاه الطائرة الرئاسية الأميركية. تفصل بينها وبين بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي خطوة. الجميع يستعدّ لاستقبال الرئيس دونالد ترمب. وحدها إيفانكا تحصل منه على قبلتَين. كيف لا وهي الابنة العائدة إلى الصورة بعد غياب، إلى جانب زوجها جاريد كوشنر.

ترمب يقبّل ابنته إيفانكا في مطار بن غوريون (رويترز)

بالتزامن مع إطلاق دونالد ترمب حملته الرئاسية الثانية عام 2022، شاركت ابنته الكبرى منشوراً على «إنستغرام» قائلةً إنها تحب والدها كثيراً، لكنها هذه المرة ستمنح الأولوية لأولادها. أعلنت إيفانكا بذلك اعتزالها المنصب الاستشاريّ الكبير الذي كان قد أولاها إياه والدها خلال عهده الرئاسي الأول.

ذهبت إيفانكا حينذاك إلى حد القول ضمن أحد برامج البودكاست، إنها لا تريد المشاركة في العمل السياسي، لأن «السياسة عالم قاتم جداً، فيه الكثير من السواد والسلبية»، وأن كل ذلك يتناقض مع ما يناسبها كإنسانة.

التزمت بموقفها خلال حملة والدها الانتخابية وحتى بعد فوزه الرئاسي. انقضت ثلاث سنوات انكفأت خلالها عن المشهد السياسي، مكتفيةً بإطلالات قليلة خلال مناسبات رسمية محددة. حتى إنها نقلت مقر إقامتها من نيويورك إلى فلوريدا.

إيفانكا ترمب مع زوجها جاريد كوشنر وأولادهما (إنستغرام)

لكن قبل أيام قليلة من وصول الرئيس الأميركي إلى إسرائيل لإعلان انتهاء الحرب على غزة، أطلّت إيفانكا ترمب وجاريد كوشنر من تل أبيب. لم تكتفِ بمرافقة زوجها الذي يُحكى أنه لعب دوراً محورياً في خطة السلام الجديدة، بل أطلقت مواقف وتحدثت إلى الجماهير المحتشدة في «ميدان الرهائن».

إيفانكا ترمب متحدّثةً أمام الجماهير في «ميدان الرهائن» في إسرائيل (أ.ف.ب)

وقفت إيفانكا أمام حائط المَبكى في القدس، كما التقت عائلات الرهائن الإسرائيليين، وعندما توجّهت إليهم في الميدان، نقلت رسالة على لسان والدها: «أراد منّي الرئيس أن أخبركم بأنه يَراكم ويسمعكم ويقف معكم دائماً». وأمام آلاف الإسرائيليين المحتشدين، قالت إن «عودة الرهائن إلى ديارهم انتصارٌ للإيمان والشجاعة والإنسانية»، متوقعةً أن تكون هذه الخطوة مقدّمة لسلام دائم.

وخلال زيارة الساعات القليلة التي أمضاها في تل أبيب، رافقت إيفانكا أباها خطوةً بخطوة، في محطتَيه الأساسيتين؛ أي المطار والكنيست.

إيفانكا ترمب أمام حائط المبكى خلال زيارتها إلى إسرائيل (إنستغرام)

أكانت بادرة حسن نيّة من دونالد ترمب تجاه صهره الضالع في الملف الإسرائيلي، أم رغبة لديه في إعادة ابنته إلى حلقته الضيقة من المستشارين، فإنه من الواضح أن إجازة إيفانكا العائلية قد انتهت. وأول دعوة وُجّهت إليها للانخراط في العمل من جديد، تلقّتها منذ شهرين وبأمرٍ من والدها.

أما المهمة التي تدخل من خلالها إيفانكا إلى البيت الأبيض من جديد، فهي رياضية هذه المرة وليست سياسية. سوف تُشرف على تنظيم نهائيات بطولة الفنون القتالية التي يستضيفها المقر الرئاسي الأميركي في يوليو (تموز) 2026. يأتي ذلك ضمن مجموعة من الفعاليات التي ستنظمها الإدارة الأميركية، احتفاءً بـ250 سنة من الاستقلال، العام المقبل.

الكنيست الإسرائيلي يرحّب بجاريد كوشنر تصفيقاً (أ.ف.ب)

تستعد إيفانكا ترمب إذن لوضع قدمِها وسَط الحلبة من جديد، تلبيةً لطلب والدها. وقد أفصح عن بعض تفاصيل تلك العودة رئيس المنظّمة العالمية للفنون القتالية (UFC)، دانا وايت، وهو رجل أعمال مقرّب جداً من الرئيس الأميركي. في حوار مع شبكة «سي بي إس» الأميركية، أخبر وايت: «عندما اتصل بي الرئيس ترمب وطلب مني إقامة مباراة القتال في البيت الأبيض، قال لي إنه يريد إيفانكا في قلب كل ذلك». وأضاف أنه بانتظار لقاءٍ سيجمعه بترمب وابنته خلال هذا الشهر لمناقشة خطط المباراة، وأنّ تواصلاً تمهيدياً جمعه بإيفانكا.

ترمب وابنته إيفانكا يحضران معاً إحدى مباريات الفنون القتالية (إنستغرام)

لن تكون استضافة بطولة الفنون القتالية مجرّد حدثٍ عابر في البيت الأبيض. فالرئيس الأميركي من أشدّ المعجبين بتلك الرياضة، وهو حضر 3 مباريات منذ انتخابه رئيساً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. لشدّة حماسته، تولّى ترمب شخصياً الإعلان عن الحدث المرتقب. فخلال أحد تجمّعاته في ولاية آيوا الشهر الماضي، قال: «ستكون لدينا مباراة في الفنون القتالية على أرض البيت الأبيض. فكّروا بذلك... لدينا الكثير من المساحة هناك وسيكون قتال البطولة كاملاً بمشاركة 20 أو 25 ألف شخص».

اختار ترمب إعادة ابنته إلى المشهد من خلال هذا الحدث تحديداً، لأنها هي أيضاً من محبّي الملاكمة والمصارعة وسائر الفنون القتالية. كما أنها ليست بعيدة شخصياً عن المجال، بما أنها تحمل الحزام الأزرق في رياضة الجوجيتسو، التي تمارسها وأفراد عائلتها جميعاً.

قبل أن يصبح والدها رئيساً للولايات المتحدة الأميركية عام 2017، كانت إيفانكا ترمب تتولّى نيابة الرئاسة التنفيذية لـ«مؤسسة ترمب». وبعد أن دخل البيت الأبيض، اصطحبها معه لتصبح مستشارته وترافقه في عدد من رحلاته الخارجية المهمة.

أدارت إيفانكا مكتب المبادرات الاقتصادية والرياديّة. ولاحقاً، ترأست بعثاتٍ أميركية إلى الخارج في إطار تمكين المرأة. كما شاركت عام 2019 في المحادثات التي جمعت والدها برئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون. فهل يمهّد انخراطها في تنظيم بطولة الفنون القتاليّة لدخولٍ ثانٍ في المعترك السياسي من باب الرياضة هذه المرة؟


مقالات ذات صلة

باراك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

باراك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم باراك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ضباط شرطة نيو أورلينز يحملون رجلاً خارج مبنى البلدية بعد مشاركته في احتجاج على نشر عملاء فيدراليين في المدينة (أ.ف.ب)

بعد إهانات ترمب.. اعتقال صوماليين في حملة ضد المهاجرين في مينيابوليس

قال مسؤولون اتحاديون أمس الخميس إن أفرادا من أصول صومالية كانوا من بين من جرى اعتقالهم في حملة ضد المهاجرين في مينيابوليس.

«الشرق الأوسط» (مينيابوليس)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (إ.ب.أ) play-circle

أميركا تخطط لزيادة عدد الدول على قائمة حظر السفر لأكثر من 30

قالت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم، الخميس، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تخطط لزيادة عدد الدول التي يشملها حظر سفر إلى أكثر من 30 دولة.

رياضة عالمية ترمب منح أولوية التأشيرات للراغبين في حضور المونديال (أ.ف.ب)

ترمب يأمر بمنح أولوية التأشيرات للراغبين في حضور المونديال

أصدرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليمات للسفارات والقنصليات الأميركية حول العالم بإعطاء الأولوية لطلبات التأشيرة المونديالية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدثان في برلين بألمانيا يوم 23 يوليو 2025 (إ.ب.أ)

ماكرون وميرتس قلقان من النهج الأميركي للسلام في أوكرانيا

كشفت مجلة «شبيغل» الألمانية أن الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني عبّرا عن تشككهما في الاتجاه الذي تسلكه أميركا للتفاوض على السلام بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.