الجيش السوداني و«الدعم السريع» يتبادلان الاتهامات بارتكاب مجازر

مستشار ترمب يدين الهجمات على الفاشر ويدعو إلى وقف فوري للقتال

لقطة من فيديو نشرته مواقع للتواصل الاجتماعي الأحد تظهر حطام مبنى مدمر إثر غارة على الفاشر كبرى مدن دارفور (رويترز)
لقطة من فيديو نشرته مواقع للتواصل الاجتماعي الأحد تظهر حطام مبنى مدمر إثر غارة على الفاشر كبرى مدن دارفور (رويترز)
TT

الجيش السوداني و«الدعم السريع» يتبادلان الاتهامات بارتكاب مجازر

لقطة من فيديو نشرته مواقع للتواصل الاجتماعي الأحد تظهر حطام مبنى مدمر إثر غارة على الفاشر كبرى مدن دارفور (رويترز)
لقطة من فيديو نشرته مواقع للتواصل الاجتماعي الأحد تظهر حطام مبنى مدمر إثر غارة على الفاشر كبرى مدن دارفور (رويترز)

اتهمت الحكومة السودانية، الأحد، «قوات الدعم السريع»، بالتورط في جرائم بحقّ المدنيين في الفاشر، كبرى مدن دارفور، بعد ساعات من هجوم بالمسيرات، استهدف مخيماً للنازحين، وأودى بحياة أكثر من 60 مدنياً، فيما نفت «الدعم السريع» أي صلة لها بالهجمات.

وتوالت الإدانات الدولية على استهداف المدنيين في الفاشر ومناطق النزاعات الأخرى بالبلاد. وفي اليوم ذاته، قُتل أكثر من 20 شخصاً، وأصيب العشرات بجراح في بلدة الكومة، إثر قصف جوي نفّذه الطيران الحربي للجيش.

وأسفرت المجازر المتزامنة على مدينتي الفاشر والكومة في شمال دارفور، غرب السودان، عن مقتل 77 مدنياً على الأقل، إلى جانب عشرات الجرحى من الأطفال والنساء.

وفي المقابل، اتهمت «قوات الدعم السريع»، بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، الجيش، بشنّ غارات بالمسيّرات على منطقة الكومة، التي تسيطر عليها، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين.

حطام مبنى مدمر على الأرض إثر غارة شنّتها «قوات الدعم السريع» وفقاً لجماعات ناشطة محلية في الفاشر غرب السودان (مواقع التواصل الاجتماعي - رويترز)

وقال مجلس «السيادة السوداني»، أعلى سلطة سيادية في البلاد، برئاسة قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، إن هذه الجرائم تحتم على الإرادة الدولية مساعدة السودان على اجتثاث هذه «الميليشيا الإرهابية» ومحاسبة قادتها على الجرائم التي ترتكبها ضد المدنيين. وأضاف، في بيان، الأحد، أن «الهجوم الدامي على الفاشر لن يزيد الشعب السوداني إلا تمكساً بالقضاء على هذه (الميليشيا) التي تزعزع الأمن في المنطقة والإقليم».

وطالبت الحكومة السودانية، في بيان لوزارة الخارجية، مجلس الأمن بالضغط على «قوات الدعم السريع» لتنفيذ القرار رقم 2736، برفع الحصار عن الفاشر فوراً والامتناع عن مهاجمتها.

بدورها، نفت «قوات الدعم السريع» بشكل قاطع ما سمّته بـ«الادعاءات الكاذبة» بشأن سقوط مدنيين نتيجة قصف جوي أو مدفعي نفّذته قواتها باستهداف ملجأ للنازحين في مدينة الفاشر. وقال المتحدث باسم «الدعم السريع»، الفاتح قرشي: «إن هذه الادعاءات غير صحيحة جملة وتفصيلاً»، مؤكداً التزامها بقواعد الاشتباك التي تراعي سلامة المدنيين وتحترم حقوق الإنسان.

وأفاد شهود عيان بأن القصف الجوي بالمسّيرات ازداد حدة في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين.

من جهة ثانية، أدان تحالف السودان التأسيسي، المعروف اختصاراً بـ«تأسيس»، الذي يعدّ المرجعية السياسية للحكومة الموازية، الموالية لــ«قوات الدعم السريع»، بشدة الهجوم الذي شنّه الجيش السوداني بطائرة مسّيرة على المدنيين العزل في منطقة الكومة (تبعد نحو 80 كيلومتراً، شرق الفاشر)، الذي أدّى إلى مقتل أكثر من 20 شخصاً، وإصابة العشرات بجروح «متفاوتة الخطورة».

وقالت وزارة الصحة السودانية، في بيان صحافي، إنه تم إحصاء 58 قتيلاً، من بينهم 17 طفلاً، و22 امرأة، وعدد من الكوادر الطبية في الهجوم على ملجأ النازحين. وأضافت أن «الميليشيات» مستمرة في استهداف المرافق الصحية العاملة، في محاولة منها لتعطيل الخدمات الصحية.

وعبّر «تحالف تأسيس» عن استنكاره البالغ لهذه الجريمة البشعة، مشيراً إلى أن هذا الهجوم يأتي ضمن سلسلة من الجرائم الممنهجة التي تمارس ضد المكونات السكانية في إقليم دارفور، وترقى إلى جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية ضد السكان هناك.

وفي السياق، قالت حكومة إقليم شمال دارفور إن الصمت الدولي يشجع «ميليشيا الدعم السريع» على ارتكاب مزيد من المجازر.

وندّد مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، مسعد بولس، في تدوينة على منصة «إكس»، بهجمات «الدعم السريع» على الفاشر، التي أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين، بينهم أطباء وممرضون. وقال: «لا مبرر لاستهداف أماكن العبادة والمستشفيات والمدنيين». وأضاف: «على الأطراف المتحاربة أن تدرك أنه لا حلّ عسكرياً، وأن تنهي هذا الصراع».

وشنّت «قوات الدعم السريع»، يومي الجمعة والسبت، غارات بطائرات مسيّرة استراتيجية وقذائف مدفعية، استهدفت عدداً من المواقع، من بينها مركز لإيواء المدنيين النازحين.

وأعلنت «الفرقة السادسة مشاة في الجيش»، الأحد، أن قواتها وفصائل متحالفة معها، صدّت هجمات منسقة شنّتها «ميليشيا الدعم السريع» على المحور الجنوبي الشرقي، مستخدمة قوات المشاة والمركبات القتالية، وتكبدت القوات المهاجمة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد العسكري.

ومنذ أيام، تواصل «الدعم السريع» تقدمها في عدة محاور بالمدينة، وتكثف من القصف المدفعي على الأحياء السكنية، واستخدام المسّيرات، ما أدّى إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى والإصابات وسط المدنيين والمقاتلين من الطرفين.

وتعدّ الفاشر آخر عاصمة في إقليم دارفور، غرب البلاد، تحت سيطرة الجيش، وتخضعها «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2024 لحصار خانق، فيما تتواصل الاشتباكات العنيفة بشكل شبه يومي، ما يهدد حياة آلاف المدنيين.


مقالات ذات صلة

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

شمال افريقيا جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز) play-circle

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع»

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان في القاهرة الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على توفير «ملاذات آمنة» وممرات إنسانية في السودان

شددت مصر على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته الإنسانية لضمان توفير «ملاذات آمنة» وممرات إنسانية كافية في السودان لإيصال وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا نازحون سودانيون يقضون ليلة في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

«أطباء السودان»: «الدعم السريع» قتلت 200 شخص على أساس عرقي بشمال دارفور

أعلنت «شبكة أطباء السودان»، مقتل أكثر من 200 شخص، بينهم أطفال ونساء على أساس عرقي من قبل «الدعم السريع» بمناطق أمبرو، وسربا، وأبوقمرة بولاية شمال دارفور.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)

إدريس: مستعدون للتواصل مع دول مؤيدة لـ«الدعم السريع»

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، الجمعة، إن بلاده مستعدة للتواصل مع دول مؤيدة لـ«الدعم السريع»

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتقدم غرباً وحاكم إقليم دارفور يتوعد

تتقدم «قوات الدعم السريع» حثيثاً باتجاه بلدة «الطينة»، عند الحدود التشادية - السودانية، بعد أن أعلنت إكمال سيطرتها على بلدة «كرنوي»، صباح الخميس.

أحمد يونس (كمبالا)

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)

يعوّل الصومال على دعم عربي وإسلامي لمواجهة اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً، وقد استجابت جامعة الدول العربية لطلبه بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.

وأكَّد السفير الصومالي في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط» أنَّ «بلاده تتحرَّك على المستويين العربي والإسلامي، لرفض ما أعلنت عنه تل أبيب، والدفاع عن السيادة الصومالية»، وقال: «من بين التحركات طلب اجتماع للجامعة العربية بشكل عاجل». وأشار إلى أنَّ «بلاده تدعو لاجتماع قمة عربية إسلامية قريباً، ضمن تحركاتها الدبلوماسية».

وحرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيراتٍ من السلطة الفلسطينية و«حماس» ومقديشو، من أنَّه يحمل احتمالاً لأن يكون هذا الإقليم موطناً جديداً لاستقبال الفلسطينيين ضمن مخطط تهجير سعت إليه إسرائيلُ منذ بداية الحرب قبل نحو عامين.

وأشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوفَ من أنَّ الخطوة الإسرائيلية ستُعيد ملف التهجير للواجهة بقوة، وستعمل تل أبيب على زيادة الضغوط على الضفة وغزة لدفعهم قسراً لذلك، وسط غياب خطط تنفيذية للإعمار والاستقرار.

وسط طوفان ردود فعل على الخطوة الإسرائيلية، وبخلاف الرفض العربي، جاء موقف لافت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ طغى عليه «السخرية من ذلك الإقليم». فقد أعلن ترمب عن رفضه الاعترافَ باستقلال «أرض الصومال»، متسائلاً: «هل يعرف أحدٌ ما هي أرض الصومال، حقّاً؟».


بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دخلت بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنَّ بعثة تقييم وصلت إلى مدينة الفاشر، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مضيفاً أنَّ البعثة تضمُّ وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية.

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، وقال في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول جاء عبر مسار يسَّرتْه الولايات المتحدة.


بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
TT

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية. في غضون ذلك دانت قيادة الجيش التشادي، السبت، هجوماً شنَّته «قوات الدعم السريع» السودانية على بلدة حدودية داخل الأراضي التشادية؛ ما أسفر عن مقتل جنديَّين تشاديَّين وإصابة ثالث، ووصفت الهجوم بأنه «عدوان غير مُبرَّر» على سيادة تشاد.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخللته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.

وفي هذا السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن بعثة تقييم أممية وصلت إلى مدينة الفاشر بعد مفاوضات إنسانية مطولة، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة التي عانت حصاراً خانقاً. وأوضح المكتب أن البعثة ضمَّت وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»؛ لتقييم الاحتياجات الغذائية العاجلة، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية؛ لتقييم الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية واحتياجاتها الطارئة، إضافة إلى فريق من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مختص بتقييم أوضاع الأطفال، والاحتياجات الإنسانية الملحّة.

ترحيب أميركي

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، عادّاً ذلك دليلاً على إسهام الدبلوماسية الأميركية في «إنقاذ الأرواح». وقال بولس، في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول الحاسم جاء بعد أشهر من المفاوضات عبر مسار يسَّرته الولايات المتحدة، وبجهود مشتركة مع «أوتشا»، وشركاء إنسانيين على الأرض.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

ودعا بولس، الذي يشارك في جهود الوساطة الرامية إلى وقف الحرب في السودان، إلى إعلان هدنة إنسانية شاملة، مطالباً طرفَي النزاع بقبولها وتنفيذها فوراً «دون شروط»، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان، كما حثّ المجتمع الدولي على زيادة التمويل لدعم استجابة «أوتشا». ويُعد وصول البعثة التقييمية الأممية إلى الفاشر أول دخول إنساني إلى المدينة منذ مايو (أيار) 2024.

وفي المقابل، أعلنت قوات «حكومة تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع»، والتي تسيطر على إقليم دارفور، في بيان صدر أمس (السبت)، استعدادها الكامل لتأمين وتسهيل العمل الإنساني في إقليمَي دارفور وكردفان. وأفادت بأن زيارة وفد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ودائرة الأمم المتحدة للسلامة والأمن (UNDSS) شملت مراكز النزوح، والمقار الأممية، وعدداً من المرافق الحيوية داخل مدينة الفاشر.

ووفقاً لبيان «تأسيس»، أكملت البعثة الأممية زيارتها للفاشر، ووصلت بسلام إلى محلية طويلة، دون صدور أي تعليق رسمي من الجيش السوداني بشأن دخول البعثة.

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً بمخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

يُذكر أن الجيش السوداني ظل يرفض، لفترات طويلة، السماح بدخول المنظمات الإنسانية والمساعدات، عبر معبر إدري الحدودي مع تشاد، ما فاقم من الأزمة الإنسانية داخل المدينة، حيث واجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والخدمات الصحية. وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق عن مدير «برنامج الأغذية العالمي» أن الأمم المتحدة اضطرت إلى تقييد عمليات الإغاثة عبر تشاد باتجاه دارفور.

تهديد تشادي

في سياق ثانٍ، نفَّذت طائرة مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مفتوحة مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، هجوماً استهدف بلدة الطينة الواقعة على الحدود التشادية. وقال ضابط رفيع في الجيش التشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن هذه الحادثة تمثل المرة الأولى التي يتكبَّد فيها الجيش التشادي خسائر بشرية مباشرة منذ اندلاع الحرب في السودان.

وعدّت هيئة الأركان العامة التشادية الهجوم «متعمَداً ومقصوداً»، ويمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، محذّرة جميع أطراف النزاع السوداني من أي تجاوز أو مساس بسيادة الأراضي التشادية. وأكد الجيش التشادي، في بيان رسمي، احتفاظه بـ«حق الرد بجميع الوسائل القانونية»، وبممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس في حال تكرار أي اعتداء، استناداً إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطق شمال وغرب إقليم دارفور، باستثناء جيوب محدودة تخضع لسيطرة جماعات قبلية محايدة. وكانت القوات قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتَي أبو قمرة وأم برو في شمال دارفور، وهما منطقتان تقعان على الطريق المؤدي إلى بلدة الطينة التشادية.