محاولات برلمانية ليبية لإعادة إحياء ملف الأرصدة المجمدة

عبر لقاءات مكثفة بين نواب و«لجنة العقوبات الأممية»

إحدى جلسات مجلس النواب الليبي (الصفحة الرسمية للناطق باسم المجلس)
إحدى جلسات مجلس النواب الليبي (الصفحة الرسمية للناطق باسم المجلس)
TT

محاولات برلمانية ليبية لإعادة إحياء ملف الأرصدة المجمدة

إحدى جلسات مجلس النواب الليبي (الصفحة الرسمية للناطق باسم المجلس)
إحدى جلسات مجلس النواب الليبي (الصفحة الرسمية للناطق باسم المجلس)

تكثّفت تحركات برلمانية ليبية داخل أروقة الأمم المتحدة في نيويورك لإعادة إحياء ملف الأرصدة المجمدة منذ عام 2011، في محاولة لإقناع الدول الأعضاء ومجلس الأمن بدعم مبادرة تهدف إلى «حماية أصول تقدر بعشرات المليارات من الدولارات وتنميتها لصالح الشعب الليبي»، وسط انقسام داخلي ومخاوف دولية من سوء الإدارة.

وينظر مراقبون باهتمام إلى سلسلة اللقاءات المكثفة التي عقدتها لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة بالخارج - التابعة لمجلس النواب – مع فريق خبراء مجلس الأمن المَعنيّ بالعقوبات على ليبيا، إلى جانب بعثات دبلوماسية من فرنسا وروسيا والصين واليونان وقطر والبحرين وباكستان.

وفد برلماني ليبي مع رئيس «لجنة العقوبات الأممية» (مجلس النواب الليبي)

وخلال هذه اللقاءات، حاول البرلمانيون الليبيون إبداء استعداد السلطات التشريعية للانخراط في مسار أكثر تنظيماً لإدارة الثروة المجمدة، عبر تبنِّي استراتيجية استثمارية منخفضة المخاطر تشرف عليها المؤسسة الليبية للاستثمار، في محاولة لتحويل حالة الجمود المالي إلى فرصة لإدارة أكثر كفاءة للأموال الليبية في الخارج، غير أن التفاصيل التنفيذية ما زالت غامضة حتى الآن، وفق بيانات المجلس.

لكنَّ الانقسام المؤسسي لا يزال يلقي بظلاله الثقيلة على هذا المسار. فبحسب عضو مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار السابق، فهد إسماعيل، فإن «تشكيل مؤسسة موازية للمؤسسة الليبية للاستثمار في المنطقة الشرقية بقرار من مجلس النواب، في مقابل مؤسسة معترف بها دولياً في الغرب، زاد المشهد تعقيداً»، مضيفاً أن «وجود مؤسستين تعملان في المجال نفسه يجعل لجنة العقوبات تعد الأمر صراعاً على الشرعية؛ ما يعزز موقف استمرار التجميد لحين توحيد المؤسسات الرسمية».

ويستعيد إسماعيل واقعة سابقة في بريطانيا حين «نشب خلاف بين حكومتي الشرق والغرب حول أحقية إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار؛ ما دفع السلطات البريطانية إلى تعيين حارس قضائي لإدارة الأصول مؤقتاً إلى حين حسم الجهة الشرعية»، وهي خطوة قال إنها «أثّرت سلباً في صورة ليبيا في الأسواق والمؤسسات المالية الدولية».

الدبلوماسية الليبية انتصار الطمزيني أمام لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية بالأمم المتحدة (بعثة ليبيا الدائمة بالأمم المتحدة)

ويرى مراقبون أن هذا الانقسام يعكس تنافساً ضمنياً بين المؤسستين في الشرق والغرب على شرعية تمثيل الدولة أمام الأمم المتحدة، في وقت لا تزال فيه السلطة المالية منقسمة. وقد برز ذلك، حسب متابعين، عندما ألقت الوزيرة المفوضة، انتصار الطمزيني، ممثلة حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بياناً أمام اللجنة الثانية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أكدت فيه أن «استعادة الأموال المجمدة قضية عدالة وتنمية»، داعية إلى تمكين ليبيا من استخدام أموالها في تمويل الخدمات الأساسية ومشروعات التنمية.

لكن فهد إسماعيل يرى أن «الاتهامات التي تلاحق حكومة الدبيبة بالاستخدام غير الشفاف لأموال المؤسسة الليبية للاستثمار وصندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، عززت قناعة لجنة العقوبات بأن رفع التجميد في الظروف الحالية غير ممكن»، مضيفاً أن المجتمع الدولي «لن يتعامل مع مؤسسات مالية منقسمة أو غير خاضعة للرقابة»، مؤكداً أن «الطريق لاستعادة الأموال يبدأ بتوحيد المؤسسات، واعتماد إصلاحات حقيقية في منظومة الحوكمة والمساءلة».

وتخضع الأرصدة الليبية للتجميد بموجب قراري مجلس الأمن رقمي 1970 و1973 الصادرين عام 2011، وتشمل ودائع وصناديق سيادية واستثمارات مالية تبلغ نحو 200 مليار دولار موزعة على مصارف عدة حول العالم، لكن تصريحات لرئيس المجلس الرئاسي السابق، فائز السراج، أشارت إلى تقلُّصها إلى نحو 67 مليار دولار.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أصدر مجلس الأمن قراراً سمح للمؤسسة الليبية للاستثمار باستثمار جزء من الأرصدة المجمدة تحت إشراف الأمم المتحدة، في أول تعديل عملي على نظام التجميد منذ أكثر من عقد. ورغم عدِّه «انفراجة جزئية»، حذر محللون من أنه «لا يمنح ليبيا سيطرة كاملة على أصولها، بل يفتح الباب فقط لإدارتها ضمن رقابة مشددة».

وأوصى تقرير حديث لمجموعة «الأزمات الدولية»، في أبريل (نيسان) الماضي، الأمم المتحدة بإجراء إصلاحات على نظام العقوبات المفروضة، حتى في حال عدم التوصل إلى تسوية سياسية قريبة، مؤكداً أن «الخطط الرامية إلى إنهاء نظام العقوبات ستساعد على تعزيز مصداقية إجراءات مجلس الأمن في المستقبل».

لكن العضو السابق بمجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار يذكِّر بأن قرار التجميد «إجراء وقائي لحماية الأموال من العبث أو التصرف غير المشروع خلال فترات الانقسام والصراع المسلح»، مشيراً إلى أن أكثر من 80 في المائة من الأرصدة المجمدة تخص المؤسسة الليبية للاستثمار وشركاتها التابعة، بينما تعود النسبة المتبقية إلى حسابات مرتبطة بالنظام السابق.

وأضاف إسماعيل أن «رفع التجميد الكامل لم يتحقق حتى الآن؛ إذ يقتصر السماح الدولي على استثمار العوائد السنوية الناتجة عن الأصول تحت رقابة لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة»، معتبراً أن «الحديث عن تحرير الأموال دون توحيد المؤسسات المالية يعد طرحاً غير واقعي».

وخلال لقاءاتها في نيويورك، كررت اللجنة البرلمانية التابعة لمجلس النواب تأكيدها أن تلك الأصول – إلى جانب العوائد المتراكمة منها – يجب أن تبقى محميّة إلى أن تتشكل مؤسسات وطنية دائمة قادرة على إدارتها بشكل مؤسسي ومستقر، مشددة على التزام البرلمان بمبدأ «صون أموال الليبيين، وضمان إدارتها بشفافية».

ويخلص الخبير الاستثماري الليبي إلى أن «استعادة الأموال المجمدة وحمايتها من التآكل أو التنازع لن تتحققا إلا بقيام حكومة موحدة ومنتخبة وفق دستور دائم، تلتزم بالشفافية والرقابة الدولية؛ ما يضمن عودة تلك الثروة لخدمة التنمية والاستثمار في ليبيا».

وفي هذا السياق، يحذر محللون من أن «تتحول الأصول الليبية المجمدة إلى ملف إداري في أدراج نيويورك وبروكسل»، وهي وجهة نظر الباحث السياسي الليبي، محمد الأمين، الذي لا يخفي مخاوفه من أن «يتحول التجميد إلى أداة ربحية لصالح البنوك الغربية التي تحتضن تلك الأرصدة، لتُستثمر في أسواق المال، وتضاف فوائدها إلى أرصدة المؤسسات المالية الدولية».


مقالات ذات صلة

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتهمت هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

علي بردى (واشنطن)

روبيو يكثّف الدعوات لهدنة في السودان

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
TT

روبيو يكثّف الدعوات لهدنة في السودان

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تضع فيها واشنطن مواقيتَ أمام طرفي النزاع، الجيش و«قوات الدعم السريع».

وذكر روبيو في تصريحات، الجمعة، أنَّ «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد»، في تكثيف للتحرك الأميركي من أجل الوصول إلى هدنة إنسانية.

وقال إنَّ بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، للدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

وقال روبيو: «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أنَّ العام الجديد والأعياد المقبلة تُمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك».


10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

TT

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تحدد فيها الإدارة الأميركية مواقيت زمنية أمام طرفي النزاع؛ الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ إعلان تدخل واشنطن بقوة في هذا الملف.

وذكر روبيو في تصريحات صحافية، الجمعة، أن «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد». وقال إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وأكد روبيو في مؤتمر صحافي أن «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد».

وقال روبيو إن كلا الجانبين انتهك التزاماته، وأعرب عن قلقه إزاء التقارير الجديدة التي تفيد بتعرض قوافل مساعدات إنسانية لهجمات. وأضاف: «ما يحدث هناك مروع، إنه فظيع». وتابع: «سيأتي يوم تُعرف فيه القصة الحقيقية لما حدث هناك، وسيبدو كل من شارك في الأمر بمظهر سيئ».

ضغوط على السودان

وفي هذا الصدد، قال مصدر سوداني مطلع لــ«الشرق الأوسط»، إن رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اطلع خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض على دعوة عاجلة للامتثال لخريطة الرباعية للموافقة على تهدئة القتال، وإنه طلب أسبوعاً للرد عليها بعد إجراء مشاورات مع حلفائه في الداخل.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الخطة التي طرحت على البرهان، لا تخرج عن إطار خريطة الرباعية المتفق عليها بين الدول الأربع؛ الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. وفي حين لم يشر وزير الخارجية الأميركي إلى أي خطة جديدة، لكنه ألمح إلى أن الإدارة الأميركية قد تلجأ لممارسة المزيد من الضغوط من أجل الوصول إلى المرحلة الأولى، التي تشمل الهدنة الإنسانية، وربطها في الوقت نفسه بإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

وربط المصدر السوداني حديث روبيو في هذا التوقيت، بزيارة البرهان إلى السعودية، وتزامنها مع وجود كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الذي عاد إلى واشنطن بعد جولة طويلة شملت السعودية والإمارات ومصر.

تدخل سعودي حاسم

وصعد ملف الحرب في السودان إلى سلم أولويات الإدارة الأميركية، بعد التدخل السعودي الحاسم، وطلب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان من الرئيس دونالد ترمب التدخل لوقف الحرب. ووفقاً لوزارة الخارجية السودانية، أكد البرهان خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي، حرصه على العمل مع السعودية والرئيس دونالد ترمب ومبعوثه للسلام مسعد بولس لوقف الحرب في السودان.

وبحسب المصدر نفسه، تعكس تصريحات البرهان تحولاً كبيراً في موقف الحكومة السودانية التي سبق أن رفضت مقترح «الآلية الرباعية» بهدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، مشيراً إلى أن دول الرباعية أكدت مراراً وتكراراً التزامها بالعمل في إطار هذه المبادرة لوقف الحرب عبر الحل السلمي المتفاوض عليه.

من جهته، قال مستشار «قوات الدعم السريع»، محمد المختار، إن «موقفنا المبدئي هو الترحيب بأي مبادرة لوقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة في السودان». وأضاف أن «الدعم السريع وتحالف تأسيس (المرجعية السياسية لحكومة السلام) في نيالا، على اتفاق تام بالتعاطي مع أي جهود أو تسوية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد... وظللنا منذ اندلاع الحرب نستجيب لكل المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد».

التحركات الأميركية

وقال دبلوماسي سوداني سابق، إن الإدارة الأميركية لا تلجأ في العادة لتحديد سقف زمني لأي ملف تتحرك فيه دون مؤشرات واضحة أو حصولها على ضوء أخضر، مضيفاً: «صحيح أن القيد الزمني الذي وضعته ضيق جداً، لكنها قد تنجح في اقتلاع موافقة نهائية من طرفي الحرب بخصوص الهدنة الإنسانية في الأيام القليلة المقبلة».

وأشار الدبلوماسي السوداني إلى أن وقف إطلاق النار يتوقف على كلا الجانبين، من حيث الوفاء بالتزاماتهما في تنفيذ المقترح المطروح من قبل «الآلية الرباعية». وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، أن إدارة ترمب تركز في الوقت الحالي على جمع الطرفين في مفاوضات مباشرة للاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى للهدنة الإنسانية التي تمهد الانتقال إلى مرحلة إيقاف دائم لإطلاق النار، يعقب ذلك تنفيذ الرؤية المضمنة في خريطة الرباعية بخصوص العملية السياسية والانتقال إلى الحكم المدني.وتوقع الدبلوماسي أن تتسارع وتيرة تحركات الرباعية بكثافة في الأيام المقبلة، بعد حديث روبيو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع طرفي الصراع للالتزام بتنفيذ الهدنة فوراً دون تأخير.

وتنص خريطة «الرباعية» على التنفيذ السريع لمقترح الهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر، وإيقاف فوري لإطلاق النار دون قيد أو شرط، وتطويره إلى وقف إطلاق نار دائم، ثم البدء في مفاوضات سياسية.

ترحيب إماراتي

من جهته، جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة في السودان.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي (وام)

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل.

كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين إلى الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

إدريس إلى نيويورك

من جهة ثانية، توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك، السبت، للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، وفق ما أفاد مصدران في الحكومة السودانية.

وتأتي هذه الزيارة في ظلّ احتدام المعارك بين الجيش السوداني و«قوّات الدعم السريع» في جنوب كردفان، ما يثير مخاوف من فظائع جديدة شبيهة بتلك التي ارتكبت في مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وترافقت سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معقل للجيش في إقليم دارفور (غرب) مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف.


مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
TT

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر»، استجابةً لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

وبموجب قرار النائب العام الذي ستجري مخاطبة الجهات المختصة به، سيكون من حق علاء عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية بجانب جنسيته المصرية، القدرة على مغادرة البلاد بعد نحو 3 أشهر من الإفراج عنه بعفو رئاسي استجابة لمناشدات عدة قدمتها أسرته، ومخاطبة قدمها «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر.

وصدر حكم قضائي على علاء عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بالسجن 5 سنوات بتهمة «الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها».

وجاء الحكم بعد أكثر من عامين على توقيف الناشط، الذي أُلقي القبض عليه في سبتمبر (أيلول) 2019.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت رفع اسم علاء عبد الفتاح من «قوائم الإرهاب» في القضية رقم 1781 لسنة 2019 في يوليو (تموز) الماضي، مستندة إلى التحريات التي أفادت بـ«عدم استمراره في أي نشاط لصالح جماعة إرهابية»، وهو القرار الذي ترتّب عليه إنهاء جميع الآثار القانونية المترتبة على الإدراج، بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال وغيرهما من العقوبات.

وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال وجوده في السجن، بعدما تقدمت شقيقتاه بطلب للسلطات البريطانية على خلفية حصول والدته على الجنسية لولادتها هناك، وهو ما جعل موقفه القانوني محل نقاش مستمر بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين خلال السنوات الماضية.