اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين تنعقد على وقع شبح «الدوت كوم»

أزمة الديون السيادية تتصدر النقاشات... وتركيز على إعادة إعمار سوريا

 غورغييفا تدلي بتصريحات قُبيل اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معهد «ميلكن» بواشنطن (رويترز)
غورغييفا تدلي بتصريحات قُبيل اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معهد «ميلكن» بواشنطن (رويترز)
TT

اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين تنعقد على وقع شبح «الدوت كوم»

 غورغييفا تدلي بتصريحات قُبيل اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معهد «ميلكن» بواشنطن (رويترز)
غورغييفا تدلي بتصريحات قُبيل اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معهد «ميلكن» بواشنطن (رويترز)

في تحول دراماتيكي يباين المشهد الذي ساد الاجتماعات قبل عامين، يعقد صندوق النقد والبنك الدوليان اجتماعاتهما السنوية في واشنطن هذا الأسبوع وسط تفاؤل حذر، حيث تتزامن مع إعلان التوصل إلى اتفاق سلام في غزة، وهو نبأ يخفف من حدة التوتر الجيوسياسي الذي لطالما أثقل كاهل الاقتصاد العالمي. ويأتي هذا التطور على النقيض من اجتماعات مراكش عام 2023 التي تخللتها وظللتها حرب غزة المشتعلة، مما زاد من الضغوط على صانعي السياسات.

ورغم الأفق السياسي الأكثر إشراقاً، فإن الخبراء الماليين ليسوا في وضع يسمح لهم بالاحتفال. فقد وجّهت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا تحذيراً صارخاً للمستثمرين، حين قالت قُبيل أيام من بدء الاجتماعات، يوم الاثنين، وعلى مدى أسبوع: «استعدوا: عدم اليقين هو الوضع الطبيعي الجديد، وهو باقٍ». وأشارت إلى أن أسواق الأسهم العالمية قد تكون في مأزق إذا تضاءلت شهية المستثمرين المندفعة نحو أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، محذرةً من «فقاعة تكنولوجية» مماثلة لما حدث قبل ربع قرن، في وقت يزداد فيه القلق بشأن ارتفاع الدين العالمي والتوترات التجارية المستمرة.

ففي عام 2000، تفجّرت فقاعة «الدوت كوم»، وكانت معروفة أيضاً بفقاعة الإنترنت، وهي كانت فقاعة اقتصادية ومضاربية ضخمة حدثت في أسواق الأسهم، وتركزت على شركات التكنولوجيا والإنترنت في الفترة ما بين عام 1995 وانهيارها في عام 2000، ففي حينه شهدت أسعار الأسهم البريطانية المرتبطة بالإنترنت، التي كانت تُعرف باسم شركات «دوت كوم»، ارتفاعاً جنونياً ومبالغاً فيه، في ظل التفاؤل الهائل بخصوص إمكانات الإنترنت، كأن ذلك «اقتصاد جديد» قادر على تغيير نماذج الأعمال التقليدية، وتحقيق أرباح خيالية.

وحذّرت غورغييفا من أن الظروف المالية الميسرة، التي «تُخفي ولا توقف بعض الاتجاهات الضعيفة»، يمكن أن تنقلب بشكل مفاجئ، وهو ما يزيد من المخاوف بشأن خطر انهيار سوقي يضاف إلى قائمة التحديات المتمثلة في التوترات التجارية وتضخم الدين العام، التي ستكون على طاولة صانعي القرار العالمي هذا الأسبوع.

وجاءت تعليقات غورغييفا بعد وقت قصير من تحذير بنك إنجلترا من أن خطر «التصحيح الحاد للسوق» قد زاد، مشيراً إلى أن التقييمات تبدو مبالغاً فيها، خصوصاً بالنسبة لشركات التكنولوجيا التي تركز على الذكاء الاصطناعي. وذكر التقرير أن تقييمات أسواق الأسهم «تُضاهي ذروة» فقاعة «الدوت كوم» عام 2000، التي انكمشت بعد ذلك، وأدت إلى ركود اقتصادي. ومع ازدياد حصة أسهم التكنولوجيا في مؤشرات الأسهم القياسية، فإن أسواق الأسهم «معرّضة بشكل خاص للتقلبات إذا ما أصبحت التوقعات بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي أقل تفاؤلاً».

وقد انضم صندوق النقد الدولي وبنك إنجلترا إلى أمثال سام ألتمان من «أوبن إيه آي»، ورئيس «جي بي مورغان تشيس» جيمي ديمون، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في التحذير من خطر تصحيح سوق الأسهم مع ارتفاع الإنفاق على الذكاء الاصطناعي.

متعاملون يعملون في بورصة لندن للمعادن بلندن (رويترز)

ارتفاع الذهب

ولم يقتصر الأمر من قبل غورغييفا على التحذير من «فقاعة تكنولوجية» مماثلة لما حدث قبل 25 عاماً، بل أشارت إلى عوامل أخرى تعكس قلق المستثمرين، مثل الارتفاع غير المسبوق في الطلب العالمي على الذهب، الذي تخطى سعره الـ4 آلاف دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ، إلى جانب التداعيات الكاملة للرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة على الصين.

وقد تقاطع تحذير غورغييفا مع هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتجدد على الصين، مهدداً بفرض رسوم جمركية عليها بنسبة 100 في المائة؛ رداً على حظر بكين صادرات المعادن الأرضية النادرة، وهو ما تسبب بتراجع كبير في الأسواق.

تحديات كبرى على الطاولة

سيناقش وزراء مالية ومحافظو المصارف المركزية العالمية ومسؤولون ماليون تحديات مثل مخاطر الأسواق المالية، واحتمال انهيار أسواق الأسهم وخطر فقاعات الأصول، إلى جانب مواضيع، مثل النمو العالمي، والدين العام، واستقلالية السياسة النقدية، وتحديات جوهرية طويلة المدى تواجه الاقتصاد العالمي.

وكان صندوق النقد الدولي توقع في آخر تحديث لتوقعاته الاقتصادية العالمية في يوليو (تموز)، نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3 في المائة لهذا العام - وهو تباطؤ طفيف مقارنة بـ3.3 في المائة في عام 2024. وسيُحدّث توقعاته في اجتماعات الأسبوع المقبل.

يظهر وسيط تحت لوحة مؤشر «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

أولاً: المخاطر الاقتصادية والمالية:

  • هشاشة الاقتصاد العالمي: على الرغم من إظهار الاقتصاد العالمي بعض المرونة، فإنه يواجه مخاطر سلبية ناتجة عن احتمالية فرض تعريفات جمركية جديدة، واستمرار التوترات الجيوسياسية، وارتفاع مستوى عدم اليقين، مما يخلق بيئة صعبة للنمو والتنمية.
  • تقلبات الأسواق المالية: توجد مخاوف جدية بشأن استقرار الأسواق المالية، خصوصاً في ظل التقييمات المرتفعة، وإمكانية حدوث تصحيحات سوقية مفاجئة. مثل هذا التصحيح يمكن أن يؤدي إلى تضييق الظروف المالية، مما يجر النمو العالمي إلى الأسفل.
  • التجارة والرسوم الجمركية: يؤثر تصاعد التعريفات الجمركية، خصوصاً تلك الآتية من الولايات المتحدة، سلباً على التجارة العالمية، مما قد يضر بالنمو والإنتاجية. كما تمثل إعادة توجيه الصادرات الصينية إلى أسواق أخرى تحدياً جديداً للاقتصادات الأخرى.
  • الوساطة المالية غير المصرفية: يُشكّل نمو قطاع الوساطة المالية غير المصرفية وترابطه المتصاعد مخاطر جديدة تتطلب إشرافاً رقابياً أفضل، وهو ما تم تسليط الضوء عليه في مؤتمرٍ لصندوق النقد الدولي عقد في يونيو (حزيران) 2025.

ثانياً: أزمة الديون والإصلاح المؤسسي

  • أزمة الديون السيادية: أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الدين العالمي لا يزال أعلى من 235 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع ارتفاع الدين العام نتيجةً لعجزٍ قابله انخفاض في الدين الخاص. وأعرب الصندوق مؤخراً عن قلقه إزاء ارتفاع مستويات الدين في كثير من الاقتصادات الناشئة والنامية، ونصحها بتحسين مصداقيتها المالية، وإعادة هيكلة ديونها عند الضرورة، وإعادة بناء قدرتها على الإنفاق.
  • مطالبات إصلاح مؤسسات بريتون وودز: هناك دعوة واسعة لإصلاح صندوق النقد والبنك الدوليين. وتطالب دول مجموعة «بريكس» بإنهاء الهيمنة الغربية على قيادة صندوق النقد الدولي، بينما تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً لتبسيط مهمة المؤسسات.

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

سوريا في قلب المشهد

ستتصدّر سوريا جدول النقاشات من خلال جلسة خاصة حول مستقبلها المالي، حيث يعقد صندوق النقد الدولي فعالية خاصة تحت عنوان «إعادة بناء سوريا: رحلة نحو الاستقرار والازدهار». وسيستضيف الصندوق وزير المالية السوري محمد يسر برنية، الذي سيتحدث عن التحديات والفرص المتاحة أمام تحقيق الاستقرار الاقتصادي بعد سنوات من الحرب الأهلية المدمرة. ومن المتوقع أن يركز النقاش، الذي يديره مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، الدكتور جهاد أزعور، على جهود الإصلاح التي يقودها الفريق الاقتصادي الجديد، ودور الشركاء الدوليين، وكيفية توفير الصندوق للمساعدة الفنية وبناء القدرات، وتنسيق دعم المانحين ضمن نطاق ولايته.

وفي تصريحات سابقة لغورغييفا حول سوريا، قالت إن «العودة إلى مؤسسات التمويل الدولية يجب أن تمر عبر بوابة الإصلاح المالي والشفافية»، مؤكدة أن الصندوق «يعمل بحذر لكن بإصرار مع شركائه لإعادة دمج سوريا تدريجياً في الاقتصاد العالمي».

هذا وستخضع تصريحات وزراء مجموعتي «السبع» و«العشرين»، وكذلك البيانات الرسمية لتقريري «آفاق الاقتصاد العالمي» و«الاستقرار المالي العالمي» (سيصدران يوم الثلاثاء)، لتمحيص دقيق. ففي عالم يزداد فيه التشرذم الاقتصادي والجيوسياسي، يحاول العالم قراءة مدى استعداد صانعي السياسات للتحرك بحزم لاحتواء التضخم الناجم عن التوترات التجارية، وتفادي الانهيار المحتمل «لفقاعة الذكاء الاصطناعي» التي باتت تهدد النمو قبل أن تحقق وعودها بالكامل. وبالتالي، فإن التوفيق بين الحاجة إلى الاستقرار المالي والمطالب بإصلاح المؤسسات القديمة هو التحدي الأعمق الذي سيحدد مدى فاعلية هذه المؤسسات في توجيه الاقتصاد العالمي خلال «الوضع الطبيعي الجديد» لعدم اليقين.


مقالات ذات صلة

مصر تنتظر 3.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال أسابيع

الاقتصاد بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر تنتظر 3.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال أسابيع

تنتظر مصر أن يصرف صندوق النقد الدولي نحو 3.8 مليار دولار ضمن برنامج القرض الممتد بجانب جزء آخر من صندوق الاستدامة والصلابة.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

صندوق النقد يتوصل لاتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

قال صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين إنه توصل ‌إلى ‌اتفاق ‌على ⁠مستوى الخبراء ​بشأن ‌المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر ضمن تسهيل الصندوق ⁠الممدد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال إحدى جلسات منتدى «1+10» في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

صندوق النقد يرفع توقعات نمو الصين ويحذِّر من «تحديات انكماشية»

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني، ليصل إلى 5 % في عام 2025، و4.5 % في 2026.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال متابعة جهود توافر السلع الغذائية في الأسواق (مجلس الوزراء)

«مراجعة صندوق النقد»... هل تمس «خفض الدعم» في مصر؟

تتجدد مع كل زيارة لصندوق النقد إلى مصر لإجراء مراجعات اتفاق القرض مخاوف لدى المصريين من خفض الدعم، لكن خبراء استبعدوا ذلك هذه المرة.

محمد محمود (القاهرة )
الاقتصاد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال لقائهما في دبي (حساب غورغييفا على إكس)

صندوق النقد الدولي يوافق على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان

وافق صندوق النقد الدولي على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان بموجب اتفاقية ثنائية، مما يُبرز «حفاظ البلاد على استقرارها» رغم الفيضانات المدمرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

شهدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات هادئة في جلسة ضعيفة السيولة عقب عطلة عيد الميلاد يوم الجمعة، في وقت يراهن فيه المستثمرون على مزيد من خفض أسعار الفائدة، إلى جانب قوة أرباح الشركات، لدفع الأسواق نحو تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال العام المقبل.

وكان مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» الصناعي قد أنهيا جلسة الأربعاء عند مستويات قياسية، مختتمَيْن موجة صعود واسعة خلال جلسة تداول مختصرة بفعل العطلة، وفق «رويترز».

وبحلول الساعة 6:13 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، تراجعت العقود الآجلة المصغرة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنقطتَين، أي بنسبة 0.03 في المائة، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك 100» بمقدار 6 نقاط، أو 0.02 في المائة. في المقابل، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «داو جونز» بنحو 55 نقطة، أي ما يعادل 0.11 في المائة.

وجاء هذا الأداء بعد مكاسب حققتها الأسهم في الأيام الأخيرة، أعقبت أشهراً من عمليات بيع متقطعة، كانت قد طالت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي على خلفية مخاوف تتعلّق بارتفاع التقييمات وزيادة النفقات الرأسمالية بما قد يضغط على الأرباح.

غير أن بيانات اقتصادية أظهرت متانة الاقتصاد الأميركي، إلى جانب توقعات بتحول السياسة النقدية نحو مزيد من التيسير مع تولي رئيس جديد مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» العام المقبل، فضلاً عن عودة الزخم إلى أسهم الذكاء الاصطناعي؛ أسهمت جميعها في دعم انتعاش الأسواق. ووضعت هذه العوامل مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» و«ناسداك» على المسار لتحقيق مكاسب للعام الثالث على التوالي.

وحتى الآن من عام 2025، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 17 في المائة، مدفوعاً في الغالب بأسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، إلا أن موجة الصعود اتسعت نطاقها مؤخراً مع توجه المستثمرين نحو القطاعات الدورية، مثل القطاع المالي وقطاع المواد الأساسية.

ويراقب المتداولون من كثب ما إذا كان ما يُعرف بـ«ارتفاع سانتا كلوز» سيتكرر هذا العام، وهي ظاهرة موسمية يشهد خلالها مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب في آخر 5 أيام تداول من العام وأول يومَين من يناير (كانون الثاني)، وفقاً لتقويم متداولي الأسهم. وقد بدأت هذه الفترة يوم الأربعاء وتستمر حتى الخامس من يناير.

وعلى صعيد الأسهم الفردية، ارتفعت أسهم شركة «إنفيديا» بنسبة 0.7 في المائة في تداولات ما قبل افتتاح السوق، بعد موافقة شركة تصميم رقائق الذكاء الاصطناعي على ترخيص تقنية من شركة «غروك» الناشئة، إلى جانب تعيين رئيسها التنفيذي.

كما صعدت أسهم شركة «مايكرون تكنولوجي» بنسبة 2 في المائة، لتضيف إلى مكاسبها التي قاربت 22 في المائة منذ بداية الشهر، مدعومة بتوقعات قوية للأرباح.

في المقابل، تراجعت أسهم شركة «بيوهافن» بنسبة 13.4 في المائة، بعدما أخفق دواؤها التجريبي لعلاج الاكتئاب في تحقيق الهدف الرئيسي خلال المرحلة المتوسطة من التجارب السريرية، في انتكاسة جديدة تُضاف إلى سلسلة خيبات الشركة هذا العام.

وعلى الجانب الإيجابي، ارتفعت أسهم شركة «كوبانغ» بنسبة 6.2 في المائة، بعد أن أعلنت شركة التجارة الإلكترونية أن جميع بيانات العملاء التي سُرّبت من فرعها في كوريا الجنوبية قد جرى حذفها من قبل المشتبه به.

كما سجلت أسهم شركات تعدين المعادن النفيسة المدرجة في الولايات المتحدة، مثل «فيرست ماجستيك» و«كوير ماينينغ» و«إنديفور سيلفر»، مكاسب تراوحت بين 2.8 في المائة و4.4 في المائة، تزامناً مع تسجيل أسعار الذهب والفضة مستويات قياسية جديدة.


بعد المكاسب القياسية... كيف تتحرك الفضة في أروقة البورصات العالمية؟

سبائك الفضة على طاولة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» بمدينة ميونيخ (رويترز)
سبائك الفضة على طاولة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» بمدينة ميونيخ (رويترز)
TT

بعد المكاسب القياسية... كيف تتحرك الفضة في أروقة البورصات العالمية؟

سبائك الفضة على طاولة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» بمدينة ميونيخ (رويترز)
سبائك الفضة على طاولة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» بمدينة ميونيخ (رويترز)

سجّلت أسعار الفضة قفزةً تاريخيةً باختراقها مستوى 75 دولاراً للأونصة للمرة الأولى خلال تعاملات يوم الجمعة، لتبلغ ذروةً سعريةً غير مسبوقة جاءت نتيجة تداخل عوامل جيوسياسية وتقنية وهيكلية متشابكة. ويعكس هذا الارتفاع تسارع الطلب الصناعي والتقني، بالتوازي مع تنامي الإقبال الاستثماري، في ظل اتساع فجوة العجز بين العرض والطلب على المستوى العالمي.

واكتسب المعدن الأبيض زخماً إضافياً عقب تصنيفه مؤخراً ضمن قائمة «المعادن الحيوية الاستراتيجية» في الولايات المتحدة، ما أطلق موجات شراء كثيفة مدفوعة بزخم السوق. ووفق بيانات «رويترز»، حقق سعر الفضة الفوري نمواً قياسياً تجاوز 150 في المائة منذ مطلع العام الحالي، متفوقاً بفارق واسع على أداء الذهب، الذي سجل بدوره مكاسب قوية تخطت 70 في المائة، الأمر الذي يرسّخ مكانة الفضة أحد أفضل الأصول الاستثمارية أداءً خلال عام 2025.

فكيف يتم تداول الفضة؟

1. التداول خارج البورصة

تُعد لندن أكبر سوق للفضة المادية، إلى جانب الذهب، حيث تتولى البنوك وشركات الوساطة تنفيذ أوامر البيع والشراء لعملاء من مختلف أنحاء العالم.

ويجري التداول في هذا السوق بشكل ثنائي خارج البورصة بين المؤسسات المالية، ما يتطلب من المستثمرين إقامة علاقة مباشرة مع إحدى هذه الجهات للوصول إلى السوق.

وتستند سوق الفضة في لندن إلى سبائك محفوظة في خزائن بنوك كبرى مثل «جي بي مورغان» و«إتش إس بي سي».

وبنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، بلغت كمية الفضة المخزنة في خزائن لندن نحو 27.187 طن.

2. العقود الآجلة

تُتداول الفضة أيضاً في أسواق العقود الآجلة، وأبرزها بورصة شنغهاي للعقود الآجلة في الصين، وبورصة «كومكس» التابعة لمجموعة «سي إم إي» في نيويورك.

والعقود الآجلة هي اتفاقات يلتزم فيها البائع بتسليم الفضة إلى المشتري في تاريخ مستقبلي محدد، وغالباً ما يتم تداولها عبر وسطاء.

ولا يحتفظ المتعاملون بمعظم هذه العقود حتى موعد التسليم الفعلي، بل يتم استبدال عقود ذات تواريخ لاحقة بها، ما يتيح للطرفين المضاربة على تحركات أسعار الفضة دون الحاجة إلى نقل المعدن أو تخزينه.

ومن أبرز مزايا العقود الآجلة أن المستثمر لا يدفع القيمة الكاملة للفضة، بل يكتفي بدفع جزء منها يُعرف باسم الهامش.

3. صناديق المؤشرات المتداولة

تُتداول صناديق المؤشرات المتداولة للفضة في البورصات، مثل بورصة نيويورك وبورصة لندن، إلى جانب أسهم الشركات المدرجة.

وتقوم هذه الصناديق بتخزين الفضة نيابةً عن المستثمرين، حيث يمثل كل سهم كمية محددة من الفضة محفوظة في خزائن مخصصة.

ويستطيع صغار المستثمرين تداول أسهم هذه الصناديق بسهولة عبر تطبيقات التداول مثل «روبن هود».

وعندما يكون الطلب على صندوق مؤشرات متداولة قوياً بما يكفي لرفع سعره فوق السعر الفوري للفضة، يتم إضافة كميات جديدة من المعدن إلى الخزائن لإصدار أسهم إضافية، ما يساعد على إعادة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية.

ويُعد أكبر هذه الصناديق «آي شيرز سيلفر ترست»، الذي تديره شركة «بلاك روك»، ويحتفظ بنحو 529 مليون أونصة من الفضة، تُقدّر قيمتها بنحو 39 مليار دولار وفق الأسعار الحالية.

4. السبائك والعملات الفضية

يمكن للمستثمرين الأفراد أيضاً شراء سبائك وعملات فضية مباشرة من تجار التجزئة حول العالم، وهي وسيلة تقليدية للاحتفاظ بالفضة المادية.

5. شركات تعدين الفضة

كما يستطيع المستثمرون شراء أسهم شركات تعدين الفضة، التي يتم تداولها بسهولة عبر منصات الاستثمار، على غرار صناديق المؤشرات المتداولة.

وعادةً ما تتحرك أسعار أسهم هذه الشركات صعوداً وهبوطاً تبعاً لتغيرات أسعار الفضة، إلا أن عوامل أخرى عديدة، مثل جودة الإدارة، ومستويات الديون، والأداء التشغيلي، تلعب دوراً مهماً في تحديد قيمتها السوقية.


حمّى الذكاء الاصطناعي... مليارات الدولارات تُعيد تشكيل صناعة التكنولوجيا

شعار شركة «أوبن إيه آي» في رسم توضيحي (رويترز)
شعار شركة «أوبن إيه آي» في رسم توضيحي (رويترز)
TT

حمّى الذكاء الاصطناعي... مليارات الدولارات تُعيد تشكيل صناعة التكنولوجيا

شعار شركة «أوبن إيه آي» في رسم توضيحي (رويترز)
شعار شركة «أوبن إيه آي» في رسم توضيحي (رويترز)

يشهد قطاع التكنولوجيا العالمي أضخم موجة استثمارية في تاريخه الحديث؛ إذ تحولت حمى الذكاء الاصطناعي من مجرد ابتكارات برمجية إلى معركة وجودية على البنية التحتية والسيادة التقنية. وفي ظل هذا المشهد، لم تعد الصفقات تُقاس بالملايين، بل باتت المليارات هي وحدة القياس الجديدة لتحالفات استراتيجية تجمع بين عمالقة الرقائق مثل «إنفيديا» و«إنتل»، ورواد الحوسبة السحابية مثل «أمازون» و«غوغل»، وقادة النماذج اللغوية مثل «أوبن إيه آي» و«أنثروبيك».

وفيما يلي أبرز صفقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والرقائق الأخيرة، والتي تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات:

1. صفقات «أوبن إيه آي»

«أمازون» و«أوبن إيه آي»: تدرس «أمازون» استثمار نحو عشرة مليارات دولار في «أوبن إيه آي»، رغم أن المحادثات لا تزال غير مكتملة، وفق مصدر مطلع طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لطبيعة المفاوضات السرية.

«ديزني» و«أوبن إيه آي»: ستستثمر شركة «والت ديزني» مليار دولار في «أوبن إيه آي»، وستسمح للشركة الأم لـ«تشات جي بي تي» باستخدام شخصيات «حرب النجوم» و«بيكسار» و«مارفيل» في مولّد الفيديو الخاص بـ«سورا إيه آي»، في خطوة قد تُحدث نقلة نوعية في صناعة المحتوى بهوليوود.

وبموجب اتفاقية الترخيص الممتدة لثلاث سنوات، ستبدأ شركتا «سورا» و«تشات جي بي تي إميدجز» إنتاج فيديوهات تضم شخصيات «ديزني» المرخصة، مثل «ميكي ماوس» و«سندريلا» و«موفاسا»، مطلع العام المقبل، مع استثناء استخدام صور أو أصوات الشخصيات.

«برودكوم» و«أوبن إيه آي»: دخلت «أوبن إيه آي» في شراكة مع «برودكوم» لإنتاج أول معالجات ذكاء اصطناعي خاصة بها، في أحدث تعاون لأغلى شركة ناشئة في مجال الحوسبة وسط ارتفاع الطلب على خدماتها.

«إيه إم دي» و«أوبن إيه آي»: وافقت «إيه إم دي» على تزويد «أوبن إيه آي» برقائق الذكاء الاصطناعي ضمن صفقة متعددة السنوات، تمنح مطور «تشات جي بي تي» خيار شراء نحو 10في المائة تقريباً من أسهم الشركة المصنعة للرقائق.

شعار شركة «إنفيديا» خلال معرض لمعاينة الإنتاج في تايبيه يوم 21 مايو 2025 (أ.ف.ب)

«إنفيديا» و«أوبن إيه آي»: تستعد «إنفيديا» لاستثمار ما يصل إلى مائة مليار دولار في «أوبن إيه آي»، وتزويدها برقائق مراكز البيانات، في صفقة تمنح الشركة المصنعة للرقائق حصة مالية في «أوبن إيه آي»، التي تُعد بالفعل أحد عملائها الرئيسيين.

«أوراكل» و«أوبن إيه آي»: أفادت التقارير بأن «أوراكل» أبرمت إحدى كبرى صفقات الحوسبة السحابية مع «أوبن إيه آي»، والتي بموجبها ستشتري الشركة قوة حوسبة بقيمة ثلاثمائة مليار دولار تقريباً على مدى خمس سنوات.

«كور ويف» و«أوبن إيه آي»: وقّعت «كور ويف» عقداً لخمس سنوات بقيمة أحد عشر ملياراً وتسعمائة مليون دولار مع «أوبن إيه آي» في مارس (آذار)، قبل الطرح العام الأولي للشركة الناشئة المدعومة من «إنفيديا».

مشروع مركز بيانات «ستارغيت»: يُعد «ستارغيت» مشروعاً مشتركاً بين «سوفت بنك» و«أوبن إيه آي» و«أوراكل» لبناء مراكز بيانات، أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني)؛ إذ ستستثمر الشركات نحو خمسمائة مليار دولار لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

2. صفقات «ميتا»

«ميتا» و«كور ويف»: وقّعت «كور ويف» اتفاقية بقيمة أربعة عشر مليار دولار لتزويد «ميتا» بقدرات حاسوبية.

«ميتا» و«أوراكل»: تجري «أوراكل» محادثات مع «ميتا» لعقد صفقة حوسبة سحابية متعددة السنوات بقيمة تقارب عشرين مليار دولار، لتأمين وصول أسرع للقدرات الحاسوبية.

«ميتا» و«غوغل»: أفادت «رويترز» في أغسطس (آب) أن «غوغل» أبرمت صفقة حوسبة سحابية لمدة ست سنوات مع «ميتا» بقيمة تزيد على عشرة مليارات دولار.

«ميتا» و«سكيل إيه آي»: استحوذت «ميتا» على 49 في المائة من «سكيل إيه آي» مقابل نحو أربعة عشر ملياراً وثلاثمائة مليون دولار، وعينت رئيسها التنفيذي ألكسندر وانغ، البالغ من العمر ثمانية وعشرين عاماً، لقيادة استراتيجية الذكاء الاصطناعي.

3. صفقات «إنفيديا»

«إنفيديا» و«غروك»: وافقت «إنفيديا» على ترخيص تقنيات الرقائق من «غروك»، وتعيين رئيسها التنفيذي جوناثان روس، الذي ساهم في إطلاق برنامج رقائق الذكاء الاصطناعي لـ«غوغل»، إلى جانب مهندسين آخرين. كما أشارت تقارير إلى أن «إنفيديا» وافقت على الاستحواذ على أصول «غروك» مقابل عشرين مليار دولار.

«مايكروسوفت» و«إنفيديا» و«أنثروبيك»: ستستثمر «مايكروسوفت» ما يصل إلى خمسة مليارات دولار، في حين تستثمر «إنفيديا» نحو عشرة مليارات دولار، في «أنثروبيك»، مع تخصيص الشركة المصنعة للمعالجات ثلاثين مليار دولار لتشغيل تطبيقاتها على سحابة «مايكروسوفت». وستخصص «أنثروبيك» ما يصل إلى غيغاواط واحدة من قدرات الحوسبة باستخدام أجهزة «غريس بلاكويل» و«فيرا روبين» من «إنفيديا»، مع التعاون لتحسين الرقائق ونماذج الذكاء الاصطناعي.

يتحدث ساتيا ناديلا رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت» في سياتل (أ.ف.ب)

مجموعة مدعومة من «إنفيديا» ومراكز بيانات «ألايند»: تستحوذ مجموعة استثمارية تضم «بلاك روك» و«مايكروسوفت» و«إنفيديا» على «ألايند داتا سنترز» الأميركية، إحدى كبرى شركات تشغيل مراكز البيانات بالعالم، والتي تمتلك نحو ثمانين مركزاً، في صفقة بقيمة أربعين مليار دولار.

«إنفيديا» و«إنتل»: ستستثمر «إنفيديا» خمسة مليارات دولار في «إنتل»، ما يمنحها نحو 4 في المائة من الشركة بعد إصدار أسهم جديدة.

«كور ويف» و«إنفيديا»: وقّعت «كور ويف» طلبية أولية بقيمة ستة مليارات وثلاثمائة مليون دولار مع «إنفيديا»، لضمان شراء أي سعة سحابية غير مستخدمة للعملاء.

4. صفقات «غوغل»

«غوغل» وتكساس: تستثمر «غوغل» أربعين مليار دولار في ثلاثة مراكز بيانات جديدة في تكساس حتى عام 2027، ضمن شبكتها العالمية التي تضم اثنتين وأربعين منطقة سحابية.

«غوغل» و«ويندسرف»: استقطبت «غوغل» كوادر رئيسية من «ويندسرف» الناشئة المتخصصة في توليد أكواد الذكاء الاصطناعي، ودفع مليارَي دولار وأربعمائة مليون دولار كرسوم ترخيص لاستخدام بعض تقنيات الشركة بشروط غير حصرية.

شعار «غوغل» المطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد على جهاز «آبل ماك بوك» في رسم توضيحي (رويترز)

صفقات أخرى

مجموعة «نيبيوس» و«مايكروسوفت»: ستزود مجموعة «نيبيوس» شركة «مايكروسوفت» ببنية تحتية لمعالجات الرسوم، في صفقة قيمتها سبعة عشر ملياراً وأربعمائة مليون دولار على مدى خمس سنوات.

«إنتل» ومجموعة «سوفت بنك»: تحصل «إنتل» على تمويل بقيمة مليارَي دولار من «سوفت بنك»، ما يجعل المستثمر الياباني واحداً من أكبر عشرة مساهمين في الشركة الأميركية.

«تسلا» و«سامسونغ»: وقّعت «تسلا» صفقة بقيمة ستة عشر ملياراً وخمسمائة مليون دولار لتوريد رقائق إلكترونية من «سامسونغ إلكترونيكس»؛ إذ سيُنتج مصنع «سامسونغ» الجديد في تكساس رقاقة «إيه آي 6» من الجيل التالي لـ«تسلا».

«أمازون» و«أنثروبيك»: ضخّت «أمازون» أربعة مليارات دولار في «أنثروبيك»، مضاعِفة استثمارها في المنافس القوي لـ«أوبن إيه آي»، المعروف ببرنامج الدردشة الآلي «جين إيه آي كلود».