اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين تنعقد على وقع شبح «الدوت كوم»

أزمة الديون السيادية تتصدر النقاشات... وتركيز على إعادة إعمار سوريا

 غورغييفا تدلي بتصريحات قُبيل اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معهد «ميلكن» بواشنطن (رويترز)
غورغييفا تدلي بتصريحات قُبيل اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معهد «ميلكن» بواشنطن (رويترز)
TT

اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين تنعقد على وقع شبح «الدوت كوم»

 غورغييفا تدلي بتصريحات قُبيل اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معهد «ميلكن» بواشنطن (رويترز)
غورغييفا تدلي بتصريحات قُبيل اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معهد «ميلكن» بواشنطن (رويترز)

في تحول دراماتيكي يباين المشهد الذي ساد الاجتماعات قبل عامين، يعقد صندوق النقد والبنك الدوليان اجتماعاتهما السنوية في واشنطن هذا الأسبوع وسط تفاؤل حذر، حيث تتزامن مع إعلان التوصل إلى اتفاق سلام في غزة، وهو نبأ يخفف من حدة التوتر الجيوسياسي الذي لطالما أثقل كاهل الاقتصاد العالمي. ويأتي هذا التطور على النقيض من اجتماعات مراكش عام 2023 التي تخللتها وظللتها حرب غزة المشتعلة، مما زاد من الضغوط على صانعي السياسات.

ورغم الأفق السياسي الأكثر إشراقاً، فإن الخبراء الماليين ليسوا في وضع يسمح لهم بالاحتفال. فقد وجّهت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا تحذيراً صارخاً للمستثمرين، حين قالت قُبيل أيام من بدء الاجتماعات، يوم الاثنين، وعلى مدى أسبوع: «استعدوا: عدم اليقين هو الوضع الطبيعي الجديد، وهو باقٍ». وأشارت إلى أن أسواق الأسهم العالمية قد تكون في مأزق إذا تضاءلت شهية المستثمرين المندفعة نحو أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، محذرةً من «فقاعة تكنولوجية» مماثلة لما حدث قبل ربع قرن، في وقت يزداد فيه القلق بشأن ارتفاع الدين العالمي والتوترات التجارية المستمرة.

ففي عام 2000، تفجّرت فقاعة «الدوت كوم»، وكانت معروفة أيضاً بفقاعة الإنترنت، وهي كانت فقاعة اقتصادية ومضاربية ضخمة حدثت في أسواق الأسهم، وتركزت على شركات التكنولوجيا والإنترنت في الفترة ما بين عام 1995 وانهيارها في عام 2000، ففي حينه شهدت أسعار الأسهم البريطانية المرتبطة بالإنترنت، التي كانت تُعرف باسم شركات «دوت كوم»، ارتفاعاً جنونياً ومبالغاً فيه، في ظل التفاؤل الهائل بخصوص إمكانات الإنترنت، كأن ذلك «اقتصاد جديد» قادر على تغيير نماذج الأعمال التقليدية، وتحقيق أرباح خيالية.

وحذّرت غورغييفا من أن الظروف المالية الميسرة، التي «تُخفي ولا توقف بعض الاتجاهات الضعيفة»، يمكن أن تنقلب بشكل مفاجئ، وهو ما يزيد من المخاوف بشأن خطر انهيار سوقي يضاف إلى قائمة التحديات المتمثلة في التوترات التجارية وتضخم الدين العام، التي ستكون على طاولة صانعي القرار العالمي هذا الأسبوع.

وجاءت تعليقات غورغييفا بعد وقت قصير من تحذير بنك إنجلترا من أن خطر «التصحيح الحاد للسوق» قد زاد، مشيراً إلى أن التقييمات تبدو مبالغاً فيها، خصوصاً بالنسبة لشركات التكنولوجيا التي تركز على الذكاء الاصطناعي. وذكر التقرير أن تقييمات أسواق الأسهم «تُضاهي ذروة» فقاعة «الدوت كوم» عام 2000، التي انكمشت بعد ذلك، وأدت إلى ركود اقتصادي. ومع ازدياد حصة أسهم التكنولوجيا في مؤشرات الأسهم القياسية، فإن أسواق الأسهم «معرّضة بشكل خاص للتقلبات إذا ما أصبحت التوقعات بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي أقل تفاؤلاً».

وقد انضم صندوق النقد الدولي وبنك إنجلترا إلى أمثال سام ألتمان من «أوبن إيه آي»، ورئيس «جي بي مورغان تشيس» جيمي ديمون، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في التحذير من خطر تصحيح سوق الأسهم مع ارتفاع الإنفاق على الذكاء الاصطناعي.

متعاملون يعملون في بورصة لندن للمعادن بلندن (رويترز)

ارتفاع الذهب

ولم يقتصر الأمر من قبل غورغييفا على التحذير من «فقاعة تكنولوجية» مماثلة لما حدث قبل 25 عاماً، بل أشارت إلى عوامل أخرى تعكس قلق المستثمرين، مثل الارتفاع غير المسبوق في الطلب العالمي على الذهب، الذي تخطى سعره الـ4 آلاف دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ، إلى جانب التداعيات الكاملة للرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة على الصين.

وقد تقاطع تحذير غورغييفا مع هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتجدد على الصين، مهدداً بفرض رسوم جمركية عليها بنسبة 100 في المائة؛ رداً على حظر بكين صادرات المعادن الأرضية النادرة، وهو ما تسبب بتراجع كبير في الأسواق.

تحديات كبرى على الطاولة

سيناقش وزراء مالية ومحافظو المصارف المركزية العالمية ومسؤولون ماليون تحديات مثل مخاطر الأسواق المالية، واحتمال انهيار أسواق الأسهم وخطر فقاعات الأصول، إلى جانب مواضيع، مثل النمو العالمي، والدين العام، واستقلالية السياسة النقدية، وتحديات جوهرية طويلة المدى تواجه الاقتصاد العالمي.

وكان صندوق النقد الدولي توقع في آخر تحديث لتوقعاته الاقتصادية العالمية في يوليو (تموز)، نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3 في المائة لهذا العام - وهو تباطؤ طفيف مقارنة بـ3.3 في المائة في عام 2024. وسيُحدّث توقعاته في اجتماعات الأسبوع المقبل.

يظهر وسيط تحت لوحة مؤشر «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

أولاً: المخاطر الاقتصادية والمالية:

  • هشاشة الاقتصاد العالمي: على الرغم من إظهار الاقتصاد العالمي بعض المرونة، فإنه يواجه مخاطر سلبية ناتجة عن احتمالية فرض تعريفات جمركية جديدة، واستمرار التوترات الجيوسياسية، وارتفاع مستوى عدم اليقين، مما يخلق بيئة صعبة للنمو والتنمية.
  • تقلبات الأسواق المالية: توجد مخاوف جدية بشأن استقرار الأسواق المالية، خصوصاً في ظل التقييمات المرتفعة، وإمكانية حدوث تصحيحات سوقية مفاجئة. مثل هذا التصحيح يمكن أن يؤدي إلى تضييق الظروف المالية، مما يجر النمو العالمي إلى الأسفل.
  • التجارة والرسوم الجمركية: يؤثر تصاعد التعريفات الجمركية، خصوصاً تلك الآتية من الولايات المتحدة، سلباً على التجارة العالمية، مما قد يضر بالنمو والإنتاجية. كما تمثل إعادة توجيه الصادرات الصينية إلى أسواق أخرى تحدياً جديداً للاقتصادات الأخرى.
  • الوساطة المالية غير المصرفية: يُشكّل نمو قطاع الوساطة المالية غير المصرفية وترابطه المتصاعد مخاطر جديدة تتطلب إشرافاً رقابياً أفضل، وهو ما تم تسليط الضوء عليه في مؤتمرٍ لصندوق النقد الدولي عقد في يونيو (حزيران) 2025.

ثانياً: أزمة الديون والإصلاح المؤسسي

  • أزمة الديون السيادية: أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الدين العالمي لا يزال أعلى من 235 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع ارتفاع الدين العام نتيجةً لعجزٍ قابله انخفاض في الدين الخاص. وأعرب الصندوق مؤخراً عن قلقه إزاء ارتفاع مستويات الدين في كثير من الاقتصادات الناشئة والنامية، ونصحها بتحسين مصداقيتها المالية، وإعادة هيكلة ديونها عند الضرورة، وإعادة بناء قدرتها على الإنفاق.
  • مطالبات إصلاح مؤسسات بريتون وودز: هناك دعوة واسعة لإصلاح صندوق النقد والبنك الدوليين. وتطالب دول مجموعة «بريكس» بإنهاء الهيمنة الغربية على قيادة صندوق النقد الدولي، بينما تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً لتبسيط مهمة المؤسسات.

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

سوريا في قلب المشهد

ستتصدّر سوريا جدول النقاشات من خلال جلسة خاصة حول مستقبلها المالي، حيث يعقد صندوق النقد الدولي فعالية خاصة تحت عنوان «إعادة بناء سوريا: رحلة نحو الاستقرار والازدهار». وسيستضيف الصندوق وزير المالية السوري محمد يسر برنية، الذي سيتحدث عن التحديات والفرص المتاحة أمام تحقيق الاستقرار الاقتصادي بعد سنوات من الحرب الأهلية المدمرة. ومن المتوقع أن يركز النقاش، الذي يديره مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، الدكتور جهاد أزعور، على جهود الإصلاح التي يقودها الفريق الاقتصادي الجديد، ودور الشركاء الدوليين، وكيفية توفير الصندوق للمساعدة الفنية وبناء القدرات، وتنسيق دعم المانحين ضمن نطاق ولايته.

وفي تصريحات سابقة لغورغييفا حول سوريا، قالت إن «العودة إلى مؤسسات التمويل الدولية يجب أن تمر عبر بوابة الإصلاح المالي والشفافية»، مؤكدة أن الصندوق «يعمل بحذر لكن بإصرار مع شركائه لإعادة دمج سوريا تدريجياً في الاقتصاد العالمي».

هذا وستخضع تصريحات وزراء مجموعتي «السبع» و«العشرين»، وكذلك البيانات الرسمية لتقريري «آفاق الاقتصاد العالمي» و«الاستقرار المالي العالمي» (سيصدران يوم الثلاثاء)، لتمحيص دقيق. ففي عالم يزداد فيه التشرذم الاقتصادي والجيوسياسي، يحاول العالم قراءة مدى استعداد صانعي السياسات للتحرك بحزم لاحتواء التضخم الناجم عن التوترات التجارية، وتفادي الانهيار المحتمل «لفقاعة الذكاء الاصطناعي» التي باتت تهدد النمو قبل أن تحقق وعودها بالكامل. وبالتالي، فإن التوفيق بين الحاجة إلى الاستقرار المالي والمطالب بإصلاح المؤسسات القديمة هو التحدي الأعمق الذي سيحدد مدى فاعلية هذه المؤسسات في توجيه الاقتصاد العالمي خلال «الوضع الطبيعي الجديد» لعدم اليقين.


مقالات ذات صلة

مصر تنتظر 3.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال أسابيع

الاقتصاد بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر تنتظر 3.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال أسابيع

تنتظر مصر أن يصرف صندوق النقد الدولي نحو 3.8 مليار دولار ضمن برنامج القرض الممتد بجانب جزء آخر من صندوق الاستدامة والصلابة.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

صندوق النقد يتوصل لاتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

قال صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين إنه توصل ‌إلى ‌اتفاق ‌على ⁠مستوى الخبراء ​بشأن ‌المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر ضمن تسهيل الصندوق ⁠الممدد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال إحدى جلسات منتدى «1+10» في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

صندوق النقد يرفع توقعات نمو الصين ويحذِّر من «تحديات انكماشية»

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني، ليصل إلى 5 % في عام 2025، و4.5 % في 2026.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال متابعة جهود توافر السلع الغذائية في الأسواق (مجلس الوزراء)

«مراجعة صندوق النقد»... هل تمس «خفض الدعم» في مصر؟

تتجدد مع كل زيارة لصندوق النقد إلى مصر لإجراء مراجعات اتفاق القرض مخاوف لدى المصريين من خفض الدعم، لكن خبراء استبعدوا ذلك هذه المرة.

محمد محمود (القاهرة )
الاقتصاد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال لقائهما في دبي (حساب غورغييفا على إكس)

صندوق النقد الدولي يوافق على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان

وافق صندوق النقد الدولي على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان بموجب اتفاقية ثنائية، مما يُبرز «حفاظ البلاد على استقرارها» رغم الفيضانات المدمرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

المعادن... مستويات قياسية شبه يومية

سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
TT

المعادن... مستويات قياسية شبه يومية

سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)

لفتت المعادن أنظار المتعاملين في الأسواق بشكل جعلها تسجل بشكل شبه يومي مستويات قياسية جديدة، قبل نهاية العام الحالي، نتيجة النمو القوي في الاقتصادات الكبرى، وزيادة الطلب الناتج عن مرحلة عدم يقين تسيطر على معظم المستثمرين قبل بداية عام جديد، ربما يحمل كثيراً من المفاجآت للأسواق.

فمع استمرار مشتريات البنوك المركزية للذهب، ‍وتراجع الدولار، زاد أيضاً الطلب على الملاذ الآمن من قبل الأفراد بشكل ملحوظ في أسواق محددة، حتى إن بعض محافظ المستثمرين رفعت نسبة المعادن النفيسة في محافظهم المالية إلى نسبة مسيطرة، حتى تتضح الأمور مع بداية 2026.

وتجاوز الذهب مستوى 4500 دولار للأوقية (الأونصة)، الأربعاء، للمرة الأولى، وارتفعت الفضة والبلاتين والنحاس إلى مستويات قياسية أيضاً، إذ عززت زيادة الطلب ​على أصول الملاذ الآمن والتوقعات بمواصلة خفض أسعار الفائدة الأميركية العام المقبل شهية المضاربين تجاه المعادن النفيسة.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنحو 0.1 في المائة إلى 4493.76 للأوقية بحلول الساعة 10:23 بتوقيت غرينيتش، بعد أن سجّل مستوى قياسياً مرتفعاً عند 4525.19 دولار في وقت سابق. وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم فبراير (شباط) 0.3 في المائة إلى مستوى قياسي بلغ 4520 دولاراً.

وزادت الفضة ‌في المعاملات ‌الفورية 0.9 في المائة إلى 72.‌09 ⁠دولار للأوقية. ​وسجّلت الفضة ‌أعلى مستوى على الإطلاق عند 72.70 دولار.

وارتفع البلاتين 0.3 في المائة عند 2282.70 دولار، وبلغ ذروته عند 2377.50 دولار قبل أن يتخلى عن مكاسبه.

وارتفع سعر النحاس للجلسة السادسة على التوالي، مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق قرب 12300 دولار للطن المتري، يوم الأربعاء، مدعوماً بنمو اقتصادي أميركي قوي عزّز توقعات الطلب، وضعف الدولار الذي دعم الأسعار.

وانخفض البلاديوم 2.5 في المائة إلى 1815.25 دولار، متراجعاً بعد أن لامس أعلى مستوى في 3 سنوات.

وقال فؤاد رزاق زاده، محلل الأسواق لدى «سيتي إندكس وفوركس»، وفقاً لـ«رويترز»، إن ⁠الذهب تلقى دعماً «بسبب عدم وجود أي عوامل سلبية وزخم قوي، وكل ذلك مدعوم ‌بأساسيات متينة، تشمل استمرار مشتريات البنوك المركزية ‍وتراجع الدولار وقدر من الطلب ‍على الملاذ الآمن».

وأضاف: «ارتفعت معادن أساسية أخرى، مثل النحاس، ما ‍وفّر دعماً لسوق المعادن كله».

وارتفع الذهب بأكثر من 70 في المائة هذا العام، مسجلاً أكبر مكاسبه السنوية منذ عام 1979، مع إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن، وسط التوتر الجيوسياسي وتوقعات باستمرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) ​في تيسير السياسة النقدية.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، إنه يريد من رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي القادم ⁠خفض أسعار الفائدة إذا كانت الأسواق في حالة جيدة.

وغالباً ما ترتفع قيمة الأصول، التي لا تدر عائداً، مثل الذهب عند انخفاض أسعار الفائدة. وتشير أداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي» إلى أن المتعاملين يتوقعون حالياً خفضين محتملين لأسعار الفائدة العام المقبل.

وارتفعت الفضة بأكثر من 150 في المائة منذ بداية العام متجاوزة الذهب بفضل الطلب الاستثماري القوي وإدراج الفضة في قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة وتزايد استخدامها في الصناعة.

وارتفع سعر البلاتين نحو 160 في المائة، والبلاديوم أكثر من 100 في المائة منذ بداية العام، وهما معدنان يستخدمان بشكل أساسي في المحولات الحفزية للسيارات ‌لتقليل الانبعاثات، وذلك بسبب محدودية إمدادات المناجم وضبابية الرسوم الجمركية والتحول من الطلب الاستثماري على الذهب.


«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة تسبق عطلة عيد الميلاد.

وبحلول الساعة 9:45 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة 0.1 في المائة، فيما صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة طفيفة تقل عن 0.1 في المائة، بينما تراجع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.1 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

ومن المقرر أن تُغلق الأسواق أبوابها عند الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت الساحل الشرقي عشية عيد الميلاد، على أن تظل مغلقة طوال عطلة العيد. وتُستأنف التداولات بجلسة كاملة يوم الجمعة، وسط توقعات باستمرار ضعف أحجام التداول هذا الأسبوع، في ظل موسم العطلات، وإغلاق معظم المستثمرين مراكزهم مع اقتراب نهاية العام.

ولا يزال اهتمام المستثمرين منصباً بشكل أساسي على أداء الاقتصاد الأميركي، وتوجهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية؛ إذ تتزايد التوقعات بإبقاء البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب في يناير (كانون الثاني).

وتشير أحدث البيانات الاقتصادية إلى استمرار الضغوط التضخمية وتراجع ثقة المستهلكين القلقين من ارتفاع الأسعار، إلى جانب مؤشرات على تباطؤ سوق العمل وتراجع مبيعات التجزئة.

وفي هذا السياق، أفادت وزارة العمل الأميركية، الأربعاء بأن عدد المتقدمين بطلبات إعانات البطالة انخفض خلال الأسبوع المنتهي في 20 ديسمبر (كانون الأول) بمقدار 10 آلاف طلب، ليصل إلى 214 ألف طلب، مقارنة بـ224 ألفاً في الأسبوع السابق. وجاء هذا الرقم دون توقعات المحللين الذين استطلعت آراءهم شركة «فاكت سيت»، والبالغة 232 ألف طلب، ما يشير إلى استمرار متانة سوق العمل نسبياً، رغم بعض إشارات الضعف.

وعلى صعيد الشركات، قفزت أسهم شركة «داينافاكس تكنولوجيز» بنسبة 38 في المائة عقب إعلان شركة «سانوفي» الفرنسية للأدوية استحواذها على شركة اللقاحات الأميركية، ومقرها كاليفورنيا، في صفقة بلغت قيمتها 2.2 مليار دولار.

وستضيف «سانوفي» لقاحات «داينافاكس» المضادة لالتهاب الكبد الوبائي (ب) إلى محفظتها، إلى جانب لقاح قيد التطوير ضد الهربس النطاقي، في حين لم تسجل أسهم «سانوفي» تغيراً يُذكر في تعاملات ما قبل الافتتاح.

أما في الأسواق العالمية فقد تباين أداء الأسهم الأوروبية بين ارتفاعات محدودة وتراجعات طفيفة، بينما سادت حالة من الهدوء في الأسواق الآسيوية؛ إذ ارتفع مؤشر «هونغ كونغ» بنسبة 0.2 في المائة، في مقابل تراجع مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 0.1 في المائة.


«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

وقّعت شركة «أكوا باور» اتفاقية شراء أسهم «إس بي إيه» للاستحواذ على كامل حصة شركة المياه والكهرباء القابضة «بديل» – التابعة لصندوق الاستثمارات العامة – في شركة الشعيبة للمياه والكهرباء، والبالغة 32 في المائة من رأس المال.

وأفادت «أكوا باور»، في بيان على «تداول السعودية»، بأن أصول شركة الشعيبة تضم قدرات لتوليد الكهرباء تبلغ 900 ميغاواط، وطاقة لتحلية المياه تصل إلى 880 ألف متر مكعب يومياً.

وقالت الشركة إنها تعد حالياً مساهماً غير مباشر في «الشعيبة للمياه والكهرباء»، مشيرة إلى أن الصفقة سترفع ملكيتها من 30 في المائة إلى 62 في المائة.

وذكرت أن المشروع ينطوي على مخاطر تشغيلية محدودة، ويتمتع بتدفقات نقدية متعاقد عليها حتى عام 2030، ما يُتوقع أن ينعكس بمساهمة إضافية في أرباح «أكوا باور» وتدفقاتها النقدية.

وبحسب البيان، يتم تنفيذ الاستحواذ عبر شركة «الواحة للمشروعات» المملوكة بالكامل لـ«أكوا باور»، على أن تبلغ قيمة الصفقة 843.32 مليون ريال (224.8 مليون دولار) قبل أي تعديلات متفق عليها لسعر الشراء.

وأوضحت «أكوا باور» أن إتمام الصفقة يظل مشروطاً باستيفاء الشروط المسبقة الواردة في اتفاقية شراء الأسهم، بما في ذلك الحصول على جميع الموافقات التنظيمية اللازمة.

ولفتت الشركة إلى أن «الشعيبة للمياه والكهرباء» تُعد أول مشروع مستقل لإنتاج المياه والكهرباء في السعودية، وبدأ تشغيله عام 2010 بالقدرات نفسها المعلنة حالياً: 900 ميغاواط للكهرباء و880 ألف متر مكعب يومياً للتحلية.

وأكدت أن الصفقة ستسهم في زيادة صافي الدخل المتكرر والتدفقات النقدية الحرة لحملة الأسهم، مبينة أن الطرف البائع هو «بديل» التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، التي تُعد كذلك أكبر مساهم في «أكوا باور».

وتعد هذه الصفقة جزءاً من استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة في سياق التزامه بتمكين القطاع الخاص بوصفه ركيزة أساسية لدعم تنويع الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

كما تنسجم هذه الصفقة مع استراتيجية الصندوق الهادفة إلى استقطاب استثمارات القطاع الخاص محلياً وعالمياً إلى شركات محفظته، بما يسهم في تعظيم قيمتها وإطلاق كامل قدراتها، إلى جانب مواصلة دوره في دفع جهود التحول الاقتصادي للسعودية وتحقيق عوائد مستدامة على المدى الطويل.