مها الملوح: حين نتبادل القصص مع العالم نتبادل إنسانيتنا أيضاً

الحائزة على الجائزة الثقافية الوطنية لـ«الشرق الأوسط»: أحب أن تبقى ذاكرتي كجسر يربط بين الأصالة والحداثة

«أبواب 2012»
«أبواب 2012»
TT

مها الملوح: حين نتبادل القصص مع العالم نتبادل إنسانيتنا أيضاً

«أبواب 2012»
«أبواب 2012»

حين تلقّت الفنانة مها الملوح خبر فوزها بالجائزة الثقافية الوطنية، ضمن فئة الفنون البصرية لهذا العام، كانت خارج أرض الوطن، وبالتحديد في فيينا، حيث أقامت معرضها الشخصي «القصص تُهم». حين تلقت الخبر همست لنفسها: «يا الله لك الحمد والمنة، دام عزّ وطني».

لم تختر الملوح الفن، بل هو الذي اختارها، فاتخذت منه مساحة حرة للتعبير، ووسيلة للوجود والتواصل مع العالم، وأصبحت تقدم مع كل عمل فني، جزءاً من حياتها. واحتفالاً بالجائزة وبالمسيرة الحافلة كان لـ«الشرق الأوسط» لقاء مع الفنانة مها الملوح، عرجنا فيه على عدة محطات من مشوارها الفني واختياراتها الفنية وعن معرضها الأخير.

عن البدايات

في لحظات الإنجاز والاحتفاء بالذات، تتسابق إلى الذاكرة مشاهد البدايات، وهذا دعانا إلى سؤال الملوح؛ ما الذي اختلف بين الفنانة الطموحة في أول معرض فني لها، وبين الفنانة التي استحقت هذه الجائزة المرموقة؟ تجيب: «كنت ما أزال طالبة في المدرسة، أحمل في داخلي الشغف والرغبة بإثبات الذات. كان ذلك في عام 1976، شاركت بأعمالي مع كبار الفنانين العرب المقيمين في السعودية، وحظيت بتشجيع كبير كوني الفنانة السعودية الوحيدة، حيث بيعت جميع أعمالي. ما تبقى معي اليوم من تلك الفنانة هو الإصرار والصدق في التعبير الفني والإيمان العميق بأن الفن رسالة، قبل أن يكون إنجازاً شخصياً، أما ما اختلف فهو النضج والقدرة على قراءة العمل الفني بعمق أكبر، إضافة إلى الخبرة التي منحتني رؤية أوضح للتحديات والفرص، وجعلتني أكثر ثقة بقدرتي على المساهمة في المشهد الفني محلياً وعالمياً».

مواكبة المشهد

ظلّت الفنانة الملوح محتفظة بوجودها المميز على المستوى المحلي والعالمي، برغم طول مسيرتها الفنية واختلاف المشهد الفني. فكيف استطاعت مواكبة هذه المتغيرات؟ تجيب: «يستطيع الفنان المحافظة على تجدد عطائه، من خلال الاستمرار في البحث والتجريب والانفتاح على التقنيات والوسائط الحديثة، مع المحافظة في الوقت ذاته على خصوصية أسلوبه الفني وقيمه الجمالية. كما أن التفاعل مع الأجيال الجديدة من الفنانين، والاطلاع على الحوارات الثقافية والمعارض الدولية، يمنحان الفنان أفقاً أوسع يثري تجربته، ويمكنه من تقديم أعمال تعكس روح العصر وتحتفظ بهويتها الأصيلة».

من أعمال مها الملوح «رحلة العمر تكريم لليدي إفيلين كوبولد» (الفنانة)

النجاح عالمياً

إضافة إلى مشاركاتها العالمية، أصبحت أعمال الملوح جزءاً من مقتنيات العديد من المتاحف العالمية والمجموعات الخاصة. ومنها المتحف البريطاني، ومتحف اللوفر في باريس، ومتحف ماك في فيينا، ومتحف سان فرانسسكو للفن الحديث. من واقع تجربتها، ترى الملوح أن قدرة الفنان السعودي على النجاح عالمياً تقترن بإتقان ما يقدمه في المقام الأول، وتطوير أسلوب مميز. يتحقق ذلك من خلال محاولة فهم اللغة التي يتحدث بها الفن العالمي، وكذلك التجريب والتعاون مع فنانين من مختلف الثقافات، تضيف: «العالم اليوم يقدر الأصالة، لكنه في الوقت نفسه يبحث عن الإبداع الذي يعكس التفاعل مع الحاضر والمستقبل، ومن هنا تأتي أهمية أن يكون الفنان صادقاً مع ذاته، معبراً عن قضاياه الخاصة التي تحمل في جوهرها بعداً إنسانياً مشتركاً يفهمه الجميع».

استكشاف التراث النجدي

تصف الملوح أعمالها بأنها تستكشف الرموز الثقافية للحضارة السعودية. من هنا يتبادر السؤال عن استلهامها التراث النجدي في أعمالها، تقول: «حين شعرت بتغيّر الحياة سريعاً من حولي. زرت بيوت الطين القديمة. وجدت فيها صدق الانتماء، فأيقنت بضرورة المحافظة على تراثنا، كي يبقى نابضاً في الحاضر والمستقبل». تحيلنا كلماتها للتفكير في نظرة الأجيال الجديدة لأهمية حفظ التراث والذاكرة في الأعمال الفنية، ترى الملوح أن الفن يملك القدرة على ترجمة الذاكرة إلى لغة جمالية، يفهمها ويشعر بها الجيل الجديد: «العمل الفني ليس مجرد توثيق، بل هو جسر يربط بين التجربة الإنسانية القديمة وحساسية المتلقي المعاصر، فيتذوق الماضي وكأنه حاضر. ومن دون هذا الجسر، نفقد القدرة على إدراك عمق ما تغير، وكيف وصلنا لما نحن عليه اليوم».

من معرض مها الملوح في فيينا «القصص تهم» (الفنانة)

القيمة الجمالية للمعتاد

تترك تركيبات الملوح الفنية الناظر بنظرة جديدة تجاه ما كان يبدو اعتيادياً، حيث تستعين بمواد مثل المكيفات والحقائب والطناجر والبراميل، مانحة إياها أبعاداً جديدة. تتذكر الملوح أن وعياً تدريجياً نشأ بينها وبين بيئتها والأشياء اليومية البسيطة التي تحيطها، عندما بدأت تتفحصها بعيني الفنانة. حينها تولد داخلها إيمان بالقيمة الجمالية التي تتجاوز التكوينات المادية، توضح: «المواد التي قد تبدو عادية، تحمل في طياتها إمكانات تعبيرية هائلة متى ما وظّفت في سياق فني جديد. أتعامل مع هذه المواد بوصفها لغة صامتة، أحاول أن أستخرج منها معاني ورموزاً ترتبط بتجربتي الشخصية وبالمحيط الذي أنتمي إليه». يبدو تكرار العناصر باعتباره ميزة جلية في أعمالها، تفسر الملوح بأنه يدل على الاستهلاك من ناحية، لكنه أيضاً يحمل في ثناياه تجربة بصرية تثير مشاعر متباينة لدى المتلقي.

من معرض «القصص تهم» (الفنانة)

مما لا شك فيه أن اسم مها الملوح سيبقى في ذاكرة الفن السعودي، لكن كيف تحب أن يتذكرها؟ تقول: «أحب أن تبقى ذاكرتي كجسر يربط بين الأصالة والحداثة وبين المحلي والعالمي، وأن يذكرني الناس كفنانة ساهمت في وضع السعودية على خريطة الفنون العالمية من خلال المعارض والمشاركات الدولية، ويذكر دوري في ربط الأجيال الشابة بذاكرتهم الثقافية، وأن يحفظ اسمي كواحدة من الفنانات اللاتي جسّدن هوية السعودية في قالب عالمي معاصر».

«القصص تُهم»

يقام حالياً في غاليري «كرينزنجر»، في فيينا، معرض الملوح الشخصي «القصص تُهم»، الذي يستمر حتى 23 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. جاء المعرض تلبيةً لدعوةِ تنسيقِ معرض يتناول الحوار بين الشعوب.

مها الملوح: ركّزت على القصص التي شكّلت حياتنا وتاريخنا (الفنانة)

اختارت له مجموعة من الأعمال الفنية الجديدة: «ركزت فيها على القصص التي شكّلت حياتنا وتاريخنا، قدّمتها برؤية شخصية، تعبر عن مشاعري وتجربتي». ترى الملوح في القصص وسيلة فاعلة للتواصل بين الشعوب، وباستخدام أساليب فنية مختلفة يمكن لهذه القصص أن تجاوز عقبة اختلاف اللغات: «تجمع القصص الشعبية والأساطير والحكايات التاريخية تجارب أجيال متعاقبة، مكونة هوية جماعية، يرى فيها الآخر قيماً إنسانية مشتركة». وتضيف: «حين نتبادل القصص، نتبادل إنسانيتنا أيضاً، وهذا يفتح باباً للتسامح والفهم، وربما التعاون بين الأمم والشعوب».


مقالات ذات صلة

كلارا خوري: الأمومة والإنكار وهواجس المرأة جذبتني لـ«غرق»

يوميات الشرق كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)

كلارا خوري: الأمومة والإنكار وهواجس المرأة جذبتني لـ«غرق»

فيلم «غرق» يسلط الضوء على تحديات الأمومة والصحة النفسية في مجتمع محافظ من خلال قصة امرأة تحاول التوازن بين حياتها وعلاج ابنها المصاب باضطراب نفسي.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق المخرج المصري أبو بكر شوقي (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

المخرج المصري أبو بكر شوقي: أبحث عن عوالم جديدة في أفلامي

قال المخرج المصري، أبو بكر شوقي، إنه يبحث دوماً عن الأفلام التي تدخله عوالم جديدة، كما في فيلميه السابقين «يوم الدين» و«هجان».

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر (مهرجان البحر الأحمر)

آن ماري جاسر لـ«الشرق الأوسط»: «فلسطين 36» يربط النكبة بالمأساة الجديدة

من العرض العالمي الأول في مهرجان تورنتو للعرض العربي الأول في النسخة الماضية من مهرجان البحر الأحمر، مروراً باختياره في «القائمة المختصرة» لجوائز الأوسكار.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة صابرين تميزت بأدوارها المتنوعة (صفحتها على فيسبوك)

صابرين لـ«الشرق الأوسط»: قرار ابتعادي عن الغناء الأصعب بحياتي

أعربت الفنانة المصرية صابرين عن سعادتها بعرض أحدث أفلامها «بنات الباشا» في الدورة الأحدث لمهرجان «القاهرة السينمائي» الدولي بقسم «آفاق السينما العربية».

مصطفى ياسين (القاهرة )
يوميات الشرق أحمد رضوان قدَّم دور ابن شقيقة أم كلثوم (الشرق الأوسط)

أحمد رضوان لـ«الشرق الأوسط»: «السِّت» لا يحمل أي إساءة لأم كلثوم

لم يكن سهلاً على ممثل شاب أن يدخل إلى عالم مغلق تحيط به هالة من الرهبة، وأن يتحرك داخله، من دون أن يقع في فخ التقليد أو المبالغة.

أحمد عدلي (القاهرة )

باحثون صينيون يبتكرون نموذجاً ثورياً لمحاكاة تلوث الهواء

نموذج صيني جديد يراقب تلوث الهواء والجسيمات الدقيقة (غيتي)
نموذج صيني جديد يراقب تلوث الهواء والجسيمات الدقيقة (غيتي)
TT

باحثون صينيون يبتكرون نموذجاً ثورياً لمحاكاة تلوث الهواء

نموذج صيني جديد يراقب تلوث الهواء والجسيمات الدقيقة (غيتي)
نموذج صيني جديد يراقب تلوث الهواء والجسيمات الدقيقة (غيتي)

طوّر فريق من الباحثين الصينيين نموذجاً جديداً لجودة الهواء، يُتيح محاكاة أدق لملوثين رئيسيين؛ هما: الجسيمات الدقيقة والأوزون الأرضي، ما يمثل خطوة مهمة نحو فهم وإدارة تحديات التلوث المعقدة، خصوصاً في المناطق سريعة النمو.

النموذج، الذي أطلق عليه اسم «نموذج المجتمع المتكامل والمترابط للانبعاثات والعمليات الجوية» (EPICC)، يتميز بهيكله المعياري الذي يسمح بتحديث مكوناته بسهولة، ويعتمد على تمثيلات كيميائية متقدمة تشمل تكوين الكبريتات بتحفيز المنغنيز، وتفاعلات الهباء الجوي مع ضوء الشمس، وقد نُشرت الدراسة التي توضح هذا النموذج في مجلة «أدفانسز إن أتموسفيريك ساينسز (Advances in Atmospheric Sciences)»، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الصينية (شينخوا).

ويختلف «EPICC» عن النماذج التقليدية التي كان يطورها باحثون فرديون أو فرق صغيرة، إذ اعتمد على إطار تعاوني شارك فيه 59 باحثاً من 13 مؤسسة أكاديمية؛ بينها معهد الفيزياء الجوية في الأكاديمية الصينية للعلوم، وجامعتا تسينغهوا وبكين.

وتلعب نماذج جودة الهواء دوراً محورياً في دراسة تكوين الملوثات ونقلها وتحولها في الغلاف الجوي، ودعم وضع استراتيجيات فعالة للحد من التلوث. وأوضح الباحثون أن النماذج الرائدة، التي نشأت تاريخياً في الولايات المتحدة، لا تتوافق دائماً مع ظروف التلوث الفريدة في الصين، التي تشمل دخان الفحم والضباب الكيميائي الضوئي والضباب الكثيف.

وأظهرت اختبارات الأداء أن الإصدار الأول من «EPICC» يُحسِّن بشكل ملحوظ دقة محاكاة الجسيمات الدقيقة (PM2.5) والأوزون، ويعالج أخطاء النماذج السابقة التي كانت تقلل من تقدير تلوث الكبريتات وتبالغ في تركيزات الأوزون الصيفية.

وقالت مجموعة العمل: «يمكن أن يكون هذا النموذج أداة فعالة لدعم اتخاذ القرار؛ ليس في الصين فحسب، بل أيضاً في الدول النامية سريعاً التي تواجه تحديات مماثلة في تلوث الهواء».


«مجمع الملك سلمان العالمي» يحتفي باليوم العالمي للغة العربية

مجمع الملك سلمان العالمي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية (واس)
مجمع الملك سلمان العالمي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية (واس)
TT

«مجمع الملك سلمان العالمي» يحتفي باليوم العالمي للغة العربية

مجمع الملك سلمان العالمي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية (واس)
مجمع الملك سلمان العالمي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية (واس)

نظّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الأربعاء، بالتعاون مع منظمة «التعاون الإسلامي» للعام الرابع على التوالي، احتفالاً باليوم العالمي للغة العربية، برعاية الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، رئيس مجلس أمناء المجمع، بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية، وجمع من الشخصيات المعنية باللغة العربية في العالم الإسلامي، وذلك في المقر الرئيسي للمنظمة بمحافظة جدة.

وأكّد الأمين العام للمجمع الدكتور عبد الله بن صالح الوشمي، أن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في منظمة «التعاون الإسلامي» يجسّد التكامل بين المؤسسات الثقافية والمنظمات الأممية في دعم اللغة العربية، وتمكينها في السياقات الدولية متعددة الثقافات واللغات، مثمناً ما تحظى به برامج المجمع من دعم من وزير الثقافة، مبيناً أن المجمع يعمل على ترسيخ حضور العربية في المنظمات الدولية؛ بإطلاق مشروعات علمية وسياسات لغوية ومبادرات نوعية تُبرز مكانتها بين لغات العالم، وقدرتها على التفاعل والتأثير، على نحو يتماشى مع مستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية.

ويتضمن البرنامج جلستين علميتين رئيستين؛ الجلسة الأولى بعنوان «حالة تعليم اللغة العربية في الدول الإسلامية»، لاستعراض منهجية المشروع الدولي الذي نفّذه المجمع عن واقع تعليم اللغة العربية ونتائجه في الدول غير العربية - خصوصاً الإسلامية منها - والتحديات والفرص المرتبطة بتطوير برامج تعليم اللغة العربية لغة ثانية، والجلسة الثانية بعنوان «حضور اللغة العربية في الدول الإسلامية»، تناولت واقع العربية في بعض الدول الإسلامية، مستعرضةً تجارب 6 دولٍ؛ هي: ليبيا، والسودان، وغامبيا، وبنغلاديش، والسنغال، والكويت، بمشاركة خبراء وممثلين من المؤسسات التعليمية في تلك الدول.

وتهدف الجلستان إلى تسليط الضوء على التحديات والفرص في تعليم العربية، واستعراض السياسات والمبادرات الداعمة لتطوير مناهجها وبرامجها التعليمية.

ويصاحب الفعالية معرض يُظهر تنوع المشروعات والمبادرات التي ينفّذها المجمع في خدمة اللغة العربية عالميّاً، ويستعرض إصدارات المجمع ومنتجاته الرقمية والمعرفية.

ويأتي هذا الاحتفال امتداداً لرسالة المجمع في تمكين اللغة العربية عالميّاً، وتعزيز حضورها في المحافل العالمية والمنظمات الثقافية الكبرى، وتجسيداً للشراكة مع المنظمات العربية والإسلامية في دعمها؛ بوصفها عنصراً من عناصر الهُوية الثقافية للعالم الإسلامي، وجسراً للتواصل والتفاهم الحضاري، وتأكيداً لدور السعودية الريادي في خدمة العربية ونشرها لغةً للثقافة والمعرفة.


السعودية تطلق منصة عالمية للخط العربي من المدينة المنورة

وسيلة تواصل عالمية تتجاوز الحدود الثقافية وتجسّد حضور الخط العربي في مجالات التراث والفنون والعمارة والتصميم (الثقافة السعودية)
وسيلة تواصل عالمية تتجاوز الحدود الثقافية وتجسّد حضور الخط العربي في مجالات التراث والفنون والعمارة والتصميم (الثقافة السعودية)
TT

السعودية تطلق منصة عالمية للخط العربي من المدينة المنورة

وسيلة تواصل عالمية تتجاوز الحدود الثقافية وتجسّد حضور الخط العربي في مجالات التراث والفنون والعمارة والتصميم (الثقافة السعودية)
وسيلة تواصل عالمية تتجاوز الحدود الثقافية وتجسّد حضور الخط العربي في مجالات التراث والفنون والعمارة والتصميم (الثقافة السعودية)

شرع «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي» في منطقة المدينة المنورة (غرب السعودية) أبوابه لكل المهتمين بالخط العربي من جميع أنحاء العالم بما يعزز من حضور هذا الفن العريق الذي يمثل إرثاً حضارياً حياً يجمع الأصالة والإبداع، عبر 5 محاور يندرج تحتها عددٌ من البرامج النوعية.

يمثل المركز منصة عالمية لدعم الخط العربي وفنونه المتعددة، بوصفه وسيلة تواصل عالمية عابرة للثقافات في مجال التراث والفنون والعمارة والتصميم، مع تعزيز مكانة السعودية وتأثيرها في حفظه وتطويره، إلى جانب احتضان المواهب وتنمية المعارف في مجالات الخط العربي.

وتحت رعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، حضر الأمير سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس هيئة تطوير المنطقة، الاثنين، حفل افتتاح المركز، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة.

الأمير سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة يرافقه الأمير بدر بن عبد الله وزير الثقافة خلال جولة على مرافق المركز العالمي للخط العربي في أثناء حفل افتتاحه (الثقافة السعودية)

واطلع أمير المدينة المنورة خلال جولة على مرافق المركز وما يضمه من معارض فنية واستمع إلى شرح عن المحتوى الثقافي وما حققه المركز بمسماه السابق «دار القلم» من جوائز ومنجزات ثقافية، كما شاهد عدداً من المقتنيات والأعمال الفنية التي تعكس قيمة الخط العربي ومكانته الثقافية والحضارية.

وقال وزير الثقافة السعودي في كلمة له خلال الحفل: «من أرض النور والعلوم، نسعد بتدشين مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي، الذي يؤسس منصة عالمية للخط العربي بوصفه قيمة ثقافية عريقة، في ظل ما يحظى به القطاع الثقافي من دعم كريم وغير محدود من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء».

وأكد أن «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي يوجّه رسالةً إلى العالم أجمع عن حجم هذا الإرث العظيم والمكانة الرفيعة للخط العربي، ويؤكد الاهتمام الذي تُوليه قيادتُنا لثقافتنا وهويتنا».

وزير الثقافة السعودي خلال إلقاء كلمته (الثقافة السعودية)

وأشار إلى أن «المركز يُجسّد رؤيةً واضحة للارتقاء بالخط العربي بصفته وسيلةَ تواصل عالمية وراسخة في التراث العربي والفنون والعمارة والتصميم، ويعزز مكانة المملكة ودورها التاريخي في صونه وتطويره، كما يُعدّ منصة للإبداع والابتكار والتواصل الحضاري.

كما يشكّل المركز، منصةً لتطوير المواهب وصقل مهارات الخطاطين والاستثمار في المبدعين، إلى جانب تعزيز الهوية الثقافية للمملكة وترسيخ حضورها الدولي، مستهدفاً مختلف الفئات، ومنهم الخطاطون والمواهب الناشئة والفنانون التشكيليون والباحثون في الفنون الإسلامية والمؤسسات التعليمية والثقافية، إضافةً إلى الجمهور المحلي والعالمي من محبي الفنون والتراث، بما يسهم في توسيع دائرة التأثير وزيادة الوعي الثقافي وإبراز جماليات الخط العربي».

المركز يجسّد دوره كمنصةً عالمية لحفظ الخط العربي وتطويره (الثقافة السعودية)

وترتكز استراتيجية المركز على 5 محاور رئيسة، تشمل: المعرفة والتطوير، وتنمية المهارات، والمشاركة المجتمعية، والأعمال والفرص، والابتكار، ويندرج تحتها عددٌ من البرامج النوعية، من أبرزها: وحدة البحث والأرشفة، وبرنامج تعلم الخط العربي، ومنح الدراسات والأبحاث، ومتحف الخط العربي الدائم، والمعارض المتنقلة، والجمعية الدولية للخط العربي، وحاضنة الأعمال المرتبطة بالخط العربي.

ويعمل المركز على تنفيذ حزمةٍ من البرامج النوعية، تشمل: برنامج الإقامة الفنية، وتنظيم الورش التخصصية، وتطوير المناهج والمعايير المرتبطة بالخط العربي، إلى جانب مبادرات تعليمية وتدريبية دولية تسهم في حفظ التراث الثقافي، وتعزّز الحضور العالمي لهذا الفن العريق، الذي يمثّل إرثاً حضارياً حياً يجمع الأصالة والإبداع.

جانب من الأعمال الفنية التي تبرز جماليات الخط العربي وتنوّع مدارسه (الثقافة السعودية)

يأتي تدشين المركز تأكيداً للعناية التي توليها المملكة للثقافة والفنون، وانطلاقاً من المكانة التاريخية للمدينة المنورة بوصفها مهداً للخط العربي، وذاكرةً حضارية ارتبطت بكتابة المصحف الشريف وتدوين العلوم الإسلامية، وامتداداً لدورها التاريخي ممثلاً في «دار القلم»، بما يرسّخ حضور المدينة منصةً عالميةً للخط العربي، ويجسّد اتساق هذه المبادرات مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030».