من المقرر أن يُفتتح هذا الشهر أمام الجمهور نفقٌ يعود تاريخه إلى ألفي عام، كان الأباطرة الرومان يستخدمونه للدخول إلى الكولوسيوم بعيداً عن الأنظار، موفّراً للزوار لمحة نادرة عن الكواليس الإمبراطورية لهذا المسرح الروماني الشهير، حسب ما ذكرته «سي إن إن» الأميركية.
ويُعرف هذا النفق باسم «ممر كومودوس»، ويمتد على طول نحو 180 قدماً تحت المدرج، وقد شُيّد ليتيح للأباطرة وضيوفهم من كبار الشخصيات الوصول إلى مقاعدهم في الصندوق الإمبراطوري دون مخالطة الحشود.
وقد سُمّي الممر باسم الإمبراطور كومودوس، الحاكم المستبد الذي حكم بين عامي 177 و192 ميلادية، والذي نجا من محاولة اغتيال جرت في هذا الممر بعينه.
سيتذكّر عشّاق السينما شخصية كومودوس من فيلم «Gladiator» (المصارع)، حيث جسّد الممثل خواكين فينيكس دور الإمبراطور المتآمر الذي قتل والده ماركوس أوريليوس، وواجه في ساحة القتال ماكسيموس، الذي أدّى دوره الممثل راسل كرو.
إلا أن الحقيقة فاقت الخيال؛ فقد كان كومودوس، مدفوعاً بغروره، يشارك فعلياً في نزالات المصارعين متنكّراً في هيئة هرقل، ويقوم بقتل مقاتلين منهكين بل وحتى حيوانات، وقد ورد أنه قطع رأس نعامة أمام حشد من الجماهير المهلّلة، حسب ما أفادت به إدارة المتنزه الأثري للكولوسيوم.
تم اكتشاف النفق للمرة الأولى بين عامي 1810 و1814 على يد بعثة تنقيب فرنسية بقيادة المهندس المعماري كارلو لوتشانجيلي، ثم أُعيد فتحه عام 1874، وأُعيدت دراسته في تسعينات القرن العشرين.
وخلال أعمال الترميم الشاملة للموقع بين عامي 2020 و2021، تمكن علماء الآثار من إعداد خريطة دقيقة للنفق، وأطلقوا مرحلة جديدة من جهود الحفاظ عليه. أزالت عمليات الترميم الأخيرة قروناً من الغبار والأتربة، وأعادت تثبيت طبقات الجص الهشة باستخدام أدوات ليزرية متطورة، كاشفةً عن جدران مكسوّة بالرخام تزينها مناظر طبيعية ومشاهد أسطورية، من أبرزها قصة ديونيسوس، إله الخمر والابتهاج. وبالقرب من المدخل، ظهرت نقوش لصيد الخنازير البرية، ومصارعة الدببة، والعروض البهلوانية، تعكس عظمة المشاهد التي كانت تملأ أرجاء الكولوسيوم في زمنه الذهبي.




