تسعى مصر إلى تعزيز إمدادات الطاقة الكهربائية على الصعيدَين الوطني والإقليمي، بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي، السبت، على الاتفاقية العامة لإنشاء «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، وهو مشروع يُعد امتداداً لمبادرة الربط الكهربائي العربي التي بدأت منذ أكثر من عقدين.
ومن المقرر أن تبدأ «لجنة الطاقة والبيئة» في مجلس النواب المصري (البرلمان) قريباً في متابعة تطورات إعداد الأطر القانونية والتنظيمية اللازمة لتفعيل «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، وفق تأكيد عضو اللجنة، عبد السلام الخضراوي.
وقال الخضراوي لـ«الشرق الأوسط» إن «لجنة الطاقة والبيئة» ستعمل على خوض كل المسارات لدعم «إنشاء السوق العربية المشتركة للكهرباء» باعتباره «مشروعاً يخدم مصالح جميع الدول العربية»، عاداً أن «تزايد احتياجات المنطقة من الطاقة وإمكانات مصر الفنية يجعل القاهرة مؤهلة لقيادة هذا المسار». وأضاف أن «قدرات توليد الكهرباء الحالية بما في ذلك محطات الطاقة المتجددة، تجاوزت ضعف ونصف ضعف الاستهلاك المحلي».
وقررت الحكومة المصرية في سبتمبر (أيلول) 2024 إنهاء خطة «تخفيف الأحمال» بعد عام شهدت فيه مصر انقطاعات متكررة للكهرباء «نتيجة ارتفاع الطلب وتراجع إمدادات الغاز الطبيعي وصعوبات الاستيراد»، ما دفع الحكومة حينها إلى تنفيذ خطة لتحسين كفاءة الإنتاج وزيادة القدرات التوليدية وضمان استقرار الشبكة خصوصاً خلال فترات أشهر الصيف.
وينظر مراقبون إلى مصر راهناً باعتبارها محوراً رئيسياً لمشروع الربط الكهربائي العربي، بفضل موقعها الجغرافي الذي يربط شمال أفريقيا بالشرق الأوسط، وامتلاكها قدرات توليد متنوعة تشمل الطاقة الكهرومائية من السد العالي، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ويمثل الربط الكهربائي المصري-السعودي أحد أبرز المشاريع ضمن هذه المنظومة، ويمتد من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بتبوك في السعودية. وبلغت نسبة تنفيذ المشروع نحو 77 في المائة حتى مايو (أيار) الماضي، حسب إفادات رسمية حديثة في مصر.
كما تعمل مصر على توسيع خطوط الربط مع السودان لتصل إلى 300 ميغاوات، ومع ليبيا إلى 2000 ميغاوات، ومع الأردن إلى 2000 ميغاوات، وفق الحكومة المصرية.
وتعود فكرة الربط الكهربائي العربي إلى عام 2001، وتوّجت بإطلاق «السوق العربية المشتركة للكهرباء» رسمياً في ديسمبر (كانون الأول) 2024 خلال اجتماعات المجلس الوزاري العربي للكهرباء بالقاهرة تحت إشراف جامعة الدول العربية. ويشارك في المشروع 16 دولة عربية من بينها «الإمارات، والسعودية، ومصر، والكويت، والأردن، والسودان، وقطر».
وأكد الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية، السفير علي بن إبراهيم المالكي، في تصريحات، ديسمبر الماضي، أن إطلاق السوق يمثل «نقلة نوعية في العمل العربي المشترك»، معتبراً أن السوق سوف تسهم في تعزيز استقرار الإمدادات الكهربائية، وخفض التكاليف، ودعم استثمارات الطاقة المتجددة، وتعزيز مكانة الدول العربية مصدرين رئيسيين للطاقة النظيفة عالمياً.
خبير اقتصاديات الطاقة والبيئة في مصر، الدكتور محمد عبد الرؤوف، يرى أن إنشاء السوق العربية «خطوة استراتيجية تحمل مكاسب اقتصادية وبيئية لجميع الدول المشاركة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «السوق ستعمل على تعزيز الإمدادات وتقليل تكاليف الإنتاج والتوزيع، وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة، عبر تمكين الدول ذات الفائض من تصدير الكهرباء للدول التي تعاني عجزاً»، مؤكداً أن «مصر مرشحة للعب دور محوري بفضل موقعها الجغرافي وبنيتها التحتية المتقدمة»، لافتاً إلى أن «السوق العربية تعزز إمدادات مصر من الكهرباء».



