قائد بحرية «الحرس الثوري»: قرار إبقاء مضيق هرمز مفتوحاً بيد القيادة العليا

عضو لجنة الأمن القومي: المضايقات للناقلات الإيرانية لن تبقى بلا رد

تنغسيري خلال جولة ميدانية على شواطئ الخليج في جنوب إيران (أرشيفية - تسنيم)
تنغسيري خلال جولة ميدانية على شواطئ الخليج في جنوب إيران (أرشيفية - تسنيم)
TT

قائد بحرية «الحرس الثوري»: قرار إبقاء مضيق هرمز مفتوحاً بيد القيادة العليا

تنغسيري خلال جولة ميدانية على شواطئ الخليج في جنوب إيران (أرشيفية - تسنيم)
تنغسيري خلال جولة ميدانية على شواطئ الخليج في جنوب إيران (أرشيفية - تسنيم)

قال قائد القوة البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني، علي رضا تنغسيري، إن «بقاء مضيق هرمز مفتوحاً يعتمد على قرار المستوى الأعلى من القيادة» في طهران، مضيفاً أن «الأمر يرتبط بمستوى الضغوط المفروضة على صادرات إيران»، فيما هدد نائب بارز بالرد على أي مضايقات تتعرض لها الناقلات الإيرانية.

تلوح في الأفق بوادر مواجهة بين إيران والولايات المتحدة، مع تنامي القلق من عمليات تفتيش قد تطول السفن التجارية الإيرانية وناقلات تحمل نفطها، بعد إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران، في وقت تسود فيه مخاوف من تجدد الحرب الإسرائيلية - الإيرانية.

وأوضح تنغسيري أن بلاده «تعتبر هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية على مستوى العالم»، مضيفاً: «قمنا بحراستها ولم نسمح بإغلاق المضيق» حسبما أوردت وكالتا «فارس» و«تسنيم» التابعتان لـ«الحرس الثوري».

وفي إشارة ضمنية إلى احتمال اتخاذ طهران قراراً بإغلاق الممر الحيوي، تساءل تنغسيري: «هل من المنطقي أن يستفيد العالم من هذا المضيق بينما نُحرم نحن من استخدامه؟».

يأتي التلويح بعد أسبوع من إعلان رئيس الأركان الإيراني، عبد الرحيم موسوي، استعداد القوات البحرية لمواجهة أي صراع محتمل.

وأبدى تنغسيري، تخوفه من تداعيات دخول سفن أو غواصات «تعمل بالوقود النووي أو مزودة بأنظمة حساسة» إلى مياه الخليج، محذراً من أن «حدوث أي خلل أو حادث مرتبط بهذه الأنشطة قد يخلف آثاراً بيئية واسعة النطاق وطويلة الأمد».

ونبه إلى أن مثل هذه الحوادث «إن وقعت قد تؤثر على نوعية المياه الساحلية التي تعتمد عليها محطات التحلية في المنطقة، ما قد يجعلها غير صالحة للاستخدام لفترة طويلة».

ولفت تنغسيري إلى أن «موقف إيران العملي تجاه مضيق هرمز واضح، ويتمثل في الحفاظ على انسياب شرايين الطاقة العالمية ومنع أي إجراء قد يهدد البيئة أو أمن المنطقة».

وأضاف أن «قرار فتح أو إغلاق هذا الممر الحيوي يعود إلى القيادة العليا في البلاد»، موضحاً أنه «يرتبط بمستوى الضغوط المفروضة على صادرات إيران». واتهم بعض الدول الأجنبية بإلحاق الضرر بالأمن والاستقرار في المنطقة، معتبراً أن هذه الدول «تختلق الأعداء لضمان استمرار وجودها العسكري».

وأضاف تنغسيري أن «إيران لم تبادر إلى مهاجمة أي دولة خلال القرون الثلاثة الأخيرة» على حد تعبيره، مشيراً إلى أنها «لا تسعى إلى خلق أعداء ما لم تتعرض لاعتداء، لكنها ستدافع عن مصالحها بحزم إذا اقتضت الضرورة»، مشدداً على أن القوات البحرية الإيرانية سواء في «الحرس الثوري» أو الجيش النظامي «يقفون في وجه أي تهديد للمصالح الإيرانية».

وتنتشر بحرية الجيش النظامي في المياه الإيرانية في خليج عمان، وتتولى القوات الموازية في «الحرس الثوري» العمليات العسكرية والمهام الأمنية في الخليج ومضيق هرمز.

في جزء من تصريحاته تطرق تنغسيري إلى حرب الناقلات بين إيران والولايات المتحدة في الثمانينات. وأشار إلى غرق الفرقاطة الأميركية «يو إس إس صموئيل روبرتس»، بعد إصابتها بلغم بحري في أبريل (نيسان) 1988، ووصفها بـ«الصفعة الثالثة التي وجهت للولايات المتحدة».

وقال إن تلك العملية «تمثل جزءاً من مقاومة القوات البحرية لـ(الحرس الثوري) في الدفاع عن المصالح والتصدي لتهديد أعداء الجمهورية الإسلامية».

ولم تنخرط القوات البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني في حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، لكن تنغسيري كان من بين قيادات عسكرية اختفوا عن الأنظار لأسابيع أثناء الحرب وبعد نهايتها، وذلك بعدما استهدفت إسرائيل كبار قادة «الحرس الثوري».

فنان يرسم لوحة على مبنى «مركز الإعلام الفلسطيني» بطهران تصوّر قادة عسكريين كباراً قُتلوا في ضربة إسرائيلية (إ.ب.أ)

في الأثناء، حذر النائب علاء الدين بروجردي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، من محاولات أميركية لإعاقة الناقلات الإيرانية، قائلاً إن «هذا الطريق ذو اتجاهين، ولن تبقى مثل هذه التصرفات بلا رد».

وأضاف بروجردي أن «قدراتنا في البحر واضحة للأميركيين، وقد اختبروا هذه القوة من قبل».

وعلق بروجردي على تأكيد القوى الأوروبية بشأن سعيها لإبرام اتفاق شامل، والتزامها بمنع إيران من تطوير سلاح نووي، قائلاً إن الأنشطة النووية الإيرانية «طابعها سلمي، خلافاً لما يروّجه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة من أكاذيب، فإن إيران لم تسعَ يوماً ولن تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية».

وتطرق بروجردي إلى الاجتماع الأخير بين أعضاء لجنة الأمن القومي ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، قائلاً إنه «جرى خلال الاجتماع التأكيد على ضرورة الالتزام الكامل بالقانون الذي أقره البرلمان بشأن تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وشهدت المنطقة توترات بحرية، بعدما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي، ومنع طهران من صادرات النفط بشكل كامل، لكن الأمر لم يصل إلى حد إغلاق مضيق هرمز.

وكان التهديد بإغلاق المضيق من بين السيناريوهات التي طرحها نواب في البرلمان خلال الحرب الـ12 يوماً مع إسرائيل والتي شهدت ضربات أميركية. وعادت التهديدات مرة أخرى للبرلمان وإعادة فرض العقوبات على طهران، التي قد تشمل اعتراض سفن إيرانية وتعرضها للتفتيش، للاشتباه بنقلها قطع غيار أو أسلحة إيرانية. كما تمنع العقوبات إيران من صادرات النفط.

والأسبوع الماضي، قال النائب إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن القومي البرلمانية، وهو جنرال في «الحرس الثوري»، إن بلاده سترد بشكل مماثل على أي اعتراض لناقلات النفط أو الأنشطة التجارية الإيرانية.

وأبدت فرنسا وألمانيا وبريطانيا المعروفة باسم «الترويكا الأوروبية»، الجمعة، «عزمها على إحياء المفاوضات مع إيران» حول برنامجها النووي. وقالت الدول الثلاث، في بيان مشترك: «نحن عازمون على إحياء المفاوضات مع إيران والولايات المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق شامل ودائم ويمكن التحقق منه، يضمن عدم امتلاك إيران أبداً للسلاح النووي».

صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)

وأضافت: «نرى أن تفعيل آلية إعادة العقوبات كان أمراً مبرراً»، ودعت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الالتزام بالقيود التي أُعيد فرضها عبر آلية «سناب باك». معتبرة أن «البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً خطيراً للسلام والأمن العالميين».

وسبق للدول الثلاثة، أن دعت إلى «حل دبلوماسي» للأزمة، لكن طهران أكدت بداية الأسبوع الماضي أنها ليست في وارد استئناف المباحثات «في الوقت الراهن».

والشهر الماضي، أعادت الأمم المتحدة فرض حظر على الأسلحة وعقوبات أخرى على إيران بسبب برنامجها النووي، في أعقاب عملية أطلقتها القوى الأوروبية، وحذرت طهران من أنها ستقابل برد قاسٍ.

وبادرت «الترويكا الأوروبية» بإطلاق آلية «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بسبب اتهامات بأنها انتهكت الاتفاق الذي أُبرم عام 2015 بهدف منعها من تطوير قنبلة نووية. وتنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية.


مقالات ذات صلة

صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

شؤون إقليمية مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

ذكر «معهد العلوم والأمن الدولي» أن السلطات الإيرانية قد تسعى إلى فحص أنقاض ضربة عسكرية في منشأة «نطنز» بعيداً عن أعين المراقبين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية (أ.ف.ب - أرشيفية)

الأمن الإسرائيلي يعتقل روسياً بتهمة التجسس لصالح إيران

اعتقل الأمن الإسرائيلي، الجمعة، مواطناً روسياً أرسل صور موانئ وسفن وبنية تحتية في إسرائيل إلى عناصر المخابرات الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ العقوبات الأميركية تستهدف تدفق عائدات النفط الإيراني (رويترز) play-circle

أميركا تفرض عقوبات على 29 ناقلة ضمن «أسطول الظل» الإيراني

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 29 سفينة وشركة إدارة سفن، في إطار استهدافها «أسطول الظل» التابع لطهران الذي تقول إنه يصدر النفط والمنتجات البترولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)

الرئيس الإيراني: نرفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده لن تقبل «شروطاً مهينة» للتفاوض مع الولايات المتحدة محذراً من محاولات تجريد إيران من مكونات القوة العسكرية و«إضعافها».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)

إسرائيل تحذر من محاولة طهران إحياء برنامجها النووي

بعد ستة أشهر من قصف منشآت إيران النووية، كشفت تقارير عن تفاصيل جديدة عن الحرب الـ12 يوماً، بينما حذر رئيس «الموساد» من استئناف طهران نشاطها النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
TT

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)

عثر على مسيّرة مجهولة المصدر محطّمة في حقل شمال غربي تركيا، في حادثة هي الثانية من نوعها في أقلّ من 24 ساعة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام تركية.

وأشارت عدّة قنوات تلفزيونية خاصة وصحيفة «جمهورييت» التي نشرت صوراً قالت إنها للمسيّرة المتحطّمة التي لا تحمل أيّ إشارات تسمح بالتعرّف عليها، إلى أنّه تمّ العثور على هذه الطائرة المُسيرة الصغيرة في حقل خالٍ بالقرب من مدينة باليكسير (بالي قصر) على بعد نحو ثلاث ساعات من جنوب غربي إسطنبول.

وأفادت قناة «هالك تي في» و«هابرترك» بأن المسيّرة نُقلت إلى أنقرة لتحليلها.

طائرة مسيّرة محطمة مجهولة الهوية في حقل خالٍ بمنطقة مانياس في باليكسير (أ.ف.ب)

ويبدو أن الحادثة وقعت منذ أيّام، حسبما نقل الإعلام التركي استناداً إلى روايات قرويين في المنطقة. وهي ثاني حادثة من هذا النوع في أقلّ من 24 ساعة والثالثة منذ الاثنين، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وكشفت السلطات التركية عن أن إحدى المسيّرات المنخرطة في هذه الحوادث «روسية الصنع».

والجمعة، عُثر على مُسيّرة محطّمة في منطقة ريفية بالقرب من إزميت شرق إسطنبول على بعد نحو 30 كيلومتراً من سواحل البحر الأسود.

وأفادت وزارة الداخلية التركية التي أعلنت عن فتح تحقيق في هذا الخصوص، بأنّه يُعتقد أن المسيّرة «روسية الصنع من طراز أورلان-10، وتُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، وفقاً للنتائج الأولية».

تقع تركيا على الضفة الجنوبية من البحر الأسود قبالة سواحل أوكرانيا وروسيا وهما في حالة حرب.

والاثنين، أسقطت الدفاعات التركية مسيّرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود في المجال الجوّي التركي، من دون أن تحدّد السلطات مصدرها أو موقع اعتراضها.

وأفاد عدّة مراقبين بأن العملية نفّذت فوق الأراضي التركية وليس البحر الأسود.

وبعد هذه الحادثة، دعت وزارة الدفاع التركية الخميس، أوكرانيا وروسيا إلى «توخّي مزيد من الحذر».


تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
TT

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي» واللامركزي، والتخلّص من العناصر «الإرهابية» في صفوفها، والاندماج التام في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية واحدة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن «قسد» يجب أن تنفصل عن «عناصرها الإرهابية»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تُشكل عمادها الأساسي، وتُعدها أنقرة ذراعاً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، وأن يتم القضاء التام على الهياكل الأمنية الموازية على الأرض.

وأكد غولر أنه ينبغي على «قسد» أن تنفذ اتفاقية الاندماج في الجيش السوري، الموقعة بين الرئيس أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، برؤية واضحة وخريطة طريق محددة.

خريطة طريق للاندماج

ولفت وزير الدفاع التركي، خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية لمراجعة وتقييم التطورات والأحداث خلال عام 2025، إلى أن الاتفاقية، التي أُعدت في إطار مبدأ «دولة واحدة وجيش واحد» في سوريا، لم تُترجم بعد إلى واقع ملموس، ولم تُدعم بخطوات عملية.

جانب من لقاء وزير الدفاع التركي يشار غولر مع ممثلي وسائل الإعلام التركية (الدفاع التركية)

وأضاف: «نودّ أن نؤكد بوضوح أن عملية الاندماج يجب أن تتم، ليس بتصريحات غامضة ومفتوحة، بل برؤية واضحة وخريطة طريق محددة المعالم وملزمة وقابلة للتنفيذ، وفي هذا السياق، يُعدُّ القضاء على العناصر الإرهابية من قِبل (قسد) أمراً بالغ الأهمية».

وتابع غولر: «جرى تشكيل حكومة جديدة في سوريا، وهناك رئيس دولة جديد، ونعتقد أنه من الضروري منحهم بعض الوقت لإرساء النظام في البلاد، وأعلن الرئيس السوري أنه سيحتضن جميع الفصائل في بلاده، والتزم، ولا يزال، بذلك، ولا يزال ملتزماً به، خلال اجتماعاتنا مع القادة السوريين، نرى ونتفهم موقفهم تجاه دمج (قسد)».

الرئيس الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاقية الاندماج في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وعن الموقف الأميركي بشأن اندماج «قسد»، وما إذا كانت هناك خلافات بين أنقرة وواشنطن في هذا الشأن، قال غولر إن المحادثات بين الجانبين مستمرة، وقد تغيَّرت وجهة نظر الولايات المتحدة بشكل كبير.

وأضاف: «أصبح أصدقاؤنا الأميركيون الآن أكثر وعياً بالواقع، وتتضاءل خلافاتنا في هذا الشأن، لقد أوضحنا ما نريده بوضوح، لا رجعة في هذا الأمر، سيتم دمجهم حتماً في الجيش السوري».

وتابع: «تتحدث (قسد) أيضاً عن الدمج، لكن ما تتحدث عنه هو الدمج بوصفها وحدة، لكنهم يجب أن يندمجوا أفراداً وليس وحدة، وإلا، لما سُمي ذلك دمجاً؟».

الخيار العسكري

وعن موقف تركيا إذا لم تلتزم «قسد» بتنفيذ الاندماج، قال غولر إن «تركيا لديها خطط جاهزة للتعامل مع جميع التطورات، نعرف جيداً ما سنفعله، ولدينا القدرة والإمكانية للقيام بما فعلناه حتى اليوم».

وأضاف: «خلال عملياتنا في سوريا منذ عام 2016، كانت الولايات المتحدة وروسيا موجودتين في سوريا، وقد فعلنا ما كان يجب فعله دون استشارة أحد، وأنجزناه، وفي المستقبل، إذا لزم الأمر، سنفعل ما هو ضروري دون استشارة أحد».

فيدان بحث مع برّاك تنفيذ اتفاقية اندماج «قسد» خلال لقائهما بوزارة الخارجية التركية الثلاثاء (الخارجية التركية)

كان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد حذّر، الخميس، يعد يومين من لقائه السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك بمقر «الخارجية التركية»، من نفاد صبر الأطراف المعنية بسبب عدم التزام «قسد» بتنفيذ اتفاق الاندماج.

وقال فيدان إنه «يجب على (قسد) الالتزام بالاتفاق من دون تأخير»، مضيفاً: «لا نؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً؛ لكن صبر الأطراف المعنية نفد، نأمل أن يتم التوصل إلى حل بشأن الاندماج بين إدارة دمشق و(قسد) من خلال الحوار».

وأفاد وزير الدفاع التركي بأن بلاده تتابع التطورات في سوريا من كثب، قائلاً: «حددنا موقفنا منذ البداية، ولا مجال للتراجع عنه، ضمان الاستقرار والأمن في سوريا ومكافحة الإرهاب أمران حيويان للأمن القومي التركي».

التعاون مع دمشق

وأضاف غولر: «نحن على اتصال وثيق مع الحكومة السورية، التي قطعت شوطاً مهماً على طريق العيش بسلام والاندماج مجدداً في المجتمع الدولي بعد معاناة طويلة، ونحن منخرطون في تنسيق قوي وتعاون بناء».

غولر ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة خلال توقيع مذكرة التفاهم للتعاون العسكري بين أنقرة ودمشق في أغسطس الماضي (الدفاع التركية)

وأشار إلى أنه في إطار مذكرة التفاهم للتدريب والاستشارات الموقعة بين البلدين، في أغسطس (آب) الماضي، «نواصل إسهاماتنا في مجالات مثل تعزيز القدرات الدفاعية للجيش السوري، وتطوير وتحديث هيكله التنظيمي، وتدريب الأفراد، ولا سيما في مكافحة الإرهاب».

ولفت غولر إلى أنه عندما سيطرت القوات التركية على عفرين (ريف حلب) من أيدي «قسد» عام 2018، كانت جميع المساجد والكنائس والمدارس قد تحوّلت إلى «معاقل للإرهابيين» (في إشارة إلى عناصر «قسد»/ و«وحدات حماية الشعب» الكردية)، وقامت القوات «بتطهير عفرين من الإرهاب» ودمّرت جميع الأنفاق التي اكتشفتها.

وأضاف: «رغم أن أكبر سد في المنطقة يقع شمال عفرين، فإن السكان كانوا يعانون انقطاع المياه، لقد جعلنا المنطقة آمنة وصالحة للعيش، ونراقب من كثب أنشطة حفر الأنفاق الجارية التي تقوم بها المنظمة الإرهابية (في إشارة إلى «قسد») في الرقة ودير الزور».

جنود أتراك يعملون في تطهير الأنفاق في شمال سوريا (الدفاع التركية)

وتابع أن القوات التركية دمّرت 732 كيلومتراً من الأنفاق، منها 302 كيلومتر في تل رفعت (ريف حلب) و430 كيلومتراً في منبج (ريف حلب)، ما جعل المنطقتين صالحتين للسكن مجدداً.

من ناحية أخرى، انتقد غولر النهج الإسرائيلي القائم على «فهم أمني خاطئ»، والذي يستفز جهات فاعلة غير حكومية ضد الحكومة السورية، ويستخدم قوة مفرطة، ويُلحق مزيداً من الضرر بالتوازنات الهشة أصلاً في المنطقة، ويُعمِّق حالة عدم الاستقرار، ويُشكل تهديداً للأمن القومي التركي.

وقال إن على إسرائيل أن تُدرك أنها لا تستطيع حلّ مخاوفها الأمنية بمهاجمة سوريا وزعزعة استقرارها؛ بل يجب أن تقوم بذلك من خلال التعاون مع الحكومة السورية الجديدة على أساس حسن الجوار، وإقامة العلاقات وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.


تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن هيئة البث العام الإسرائيلية (كان)، أن إسرائيل جمعت معلومات استخبارية قبل أقل من 24 ساعة على الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» وأشعل الحرب في غزة، مشيرة إلى أن الحركة كانت تخطِّط لعمل ما في صباح اليوم التالي.

وحسب التقرير، جاءت المعلومات عبر عملية جمع استخباراتية نُفِّذت باستخدام طائرات مُسيَّرة فوق قطاع غزة، وركَّزت على عناصر «حماس» الذين كانوا يتولُّون حراسة نفق كانت إسرائيل تعتقد أن الأسير أفيرا منغستو محتجز فيه.

أكثر من 70 % من سكان غزة يعيشون في ملاجئ مؤقتة بسبب الحرب الإسرائيلية التي دمرت القطاع (أ.ف.ب)

ووفق «تايمز أوف إسرائيل»، كان منغستو الذي يعاني من مرض نفسي، قد دخل قطاع غزة من تلقاء نفسه عام 2014، قبل أن تعتقله الحركة وتحتجزه. وأُفرج عنه في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في فبراير (شباط) من العام الجاري.

وأشارت «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن إحدى المعلومات التي جُمعت خلال تلك العملية بالطائرات المُسيَّرة، ورغم عدم وضوحها، أثارت «إشارة تحذير»، فتم تمريرها إلى قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي.

ونقلت الصحيفة عن «كان» استناداً إلى «مصادر»، أن قيادة المنطقة الجنوبية قلَّلت من أهمية هذه المعلومة، واعتبرتها على الأرجح مؤشراً إلى تدريب تجريه «حماس»، وليس إلى هجوم وشيك.

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية أن عملية السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لا تظهر في سجلات الجيش الإسرائيلي، كما لم يُشر إليها في التحقيقات التي أُجريت بشأن الأحداث التي سبقت الهجوم الواسع اللاحق أو رافقته، لافتة إلى أن سبب إغفالها لا يزال غير واضح.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قد أفادت في وقت سابق من الشهر الحالي بهذه العملية الاستخبارية، ولكنها نُسبت حينها إلى مصدر مطَّلع قوله إنها لم تسفر عن اختراق استخباري يتعلق بمنغستو، ولا عن أي مؤشر على هجوم وشيك من جانب «حماس».

ويأتي هذا التقرير -وفق «تايمز أوف إسرائيل»- بعد نحو أسبوعين من قيام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير بتعيين لجنة من الخبراء للتحقيق في إخفاقات الجيش في التعامل مع التقارير الاستخبارية التي وردت منذ عام 2018، والتي أشارت إلى نية «حماس» شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، وهي مسألة لم تُدرج ضمن التحقيقات الأولية التي أجراها الجيش بشأن هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وجاء هذا القرار عقب مراجعة أجراها فريق آخر من الضباط الكبار السابقين لتحقيقات الجيش الداخلية بشأن إخفاقات السابع من أكتوبر؛ حيث خلص الفريق إلى أن كثيراً من هذه التحقيقات كانت غير كافية، كما أشار إلى ملفات عدة لم يتم التحقيق فيها إطلاقاً، وفي مقدمتها التقارير الاستخبارية المتعلقة بخطة «حماس» للهجوم التي كانت تحمل في الجيش الاسم الرمزي «أسوار أريحا».

وفي فبراير، خلص التحقيق الداخلي للجيش الإسرائيلي في الإخفاقات الاستخبارية التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر إلى أن المؤسسة العسكرية كانت قد تلقت على مدى سنوات معلومات وخططاً تشير إلى نية «حماس» شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، ولكنها اعتبرت هذه الخطة غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، في وقت واصلت فيه الحركة استعداداتها للهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر.