«قمة شرم الشيخ»... مساعٍ لتطويق المخاوف بشأن مراحل «اتفاق غزة»

بحضور ترمب والسيسي وقادة دول

أعلام دول عدة ترفرف في شرم الشيخ تحضيراً للقمة السبت (رويترز)
أعلام دول عدة ترفرف في شرم الشيخ تحضيراً للقمة السبت (رويترز)
TT

«قمة شرم الشيخ»... مساعٍ لتطويق المخاوف بشأن مراحل «اتفاق غزة»

أعلام دول عدة ترفرف في شرم الشيخ تحضيراً للقمة السبت (رويترز)
أعلام دول عدة ترفرف في شرم الشيخ تحضيراً للقمة السبت (رويترز)

تتجه الأنظار مجدداً إلى مدينة شرم الشيخ المصرية، لعقد قمة معنية بترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بين مراسم توقيع بمشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، واجتماع دولي يناقش «اليوم التالي للحرب».

وقبيل تلك القمة، أعرب ترمب عن ثقته في أن الاتفاق «سيصمد». وشدَّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أهمية تنفيذه «كاملاً». ويرى خبراء تحدَّثوا لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك الزخم الدولي المرتقب سيزيد ضمانات تنفيذ الاتفاق، ويبدِّد أي مخاوف من عودة إسرائيل للحرب.

عامل بلدية يهم برفع علم أميركي مع أعلام دول أخرى استعداداً لقمة شرم الشيخ السبت (أ.ف.ب)

وبحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الأميركي ماركو روبيو، خلال اتصال هاتفي السبت، «الترتيبات الخاصة بقمة شرم الشيخ التي ستُعقَد برئاسة مشتركة بين السيسي وترمب، والمشارَكة الدولية المنتظرة فيها، فضلاً عن ترتيبات تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة» الذي دخل حيز التنفيذ، الجمعة، بعد 4 أيام من المفاوضات بشرم الشيخ، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وأكد عبد العاطي «أهمية متابعة وتنفيذ الاتفاق على الأرض، سواء خلال المرحلة الأولى أو الثانية».

وتأتي تلك الترتيبات الثنائية بعد ساعات من إعلان ترمب، للصحافيين في البيت الأبيض، أن «الاتفاق سيصمد. جميعهم (حماس وإسرائيل) سئموا من القتال»، لافتاً إلى أن الرهائن الـ20 «سيعودون»، الاثنين، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

طائرة نقل عسكرية أميركية تستعد للهبوط في شرم الشيخ السبت (أ.ف.ب)

وأضاف أنه سيلتقي في مصر، الاثنين، «الكثير من القادة»؛ لمناقشة مستقبل قطاع غزة الذي دمَّرته حرب استمرَّت عامين، مشيراً إلى أنه يعتقد أنه سيتحدث أمام الكنيست الإسرائيلي قبل زيارته لمصر، وأنه سيعود إلى الولايات المتحدة، الثلاثاء.

وعن الاتفاق، أكد السيسي في اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، ضرورة التوافق على جميع تفاصيل مراحل اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، وتنفيذه بالكامل.

وجاء في بيان للرئاسة المصرية أن غوتيريش أكد ضرورة نشر قوات دولية في قطاع غزة، ومنح شرعية دولية لاتفاق وقف الحرب من خلال مجلس الأمن، مشيراً إلى ضرورة الاتفاق على مسار يفضي لإقامة الدولة الفلسطينية، بما يضمن عدم الفصل بين القطاع والضفة الغربية.

كما أكد الرئيسان السيسي، والقبرصي نيكوس كريستودوليدس، «ضرورة البدء الفوري في عملية إعادة إعمار القطاع»، وأشار السيسي خلال اتصال هاتفي تلقاه، السبت، من كريستودوليدس إلى «اعتزام مصر استضافة مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار»، وهو ما لقي ترحيباً من الرئيس القبرصي.

الرئيس الأميركي ترمب ونظيره المصري على هامش اجتماع الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن عقد مصر تلك القمة بمشاركة أميركية، هو تطويق لأي مخاوف بشأن عدم استكمال الاتفاق من جانب إسرائيل، بخلاف الحصول على ضمانات دولية للتنفيذ مع وجود قادة دوليين، مشيراً إلى أن هذا إنجاز جديد لدور مصر في إنهاء الحرب بعد قيادتها مفاوضات شرم الشيخ مع الوسطاء والأطراف المعنية بنجاح.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب: «سيكون اتفاق غزة وتنفيذه كاملاً على سلم أولويات هذه القمة في ظل هذا الحضور الدولي، وسنرى ضمانات دولية، وبالتالي فإن صمود الاتفاق يبدو حقيقياً في ضوء ما نرى حتى الآن من تطورات ميدانية».

عمال بلدية يقومون بتجميل أحد الشوارع في شرم الشيخ السبت (أ.ب)

ميدانياً، تواصل القوات الإسرائيلية الانسحاب من بعض مناطق القطاع بموجب اتفاق لإنهاء الحرب، وفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية، السبت، لافتة إلى أنه تمَّ البدء في نقل السجناء الفلسطينيين تمهيداً للإفراج عنهم ضمن المرحلة الأولى من اتفاق غزة، التي تشمل 250 من المحكوم عليهم بالسجن المؤبد، و1700 من غزة، مقابل الرهائن.

وتحدَّث قائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، في بيان السبت، أنه زار قطاع غزة؛ للاطلاع على سير العمل في إنشاء مركز تنسيق مدني عسكري للقطاع تقوده القيادة المركزية (لمراقبة تنفيذ الاتفاق) لكن دون أي قوات أميركية على الأرض.

في حين شكر المسؤول البارز في حركة «حماس»، باسم نعيم، في مقابلة مع شبكة «سكاي نيوز» البريطانية، ترمب على دوره في التوصُّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة، مؤكداً أن التوصُّل إلى وقف إطلاق النار لم يكن ممكناً لولا التدخل الشخصي للرئيس ترمب، لكنه شدَّد على ضرورة استمرار الضغط الأميركي على إسرائيل للالتزام بالاتفاق.

«ساحة السلام» في شرم الشيخ (رويترز)

ولا تزال هناك تساؤلات بشأن المراحل التالية من خطة السلام، خصوصاً فيما يتعلق بمَن سيحكم غزة مع بدء انسحاب القوات الإسرائيلية، وما إذا كانت «حماس» ستقوم بتسليم سلاحها، كما تنصُّ عليه خطة ترمب.

وكان بنيامين نتنياهو قد لمّح في تصريحات، الجمعة، إلى أن إسرائيل قد تستأنف هجومها في حال لم تتخلَّ «حماس» عن سلاحها.

لكن نعيم أكد أن الحركة لن تقوم بنزع سلاحها بالكامل، موضحاً أن تسليم السلاح سيكون فقط لدولة فلسطينية قائمة، مع دمج مقاتلي الحركة ضمن الجيش الفلسطيني، وقال: «لا يحق لأحد أن يحرمنا من حق مقاومة الاحتلال بالقوة».

ويرى أنور أن الاتفاق لا يزال في المتناول رغم التباينات في نقاط عدة، مؤكداً أن التنسيق والتفاوض سيشهدان بعض الشد والجذب، لكن دون أن يتطور الأمر لصدام جديد أو سعي لإخراج «حماس» بشكل كامل، مع اعتبارها رقماً صعباً في معادلة الداخل.

ويتوقَّع أن يمتد وقف الحرب لعام أو عامين، وتتخلل تلك الفترة جلسات لمفاوضات وتفاهمات، مضيفاً: «قد نشهد بعد ذلك حديثاً جدياً عن مسار لإقامة دولة فلسطينية، أو انهياراً للمسار وعودة الصدام، لكن في المدى القريب سيستمر وقف الحرب وفق اتفاق شرم الشيخ».

ويعتقد الرقب أن تنحية رأي «حماس» عقب تسليم الرهائن ليس بهذه السهولة، مشيراً إلى أنه لا بد من ترتيبات، وهذا قد يحدث في الاجتماعات الفلسطينية بشأن مستقبل القطاع التي ترعاها القاهرة قريباً. ويستبعد أن تعود الحرب مجدداً في ظل هذا الحشد الدولي، وإصرار عربي على تنفيذ الاتفاق كاملاً، وإصرار أميركي على عدم عودة عزلة إسرائيل مجدداً.


مقالات ذات صلة

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

المشرق العربي مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بنشر مقاطع فيديو وصور لأسلحة جديدة ظهرت في أيدي عناصر المجموعات المسلحة الموجودة في مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون قرب مبانٍ مدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«مشروع شروق الشمس»... هل يبصر النور لتحويل غزة إلى مدينة عصرية؟

تسوّق إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لـ«مشروع شروق الشمس» (Project Sunrise) بين الحكومات الأجنبية والمستثمرين، لتحويل ركام غزة إلى وجهة ساحلية مستقبلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أحد الأقارب ينعى جثامين أفراد عائلة النادر الذين قُتلوا في اليوم السابق جراء قصف إسرائيلي على مدرسة تحولت إلى ملجأ في حي التفاح بمدينة غزة (أ.ف.ب)

بدء انتشال جثامين 55 فلسطينياً من تحت أنقاض 13 منزلاً جنوب غزة

بدأت طواقم الدفاع المدني صباح اليوم (السبت) بالبحث عن جثامين 55 مواطناً من تحت أنقاض منازل بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
شؤون إقليمية فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ) play-circle

تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن هيئة البث العام الإسرائيلية (كان)، أن إسرائيل جمعت معلومات استخبارية قبل أقل من 24 ساعة على الهجوم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

حوّلت إسرائيلُ «الخط الأصفر» الوارد في خريطة الانسحاب من قطاع غزة، إلى ما يمكن أن يوصف بـ«مصيدة للموت»؛ تقتل من خلالها كل من يقترب منه. وخلال 24 ساعة قُتل.

«الشرق الأوسط» (غزة)

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
TT

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)

عثر على مسيّرة مجهولة المصدر محطّمة في حقل شمال غربي تركيا، في حادثة هي الثانية من نوعها في أقلّ من 24 ساعة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام تركية.

وأشارت عدّة قنوات تلفزيونية خاصة وصحيفة «جمهورييت» التي نشرت صوراً قالت إنها للمسيّرة المتحطّمة التي لا تحمل أيّ إشارات تسمح بالتعرّف عليها، إلى أنّه تمّ العثور على هذه الطائرة المُسيرة الصغيرة في حقل خالٍ بالقرب من مدينة باليكسير (بالي قصر) على بعد نحو ثلاث ساعات من جنوب غربي إسطنبول.

وأفادت قناة «هالك تي في» و«هابرترك» بأن المسيّرة نُقلت إلى أنقرة لتحليلها.

طائرة مسيّرة محطمة مجهولة الهوية في حقل خالٍ بمنطقة مانياس في باليكسير (أ.ف.ب)

ويبدو أن الحادثة وقعت منذ أيّام، حسبما نقل الإعلام التركي استناداً إلى روايات قرويين في المنطقة. وهي ثاني حادثة من هذا النوع في أقلّ من 24 ساعة والثالثة منذ الاثنين، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وكشفت السلطات التركية عن أن إحدى المسيّرات المنخرطة في هذه الحوادث «روسية الصنع».

والجمعة، عُثر على مُسيّرة محطّمة في منطقة ريفية بالقرب من إزميت شرق إسطنبول على بعد نحو 30 كيلومتراً من سواحل البحر الأسود.

وأفادت وزارة الداخلية التركية التي أعلنت عن فتح تحقيق في هذا الخصوص، بأنّه يُعتقد أن المسيّرة «روسية الصنع من طراز أورلان-10، وتُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، وفقاً للنتائج الأولية».

تقع تركيا على الضفة الجنوبية من البحر الأسود قبالة سواحل أوكرانيا وروسيا وهما في حالة حرب.

والاثنين، أسقطت الدفاعات التركية مسيّرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود في المجال الجوّي التركي، من دون أن تحدّد السلطات مصدرها أو موقع اعتراضها.

وأفاد عدّة مراقبين بأن العملية نفّذت فوق الأراضي التركية وليس البحر الأسود.

وبعد هذه الحادثة، دعت وزارة الدفاع التركية الخميس، أوكرانيا وروسيا إلى «توخّي مزيد من الحذر».


تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
TT

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي» واللامركزي، والتخلّص من العناصر «الإرهابية» في صفوفها، والاندماج التام في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية واحدة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن «قسد» يجب أن تنفصل عن «عناصرها الإرهابية»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تُشكل عمادها الأساسي، وتُعدها أنقرة ذراعاً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، وأن يتم القضاء التام على الهياكل الأمنية الموازية على الأرض.

وأكد غولر أنه ينبغي على «قسد» أن تنفذ اتفاقية الاندماج في الجيش السوري، الموقعة بين الرئيس أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، برؤية واضحة وخريطة طريق محددة.

خريطة طريق للاندماج

ولفت وزير الدفاع التركي، خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية لمراجعة وتقييم التطورات والأحداث خلال عام 2025، إلى أن الاتفاقية، التي أُعدت في إطار مبدأ «دولة واحدة وجيش واحد» في سوريا، لم تُترجم بعد إلى واقع ملموس، ولم تُدعم بخطوات عملية.

جانب من لقاء وزير الدفاع التركي يشار غولر مع ممثلي وسائل الإعلام التركية (الدفاع التركية)

وأضاف: «نودّ أن نؤكد بوضوح أن عملية الاندماج يجب أن تتم، ليس بتصريحات غامضة ومفتوحة، بل برؤية واضحة وخريطة طريق محددة المعالم وملزمة وقابلة للتنفيذ، وفي هذا السياق، يُعدُّ القضاء على العناصر الإرهابية من قِبل (قسد) أمراً بالغ الأهمية».

وتابع غولر: «جرى تشكيل حكومة جديدة في سوريا، وهناك رئيس دولة جديد، ونعتقد أنه من الضروري منحهم بعض الوقت لإرساء النظام في البلاد، وأعلن الرئيس السوري أنه سيحتضن جميع الفصائل في بلاده، والتزم، ولا يزال، بذلك، ولا يزال ملتزماً به، خلال اجتماعاتنا مع القادة السوريين، نرى ونتفهم موقفهم تجاه دمج (قسد)».

الرئيس الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاقية الاندماج في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وعن الموقف الأميركي بشأن اندماج «قسد»، وما إذا كانت هناك خلافات بين أنقرة وواشنطن في هذا الشأن، قال غولر إن المحادثات بين الجانبين مستمرة، وقد تغيَّرت وجهة نظر الولايات المتحدة بشكل كبير.

وأضاف: «أصبح أصدقاؤنا الأميركيون الآن أكثر وعياً بالواقع، وتتضاءل خلافاتنا في هذا الشأن، لقد أوضحنا ما نريده بوضوح، لا رجعة في هذا الأمر، سيتم دمجهم حتماً في الجيش السوري».

وتابع: «تتحدث (قسد) أيضاً عن الدمج، لكن ما تتحدث عنه هو الدمج بوصفها وحدة، لكنهم يجب أن يندمجوا أفراداً وليس وحدة، وإلا، لما سُمي ذلك دمجاً؟».

الخيار العسكري

وعن موقف تركيا إذا لم تلتزم «قسد» بتنفيذ الاندماج، قال غولر إن «تركيا لديها خطط جاهزة للتعامل مع جميع التطورات، نعرف جيداً ما سنفعله، ولدينا القدرة والإمكانية للقيام بما فعلناه حتى اليوم».

وأضاف: «خلال عملياتنا في سوريا منذ عام 2016، كانت الولايات المتحدة وروسيا موجودتين في سوريا، وقد فعلنا ما كان يجب فعله دون استشارة أحد، وأنجزناه، وفي المستقبل، إذا لزم الأمر، سنفعل ما هو ضروري دون استشارة أحد».

فيدان بحث مع برّاك تنفيذ اتفاقية اندماج «قسد» خلال لقائهما بوزارة الخارجية التركية الثلاثاء (الخارجية التركية)

كان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد حذّر، الخميس، يعد يومين من لقائه السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك بمقر «الخارجية التركية»، من نفاد صبر الأطراف المعنية بسبب عدم التزام «قسد» بتنفيذ اتفاق الاندماج.

وقال فيدان إنه «يجب على (قسد) الالتزام بالاتفاق من دون تأخير»، مضيفاً: «لا نؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً؛ لكن صبر الأطراف المعنية نفد، نأمل أن يتم التوصل إلى حل بشأن الاندماج بين إدارة دمشق و(قسد) من خلال الحوار».

وأفاد وزير الدفاع التركي بأن بلاده تتابع التطورات في سوريا من كثب، قائلاً: «حددنا موقفنا منذ البداية، ولا مجال للتراجع عنه، ضمان الاستقرار والأمن في سوريا ومكافحة الإرهاب أمران حيويان للأمن القومي التركي».

التعاون مع دمشق

وأضاف غولر: «نحن على اتصال وثيق مع الحكومة السورية، التي قطعت شوطاً مهماً على طريق العيش بسلام والاندماج مجدداً في المجتمع الدولي بعد معاناة طويلة، ونحن منخرطون في تنسيق قوي وتعاون بناء».

غولر ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة خلال توقيع مذكرة التفاهم للتعاون العسكري بين أنقرة ودمشق في أغسطس الماضي (الدفاع التركية)

وأشار إلى أنه في إطار مذكرة التفاهم للتدريب والاستشارات الموقعة بين البلدين، في أغسطس (آب) الماضي، «نواصل إسهاماتنا في مجالات مثل تعزيز القدرات الدفاعية للجيش السوري، وتطوير وتحديث هيكله التنظيمي، وتدريب الأفراد، ولا سيما في مكافحة الإرهاب».

ولفت غولر إلى أنه عندما سيطرت القوات التركية على عفرين (ريف حلب) من أيدي «قسد» عام 2018، كانت جميع المساجد والكنائس والمدارس قد تحوّلت إلى «معاقل للإرهابيين» (في إشارة إلى عناصر «قسد»/ و«وحدات حماية الشعب» الكردية)، وقامت القوات «بتطهير عفرين من الإرهاب» ودمّرت جميع الأنفاق التي اكتشفتها.

وأضاف: «رغم أن أكبر سد في المنطقة يقع شمال عفرين، فإن السكان كانوا يعانون انقطاع المياه، لقد جعلنا المنطقة آمنة وصالحة للعيش، ونراقب من كثب أنشطة حفر الأنفاق الجارية التي تقوم بها المنظمة الإرهابية (في إشارة إلى «قسد») في الرقة ودير الزور».

جنود أتراك يعملون في تطهير الأنفاق في شمال سوريا (الدفاع التركية)

وتابع أن القوات التركية دمّرت 732 كيلومتراً من الأنفاق، منها 302 كيلومتر في تل رفعت (ريف حلب) و430 كيلومتراً في منبج (ريف حلب)، ما جعل المنطقتين صالحتين للسكن مجدداً.

من ناحية أخرى، انتقد غولر النهج الإسرائيلي القائم على «فهم أمني خاطئ»، والذي يستفز جهات فاعلة غير حكومية ضد الحكومة السورية، ويستخدم قوة مفرطة، ويُلحق مزيداً من الضرر بالتوازنات الهشة أصلاً في المنطقة، ويُعمِّق حالة عدم الاستقرار، ويُشكل تهديداً للأمن القومي التركي.

وقال إن على إسرائيل أن تُدرك أنها لا تستطيع حلّ مخاوفها الأمنية بمهاجمة سوريا وزعزعة استقرارها؛ بل يجب أن تقوم بذلك من خلال التعاون مع الحكومة السورية الجديدة على أساس حسن الجوار، وإقامة العلاقات وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.


تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن هيئة البث العام الإسرائيلية (كان)، أن إسرائيل جمعت معلومات استخبارية قبل أقل من 24 ساعة على الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» وأشعل الحرب في غزة، مشيرة إلى أن الحركة كانت تخطِّط لعمل ما في صباح اليوم التالي.

وحسب التقرير، جاءت المعلومات عبر عملية جمع استخباراتية نُفِّذت باستخدام طائرات مُسيَّرة فوق قطاع غزة، وركَّزت على عناصر «حماس» الذين كانوا يتولُّون حراسة نفق كانت إسرائيل تعتقد أن الأسير أفيرا منغستو محتجز فيه.

أكثر من 70 % من سكان غزة يعيشون في ملاجئ مؤقتة بسبب الحرب الإسرائيلية التي دمرت القطاع (أ.ف.ب)

ووفق «تايمز أوف إسرائيل»، كان منغستو الذي يعاني من مرض نفسي، قد دخل قطاع غزة من تلقاء نفسه عام 2014، قبل أن تعتقله الحركة وتحتجزه. وأُفرج عنه في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في فبراير (شباط) من العام الجاري.

وأشارت «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن إحدى المعلومات التي جُمعت خلال تلك العملية بالطائرات المُسيَّرة، ورغم عدم وضوحها، أثارت «إشارة تحذير»، فتم تمريرها إلى قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي.

ونقلت الصحيفة عن «كان» استناداً إلى «مصادر»، أن قيادة المنطقة الجنوبية قلَّلت من أهمية هذه المعلومة، واعتبرتها على الأرجح مؤشراً إلى تدريب تجريه «حماس»، وليس إلى هجوم وشيك.

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية أن عملية السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لا تظهر في سجلات الجيش الإسرائيلي، كما لم يُشر إليها في التحقيقات التي أُجريت بشأن الأحداث التي سبقت الهجوم الواسع اللاحق أو رافقته، لافتة إلى أن سبب إغفالها لا يزال غير واضح.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قد أفادت في وقت سابق من الشهر الحالي بهذه العملية الاستخبارية، ولكنها نُسبت حينها إلى مصدر مطَّلع قوله إنها لم تسفر عن اختراق استخباري يتعلق بمنغستو، ولا عن أي مؤشر على هجوم وشيك من جانب «حماس».

ويأتي هذا التقرير -وفق «تايمز أوف إسرائيل»- بعد نحو أسبوعين من قيام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير بتعيين لجنة من الخبراء للتحقيق في إخفاقات الجيش في التعامل مع التقارير الاستخبارية التي وردت منذ عام 2018، والتي أشارت إلى نية «حماس» شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، وهي مسألة لم تُدرج ضمن التحقيقات الأولية التي أجراها الجيش بشأن هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وجاء هذا القرار عقب مراجعة أجراها فريق آخر من الضباط الكبار السابقين لتحقيقات الجيش الداخلية بشأن إخفاقات السابع من أكتوبر؛ حيث خلص الفريق إلى أن كثيراً من هذه التحقيقات كانت غير كافية، كما أشار إلى ملفات عدة لم يتم التحقيق فيها إطلاقاً، وفي مقدمتها التقارير الاستخبارية المتعلقة بخطة «حماس» للهجوم التي كانت تحمل في الجيش الاسم الرمزي «أسوار أريحا».

وفي فبراير، خلص التحقيق الداخلي للجيش الإسرائيلي في الإخفاقات الاستخبارية التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر إلى أن المؤسسة العسكرية كانت قد تلقت على مدى سنوات معلومات وخططاً تشير إلى نية «حماس» شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، ولكنها اعتبرت هذه الخطة غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، في وقت واصلت فيه الحركة استعداداتها للهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر.