ليبيا: الاشتباكات العنيفة تتجدد في الزاوية... و«الوحدة» تلتزم الصمت

احتجاجات بمصراتة تطالب بإبعاد الأجانب المقيمين بطرق غير قانونية

اجتماع خوري مع سفير روسيا (البعثة الأممية)
اجتماع خوري مع سفير روسيا (البعثة الأممية)
TT

ليبيا: الاشتباكات العنيفة تتجدد في الزاوية... و«الوحدة» تلتزم الصمت

اجتماع خوري مع سفير روسيا (البعثة الأممية)
اجتماع خوري مع سفير روسيا (البعثة الأممية)

بينما تعيش مدن الغرب الليبي توترات أمنية واشتباكات دامية فى مدينة الزاوية، واعتداءات طالت مقر البعثة الأممية في العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى احتجاجات ضد توطين المهاجرين غير الشرعيين في مصراتة، احتضنت بنغازي (شرق) مباراة كأس الإعمار بين فريقي إنتر ميلان الإيطالي وأتلتيكو مدريد الإسباني، وسط أجواء احتفالية تعكس حالة من الاستقرار والأمن النسبي في الشرق.

حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة التزمت الصمت حيال تجدد الاشتباكات (الوحدة)

والتزمت حكومة الوحدة «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الصمت حيال تجدد الاشتباكات العنيفة بين ميليشيات مسلحة في مدينة الزاوية، الواقعة على بُعد نحو 45 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس، مساء الجمعة، ما أدى إلى مقتل أحد عناصر «قوات 52»، التابعة للمنطقة الغربية.

وتُعد «قوات 52» أحد التشكيلات المسلحة العاملة تحت مظلة الأجهزة الأمنية في المنطقة الغربية، وتتمركز في محيط مدينة الزاوية، وسبق لها أن شاركت في عمليات أمنية ضد شبكات تهريب الوقود و«الهجرة غير النظامية».

وأظهرت مقاطع فيديو، بثتها وسائل إعلام محلية، تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار بين سيارات مصفحة وسط الشارع، في ظل وجود مدنيين، ما تسبب في حالة هلع وفوضى بين السكان، بينما قالت الجهات الأمنية إنها تتابع الموقف من كثب، مؤكدة اتخاذ إجراءات عاجلة لاحتواء الاشتباكات وعودة الهدوء، وشددت على ضرورة حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.

يُذكر أن الزاوية تشهد من حين لآخر اشتباكات مسلحة متكررة بين مجموعات محلية، بسبب صراعات على النفوذ، وخلافات على مناطق السيطرة والنشاط الاقتصادي غير المشروع، في ظل عجز رسمي عن فرض الاستقرار الأمني في المدينة.

النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب)

في غضون ذلك، أمر النائب العام الليبي الصديق الصور بحبس متهمين اثنين احتياطياً، بعد ثبوت تورطهما في الاعتداء على مقر بعثة الأمم المتحدة في طرابلس بمقذوف صاروخي، وأوضح في بيان مقتضب، السبت، أن القرار جاء بعد إحالة مديرية أمن طرابلس المتهمين إلى مكتب النائب العام، حيث تمت مواجهتهما بالأدلة، وتأكد المحقق من تطابق نتائج البحث الفني مع الوقائع المنسوبة إليهما. وقرر النائب العام حبسهما احتياطياً على ذمة التحقيق، بعد تسجيل ردودهما بشأن التهم المسندة إليهما، تمهيداً لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة.

وفي سياق متصل بأزمة الهجرة السرية، جدّد حراك مصراتة ضد توطين الأجانب و«الهجرة غير المشروعة»، خلال مظاهرة نظمها مساء الجمعة، للأسبوع الثالث على التوالي، تأكيده على رفض توطين المهاجرين غير الشرعيين، مطالباً بترحيل المتسللين وفق القوانين الليبية، وتفريغ المساكن العشوائية، التي يقيمون فيها داخل المدن والقرى.

وأشاد بيان للحراك بجهود الأجهزة الأمنية والشرطية في مكافحة «الهجرة غير المشروعة» وحماية الأمن الوطني، داعياً إلى ملاحقة المتورطين في تجارة البشر، وإخلاء الميادين والساحات العامة من المتسللين والمهاجرين غير النظاميين، حفاظاً على النظام العام والنسيج الاجتماعي.

احتجاج «حراك مصراتة» (وكالة الأنباء الليبية)

إلى ذلك، قال سفير سويسرا لدى ليبيا، جوزيف رينجلي، إنه ناقش مع نائبة رئيسة البعثة الأممية للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، الأوضاع السياسية والأمنية الحالية في ليبيا، وآخر التطورات المتعلقة بـ«خريطة الطريق» السياسية، التي تيسرها البعثة فيما يتعلق بمجلس المفوضية العليا للانتخابات، والإطار التشريعي للانتخابات، مشيراً إلى تقديم خوري إحاطة حول الاستعدادات للحوار المهيكل، حيث اتفق الطرفان على أهمية إدماج حقوق الإنسان في صميم الجوانب التنفيذية للحوار.

وأعلن رينجلي دعم الجهود الأممية المتواصلة لإحراز تقدم في «خريطة الطريق» السياسية، لافتاً إلى مناقشة عمل مجموعة العمل المنبثقة عن عملية برلين، والمعنية بالقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، حيث عبّرت خوري عن تقديرها لالتزام سويسرا بدعم هذه المجموعة بصفتها رئيساً مشاركاً.

كما بحثت خوري مع سفير روسيا، أيدار آغانين، آخر التطورات السياسية والأمنية في ليبيا، وجهود البعثة للمضي قدماً بالعملية السياسية التي تيسرها على أساس «خريطة الطريق»، التي قدمتها رئيسة البعثة إلى مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي.

حفتر خلال حضوره مباراة كرة القدم في بنغازي (الجيش الوطني)

من جهته، حضر القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، مساء الجمعة، مباراة كأس الإعمار التي أقيمت على أرضية ملعب بنغازي الدولي بين فريقي إنتر ميلان الإيطالي وأتلتيكو مدريد الإسباني، وسط أجواء احتفالية وحضور جماهيري كبير.

وشهدت المناسبة حضور رئيس حكومة «الاستقرار»، أسامة حماد، ومسؤول صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، بالقاسم نجل حفتر، إلى جانب بعض أعضاء مجلس النواب والمسؤولين المحليين. وتأتي إقامة هذه المباراة في إطار الأنشطة الرياضية والثقافية التي تشهدها مدينة بنغازي، والتي تهدف إلى إبراز الاستقرار وعودة الحياة الطبيعية في المناطق المحررة، ودعم جهود إعادة الإعمار والتنمية في ليبيا.


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتهمت هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا صالح خلال اجتماعه بمسؤولين فرنسيين في باريس (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

ليبيا: هل يدفع فشل اجتماع صالح وتكالة تيتيه إلى تبنّي «خيارات بديلة»؟

تزامن فشل «اجتماع باريس» بين صالح وتكالة واللافي للمرة الأولى مع إحاطة هانا تيتيه، المبعوثة الأممية، أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل توقيع اتفاق بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)

تعاون حفتر والجيش الباكستاني يثير قلقاً داخل ليبيا

أثمرت زيارة قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول عاصم منير، إلى بنغازي توقيع اتفاقية تعاون مشترك مع الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر، الأمر الذي أثار قلقاً ليبياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

قال مكتب القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي إن زيارة الوفد العسكري الباكستاني تأتي في إطار «تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أزمة شرق الكونغو... تصاعد المعارك يهدد «اتفاقات السلام»

جنود من الكونغو الديمقراطية (رويترز)
جنود من الكونغو الديمقراطية (رويترز)
TT

أزمة شرق الكونغو... تصاعد المعارك يهدد «اتفاقات السلام»

جنود من الكونغو الديمقراطية (رويترز)
جنود من الكونغو الديمقراطية (رويترز)

رغم «خطوات السلام» في شرق الكونغو الديمقراطية، لإنهاء صراع مسلح منذ ثلاثة عقود، فإن استمرار المعارك يهدد «اتفاقيات السلام» التي تهدف إلى إنهاء التوتر القائم بالمنطقة.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين في الإقليم.

وحذرت منظمات دولية من مخاطر تزايد العنف في «شرق الكونغو»، وقال مسؤولون بـ«الصليب الأحمر»، الخميس، إن «شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي هو الأكثر حدة في النزاع». وقال خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن «اتفاقيات السلام تظل محاولة غير مؤكدة النجاح؛ ذلك أنها لم تعالج كل جذور الصراع في المنطقة».

وأسفرت سلسلة التفاهمات بين أطراف النزاع، عن توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسَي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع ديسمبر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود. ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويظل المشهد في شرق الكونغو هشّاً، وسط تصعيد مستمر للهجمات المسلحة التي تعرقل أي خطوات حقيقية نحو الاستقرار، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن مسؤولة من «الصليب الأحمر»، بإقليم ساوث كيفو في الكونغو، الخميس، أن «تواصل الاشتباكات المسلحة في مناطق متعددة بالإقليم، تسبب في وقوع قتلى وإجبار الآلاف من الأسر على النزوح».

وأشار «الصليب الأحمر» إلى أن «أكثر من 100 مدني مصابون بطلقات نارية تلقوا العلاج في المستشفيات التي تدعمها المنظمة منذ بداية ديسمبر الحالي»، وقالت المنظمة: «شهد هذا الشهر القتال الأكثر حدة». فيما نقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية، سيلفان إيكينجي، الأربعاء، أن «القتال مستمر يومياً في جميع أنحاء شرق البلاد المنكوب بالصراع»، وأضاف: «لا يمر يوم دون قتال في شمال كيفو وجنوب كيفو»، في إشارة إلى المنطقتين اللتين حققت فيهما حركة «23 مارس» تقدماً خاطفاً هذا العام. وقال سكان محليون لـ«رويترز»، الأربعاء، إن متمردي حركة «23 مارس» المدعومين من رواندا لم ينسحبوا من بلدة أوفيرا شرق الكونغو رغم إعلانهم في وقت سابق من هذا الأسبوع أنهم سينسحبون منها. ومطلع الشهر الحالي، سيطرت «23 مارس» على بوكافو وجوما، عاصمة إقليم نورث كيفو.

جانب من الأحداث في شرق الكونغو (رويترز)

وفي وقت سابق، أدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم الذي شنته «23 مارس» في عدة مواقع بمقاطعة جنوب كيفو، وأسفر عن سقوط ضحايا مدنيين، ودعا في إفادة له الشهر الجاري إلى «وقف فوري وغير مشروط للأعمال العدائية، تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2773»، عاداً التصعيد «يُهدد جهود الوصول إلى حل مستدام للأزمة، ويزيد من خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، تبنى مجلس الأمن بالإجماع القرار 2773، الذي دعا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، قوات الدفاع الرواندية إلى وقف دعم حركة «23 مارس»، والانسحاب الفوري من أراضي الكونغو الديمقراطية دون شروط مسبقة.

الخبير في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، يعتقد أن «اتفاقيات السلام في شرق الكونغو، تظل محاولة غير مؤكدة النجاح، لعدم معالجتها جذور الصراع الممتد منذ أكثر من 30 عاماً»، وقال إن «حجم المشكلة أعمق من صيغة اتفاقيات السلام، التي لم تراعِ وجود أطراف أخرى في الصراع، ودول إقليمية تتداخل في الأزمة حماية لمصالحها». ويرى زهدي أن «شرق الكونغو ما زالت تشهد معارك متقطعة ومناوشات في بعض المناطق المحلية»، عاداً هذه النزاعات «تقوّض فرص نجاح اتفاق السلام»، وأشار إلى أن تسوية النزاع «تحتاج إلى جهود مشددة من المراقبة، من خلال تخصيص بعثة أممية تضم قوات متعددة الجنسيات، تتولى إنهاء الصراع ومراقبة تنفيذ بنود اتفاق السلام».

ومن الإشكاليات التي تواجهها منطقة شرق الكونغو «تعدد أطراف الصراع من حركات مسلحة تقوم بالحرب لصالح أطراف من الخارج»، وفق الباحث في الشؤون الأفريقية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، صلاح خليل، وقال إن «المنطقة تشهد تحالفات مسلحة من حركات تجمعها أهداف اقتصادية، رغم اختلاف آيديولوجيتها». ويعتقد خليل أن استمرار المعارك والنزاع المسلح يعني «تهديد اتفاق واشنطن للسلام»، ورجح إمكانية «عودة التصعيد والصراع مرة أخرى بالمنطقة، مع ظهور مصالح اقتصادية من حركات مسلحة للاستفادة من ثروات المنطقة، في ظل حالة الهشاشة الناتجة عن الصراع».


«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
TT

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)
الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

أكدت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على لسان سفارتها في هولندا، أنها تتابع ملف قضية خالد الهيشري، الذي مثل أمام «المحكمة الجنائية الدولية»، بعد أن تسلمته من السلطات الألمانية مطلع الشهر الحالي.

ويعد الهيشري، الذي تسلمته المحكمة من السلطات الألمانية، أبرز قيادي في «جهاز الردع» المناوئ للدبيبة راهناً. وأوضحت المحكمة أنه «كان أحد أرفع المسؤولين في سجن معيتيقة بطرابلس، حيث احتجز الآلاف لفترات طويلة، بينهم نساء وأطفال».

الدبيبة مستقبلاً في لقاء سابق كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 (مكتب الدبيبة)

وأضافت المحكمة أن الهيشري يُشتبه في ارتكابه «جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب؛ منها القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي»، خلال الفترة الممتدة من فبراير (شباط) 2015 إلى أوائل عام 2020.

وقالت بعثة ليبيا في هولندا إنها أجرت، الخميس، زيارة «لمواطن ليبي محتجز لدى المحكمة الجنائية الدولية»، مشيرة إلى أن الزيارة «تمَّت في إطار متابعة ملفه، ومباشرة الإجراءات القانونية المرتبطة بمختلف المسارات المعمول بها، وفق نظام المحكمة ومبدأ التكامل القضائي».

وأوضحت البعثة أن الزيارة «جاءت للتواصل المباشر، والاطلاع على تطورات وضعه القانوني، والتأكد من توفر الضمانات والحقوق القانونية المكفولة له»، مضيفة أنها «تحقَّقت من تمكين المحتجز من حقوقه القانونية كاملة، ومن توافر ظروف إقامة ومعاملة ذات جودة عالية، وفق المعايير المعتمدة داخل مرافق الاحتجاز، إضافة للرعاية الصحية والتواصل مع محاميه وذويه، وحقه في الزيارات وتلقي المستلزمات الضرورية».

وأكدت البعثة أن القسم القنصلي «سينظم زيارات دورية للمحتجز، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

وزيرة العدل بحكومة الدبيبة حليمة إبراهيم (المكتب الإعلامي للوزارة)

وبدا أن وقوع الهيشري في قبضة المحكمة الدولية قد قلب الطاولة على الدبيبة، بالنظر إلى موافقته سابقاً على «قبول ليبيا لاختصاص المحكمة الجنائية»، بموجب المادة الـ12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي.

وأعلنت حكومة «الوحدة» في 20 يونيو (حزيران) 2024، عبر مراسلة رسمية من وزارة العدل إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قبولها لاختصاص المحكمة الجنائية، بموجب المادة الـ12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي، وهي الفقرة التي تتيح للدول غير الأعضاء إحالة، أو قبول، نظر المحكمة في جرائم تقع على أراضيها.

ورغم الاتهامات التي يواجهها الهيشري، فقد عدّت بعض الأطراف السياسية المناوئة للدبيبة مثول الأول أمام «الجنائية الدولية» أمراً مرفوضاً، متهمةً حكومة «الوحدة» بـ«التفريط في سيادة البلاد القضائية».

وعدّ المجلس الاجتماعي «لسوق الجمعة - النواحي الأربع»، القبض على الهيشري «اعتداءً سافراً على سيادة الدولة الليبية، وتصفية للقضاء الوطني»، ووجَّه اتهامات لاذعة لـ«الوحدة».

وكانت البعثة الأممية قد عدّت أول ظهور للهيشري أمام «المحكمة الجنائية» بأنه «خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة، والمساءلة لكثير من الضحايا الأبرياء، جراء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا».

و«معيتيقة»، سجن كبير سيئ السمعة، كانت تديره بشكل كامل ميليشيا «جهاز الردع»، بقيادة عبد الرؤوف كارة، وكان أسامة نجيم - الذي تطلب المحكمة تسليمه إليها - أحد المسؤولين عن السجن لكونه آمر جهاز الشرطة القضائية في ليبيا، قبل أن يقيله الدبيبة من منصبه بعد المطاردة الدولية له.

سيف الإسلام القذافي (متداولة)

وسبق أن أعلن كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قائمةً تضم كثيراً من المطلوبين للمحكمة، بتهم «التعذيب والقتل»، بينما لا تزال 8 أوامر قبض سارية المفعول بانتظار تنفيذها ضد كلّ من: نجيم، وسيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، وعبد الرحيم الشقاقي، ومخلوف أرحومة دومة، وناصر مفتاح ضو، ومحمد الصالحين سالمي، وعبد الباري عياد الشقاقي، وفتحي الزنكال.


تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
TT

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

اتهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في هذا البلد بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية، وفي مقدمتها تنفيذ أولويات «خريطة الطريق»، التي تواجه «تحدياً كبيراً» لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات.

تيتيه اتهمت أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية (غيتي)

وكانت رئيسة «أنسميل» تقدم إحاطة، الجمعة، أمام أعضاء مجلس الأمن، أشارت فيها إلى مرور 4 أشهر على خريطة الطريق التي قدمتها في أغسطس (آب) الماضي. وأوضحت أن الجهود مع الجهات الليبية المعنية بخصوص تنفيذها يمثل «تحدياً كبيراً»، لا سيما لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات. كما أكدت أن الجهود المتواصلة مع لجنتَي المناصب السيادية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة «لم تفض حتى الآن إلى إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات»، علماً بأن المجلس الأعلى للدولة قدَّم أسماء إلى مجلس النواب لاختيار رئيس للجنة التنفيذية العليا.

ورأت تيتيه أن «التأخيرات دليل على انعدام الثقة بين المؤسستين، وتفاقم الانقسامات الداخلية بينهما، وعدم القدرة على تجاوز خلافاتهما، والاتفاق على سبيل لحل المأزق الحالي». وتحدَّثت في هذا السياق عن العراقيل التي تواجه تعديل الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات، ومنها أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حلّت وفدها إلى لجنة «6 + 6» عام 2023، ولم تعد تشكيل وفدها إلا أخيراً. وعبَّرت عن اعتقادها بأنه «من الضروري إنجاز هاتين المهمتين؛ لضمان إجراء انتخابات نزيهة».

من اجتماع سابق للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وبخصوص الانتخابات المرتقبة، عرضت تيتيه للمواقف المتضاربة حول هذه القضية بين الزعماء الليبيين، وبينهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، مطالِبةً الأطراف السياسية الرئيسية بتيسير التوصُّل إلى اتفاق بشأن الإطار القانوني للانتخابات، «حتى تتمكَّن اللجنة الوطنية العليا للانتخابات من المضي في تحضيراتها اللازمة. وسنعمل أيضاً على تطوير آلية لمعالجة التغييرات في قوانين الانتخابات».

وفي معرض حديثها عن الحوار بين أفرقاء الأزمة الليبية، لفتت المبعوثة الأممية إلى أن «أنسميل» افتتحت أخيراً الحوار المنظم، وأوضحت أنه «أحد المكونات الأساسية الـ3 لخريطة الطريق»، داعية إلى «تقديم ترشيحات من مؤسسات سيادية رئيسية، ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، والأوساط الأكاديمية والمكونات الثقافية واللغوية»، مشيرة إلى هذا أن الحوار «يجمع طيفاً تمثيلياً من المجتمع الليبي مع 124 شخصية ليبية، تمثل المؤسسات المختلفة، ومجموعات أصحاب المصلحة». وهو «يهدف إلى تحديد المبادئ التوجيهية لبناء الدولة، وصياغة توصيات سياسية وتشريعية في مجالات الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية».

وبخصوص الوضع الاقتصادي في ليبيا، تطرَّقت تيتيه إلى ما سمَّته «التشرذم المالي المستمر»؛ مما يؤدي إلى «تقويض الاستقرار الاقتصادي والدينار الليبي، وإضعاف تقديم الخدمات، وتآكل ثقة الجمهور في مؤسسات الدولة». وأبدت استعداد «أنسميل» لدعم المؤسسات الليبية في «تنسيق وتعزيز هيكل الرقابة والتنظيم المتشرذم في البلاد».

أما بخصوص الوضع الأمني، فقد لاحظت تيتيه أنه «بعد الاتفاق على الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس، استقر الوضع الأمني ​​في العاصمة إلى حدٍ ما». وأشارت إلى أن «الهدنة لا تزال سارية»، مؤكدة أن «الوضع في طرابلس وغرب ليبيا لا يزال هشاً مع اندلاع اشتباكات مسلحة متفرقة في مناطق جنوب طرابلس وغيرها». وحضّت الجهات الفاعلة المعنية على «العمل معاً لتنفيذ الترتيبات الأمنية المتفق عليها، والمضي في الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار».

من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المجلس)

وفيما يتعلق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن حول تمديد ولاية البعثة، طبقاً للقرار 2796، لفتت تيتيه إلى أن البعثة «شكَّلت فريق عمل داخلياً لتنفيذ القرارات والتوصيات، لكن بشكل تدريجي نظراً لمحدودية الموارد». وقالت بهذا الخصوص إن التوصيات التي يمكن تنفيذها تشمل زيادة وجود البعثة في شرق ليبيا، وإنشاء قسم اقتصادي متخصص في «أنسميل»، التي تعتزم توسيع وجودها في سبها عام 2027 إذا سمحت الموارد بذلك.

وشدَّدت على أنه «لا ينبغي أن تُعرقَل العملية السياسية بسبب تقاعس أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين، الذين يحافظون على الوضع الراهن، سواء عن قصد أو غير قصد».