إنهاء الحرب في غزة هل ينسحب على جنوب لبنان ومتى؟

خطوة على طريق نزع السلاح غير الشرعي من الشرق الأوسط

عنصر في الجيش اللبناني في موقع استهداف السيارة بغارة إسرائيلية على طريق الجرمق - الخردلي جنوب لبنان (أ.ف.ب)
عنصر في الجيش اللبناني في موقع استهداف السيارة بغارة إسرائيلية على طريق الجرمق - الخردلي جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إنهاء الحرب في غزة هل ينسحب على جنوب لبنان ومتى؟

عنصر في الجيش اللبناني في موقع استهداف السيارة بغارة إسرائيلية على طريق الجرمق - الخردلي جنوب لبنان (أ.ف.ب)
عنصر في الجيش اللبناني في موقع استهداف السيارة بغارة إسرائيلية على طريق الجرمق - الخردلي جنوب لبنان (أ.ف.ب)

يواكب لبنان الرسمي بدء سريان اتفاق وقف النار في غزة للتأكد ما إذا كان سينسحب على استكمال الاتفاق الذي التزم به لبنان منذ صدوره في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 وامتنعت إسرائيل عن تطبيقه، أم أنه يتوقف على إنجاز المراحل في سياق الخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، والتي تبدأ من جنوب الليطاني امتداداً إلى المناطق كافة وصولاً إلى حدوده الدولية مع سورية وإسرائيل؟

فلبنان يترقّب سير تطبيق إنهاء هذه الحرب بموجب الخطة التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحظيت بـتأييد عربي ودولي وإسلامي غير مسبوق؛ ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه لتطبيق القرار 1701، وهذا يتطلب من الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل لإلزامها بما يجب عليها لإنهاء الحرب في الجنوب، في مقابل استعداد «حزب الله» لتسهيل حصرية السلاح في ضوء تجاوبه مع انتشار الجيش اللبناني بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية في جنوب الليطاني باستثناء البلدات التي ما زالت محتلة.

المطلوب من «حزب الله»

في هذا السياق، يقول مصدر سياسي، فضّل عدم ذكر اسمه، بأن إنهاء الحرب في غزة لم يكن ليطبّق لو لم يضع الرئيس ترمب كل ثقله لإلزام إسرائيل بالتجاوب مع الخطة التي تحمل اسمه. ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» بأنها نسخة طبق الأصل عن القرار 1701، وإنما بصيغة أميركية يراد منها نزع السلاح غير الشرعي من الشرق الأوسط، بدءاً بغزة وصولاً إلى لبنان.

ويلفت المصدر الدبلوماسي إلى أن المطلوب من «حزب الله» التدقيق في مضامين الخطة الأميركية والانفتاح عليها بتطبيق القرار 1701 لبسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها كافة. ويقول إن الحزب في ردّه الأولي على الخطة الأميركية، بلسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، بدا مربكاً من خلال التعامل معها على أنها تأتي لمصلحة إسرائيل قبل أن يصوّب الحزب موقفه ببيان يؤيد فيه ما ترتضيه «حماس».

عناصر من «الصليب الأحمر» يجمعون بقايا أشلاء بعد استهداف إسرائيلي لسيارة بمحيط مدينة النبطية جنوب لبنان الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ويرى أن تشكيك قاسم بالخطة لم يدم طويلاً، واضطر الحزب إلى التدخل لتفادي اتهامه بأنه أحرج «حماس» وأخطأ عندما قرر إسناده لغزة. ويقول إن تصحيح موقفه جاء استجابة لنصيحة طهران؛ لأنها ليست في وارد معارضتها لتفادي دخولها في اشتباك سياسي مع الدول التي أيّدتها بتوفير الغطاء السياسي لها.

ويؤكد المصدر بأنه لم يكن من خيار لـ«حزب الله» سوى تأييده لإنهاء الحرب لقطع الطريق على اتهامه بأن إسناده لغزة لم يكن مدروساً، ويدعوه لمراجعة حساباته بعيداً عن الإنكار والمكابرة، خصوصاً وأنه يتعاون مع الجيش ببسط سلطته بمؤازرة «يونيفيل» في جنوب الليطاني، والذي اضطر إلى الانسحاب منه.

إشادة بما حققه الجيش

ومع أن المصدر لا يملك الإجابة عن أسئلة اللبنانيين ما إذا كانت خطة ترمب ستشمل لبنان لإعادة الاعتبار لاتفاق وقف النار، فإنه في المقابل يبدي ارتياحه للإنجاز الذي حققه الجيش بتوسيع انتشاره في جنوب الليطاني، وأن استكمال الخطة التي وضعتها القيادة يتوقف على مدى استعداد الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لإلزامها بالانسحاب من التلال التي تحتفظ بها.

ويشيد بما حققه الجيش رغم إمكاناته اللوجيستية المتواضعة، ويخفف من مبالغة «حزب الله» باستعادته قدراته العسكرية. ويسأل كيف استعادها في ظل الحصار المفروض عليه براً وبحراً وجواً؟ ويقول إنه افتقد لقواعد الاشتباك ولزمام المبادرة، ولم يعد أمامه سوى الانخراط في مشروع الدولة. ويؤكد بأن الحزب يتعاون ميدانياً مع الجيش بخلاف إصرار قيادته على رفع سقوفها السياسية في محاكاتها لحاضنتها الشعبية.

ويؤكد المصدر بأن لبنان الرسمي ماضٍ بتطبيق حصرية السلاح، وأن قيادة الجيش تستكمل الخطة وهي بحاجة لمزيد من الوقت لتأمين المعدات التي من دونها لا يمكنها السيطرة على المنشآت العسكرية للحزب وأنفاقه الواقعة في الجبال ويصعب على الوحدات العسكرية الوصول إليها ما لم تتزود بما تحتاج إليه، وهذا ما يدعو إلى الإسراع بعقد مؤتمر دولي وعربي لتوفير احتياجاتها من معدات متطورة تسمح لها بالوصول إليها، خصوصاً أنه لا يمكن التخلص منها بكبسة زر بعد أن أمضى الحزب أكثر من أربعة عقود في استحداثها في مناطق جبلية وأودية وعرة.

حصرية السلاح

ولم يستبعد تمديد الفترة الزمنية لتطبيق حصرية السلاح، سيما أن ما تحقّق في جنوب الليطاني لا يستهان به بالتلازم مع احتواء السلاح غير الشرعي ومنع حمله واستخدامه، إضافة إلى جمع السلاح الفلسطيني، وبالأخص من الفصائل المنتمية إلى محور الممانعة سابقاً وعلى رأسها حركة «حماس»؛ لأنه لم يعد من مبرر للاحتفاظ به بعد موافقتها على خطة ترمب.

ويتوقف أمام عدم اعتراض إيران على الخطة، ويقول إنها تراهن على عامل الوقت لإعادة الاعتبار لاستئناف مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، وهذا ما ينعكس إيجاباً على «حزب الله» لجهة تعاونه مع الجيش لبسط سلطة الدولة.

ورغم أن المصدر لا يملك الإجابة عن إمكانية تمدد خطة ترمب نحو لبنان، فإن مصادر وزارية تؤكد لـ«الشرق الأوسط» بأن الحكومة ماضية بتطبيق حصرية السلاح، وهي تنفذها على مراحل، وأن انعكاس السلام الغزاوي على جنوب لبنان يبقى بيد واشنطن بالضغط على إسرائيل للانسحاب منه.

وتلفت المصادر الوزارية إلى أن الحوار القائم بين رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وبين رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بتشجيع من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، سيدخل مرحلة جديدة غير تلك التي كانت قائمة قبل سريان مفعول إنهاء الحرب في غزة؛ لما لها من تداعيات على الداخل اللبناني. وتؤكد بأن مواصلته تتلازم مع مضي قيادة الجيش بتطبيق خطة حصرية السلاح على مراحل، وبالتالي فإن لبنان على التزامه بإنجاز المطلوب منه ويبقى على إسرائيل أن تتجاوب تحت ضغط واشنطن.

وإلى أن يتأكد لبنان ما إذا كان مشمولاً بالخطة الغزاوية، فإن المصدر الدبلوماسي يجزم بأن نزع السلاح الميليشياوي من الشرق الأوسط بدأ من غزة وسيتمدد إلى لبنان، وإن كان لا يستبعد استمرار إسرائيل بتوجيه ضرباتها إلى «حزب الله» من دون أن تقدِم على توسيع حربها لافتقادها للغطاء الأميركي، وأن واشنطن لا تعارض الضغط على الحزب للإسراع بتطبيق حصرية السلاح في إطار إطباق الحصار على الحزب.


مقالات ذات صلة

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

وقالت المصادر إنه جرت دراسة واشنطن كمكان محتمل للمؤتمر الذي قد يُعقد مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير، وأن مصر من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة.

وأضاف مصدر أن المؤتمر لن يُعقد على الأرجح إلا بعد أن يُكمل المسؤولون تشكيل «مجلس السلام» بقيادة ترمب، والمقرر أن يشرف على الحكومة الانتقالية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس» في أكتوبر.

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق غزة في شرم الشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف التقى مسؤولين من مصر وتركيا وقطر في فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع لبحث تنفيذ وقف إطلاق النار.

وأضافت أن المؤتمر جزء من جهد أوسع نطاقاً للحفاظ على زخم خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي والمؤلفة من 20 بنداً، والتي قُسّمت إلى مرحلتين، تهدف الأولى إلى وقف القتال وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، أما المرحلة الثانية، والأكثر صعوبة، فتتمثل في الانتقال إلى إدارة طويلة الأمد لغزة، مع نزع سلاح «حماس» وتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

وذكرت «بلومبرغ» أن مسؤولين أميركيين أقروا بصعوبة المرحلة الثانية، إذ يواجه مجلس السلام العديد من التساؤلات، بدءاً من تحديد أعضائه، كما لم يتم بعد إنشاء قوة الاستقرار الدولية، في حين أن أصعب مهام المرحلة الثانية ربما تكون نزع سلاح «حماس».


واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.