هل يمهّد ترمب لتغيير قواعد الحرب عبر «توماهوك» أوكرانية؟

وهل يؤثر ذلك على حظوظه في جائزة نوبل للسلام؟

الرئيس الأميركي ونظيره الروسي خلال مؤتمر صحافي بقاعدة «إلمندورف ريتشاردسون» المشتركة في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ونظيره الروسي خلال مؤتمر صحافي بقاعدة «إلمندورف ريتشاردسون» المشتركة في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

هل يمهّد ترمب لتغيير قواعد الحرب عبر «توماهوك» أوكرانية؟

الرئيس الأميركي ونظيره الروسي خلال مؤتمر صحافي بقاعدة «إلمندورف ريتشاردسون» المشتركة في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ونظيره الروسي خلال مؤتمر صحافي بقاعدة «إلمندورف ريتشاردسون» المشتركة في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس (أ.ف.ب)

بينما ينتظر العالم، والرئيس الأميركي دونالد ترمب، القرار الذي ستتخذه لجنة توزيع جوائز نوبل يوم الجمعة، بدا أن قرارها يأتي في لحظة حساسة، تتقاطع فيها السياسة بالمعنى الأخلاقي للحرب، وتطرح من جديد سؤالاً كبيراً عن موقع الولايات المتحدة في رسم نهايات الصراع الأوكراني، خصوصاً مع تزايد الحديث في واشنطن عن احتمال تسليم كييف صواريخ «توماهوك» البعيدة المدى، في خطوة قد تقلب موازين القتال شرق أوروبا.

صواريخ «توماهوك» تُطلَق من سفينة حربية أميركية (رويترز)

حسابات ترمب: بين الطموح والرمزية

اللافت أن التسريبات عن نية ترمب دراسة هذا الخيار جاءت بالتزامن مع قرب الإعلان عن هوية الفائز بجائزة نوبل للسلام، ما دفع بعض المراقبين إلى الربط بين الأمرين. فالرئيس الأميركي الذي طالما رأى في الجوائز الدولية وسيلة لتكريس «رؤيته للسلام من موقع القوة»، يدرك أن أي تحرك جريء في الملف الأوكراني سيضعه مجدداً في صدارة المشهد العالمي؛ سواء على هيئة صانع قرار شجاع، أو مقامر بخطر التصعيد.

ويرى البعض أن «ترمب يعيش صراعاً بين نزعتين متناقضتين: الأولى، رغبته في إنهاء الحروب بصفقات سياسية؛ والثانية، إيمانه بأن القوة العسكرية هي الطريق الأسرع إلى التفاوض. وعليه فإن قرار تسليم توماهوك، إن اتُّخذ، فسيكون تعبيراً عن هذا التناقض بالذات».

إشارات من واشنطن ومخاوف من موسكو

ورغم أن الفكرة لا تزال في إطار الاحتمال والنقاش داخل الدوائر القريبة من الرئيس ترمب، فإن تسريبها إلى وسائل إعلام أميركية كان كافياً لإثارة عاصفة من التحذيرات الروسية. فموسكو التي سبق أن وصفت إرسال صواريخ «أتاكمز» و«ستورم شادو» بأنه «استفزاز مباشر»، رأت في أي بحث بتسليم صواريخ «توماهوك» - ذات المدى الذي قد يتجاوز 2500 كيلومتر - تجاوزاً للخطوط الحمراء.

وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف إن «إدخال أسلحة كهذه إلى ساحة المعركة يعني عملياً مشاركة مباشرة للولايات المتحدة في الحرب ضد روسيا»، محذراً من «رد غير متوقع». وأضاف أن موسكو «لن تتردد في استهداف أي منشأة تُطلق منها تلك الصواريخ، حتى لو كانت في أراضي دول أخرى».

تعرف واشنطن أن «توماهوك» ليست مجرد منظومة تسليحية عادية، بل رمز لتفوقها العسكري وقدرتها على الضرب بدقة من البحر أو البر. صُمّمت هذه الصواريخ في الأصل لضرب أهداف بعيدة دون تعريض الطيارين للخطر، وتتميز بقدرتها على حمل رؤوس تقليدية بزنة تفجيرية عالية، مع مرونة في البرمجة تسمح بتوجيهها لتدمير منشآت القيادة والتحكم أو البنية التحتية العسكرية.

اشتعال النيران في سيارة بمنطقة بيلغورود الروسية بعد غارة أوكرانية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وإذا وصلت إلى أوكرانيا، فستكون قادرة - نظرياً - على ضرب العمق الروسي من دون أن تخرج القوات الأوكرانية من حدودها. لذلك، يرى خبراء في مراكز أبحاث أميركية أن مجرد طرح هذه الفكرة «كافٍ لإعادة خلط الأوراق» في موسكو وكييف على حد سواء، في حين يرى آخرون أن الأمر ليس بهذه البساطة.

يقول الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، جون هاردي: «بناء على تصريح ترمب العلني قبل أيام، أعتقد أن تردده يعود إلى مخاوفه من التصعيد ورغبته في ضمان أن يكون للولايات المتحدة رأي فيما تحاول أوكرانيا ضربه». ويضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «كذلك، يُفضل البعض داخل البنتاغون على الأرجح أن تحتفظ الولايات المتحدة بصواريخها الحربية لنفسها».

وهو ما يؤكده الباحث في معهد «بروكينغز» مايكل أوهانلون، قائلاً إن «تسليم توماهوك سيمنح أوكرانيا قدرة نارية غير مسبوقة، لكنه في الوقت نفسه يضع واشنطن على حافة مواجهة مباشرة مع روسيا». ويضيف أن «هذا النوع من القرارات لا يُقاس فقط بميزان القوة، بل بميزان العواقب».

صورة مأخوذة من مقطع فيديو وزَّعته دائرة الصحافة التابعة لوزارة الدفاع الروسية 6 أكتوبر 2025 خلال إطلاق صواريخ باتجاه مواقع أوكرانية في مكان غير معلن عنه بأوكرانيا (أ.ب)

القيود الفنية والسياسية

لكن وراء الاندفاع السياسي المحتمل عقبات واقعية. فصواريخ «توماهوك» منظومة بحرية بالأساس تُطلق من المدمرات والغواصات، ما يعني أن أوكرانيا ستحتاج إلى تهيئة منصات أرضية بديلة أو إشراف مباشر من قوات أميركية. وهذا ما يجعل قرار التسليم معقداً من الناحية التقنية، فضلاً عن أنه قد يتطلب تعديلات على اتفاقات تصدير الأسلحة داخل الكونغرس.

ويشير مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية إلى أن «المخزون المتاح من هذه الصواريخ ليس كبيراً بما يسمح بإرسال كميات كبيرة فوراً، كما أن واشنطن بحاجة للحفاظ على جزء أساسي من ترسانتها في ظل التوترات مع الصين وإيران». لذلك، يُرجّح أن أي خطوة من هذا النوع - إذا حصلت - ستكون محدودة الكمية ومرتبطة بسيناريوات ميدانية دقيقة.

موسكو تلوّح بخيارات الرد

في المقابل، تتصرف موسكو وكأنها تُحضّر لرُدود مسبقة. فقد قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن «روسيا تعتبر تزويد أوكرانيا بأسلحة ذات مدى يتجاوز ألف كيلومتر تهديداً وجودياً»، ملوّحاً بخيارات «عسكرية وتقنية» غير محددة. ولمح دبلوماسي روسي إلى أن الرد قد يشمل استهداف ممرات الإمداد في بولندا أو رومانيا، وهي خطوة - إن حدثت - قد تدفع حلف «الناتو» إلى مواجهة مباشرة لا يريدها أحد.

ويرى محللون أن موسكو تسعى، عبر هذه اللغة، إلى ردع الإدارة الأميركية مبكراً ومنع ترمب من الذهاب بعيداً في مغامرته المفترضة. فالتجربة الروسية مع إدارات سابقة علّمتها أن «التلويح بالمجهول» غالباً ما يكون أكثر فاعلية من التهديد الواضح.

على المدى القصير، قد يُحدث مجرد طرح الفكرة تأثيراً ردعياً على روسيا، ويعزز موقف كييف التفاوضي. لكنّ أي تنفيذ فعلي سيحمل مخاطرة عالية بتوسيع نطاق الحرب؛ إذ يمكن أن ترد موسكو بضربات على بنى تحتية غربية، أو عبر تكثيف الحرب السيبرانية، أو حتى من خلال استخدام منظومات تكتيكية جديدة في الميدان.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

وفي المقابل، قد ترى واشنطن أن تهديد التسليم وحده أداة ضغط فعّالة دون الحاجة إلى التنفيذ، بما يذكّر بأسلوب «التصعيد المحسوب» الذي استخدمته في أزمات سابقة.

بين جائزة نوبل التي تذكّر العالم بمعنى «السلام الصعب»، وتلويحات ترمب بخيارات عسكرية تعيد تعريف الردع، تبدو الحرب الأوكرانية أمام منعطف جديد تتقاطع فيه الرمزية بالدينامية الواقعية. وإذا كان احتمال تسليم صواريخ «توماهوك» لا يزال في خانة الافتراض، فإن مجرد تداولِه يكشف عن أن واشنطن وموسكو تقتربان مرة أخرى من الخط الفاصل بين التوازن والانفجار.

امرأة تغطي أذنيها بينما تحلّق طائرة مسيّرة روسية فوق حي في مدينة كراماتورسك على خط المواجهة في أوكرانيا يوم 10 سبتمبر 2025 (رويترز)

ويبقى السؤال مفتوحاً: هل يسعى ترمب إلى «سلام من موقع القوة»، أم إلى فرض معادلة جديدة تجعل الحرب نفسها مدخلاً إلى مكافأة سياسية على شكل جائزة عالمية؟ الجواب، كما يبدو، لن يتأخر طويلاً.


مقالات ذات صلة

الكرملين: مبعوث بوتين سيقدم له تقريراً مفصلاً بعد مفاوضات ميامي

أوروبا كيريل دميترييف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز) play-circle

الكرملين: مبعوث بوتين سيقدم له تقريراً مفصلاً بعد مفاوضات ميامي

قال الكرملين، اليوم (الأحد)، إن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين لم يرسل أي معلومات أو رسائل إلى الوفد الأميركي عبر مبعوثه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته (إ.ب.أ)

أمين عام «الناتو»: ترمب الوحيد القادر على إجبار بوتين على إبرام اتفاق سلام

أشارت تقديرات مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى أن الحلف بمقدوره الاعتماد على الولايات المتحدة في حال الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا بوتين ولوكاشينكو خلال لقائهما في سان بطرسبرغ الأحد (أ.ف.ب)

بوتين ولوكاشينكو يؤكدان متانة التعاون بين البلدين

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الأحد، أن حكومتي روسيا وبيلاروس تعملان معاً بشكل وثيق للغاية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)

«الإليزيه» يرحب باستعداد بوتين للتحاور مع ماكرون

رحبت الرئاسة الفرنسية، الأحد، بإعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استعداده للتحاور مع نظيره إيمانويل ماكرون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ) play-circle

بوتين مستعد للحوار مع ماكرون «إذا كانت هناك إرادة متبادلة»

أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداده للحوار مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق ما صرح المتحدث باسم الكرملين لوكالة أنباء «ريا نوفوستي».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ستارمر يناقش جهود السلام في أوكرانيا خلال اتصال هاتفي مع ترمب

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصافح الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصافح الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

ستارمر يناقش جهود السلام في أوكرانيا خلال اتصال هاتفي مع ترمب

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصافح الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصافح الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ذكر مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ​في بيان، أن رئيس الوزراء بحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، الجهود المبذولة لتحقيق «نهاية عادلة ودائمة» للحرب في أوكرانيا، وذلك عقب محادثات جرت في فلوريدا.

وأضاف المكتب، في البيان، عقب اتصال بينهما: «‌بدأ الزعيمان حديثهما باستعراض ‌الحرب في أوكرانيا»، ‌ثم ناقشا ​عمل ‌ما يطلق عليها مجموعة «تحالف الراغبين» التي تعهدت بتقديم الدعم لكييف، وفقاً لوكالة «رويترز».

وجاء أيضاً في البيان: «أطْلع رئيس الوزراء ترمب على مستجدات عمل تحالف الراغبين الرامي (لدعم التوصل إلى) اتفاق للسلام، وضمان إنهاء عادل ودائم للأعمال القتالية».

واجتمع مفاوضون أميركيون مع مسؤولين ‌روس في فلوريدا، السبت، في أحدث جولة من المحادثات الرامية لإنهاء الحرب، ‍وذلك وسط مساعٍ من إدارة ترمب للتوصل إلى اتفاق مع كلا الجانبين.

وجاء اجتماع ميامي عقب محادثات أجرتها الولايات المتحدة، ​يوم الجمعة، مع مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين، وهي أحدث مناقشات بشأن مقترح سلام أحيا الآمال في إنهاء الصراع الذي اشتعل بعد أن شنت روسيا غزوها لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وذكر البيان أن ستارمر وترمب ناقشا تعيين كريستيان تيرنر سفيراً لدى الولايات المتحدة بعد إقالة سلفه بيتر ماندلسون بعد الكشف عن رسائل بريد إلكتروني داعمة أرسلها إلى رجل الأعمال ‌الراحل المدان في جرائم جنسية جيفري إبستين.


الكرملين: مبعوث بوتين سيقدم له تقريراً مفصلاً بعد مفاوضات ميامي

كيريل دميترييف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
كيريل دميترييف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
TT

الكرملين: مبعوث بوتين سيقدم له تقريراً مفصلاً بعد مفاوضات ميامي

كيريل دميترييف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
كيريل دميترييف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

قال الكرملين، اليوم (الأحد)، إن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين لم يرسل أي معلومات أو رسائل إلى الوفد الأميركي عبر مبعوثه.

وأضاف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، وفقاً لما نقلته قناة «آر تي»، إن مبعوث بوتين سيحصل خلال مفاوضات ميامي على معلومات حول اتصالات واشنطن مع الأوكرانيين والأوروبيين.

وأشار بيسكوف إلى أن مبعوث بوتين، كيريل دميترييف، سيقدم تقريراً مفصلاً للرئيس بعد مفاوضات ميامي بشأن أوكرانيا.

وأكد المتحدث أنه لا ينبغي ربط ملف التسوية في أوكرانيا بالعلاقات الثنائية الروسية - الأميركية، مشيراً إلى أن روسيا والولايات المتحدة يمكنهما إبرام مشروعات ذات منفعة متبادلة.

ووصل المبعوث الروسي للمسائل الاقتصادية كيريل دميترييف، السبت، إلى ميامي، الواقعة في ولاية فلوريدا، حيث توجد فرق أوكرانية وأوروبية للمشارَكة في المفاوضات التي يقودها المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، وفق ما كشف مصدر روسي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال كيريل دميترييف، ‌المبعوث ‌الخاص ‌للرئيس الروسي ​فلاديمير ‌بوتين، السبت، إن روسيا والولايات المتحدة تجريان مناقشات بناءة ‌ستستمر في ‍ميامي.

وأضاف: «تسير المناقشات على ​نحو بناء. بدأت في وقت سابق وستستمر اليوم، وستستمر غداً أيضاً».


ماكرون يعلن خططاً لبناء حاملة طائرات فرنسية جديدة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حضوره احتفالاً مع القوات الفرنسية في مدينة زايد العسكرية قرب أبوظبي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حضوره احتفالاً مع القوات الفرنسية في مدينة زايد العسكرية قرب أبوظبي (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يعلن خططاً لبناء حاملة طائرات فرنسية جديدة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حضوره احتفالاً مع القوات الفرنسية في مدينة زايد العسكرية قرب أبوظبي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حضوره احتفالاً مع القوات الفرنسية في مدينة زايد العسكرية قرب أبوظبي (أ.ف.ب)

أعطى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، الضوء الأخضر لبدء بناء حاملة طائرات فرنسية جديدة، لتحل محل حاملة الطائرات «شارل ديغول»، ومن المقرر أن تدخل الخدمة عام 2038.

وقال ماكرون، خلال احتفاله بالكريسماس مع جنود الجيش الفرنسي في أبوظبي: «تماشياً مع برامج التحديث العسكرية، وبعد دراسة شاملة ودقيقة، قررت تزويد فرنسا بحاملة طائرات جديدة».

وأضاف ماكرون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تم اتخاذ قرار الشروع بتنفيذ هذا البرنامج الضخم هذا الأسبوع».

ومن المتوقع أن يتكلف البرنامج، المعروف باسم «حاملة طائرات الجيل التالي» (بانغ)، نحو 10.25 مليار يورو (12 مليار دولار)، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت الحكومة الفرنسية إن السفينة الجديدة ستكون جاهزة للعمل بحلول عام 2038، وهو الموعد المتوقع لتقاعد حاملة الطائرات ‌«شارل ديغول». وقد بدأ ‌العمل على مكونات دفع ‌حاملة الطائرات ​الجديدة بالوقود النووي ‌العام الماضي، على أن يقدم الطلب النهائي في إطار ميزانية عام 2025.

حاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول» (أ.ف.ب)

وستحظى «بانغ»، التي ستكون أكبر سفينة حربية على الإطلاق في أوروبا، بأهمية كبيرة في الردع النووي الفرنسي وسعي أوروبا لتحقيق استقلال دفاعي أكبر في ظل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتردد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في دعم أمن القارة.

وأكّد ماكرون، الذي ‌روّج في الأصل لهذه الخطط عام 2020، أن هذا المشروع سيعزز القاعدة الصناعية الفرنسية، ولا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية ​كاترين فوتران، في منشور على منصة «إكس»، إن السفينة الجديدة ستدخل الخدمة عام 2038، لتحل محل «شارل ديغول» التي دخلت الخدمة عام 2001، بعد نحو 15 عاماً من التخطيط والبناء.

واقترح بعض المشرعين الفرنسيين من الوسط واليسار المعتدل في الآونة الأخيرة تأجيل مشروع بناء حاملة طائرات جديدة بسبب ضغوط على المالية العامة للبلاد.

قدرات حاملات الطائرات الأوروبية

تُعدّ فرنسا، القوة النووية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي، من بين الدول الأوروبية القليلة التي تمتلك حاملة طائرات، إلى جانب بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا.

ولا تزال القدرات الأوروبية محدودة، مقارنة بأسطول الولايات المتحدة، المكون ‌من 11 حاملة طائرات، والبحرية الصينية، التي تضم 3 حاملات.