لبنان يعيد فتح ملفات الاغتيال السياسي... ويراهن على تعاون سوري

وزير العدل عيّن محققين عدليين تمهيداً لبدء التحقيقات

آثار الانفجار الذي أودى بحياة رينيه معوض عام 1989 (غيتي)
آثار الانفجار الذي أودى بحياة رينيه معوض عام 1989 (غيتي)
TT

لبنان يعيد فتح ملفات الاغتيال السياسي... ويراهن على تعاون سوري

آثار الانفجار الذي أودى بحياة رينيه معوض عام 1989 (غيتي)
آثار الانفجار الذي أودى بحياة رينيه معوض عام 1989 (غيتي)

أحيا وزير العدل اللبناني عادل نصّار ملفات الاغتيالات السياسية التي شهدها لبنان منذ عقود، ولم تأخذ مسارها القضائي بفعل الموانع السياسية والأمنية التي كانت فُرِضَت في زمن الوصاية السورية على لبنان، وعيّن محققين عدليين لفتح تحقيقات بهذه الملفات وكشف مرتكبيها، باعتبار أن كلّ هذه الجرائم محالة على المجلس العدلي (أعلى سلطة قضائية) ولا تسقط بمرور الزمن.

قرار نصّار تعيين محققين عدليين للاغتيالات السياسية يأتي في سياق إطلاق يد القضاء بعد تحرره إلى حدّ كبير من تأثير التدخلات السياسية، وذلك لكشف هوية من اتخذ القرار بهذه الجرائم ومن خطط لها ونفذها وأخفى الأدلة التي تقود إلى الفاعلين، في محاولة لوضع حدّ لثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان منذ نصف قرن.

جرائم منذ أربعة عقود

وتضمنت لائحة التعيين كلّاً من القضاة: أميرة صبرا محقق عدلي في قضية اغتيال الشيخ أحمد عساف، وفادي عقيقي محقق عدلي في قضية محاولة اغتيال النائب السابق (الراحل) مصطفى معروف سعد، ويحيى غبورة محقق عدلي في جريمة الهجوم المسلح على بلدة إهدن (شمال لبنان)، والذي نتج عنه مقتل النائب طوني فرنجية مع أفراد عائلته وبعض مرافقيه، وجوزيف تامر محقق عدلي في قضية محاولة اغتيال رئيس الجمهورية الأسبق كميل شمعون، وآلاء الخطيب محقق عدلي في المواجهات التي حصلت في محلة بورضاي في بعلبك، وفادي صوان محقق عدلي في قضية اغتيال الوزير السابق إيلي حبيقة، وسامر يونس محقق عدلي في قضية اغتيال النائب أنطوان غانم ورفاقه، وكمال نصار محقق عدلي في قضية مقتل الشيخ صالح العريضي في بلدة بيصور، وسامي صادر محقق عدلي في قضية اغتيال النائب والوزير بيار أمين الجميّل ومرافقه سمير الشرتوني، وسامر ليشع محقق عدلي في قضية اغتيال الصحافي سمير قصير، وكلود غانم محقق عدلي في قضية اغتيال النائب والصحافي جبران غسان تويني مع مرافقيه.

النائب والصحافي الراحل جبران تويني (دار النهار)

وأفاد مصدر قضائي بأن القرار «جاء نتيجة تشاور مسبق بين وزير العدل اللبناني ومجلس القضاء الأعلى حول الأسماء المقترحة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن التعيينات الجديدة «أتت بعد وفاة قضاة كانوا يتولون التحقيق العدلي في بعض الجرائم وإحالة آخرين على التقاعد»، مشيراً إلى أن «دفعة جديدة من محققين عدليين ستصدر بملفات أخرى بينها قضية اغتيال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، واغتيال رئيس الجمهورية رينيه معوض، والجرائم التي طالت سياسيين مثل النائب وليد عيدو، والوزير محمد شطح، وغيرهما».

رينيه معوض يغادر قصر الرئاسة للمرة الأخيرة قبل لحظات من اغتياله (أ.ف.ب)

وشدد على «أهمية أن تنتهي هذه الملفات بقرارات قضائية، سواء بكشف النقاب عن مرتكبيها، حتى لو أخذ التحقيق وقتاً طويلاً...».

رهان على تعاون سوري

وتكتسب هذه الخطوة بعداً سياسياً يتخطّى لبنان. وقال مصدر متابع لهذه القضية عن قرب، إن قرار تعيين هؤلاء «جاء غداة الاجتماع الذي عقده وزير العدل اللبناني مع اللجنة القضائية السورية في بيروت، والطلب إليها تزويد لبنان بمعلومات عن جرائم الاغتيال السياسي التي وقعت في لبنان».

ورجّح المصدر عبر «الشرق الأوسط» أن يكون القرار «توطئة لتعاون سوري مع لبنان في المرحلة المقبلة، ولا سيما أن الجانب السوري أبدى تجاوباً مع الطلب اللبناني، ووعد بتقديم كل ما يتوفر لدى السلطات السورية من أدلة ووثائق يمكن أن تكون موجودة في سوريا، ويتم العثور عليها بعد فرار بشار الأسد وأركان نظامه، خصوصاً من القصور الرئاسية والمقرات الأمنية».

تورط سوريين من حقبة الأسدين

ويعوّل لبنان على تعاون سوري في هذه القضايا، سواء بالنسبة لجرائم الاغتيال القديمة أو التي حصلت في السنوات الأخيرة بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في ربيع عام 2005. وقال المصدر إن دمشق «عبّرت خلال اللجنة القضائية التي زارت بيروت مؤخراً عن رغبتها في التعاون مع القضاء اللبناني وتقديم كل ما يتوفر لها من وثائق ومعلومات».

وشدد المصدر على أن لبنان «قدّم للجنة السورية معلومات موثقة عن تورّط أشخاص سوريين في اغتيال وتفجيرات حصلت في لبنان، منها تفجير مسجدَي السلام والتقوى في طرابلس، والذي دبره ضباط في المخابرات السورية معروفون بالأسماء، بالتعاون مع عناصر من الحزب العربي الديمقراطي بقيادة رفعت عيد لجأوا إلى سوريا بعد العملية، بالإضافة إلى تورّط اللواء علي مملوك (رئيس مكتب الأمن القومي والقريب جداً من بشار الأسد)، والذي أدخل بالاتفاق مع الوزير السابق ميشال سماحة 25 عبوة ناسفة من دمشق إلى لبنان في عام 2012 لتفجيرها بموائد خلال إفطارات رمضانية، ومحاولة قتل نواب ومرجعيات دينية في طرابلس وعكار (شمال لبنان)».

ولفت إلى أن الجانب اللبناني «طلب من السوريين المساعدة في توقيف اللبناني حبيب الشرتوني الذي اغتال الرئيس بشير الجميل، وهو الآن في سوريا، بالإضافة إلى لبنانيين ارتكبا جريمة قتل قياديين في حزب الكتائب اللبنانية في زحلة». وأشار المصدر إلى أن «خطوة وزير العدل تأتي استباقاً للأجوبة التي سترد من سوريا، ولإطلاق التحقيقات القضائية بشكل فاعل».


مقالات ذات صلة

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

المشرق العربي اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجدداً، اليوم (الخميس)، أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يتم تنفيذه في وقته.

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:50

خاص شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بعلبك (شرق لبنان))
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الوفد العراقي برئاسة إحسان العوادي، مدير مكتب ئيس الوزراء العراقي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)

تقرير: اتفاق عسكري وشيك بين الحكومة السورية و«قسد» برعاية أميركية

أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
TT

تقرير: اتفاق عسكري وشيك بين الحكومة السورية و«قسد» برعاية أميركية

أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)
أشخاص مع أمتعتهم يسيرون على طول الطريق بعد أن اتفقت الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» على خفض التصعيد في مدينة حلب (رويترز)

نقل التلفزيون السوري، الخميس، عن مصدر قوله إنه من المتوقع التوصل قريباً إلى اتفاق عسكري بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» برعاية أميركية لدمج عناصرها في قوات وزارتَي الدفاع والداخلية السوريتين.

وأكد التلفزيون أن واشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة على الحكومة و«قسد» بهدف توقيع الاتفاق قبل نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن الإعلان متوقع بين 27 و30 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وأوضح التلفزيون أن الاتفاق المرتقب يشمل دمج 90 ألف عنصر في وزارتَي الدفاع والداخلية، وتخصيص 3 فرق عسكرية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ضمن قوات وزارة الدفاع في الرقة ودير الزور والحسكة.

وذكر المصدر أنه تُناقَش حالياً نقاط خلافية؛ من أبرزها دخول القوات الحكومية إلى شمال شرقي سوريا، وآلية اتخاذ القرارات العسكرية، وتوزيع المهام والصلاحيات.


عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عون: مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها

اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)
اجتماع سابق لرئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري (الوكالة الوطنية للإعلام)

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجدداً، اليوم (الخميس)، أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يتم تنفيذه في وقته.

ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية عن عون قوله إنه ورئيس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها.

وشدد الرئيس اللبناني على أن الاتصالات الدبلوماسية لم تتوقف من أجل إبعاد شبح الحرب عن لبنان، مشيراً إلى أن «الأمور ستتجه نحو الإيجابية».

وكانت الوكالة قد نقلت عن بري تأكيده على إجراء الانتخابات في موعدها و«لا تأجيل ولا تمديد».

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية اللبنانية في مايو (أيار) من العام المقبل.


القوات الإسرائيلية تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

القوات الإسرائيلية تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

توغلت القوات الإسرائيلية صباح اليوم (الخميس) في قرى عدة بريف القنيطرة الجنوبي في جنوب سوريا.

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن «قوة للاحتلال مؤلفة من سيارتي (همر) توغلت في عدد من قرى ريف القنيطرة الجنوبي، انطلاقاً من تل أحمر غربي، وسلكت الطريق المؤدي إلى قرية كودنة وصولاً إلى قرية عين زيوان، ومنها إلى قرية سويسة وانتشرت داخل القرية، وقامت بتفتيش المارة وعرقلت الحركة».

وأشارت إلى أن «قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلت مساء أمس في قرى عدة بريف القنيطرة الشمالي، وفي بلدة الجلمة بريف درعا الغربي، واعتقلت شابين».

ووفق الوكالة، «تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية وخرقها اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، عبر التوغل في الجنوب السوري، والاعتداء على المواطنين».

وتطالب سوريا باستمرار بخروج القوات الإسرائيلية من أراضيها، مؤكدة أن جميع الإجراءات التي تتخذها في الجنوب السوري باطلة ولاغية، ولا ترتب أي أثر قانوني وفقاً للقانون الدولي، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع ممارسات إسرائيل وإلزامها بالانسحاب الكامل من الجنوب السوري والعودة إلى اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.