أخضع وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، المرشحين لخلافة رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول، لاستجواب مكثف حول موقفهم من أسعار الفائدة وتفكيك برامج التحفيز التي نُفذت في عصر الأزمات، وذلك في إطار جهود إدارة دونالد ترمب للبحث عن بديل لباول.
اختُتمت سلسلة من الاجتماعات استمرت لأسابيع مع قائمة طويلة من 11 مرشحاً يوم الثلاثاء الماضي. وذكرت مصادر مُطلعة لصحيفة «فاينانشال تايمز» أن المرشحين خضعوا لاستجواب استمر لما يصل إلى ساعتين من قِبل بيسنت، إلى جانب مسؤول الخزانة هنتر ماكماستر والمستشار فرانسيس براون.

وأفاد بعض المرشحين الذين تمت مقابلتهم بأن بيسنت استفسر عن آرائهم بشأن القضايا التي طرحها الوزير مؤخراً في مقال دعا فيه إلى إصلاحات شاملة للبنك المركزي، وانتقد فيه برامج التيسير الكمي، ووصفها بـ«تجربة السياسة النقدية لاكتساب الوظيفة». كما سُئل المرشحون عن كيفية إدارتهم لمؤسسة اتهمها بيسنت بـ«تضخم المهمة».
ترمب يريد خفض الفائدة إلى 1 في المائة
تأتي عملية البحث عن بديل لباول، الذي من المقرر أن يتنحى عن منصبه كرئيس لأهم مؤسسة مالية في العالم في مايو (أيار) 2026، وسط فترة اضطراب يمر بها «الاحتياطي الفيدرالي»، خصوصاً بعد أن عيّن ترمب حليفاً له كمحافظ وسعى لطرد آخر، مما أثار مخاوف من المساس باستقلالية البنك المركزي.
ويُعارض أجندة الرئيس ترمب، التي تركز على خفض تكاليف الاقتراض بقوة، ما يركز عليه بيسنت. فقد دعا ترمب إلى خفض سعر الفائدة القياسي إلى مستوى منخفض يصل إلى 1 في المائة، مقارنة بنطاقه الحالي الذي يتراوح بين 4 في المائة و4.25 في المائة.
وصرح ترمب بأن المرشحين المفضلين لديه هم المحافظ السابق للفيدرالي كيفن وورْش، والحالي كريستوفر والر، والمستشار الاقتصادي للرئيس كيفن هاسيت. وقد أشار مصدر مطلع إلى أن ريك ريدر، كبير مسؤولي الاستثمار في الدخل الثابت العالمي لدى «بلاك روك»، والذي يُعتبر مرشحاً خارج التوقعات، كان أداؤه «جيداً جداً».
انتقادات بيسنت لـ«الميزانية المنتفخة»
يُعتبر بيسنت شخصية أكثر اعتدالاً من بعض حلفاء ترمب، وقد عمل في بعض الأحيان على كبح الرئيس من محاولة إقالة باول. ومع ذلك، نشر بيسنت الشهر الماضي مقالاً مطولاً انتقد فيه أداء البنك المركزي.
يرى بيسنت أن الميزانية العمومية «المنتفخة» لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، والتي نمت بشكل كبير جراء شراء سندات الخزانة والأوراق المالية خلال الأزمة المالية وجائحة «كوفيد-19»، تعكس تجاوز البنك المركزي لصلاحياته. ودعا إلى تقليل نفوذ الخبراء الفنيين في «الفيدرالي» على أسواق السندات الحكومية، لمنح وزارة الخزانة سيطرة أكبر.
وقد تبنى كيفن وورْش هذه الآراء في خطاب ألقاه مؤخراً. ومؤخراً، أوضح العديد من المرشحين الآخرين، بما في ذلك والر، خططهم لتقليص حجم حيازات «الفيدرالي» من الأصول.
مخاوف الاستقلالية وهجمات على الحكام
على الرغم من تركيز بيسنت على الميزانية، أوضح ترمب أن أهم معيار لاختيار بديل باول هو الاستعداد لخفض تكاليف الاقتراض بـ«قوة وعدوانية». وقد أدت هجمات الإدارة المتكررة على استقلالية البنك المركزي في تحديد أسعار الفائدة إلى إثارة قلق الأسواق، لكنها عززت التوقعات بأن الرئيس القادم للفيدرالي سيكون أكثر ميلاً لخفض الفائدة.
وتشهد الفترة الحالية هجمات مباشرة من المقربين من ترمب على مسؤولي «الفيدرالي». فقد شن روس فوت، مدير مكتب الإدارة والموازنة، حملة ضد ما وصفه بـ«الترميم الباهظ» لمقر «الفيدرالي» بتكلفة 2.5 مليار دولار. كما اتهم بيل بولتي، أحد أعضاء الدائرة المقربة من الرئيس، محافظة «الفيدرالي» ليزا كوك، وهي أول محافظة أميركية من أصل أفريقي، بالاحتيال في قروض الرهن العقاري، مما دفع ترمب إلى محاولة إقالتها. وقد نفت كوك التهم ورفعت دعوى قضائية ضد الرئيس، وسمحت المحكمة العليا لها الأسبوع الماضي بمواصلة العمل حتى يناير (كانون الأول) 2026 على الأقل.
