عامان على «إسناد غزة»... لبنان يختبر «ما بعد حزب الله» العسكري

نزع السلاح يرتبط بتشابك بين السياسة والاقتصاد والهوية الطائفية

مناصِرة لـ«حزب الله» تسير قرب موقع تعرّض لقصف إسرائيلي سابق في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال مظاهرة داعمة لإيران شهر يونيو الماضي (إ.ب.أ)
مناصِرة لـ«حزب الله» تسير قرب موقع تعرّض لقصف إسرائيلي سابق في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال مظاهرة داعمة لإيران شهر يونيو الماضي (إ.ب.أ)
TT

عامان على «إسناد غزة»... لبنان يختبر «ما بعد حزب الله» العسكري

مناصِرة لـ«حزب الله» تسير قرب موقع تعرّض لقصف إسرائيلي سابق في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال مظاهرة داعمة لإيران شهر يونيو الماضي (إ.ب.أ)
مناصِرة لـ«حزب الله» تسير قرب موقع تعرّض لقصف إسرائيلي سابق في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال مظاهرة داعمة لإيران شهر يونيو الماضي (إ.ب.أ)

يختبر لبنان في الذكرى السنوية الثانية لانخراط «حزب الله» بمعركة «إسناد ودعم غزة» 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مرحلة «ما بعد حزب الله» العسكري، وسط تعهدات داخلية بـ«حصرية السلاح»، ومطالب داخلية ودولية باحتكار الدولة قرار السلم والحرب.

ومنذ الثامن من أكتوبر 2023، تحوّل جنوب لبنان إلى ساحة مواجهة شبه يومية بين حزب الله وإسرائيل، إلا أن هذه المواجهات ظلت طوال أشهر محدودة وتحت سقف معين قبل أن تشهد تصعيداً تدريجياً من الطرفين، مما أدى إلى نزوح آلاف العائلات من القرى الحدودية ولانعكاسات اقتصادية كبيرة على البلد ككل الذي دخل في حالة استنفار دائم، مع مخاوف من توسّع الحرب، قبل أن تنفجر في سبتمبر (أيلول) 2024 وتتوقف في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

ويرى أستاذ القانون والسياسات الخارجية في باريس، الدكتور محيي الدين الشحيمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «حزب الله» وفريق الممانعة في لبنان، «اتخذ في 8 أكتوبر 2023 استناداً إلى قرار صادر عن مجلس شورى الحزب، ومن دون أي تشاور أو مفاوضة مع الدولة اللبنانية، قرار الدخول فيما سُمّيت (حرب الإسناد والإشغال). هذا القرار أدخل لبنان في دوامة من الويلات والمآسي على مستوى الدولة والسلطة، وانعكس بخسارة واضحة لـ(حزب الله) وفريق الممانعة، بدءاً من لبنان مروراً بسوريا وصولاً إلى إيران نفسها واليمن».

حصرية السلاح «معقَّدة»

لكن الاتفاق الذي يقول لبنان إنه نفذ ما عليه منه، وتخرقه إسرائيل، لم يُنهِ عملياً الضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة، والاغتيالات، على وقع مطالب دولية وداخلية بتنفيذ «حصرية السلاح» التي تعهدت بها الدولة اللبنانية، ويضع «حزب الله» شروطاً مقابل تسليمه.

ويرى المعارض الشيعي اللبناني جاد الأخوي أن «الانتقال إلى مرحلة إنهاء الوجود العسكري لـ(حزب الله) ليس عملية سريعة ولا سهلة؛ فهو يرتبط بتشابك عميق بين السلاح والسياسة والاقتصاد والهوية الطائفية». ويلفت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «تفكيك هذه المنظومة يحتاج إلى مسار طويل من الضغوط الداخلية والخارجية، وإلى بدائل سياسية وأمنية جدّية تعيد الثقة بالدولة ومؤسساتها».

من هنا، يضيف الأخوي: «يمكن القول إنّ (ما بعد الحزب العسكري) بدأ يتشكل كفكرة ونقاش، لكنّ تحوله واقعاً فعلياً قد يمر بمخاض صعب، يشمل مساومات داخلية وإقليمية، وربما محطات صدام قبل الوصول إلى دولة طبيعية».

مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في ذكرى اغتيال نصر الله ويرفعون صوره (أ.ف.ب)

وعمَّا إذا كان قبول «حماس» بخطة ترمب يُسهِّل عملية نزع أو تسليم سلاح «حزب الله» أو يعوقها، يرى الأخوي أن «قبول (حماس) بخطة ترمب، بما يتضمّنه من تسليم السلاح والانخراط في مسار سياسي، «سيترك تداعيات مباشرة على لبنان وسلاح الحزب. فقد يشكّل ذلك سابقة تضغط على الحزب، إذ يصبح السلاح خارج الدولة خياراً فاقداً للشرعية بعد أن تتخلى المقاومة الفلسطينية نفسها عنه. كما سيضع الحزب أمام حرج داخلي متزايد، في ظل مطالب لبنانية متصاعدة بإنهاء حالة الاستثناء وبسط سلطة الدولة».

ويضيف الأخوي: «لكن في المقابل، قد يستخدم (حزب الله) هذا التطور لتشديد تمسكه بسلاحه، مبرراً أنّ سقوط (حماس) هو الدليل على ضرورة بقاء قوته لمواجهة إسرائيل وحماية لبنان. وعليه، فإنّ السيناريو مزدوج والنتيجة ستتوقف على موازين القوى الإقليمية ومدى قدرة الدولة اللبنانية على التقاط الفرصة وتحويلها إلى مشروع سيادة حقيقي».

لبنان ما بعد «حزب الله»

من جهته، يرى الشحيمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ اليوم التالي لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار، دخل لبنان مرحلة جديدة يمكن وصفها بـ(لبنان ما بعد حزب الله)، أي ما بعد وجود ميليشيا مسلحة غير شرعية».

ويشير الشحيمي إلى أن «المخاض الذي يعيشه لبنان حالياً يعكس صعوبة انتقال (حزب الله) إلى حزب سياسي صرف، إذ ما زال يرى نفسه في جوهره مجموعة عسكرية تتفرع عنها كتل نيابية ووزارية وقاعدة مناصرين. ومع ذلك، صدّقت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على الاتفاق، وأصبح لبنان ملزماً أكثر من أي وقت مضى بتنفيذ القرارات الدولية، وباعتماد دبلوماسية ذكية وفاعلة تستعيد الثقة المفقودة بالدولة اللبنانية، وتتيح لها ممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل».

ويضيف: «لبنان اليوم، بعد أحداث (7 أكتوبر) وما تلاها من تحولات وهزائم لحركات اللادولة في المنطقة، يقف أمام منعطف مصيري؛ فإما أن يُحسن إدارة المرحلة الجديدة ليدخل مسار التعافي، وإما أن يواجه مزيداً من الأزمات والضغوط. والمرحلة الراهنة، كما يتضح، تتجه نحو ترسيخ مفهوم الدولة الواحدة ذات السيادة الكاملة على أراضيها، بعد انحسار نفوذ القوى الموازية واللاشرعية التي كانت تتحكم بعدد من العواصم ضمن محور الممانعة».


مقالات ذات صلة

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

المشرق العربي أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تُطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

تقدمت النائبة غادة أيوب بسؤال إلى الحكومة «حول قيام (حزب الله) بإنشاء هذا المجمع خارج أي إجراء رسمي واضح» في وقت لا تزال فيه المعلومات بشأنه ساكنيه غير واضحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح خطف جهاز «الموساد» الإسرائيلي النقيب اللبناني المتقاعد أحمد شكر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)

وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

دعا وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

أكَّد مسؤولانِ يمنيان أنَّ القرارات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تمثل تحولاً سياسياً مفصلياً يهدف إلى حماية المركز القانوني للدولة ومنع تفكّكها، في لحظة إقليمية وأمنية بالغة الحساسية.

وقالَ بدر باسلمة، مستشار رئيس المجلس، إنَّ اليمن يشهد محاولة جادة لـ«هندسة عكسية» تعيد للدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي، وفي مقدمته الموقف السعودي.

من جهته، شدّد متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني على أنَّ القرارات استندت إلى صلاحيات دستورية لمواجهة أخطار داهمة تهدّد وحدة البلاد، محذراً من تكرار نماذج استخدام السّلاح خارج إطار الدولة.

وأكّد بازياد أنَّ دعم السعودية يأتي في سياق حماية الاستقرار، وخفض التصعيد، وصون الأمن يمنياً وإقليمياً، بما يتَّسق مع مخرجات الحوار الوطني ومسار السلام.


استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
TT

استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

أنهى البرلمان العراقي سريعاً أزمة سياسية، أمس، بعد استكمال انتخاب رئيسه ونائبيه، وذلك بالتصويت للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فرهاد الأتروشي، نائباً ثانياً لرئيس البرلمان، بعد جولة ثالثة من التصويت.

جاء الحسم عقب استبدال الحزب الديمقراطي مرشحَه السابق شاخوان عبد الله، الذي أخفق خلال جولتين متتاليتين في نيل الأغلبية المطلقة.

واكتمل عقد رئاسة المجلس، بعد انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً للبرلمان بـ208 أصوات، وفوز عدنان فيحان بمنصب النائب الأول بـ177 صوتاً.

وعقب إعلان النتائج، تسلَّمتِ الرئاسة الجديدة مهامَّها رسمياً، وأعلن الحلبوسي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إيذاناً ببدء الاستحقاقات الدستورية التالية التي تنتهي بمنح الثقة لرئيس الحكومة الذي من المقرر أن يختاره تحالف الإطار التنسيقي الشيعي، الذي أعلن نفسه، رسمياً، الكتلة الكبرى في البرلمان.


الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه قتل رجلاً حاول دهس مجموعة من الجنود بسيارته في شمال الضفة الغربية المحتلة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الجيش، في بيان: «ورد بلاغ عن إرهابي حاول دهس جنود من الجيش الإسرائيلي كانوا ينفّذون نشاطاً في منطقة عينابوس»، مضيفاً أنه «ردّاً على ذلك، أطلق الجنود النار على الإرهابي وتم تحييده».

ولم يقدّم البيان تفاصيل إضافية عن الحادث الذي وقع بعد أيام من إقدام مهاجم فلسطيني على قتل رجل وامرأة إسرائيليين دهساً وطعناً، قبل أن يُقتل، في الضفة الغربية المحتلة.

وعقب ذلك الحادث، الذي وقع الجمعة، نفّذ الجيش عملية استمرت يومين في بلدة قباطية، التي ينحدر منها المنفّذ، واعتقل عدداً من سكانها، بينهم والده وإخوته.

وارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة إثر الهجوم الذي شنّته «حماس» على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومذاك، قُتل ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

ومنذ بداية الحرب في غزة، قُتل ما لا يقل عن 44 شخصاً، بينهم أجنبيان، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية.