القوات الأميركية والمطارات في مهب عاصفة الإغلاق الحكومي

تحذيرات من فراغ أمني بسبب نقص الكوادر

مطار هوليوود بيربانك في كاليفورنيا في 6 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)
مطار هوليوود بيربانك في كاليفورنيا في 6 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

القوات الأميركية والمطارات في مهب عاصفة الإغلاق الحكومي

مطار هوليوود بيربانك في كاليفورنيا في 6 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)
مطار هوليوود بيربانك في كاليفورنيا في 6 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

مع دخول الإغلاق الحكومي يومه الثامن وغياب أي مؤشرات على انفراج قريب، بدأت ملامح الإغلاق تنعكس تدريجياً على المرافق الحيوية الأميركية، لتطول بشكل مباشر مئات الآلاف من الأميركيين على رأسهم القوات الأميركية.

مطارات في دائرة الخطر

ومع الجمود السياسي وتراشق الاتهامات الحزبية، بدأت حركة الملاحة في المطارات تشهد تباطؤاً ملحوظاً نظراً للنقص في عدد الموظفين المسؤولين عن مراقبة الحركة الجوية. وقد أدى هذا النقص إلى تأخير أكثر من 3 آلاف رحلة في مطارات بارزة على رأسها مطار شيكاغو الدولي. وشهد مطار هوليوود بيربانك في ولاية كاليفورنيا غياباً تاماً للمراقبين الجويين من الساعة الرابعة والربع بعد الظهر حتى العاشرة ليلاً في السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، بسبب نقص في عدد الموظفين الناتج عن الإغلاق الحكومي المستمر.

إلغاء مئات الرحلات بسبب النقص في عدد المراقبين الجويين في 6 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

ويحذر المسؤولون من أن هذه الأزمة ستلحق بمطارات أخرى منها مطار ريغان القريب من الكابيتول الذي عادة ما يستعمله المشرعون للسفر إلى ولاياتهم. هذا المطار كان قد شهد في 29 يناير (كانون الثاني) من هذا العام حادثة تصادم بين مروحية عسكرية وطائرة مدنية تعود أسبابها جزئياً للنقص في عدد المراقبين الجويين. وفيما يتبادل السياسيون الاتهامات حيال مسؤولية كل طرف عن الإغلاق الحكومي، تتزايد المخاوف من تصاعد الأزمة مع مرور الوقت، فهناك أكثر من 13 ألف مراقب جوي و50 ألف موظف من إدارة أمن المواصلات، المسؤولة عن تفتيش المسافرين، يجب أن يتوجهوا إلى أعمالهم من دون رواتب إلى أن يصوّت الكونغرس لإعادة فتح المرافق الحكومية، ويتخوف وزير المواصلات شون دافي من أن يعمد هؤلاء إلى عدم الذهاب إلى أعمالهم بداعي المرض مع خسارتهم مصدر دخلهم الأساسي ما قد يضطرهم إلى اتخاذ وظائف أخرى تضمن معيشتهم. وعن هذا قال دافي إن وزارته تضع السلامة على رأس أولوياتها، مؤكداً أنها ستسعى إلى التخفيف من حركة الملاحة الجوية في حال تدهور الأمور.

القوات الأميركية في عين العاصفة

سيتخلف البنتاغون عن تسديد رواتب العناصر الأميركية في حال استمرار الإغلاق (د.ب.أ)

لكن حركة المطارات ما هي إلا جزء من المشكلة التي ستتراكم وتتفاعل كلما طال أمد الإغلاق، ولعلّ ما يؤرق نوم المشرعين والبيت الأبيض هو تاريخ الـ15 من أكتوبر، حين ستتخلف الحكومة عن تسديد رواتب عناصر القوات الأميركية في حال عدم التوصل إلى حل بهذا الشأن. فالإغلاق هذه المرة وعلى خلاف عام 2018 يشمل كل المرافق بما فيها البنتاغون، هذا يعني أن نحو مليون عنصر في مناطق الصراع، بالإضافة إلى الحرس الوطني المنتشر في أنحاء البلاد لن يتقاضوا رواتبهم، وهذا بحد ذاته قد يشكل نقطة تحول في مرحلة الجمود السياسي التي حالت دون التوصل إلى تسويات تؤدي إلى إقرار التمويل. فالرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يصر على تحميل الديمقراطيين مسؤولية الإغلاق، تعهد أمام مجموعة من البحارة الأميركيين مطلع الأسبوع بالحرص على تسديد رواتب القوات الأميركية، لكن هذا التعهد صعب المنال والخيارات محدودة. من هذه الخيارات أن يعمد البنتاغون إلى تجيير 150 مليار دولار من التمويل الذي وافق عليه الكونغرس وتخصيصه للرواتب.

قيادات عسكرية في قاعدة كوانتيكو في 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

خيار آخر يسعى بعض الديمقراطيين لطرحه هو أن يصوت الكونغرس على مشروع منفصل يضمن تمويل البنتاغون، لكنه خيار غير مضمون، فهو يعني توافق الديمقراطيين والجمهوريين على حل في هذا الإطار، ويرى الحزب الجمهوري أن التجاوب مع هذا الطلب وإقرار مشروع تمويل منفصل للبنتاغون من شأنه أن يخفف من الضغط على الديمقراطيين للتنازل عن مطالبهم والتصويت على تمويل كل المرافق الحكومية.

ولهذا يقول زعيم الجمهوريين في الشيوخ جون ثون إن النسخة التي أقرها مجلس النواب قبل مغادرته واشنطن تضمن تمويل كل الحكومة وينبغي للديمقراطيين التصويت عليها لحل الأزمة. من ناحيتهم، يسلط الديمقراطيون الضوء على واقع مثير للاهتمام، وهو أن رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون لم يستدعِ المجلس للانعقاد منذ أن بدأ الإغلاق الحكومي، وقد كتب عدد منهم رسالة له يطالبونه فيها بعقد الجلسات للتصويت على تمويل البنتاغون.

الموظفون الفيدراليون «كبش الفداء»

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكو في 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

وبانتظار التاريخ المذكور، يحبس مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين أنفاسهم وهم يراقبون المشهد السياسي المحتدم. فعلى خلاف العناصر العسكرية، هؤلاء الموظفون هم عرضة كي يكونوا كبش فداء لهذا النزاع الحزبي، خاصة أن ترمب حذر من رفع الغطاء عنهم وطرد البعض منهم. كما أنه لوّح بعدم تسديد رواتبهم عبر مفعول رجعي كما جرت العادة بعد إعادة فتح المرافق الحكومية، وهو قرار ستتصدى له المحاكم في حال حصوله، لكن إدارة ترمب ليست بغريبة عن مشهد المواجهة مع القضاء وتحدي الأعراف المؤسساتية الراسخة.


مقالات ذات صلة

إدارة ترمب تستعيد سفراء لا تعدهم ضمن «أميركا أولاً»

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية ماركو روبيو (أ.ب)

إدارة ترمب تستعيد سفراء لا تعدهم ضمن «أميركا أولاً»

استردت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب نحو 30 سفيراً من بعثاتها الدبلوماسية حول العالم، في جهودها لفرض التزام الأجندة الرئاسية «أميركا أولاً».

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)

ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

حرَّكت موجة الإفراج الأخيرة عن مزيد من وثائق إبستين مزيداً من ردود الفعل الشاجبة من الديمقراطيين وقاعدة ترمب الشعبية، وهدَّد بعض النواب بـ«معاقبة» وزيرة العدل.

رنا أبتر (واشنطن)
العالم وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن (أرشيفية - رويترز)

رئيس وزراء غرينلاند «حزين» لتجدد اهتمام ترمب بالاستحواذ على الجزيرة

​قال رئيس وزراء غرينلاند، ينس-فريدريك نيلسن، الثلاثاء،  إنه يشعر بـ«الحزن» ‌إزاء تعبير ‌الرئيس ⁠الأميركي ​دونالد ‌ترمب مجدداً عن اهتمامه بالاستحواذ على الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن )
خاص ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

خاص ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

لا للحروب الأبدية، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عرض تصوّري للسفينة «يو إس إس ديفاينت» المقترحة من «فئة ترمب» خلال إعلان الرئيس الأميركي مبادرة «الأسطول الذهبي» للبحرية الأميركية (أ.ف.ب)

«فئة ترمب»... الرئيس الأميركي يكشف عن السفينة الحربية «الأقوى»

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الاثنين)، خططاً لإطلاق فئة جديدة من السفن الحربية تحت اسم «فئة ترمب»، وهو تقليد عادة ما يخصص للقادة الذين غادروا مناصبهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إدارة ترمب تستعيد سفراء لا تعدهم ضمن «أميركا أولاً»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً ويبدو وزير الخارجية ماركو روبيو خلفه (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً ويبدو وزير الخارجية ماركو روبيو خلفه (أ.ف.ب)
TT

إدارة ترمب تستعيد سفراء لا تعدهم ضمن «أميركا أولاً»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً ويبدو وزير الخارجية ماركو روبيو خلفه (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب متحدثاً ويبدو وزير الخارجية ماركو روبيو خلفه (أ.ف.ب)

أمرت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، زهاء 30 سفيراً من بعثاتها حول العالم بالعودة إلى الولايات المتحدة خلال أسابيع، مكثفةً جهودها لفرض التزام الأجندة الرئاسية «أميركا أولاً»، رغم أنها تُحدث فراغاً كبيراً في السلك الدبلوماسي الأميركي.

وبدءاً من الأسبوع الماضي، تلقت مجموعة محددة من السفراء في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية وأوروبا اتصالات هاتفية من وزارة الخارجية في واشنطن العاصمة تأمرهم بإخلاء مناصبهم بحلول منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل. ولم يقدم هذا الاتصال أي تفسير للاستدعاء، وشمل 30 من الدبلوماسيين المحترفين الذين خدموا في عهود رؤساء جمهوريين وديمقراطيين. ولكن جميع السفراء الذين جرى استدعاؤهم تلقوا ترقياتهم الأخيرة في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وصادق مجلس الشيوخ على تعيينهم.

وأثار هذا التوجيه غضب موظفي وزارة الخارجية الذين يرون أنه سيترك سفارات رئيسية من دون قيادة، ويمكن أن ينهي فعلياً مسيرة عديد من السفراء الذين لن يُمنحوا سوى 90 يوماً لإيجاد وظائف جديدة في الوزارة، وهو أمر بالغ الصعوبة في ظل محدودية المناصب الرفيعة المتاحة حالياً.

«رسالة خطيرة»

وأكدت نقابة الدبلوماسيين المحترفين أن هذه هي المرة الأولى التي يُستدعى فيها دبلوماسيون محترفون يشغلون مناصب سفراء أو رؤساء بعثات بهذا الشكل الجماعي. وقالت الناطقة باسم رابطة الخدمة الخارجية الأميركية نيكي غامر: «أفاد المتضررون بتلقيهم إخطارات مفاجئة، عادة عبر الهاتف، من دون أي توضيح. هذه الطريقة غير مألوفة على الإطلاق». وأضافت أن «غياب الشفافية والإجراءات يتعارض بشكل صارخ مع الأعراف الراسخة» في وزارة الخارجية، منبهةً إلى أن «إقالة هؤلاء الدبلوماسيين الكبار من دون سبب أو مبرر توجه رسالة خطيرة» لأنها «توحي لموظفينا العموميين بأن الولاء للوطن لم يعد كافياً، وأن الخبرة والقسم بالدستور يتراجعان أمام الولاء السياسي». ولفتت إلى أنه بعد مراجعة أرشيفاتها، فإن الرابطة «يمكنها أن تؤكد بشكل قاطع أن مثل هذا الاستدعاء الجماعي لم يحدث قط منذ تأسيس السلك الدبلوماسي بشكله الحالي».

ورد مسؤول رفيع في وزارة الخارجية بأن «هذا إجراء معتاد في أي إدارة»، موضحاً أن «السفير هو الممثل الشخصي للرئيس، ومن حق الرئيس ضمان وجود أفراد في هذه الدول يدعمون أجندة: أميركا أولاً».

محترفون ومعيَّنون سياسياً

ويوجد نوعان من السفراء: الدبلوماسيون المحترفون، وأولئك المعينون سياسياً. وغالباً ما يكون المعينون سياسياً من المتبرعين أو أصدقاء الرئيس، ويتوقع أن يقدموا استقالاتهم مع بداية ولاية الإدارة الجديدة. وحصل ذلك بالفعل عندما تولى ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، حين قَبِلَ الاستقالات فوراً. ومع ذلك، لا يُعدّ هذا هو المعتاد للدبلوماسيين المحترفين، الذين غالباً ما يخدمون لسنوات في الإدارة الجديدة. ولم تُقدم إدارة ترمب أي سبب للاستدعاءات ولم تُعلنها رسمياً.

وتداولت وسائل الإعلام قائمة غير رسمية للدبلوماسيين الذين استردتهم الإدارة، تُظهر استدعاء سفراء من مختلف أنحاء العالم، مع توجيه نحو 12 سفيراً لمغادرة مناصبهم في أفريقيا جنوب الصحراء. وأكد عدد من الدبلوماسيين دقة القائمة إلى حد كبير. ولم يُعيّن ترمب مرشحين لعدد من مناصب السفراء الشاغرة في أفريقيا جنوب الصحراء. وتشهد عشرات السفارات الأميركية حول العالم شغوراً في مناصب السفراء. وفي هذه الحالات، يتولى نائب رئيس البعثة، وهو عادةً دبلوماسي محترف، مهمات رئيس البعثة.

وحذر مسؤولون سابقون من أن يُؤدي هذا الاستدعاء الجماعي إلى مزيد من التراجع في معنويات الدبلوماسيين المحترفين العاملين تحت قيادة وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي أشرف هذا العام على «إعادة هيكلة» للوزارة، معلناً في يوليو (تموز) الماضي تسريح نحو 1300 موظف، بينهم 264 دبلوماسياً.

في وقت ما من هذا العام، أُبلغ نحو 12 دبلوماسياً محترفاً رفيع المستوى، ممن كانوا قد عُيّنوا قبل بدء إدارة ترمب نواباً لرؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج، بأنهم لن يحتفظوا بتلك الوظائف. وكان معظمهم من النساء أو من ذوي البشرة الملونة.


قضاة جدد في غوانتانامو يتسلمون قضية «أحداث 11 سبتمبر»

مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
TT

قضاة جدد في غوانتانامو يتسلمون قضية «أحداث 11 سبتمبر»

مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)

عادت القضية المرفوعة ضد الرجال المتهمين بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية عام 2001 إلى مسار العمل مدة وجيزة هذا الأسبوع، حيث رفض 3 من المتهمين المشاركة في مجريات المحاكمة، في وقت يسعون فيه لإعادة تفعيل صفقة «إقرار بالذنب» تُنهي القضية بصدور أحكام بالسجن مدى الحياة. وهذه أول مرة منذ نحو عام تُعقد فيها جلسات استماع في القضية، وبرئاسة قاضٍ جديد.

المقدم مايكل شراما أصبح القاضي الخامس الذي يرأس قضية اللجنة العسكرية في «غوانتانامو» (القوات الجوية الأميركية)

وجلس خالد شيخ محمد، المتهم بأنه العقل المدبر للهجوم الدامي، والمتهمان الآخران معه وليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي، ومحاموهم، بهدوء بالغ أمام القاضي، المقدم مايكل شراما، ومن دون أي تفاعل.

وقال محاموهم، في مذكرات قضائية وجلسات علنية، إن التصرف بخلاف ذلك قد يعرضهم لخطر انتهاك «اتفاقية الإقرار بالذنب» التي توصلوا إليها في يوليو (تموز) 2024 مع مسؤول رفيع في البنتاغون لتجنب محاكمة قد تفضي إلى عقوبة الإعدام. وكان قضاة في محكمة الاستئناف الأميركية لمقاطعة كولومبيا قد أعلنوا هذا الصيف «بطلان العقد» في حكم صدر بأغلبية صوتين مقابل صوت واحد، وهو الحكم الذي يستأنف ضده المتهمون.

وقال الكولونيل شراما، الذي أصبح القاضي الخامس الذي يرأس قضية اللجنة العسكرية هذه: «أتفهم موقفكم الحالي». ويُتهم الرجال الثلاثة ومعهم متهم رابع، وهو عمار البلوشي، بالتآمر في عمليات الاختطاف التي أسفرت عن مقتل نحو 3 آلاف شخص في 11 سبتمبر 2001.

وبناء على التقدم الضئيل المحرز والاستئنافات الجارية، فإنه لا توجد فرصة تذكر لبدء المحاكمة قبل الذكرى الـ25 للهجمات، أو حتى خلال عام 2026 بأكمله.

قضية تفجير المدمرة «كول»

معسكر «دلتا» في «غوانتانامو» حيث يحتجز سجناء من «القاعدة» و«طالبان» (غيتي)

أما قضية عقوبة الإعدام الأخرى في غوانتانامو، وهي الأقدم على الإطلاق والمتعلقة بتفجير تنظيم «القاعدة» المدمرة البحرية «كول»، فقد حُدد 1 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لبدئها. وقد حجز القاضي في تلك القضية قاعة المحكمة الوحيدة التي تحتوي منصة مُحلّفين كبيرة بما يكفي لاستيعاب محاكمة عقوبة الإعدام حتى تاريخ 11 ديسمبر (كانون الأول) 2026.

وقد استمرت «قضية 11 سبتمبر» لفترة طويلة للغاية، لدرجة أن القاضي الأحدث، الكولونيل شراما، انضم إلى القوات الجوية بعد أول ظهور لخالد شيخ محمد والآخرين أمام المحكمة، وذلك بعد سنوات قضوها في سجون سرية تابعة لـ«وكالة المخابرات المركزية». كان الكولونيل شراما طالباً في جامعة جورج تاون عندما اصطدم الخاطفون بطائرات ركاب بمبنى البنتاغون، الذي يبعد نحو 4 أميال عن الجامعة، بالإضافة إلى مركز التجارة العالمي، وحقل في ولاية بنسلفانيا.

وقال شراما إنه يتذكر أن «ذلك اليوم كان مأساوياً»، وأضاف أنه «شعر بالأسى تجاه الأشخاص المرتبطين بأحداث ذلك اليوم وتجاه من فقدوا أحباءهم». لكنه أكد قدرته على رئاسة القضية بنزاهة وحياد.

وأوضح أن التأثير الوحيد للهجوم عليه كان «الظروف التي مر بها الجميع، مثل الإجراءات الأمنية المشددة في المطارات، وإغلاق الشوارع في واشنطن العاصمة». وفي جامعة جورج تاون، كان الكولونيل شراما لاعباً أساسياً في خط الدفاع بفريق كرة القدم التابع للجامعة. وكشف القاضي عن أن لاعباً سابقاً في جورج تاون، وهو جوزيف إيكوباتشي (26 عاماً)، قد قُتل في الهجوم، وعن أن أحد أعضاء الفريق يرتدي قميصاً يحمل الرقم نفسه لقميص إيكوباتشي «تخليداً لذكراه»، بينما لم يفعل القاضي ذلك. وكان إيكوباتشي يعمل وسيطاً في شركة «كانتور فيتزجيرالد» للوساطة المالية بمركز التجارة العالمي، ويحل اسمه في المرتبة الـ772 بقائمة ضحايا الهجوم الواردة ضمن لائحة اتهام اللجنة العسكرية، التي تضم 2976 ضحية.

وقد شارك محامو البلوشي في الإجراءات من خلال طرح أسئلة على القاضي بشأن خبرته القانونية. وتتخذ قضية البلوشي مساراً مختلفاً؛ لأنه لم يتوصل قط إلى اتفاق لتخفيف العقوبة (صفقة الإقرار بالذنب). لكن هناك استئنافاً آخر جارياً في قضيته، وهذه المرة من قبل المدعين العامين؛ ففي أبريل (نيسان) الماضي، أبطل القاضي السابق الاعترافات المنسوبة إلى البلوشي، وحكم بأنها انتزعت تحت التعذيب والعزل خلال سنوات احتجازه في السجون السرية لـ«وكالة المخابرات المركزية».

سجين داخل معسكر «دلتا» في «غوانتانامو» (أرشيفية)

ورداً على سؤال من الملازم ماثيو بيرنز، محامي البلوشي، قال الكولونيل شراما إنه ليست لديه خبرة سابقة في قضايا عقوبة الإعدام، لكنه حضر قبل أسبوع دورة خاصة للقضاة بشأن كيفية إدارة القضايا التي تنطوي على عقوبات قصوى.

أما المتهم الخامس، رمزي بن الشيبة، فقد مثل في جلسة منفصلة يوم الأربعاء الماضي أمام قاضٍ آخر هو الكولونيل توماس هينز من الجيش.

وكانت قضية بن الشيبة قد فُصلت عن قضايا بقية المتهمين في عام 2023 بناء على نتائج لجنة طبية عسكرية؛ حيث أعلن قاضي المحاكمة السابق أن ابن الشيبة غير مؤهل عقلياً للمثول أمام المحكمة، وهي حالة يعزوها محاميه إلى التعذيب الذي تعرض له على يد «وكالة المخابرات المركزية». وقد حدد الكولونيل هينز جلسة استماع يوم الجمعة لبدء معالجة مسألة ما إذا كانت «الأهلية القانونية» للسجين قد استُعيدت، رغم عدم تلقيه أي علاج خلال الفترة الماضية. كانت هذه الجلسات أول مرة يترأسها 3 قضاة في الأسبوع نفسه، منذ أن بدأ معتقل «غوانتانامو» النظر في قضيتي عقوبة إعدام في عام 2012.

وقد استخدم الكولونيل ماثيو فيتزجيرالد، الذي يترأس قضية تفجير المدمرة «كول»، قاعة محكمة صغيرة للاستماع إلى شهادات شهود بشأن «أقوال منقولة» يرغب الادعاء في استخدامها في محاكمة عبد الرحيم النشيري. ويُتهم النشيري بالتخطيط للهجوم الانتحاري الذي فجّر المدمرة «كول» قبالة سواحل اليمن في 12 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000؛ مما أسفر عن مقتل 17 بحاراً أميركياً وإصابة العشرات الآخرين. كما استمع القاضي إلى شهادات بشأن محدودية الرعاية الصحية في غوانتانامو، وهي قاعدة تضم نحو 4 آلاف شخص، ومستشفى صغيراً؛ حيث قيل إن عملية الإجلاء الطبي لشخص ما من هذه القاعدة النائية في جنوب شرقي كوبا قد تستغرق ما بين 10 ساعات و30 ساعة.

وتتركز نقطة الخلاف الحالية على ما إذا كان ينبغي على القاضي عقد جلسات استماع بينما تمارس محامية الدفاع المختصة في قضايا الإعدام، أليسون ميلر، عملها من ملحق في كريستال سيتي بولاية فيرجينيا، بدلاً من الوجود في قاعة المحكمة نفسها. وكانت ميلر قد شُخصت بإصابتها بجلطة رئوية في وقت سابق من هذا العام، ونُصحت بعدم الحضور داخل القاعدة النائية في كوبا حتى تستقر حالتها، وهو أمر قد يستغرق أشهراً عدة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


وثائق قضائية أميركية: ترمب استخدم طائرة إبستين الخاصة أكثر مما كان مُعلناً

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
TT

وثائق قضائية أميركية: ترمب استخدم طائرة إبستين الخاصة أكثر مما كان مُعلناً

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)

كشفت وثائق قضائية أميركية أُفرج عنها حديثاً، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سافر على متن الطائرة الخاصة للممول الراحل جيفري إبستين مرَّات تفوق ما كان معروفاً سابقاً، من بينها رحلة ضمَّت امرأة في العشرين من عمرها، وفق ما ورد في سجلات رسمية نشرتها وزارة العدل الأميركية.

ووفقاً لصحيفة «تلغراف» تُظهر الملفات التي أُفرج عنها خلال الساعات الماضية، ورود اسم ترمب مئات المرات في سياق التحقيقات، بما في ذلك إشارات متكررة إلى استخدامه طائرة إبستين الخاصة خلال تسعينات القرن الماضي.

وجاء في مذكرة أعدَّها مساعد مدعٍ عام أميركي في نيويورك، أن «سجلات الرحلات التي جرى تسلُّمها تُظهر أن ترمب سافر على متن طائرة إبستين مرات أكثر بكثير مما أُعلن سابقاً، أو مما كان معروفاً لدى جهات التحقيق»؛ مشيراً إلى أن بعض هذه الرحلات تزامنت مع فترة كانت السلطات تتوقع فيها توجيه اتهامات في إطار قضية غيسلين ماكسويل، الشريكة السابقة لإبستين.

وحسب الوثائق، أُدرج ترمب كراكب في 8 رحلات بين عامي 1993 و1996، كان إبستين حاضراً في 4 منها. وأشارت السجلات إلى أن إحدى الرحلات عام 1993 ضمَّت ترمب وإبستين فقط، بينما شملت رحلة أخرى شخصاً ثالثاً يبلغ من العمر 20 عاماً، جرى حجب اسمه في الوثائق المنشورة.

ونُشرت الدفعة الأحدث من هذه الملفات التي يتجاوز عددها 10 آلاف وثيقة، بعد ظهر يوم الاثنين، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، قبل أن تُسحب مؤقتاً ثم تُعاد إتاحتها مجدداً صباح الثلاثاء، على الموقع الرسمي لوزارة العدل.

كما أظهرت الوثائق أن مذكرة استدعاء قانونية وُجِّهت إلى منتجع «مارالاغو» في بالم بيتش، المملوك لترمب، لطلب سجلات تتعلق بالقضية الحكومية ضد ماكسويل. وأفادت الملفات أيضاً بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI)) قد تلقَّى بلاغات بشأن علاقة ترمب بإبستين، إضافة إلى معلومات عن حفلات أُقيمت في ممتلكات للطرفين خلال أوائل العقد الأول من الألفية، من دون أن يتضح ما إذا كانت قد أُجريت تحقيقات لاحقة على أساس تلك البلاغات.

وفي سياق متصل، كشفت مذكرة أخرى من 22 صفحة أرسلتها الدائرة الجنائية في وزارة العدل الأميركية إلى السلطات البريطانية، عن طلب لإجراء مقابلة مع «شاهد مادي يُشار إليه بـحرفَي PA»، في إشارة إلى الأمير أندرو، حسبما أوردته صحيفة «واشنطن بوست».

ولا تعني الإشارة إلى الأسماء الواردة في هذه الوثائق بالضرورة وجود مخالفات جنائية؛ إذ لم تُوجَّه إلى ترمب أي اتهامات تتعلق بالمشاركة في أنشطة إبستين غير القانونية. غير أن الديمقراطيين اتهموا إدارة ترمب، الأسبوع الماضي، بمحاولة التستر، بعد أن تضمنت الدفعة الأولى من الوثائق إشارات محدودة جداً إلى الرئيس الأميركي.

وكان ترمب قد أكد مراراً في تصريحات سابقة أنه لم يكن على علاقة وثيقة بإبستين، وزعم أنه منعه من دخول منتجع «مارالاغو». إلا أن تقارير صحافية تعود إلى تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة أشارت إلى وجود علاقة اجتماعية بين الرجلين، وسبق أن وصف ترمب إبستين حينها بأنه «رجل رائع».

يُذكر أن جيفري إبستين، المدان بجرائم جنسية، توفي عام 2019 خلال احتجازه في أحد السجون الأميركية بانتظار محاكمته بتهم الاتجار الجنسي. وخلصت التحقيقات الرسمية إلى أن الوفاة كانت نتيجة انتحار، بينما تتضمن الوثائق الجديدة مراسلات بين مسؤولي السجون بشأن حالته النفسية قبل وفاته بأسابيع.

وبدأت وزارة العدل نشر هذه الوثائق عقب إقرار الكونغرس قانوناً يُلزم بالكشف عنها، رغم معارضة ترمب لهذه الخطوة في البداية، قبل أن يوقِّع القانون في ظل انتقادات من داخل حزبه الجمهوري.