«شروط الترشّح للرئاسة» الليبية تنذر بعودة التوتر بين البرلمان و«الدولة»

بعد اعتماد توصيات لإدخال تعديلات على القوانين الانتخابية

اجتماع لهيئة مكتب المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
اجتماع لهيئة مكتب المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
TT

«شروط الترشّح للرئاسة» الليبية تنذر بعودة التوتر بين البرلمان و«الدولة»

اجتماع لهيئة مكتب المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
اجتماع لهيئة مكتب المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

يبدو أن الخلاف بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا يتجه للتجدد، بعدما اعتمد الأخير تقرير اللجنة المكلّفة قييم «خريطة الطريق» الأممية، الذي تضمن توصيات لإدخال تعديلات على القوانين الانتخابية، أهمها إعادة التأكيد على استبعاد العسكريين، ومزدوجي الجنسية والمطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية من الترشح للرئاسة.

ورغم أن هذه التوصيات غير ملزمة، وتنتظر التشاور مع البرلمان وبعثة الأمم المتحدة، فإن مضامينها قد تحمل رسائل سياسية واضحة حول الرغبة في إقصاء شخصيات بارزة، وفي مقدمتهم قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (مركزه الإعلامي)

ويتوقع مراقبون أن يرفض البرلمان هذه التوصيات؛ ما قد يهدد بنسف التفاهمات الأخيرة بين المجلسين بشأن تنفيذ الخريطة الأممية، ويعيد التجاذبات القديمة، التي عطّلت المسار الانتخابي لسنوات بسبب الخلاف حول شروط الترشح للرئاسة.

ومقابل هذه الشكوك والتخوفات التي اقتربت من الاتهامات بـ«العرقلة»، دافع أعضاء في المجلس الأعلى للدولة عن خيارهم، مؤكدين أن الهدف ليس الإقصاء، بل ضبط الشروط، بما يتماشى مع المعايير المتبعة في أغلب القوانين الانتخابية في العالم، على حد وصفهم، والتي تشترط حياد المؤسسة العسكرية، ووحدة الجنسية لضمان نزاهة العملية السياسية.

في هذا السياق، أوضح النائب الأول لرئيس الأعلى للدولة، حسن حبيب، أن «المقترحات الواردة في التقرير تمثل وجهة نظر مجلسه»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «البحث جارٍ عن آلية للتشاور مع البرلمان بشأنها».

كما أكد حبيب تبنّي تقرير لجنة مجلسه لبعض المعالجات، التي طرحتها اللجنة الاستشارية التي كانت البعثة الأممية قد شكّلتها لحلّ القضايا الخلافية في الإطار الانتخابي، وفي مقدمتها «فصل نتائج الانتخابات البرلمانية عن الرئاسية، وإلغاء التزامن بين إجراء كل منهما». مشيراً إلى أن مجلسه اختلف مع توصيات أخرى قدمتها اللجنة الاستشارية، وتمسك «برفض ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها في الغرب الليبي، والأخرى مكلّفة من البرلمان، ومدعومة من «الجيش الوطني» برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.

بدوره، أشار عضو الأعلى للدولة، محمد معزب، إلى أن «رفض ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية يمثل موقفاً ثابتاً لدى كتلة واسعة من أعضاء مجلسه، ولم يتغير على مدار سنوات».

المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني (الجيش الوطني)

وقلّل معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من المخاوف من «رفض البرلمان تلك التعديلات، وأن يكون من تداعيات ذلك نسف التفاهمات التي أُنجزت مؤخراً بينه وبين الأعلى للدولة». مؤكداً أن «مجلسه لا يهدف لإقصاء شخصيات سياسية معينة؛ فالقوانين الانتخابية في عدد كبير من دول العالم تستبعد مزدوجي الجنسية من الترشح للرئاسة»، مضيفاً أن المجلس الأعلى للدولة «لم يُغلق الباب أمام أحد؛ إذ يمكن لمزدوجي الجنسية التخلي عن جنسيتهم الأجنبية، ويمكن للعسكريين الاستقالة قبل الترشح للرئاسة بوقت كاف».

ورداً على مقترح اللجنة الاستشارية الأممية، الذي يسمح بإثبات بدء إجراءات التخلي عن الجنسية بعد إعلان النتائج الأولية، قال معزب: «على كل مترشح أن يكون مؤهلاً وقت تقديم أوراقه لا بعد فوزه»، مشيراً إلى أن «التخلي عن بعض الجنسيات الأجنبية، كالأميركية والبريطانية، يتطلب وقتاً طويلاً».

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

ويرى معزب أن «بعض نواب البرلمان قد يتفقون مع موقف مجلسه، بينما على الآخرين تبرير رفضهم»، موضحاً أن «تقرير لجنة (خريطة الطريق) بمجلسه سيُرسل إلى البعثة الأممية، ومنها إلى البرلمان، مع استعداد (الأعلى) للتفاوض مرناً بشأنه».

في المقابل، توقع عضو مجلس النواب الليبي، عمار الأبلق، «تجدد الخلافات بين المجلسين حول شروط الترشح للرئاسة؛ ما يعني العودة إلى نقطة البداية».

وقال الأبلق لـ«الشرق الأوسط» إن «الأفضل كان ترك الأمر للتنسيق بين لجنة (6+6) واللجنة الاستشارية الأممية بشأن البنود الخلافية، بدلاً من ترك الأمر للمجلسين مجدداً». ولفت إلى ما «تعانيه الأزمة الليبية من تعقيد بسبب أن أبرز الوجوه التي تعتزم خوض السباق الرئاسي، سواء في شرق البلاد أو غربها، تُعدّ من القوى الفاعلة على الأرض بامتلاكها مجموعات مسلحة، وإقصاء أي طرف منهم سيغضب أنصارهم؛ ما يهدد سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها».

وبرأيه، فإن «صياغة القوانين واستبعاد العسكريين ومزدوجي الجنسية لم تأت بمعزل عن الحسابات السياسية، بل تُوظَّف عملياً لإقصاء أسماء بعينها»، وسلّط الضوء في السياق ذاته على أن تبنّي الأعلى للدولة «شرط استبعاد المطلوبين للجنائية الدولية، قد يثير غضب أنصار نجل القذافي؛ كونه المرشح الوحيد المدرج اسمه على قائمة المطلوبين لتلك المحكمة».

ودعا الأبلق إلى «القفز فوق الخلافات، وتقديم التنازلات لحلّ إشكالية شروط الترشح، بدلاً من التشبث بالمواقف، التي تُبقي وضعية الانقسام السياسي والحكومي والمؤسسي قائمةً، وتفتح الباب أمام المزيد من التدخلات الخارجية»، محذراً من أن «المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هنا تيتيه، قد تتطرق في إحاطتها المقبلة منتصف الشهر الحالي إلى هذه المواقف، بصفتها عرقلة لـ(خريطة الطريق)، وربما تقترح تجاوز دور المجلسين ومحاولة إقناع مجلس الأمن بذلك».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة (الوحدة)

من جهته، انتقد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، علي التكبالي، تبريرات أعضاء «الأعلى للدولة» بشأن رفض ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «الالتزام بالديمقراطية يعني قبول الآراء كافة، وليكن صندوق الاقتراع هو الفيصل لا الأهواء السياسية، التي تسعى لإقصاء أسماء بعينها مسبقاً».

وسبق أن ترشح كلٌّ من الدبيبة وسيف الإسلام القذافي وحفتر لخوض الانتخابات، التي كان مزمعاً إجراؤها نهاية عام 2021.

من جانبه، رأى المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن «تعديلات (الأعلى للدولة) تعكس استمرار الفجوة بين المجلسين، وأن ما قيل عن تقاربهما في الفترة الماضية لم يكن جدياً».

وأوضح محفوظ لـ«الشرق الأوسط» أنه «مع فشل التعويل على المجلسين مجدداً للتوافق، فإن البعثة الأممية قد تلجأ إلى تفعيل خيار الحوار المهيكل، الذي تضمنته خريطة طريقها، أو قد تتدخل دولٌ مؤثرة في المشهد الليبي بشكلٍ مباشر لإعادة دفع العملية السياسية».


مقالات ذات صلة

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

شمال افريقيا وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وافق البرلمان التركي على تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين بدءاً من 2 يناير المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)

اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

قال المجلس الرئاسي الليبي إن رئيسه محمد المنفي اطلع على إحاطة «شاملة ومفصلة» حول الأوضاع الأمنية الراهنة، وسير تنفيذ المهام الموكلة للوحدات العسكرية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط - 14 ديسمبر (مكتب الدبيبة)

جدل في ليبيا يستبق تعديلاً وزارياً مرتقباً في «حكومة الوحدة»

تباينت الآراء عقب إعلان رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة عزمه إجراء تعديلات وزارية في حكومته، وسط تساؤلات عن مصير الوزراء الحاليين.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

تنتظر المفوضية العليا للانتخابات الليبية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

دعا أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب التنمية بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)
وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)
TT

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)
وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)

وافق البرلمان التركي على تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين، بدءاً من 2 يناير (كانون الثاني) المقبل، وذلك بموجب مذكرة مقدَّمة من الرئاسة لمنح الرئيس رجب طيب إردوغان الصلاحية لتمديد بقاء القوات. في غضون ذلك، أجرى رئيس الأركان الليبي، محمد على الحداد، مباحثات في أنقرة، الثلاثاء، مع وزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس الأركان سلجوق بيرقدار أوغلو، تناولت التعاون العسكري بين الجانبين.

وجاء في المذكرة، التي حملت توقيع إردوغان والتي قُدمت إلى البرلمان، الجمعة الماضي، أن «الجهود التي بدأتها ليبيا عقب أحداث فبراير (شباط) 2011 لبناء مؤسسات ديمقراطية، ذهبت سُدى بسبب النزاعات المسلّحة التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزّأة في البلاد».

البرلمان التركي وافق على تمديد بقاء القوات في ليبيا لمدة عامين (الموقع الرسمي للبرلمان)

ولفتت المذكرة، التي أقرّها البرلمان، ليل الاثنين-الثلاثاء، بعد التصويت عليها، إلى توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب، برعاية أممية، في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015، بعد نحو عام من المفاوضات بين جميع الأطراف الليبية، بهدف إحلال وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة أراضي البلاد.

دوافع بقاء القوات

ذكرت المذكرة أن الحكومة السابقة المعترَف بها دولياً (حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج)، طلبت، في أعقاب الهجمات التي شُنّت في أبريل (نيسان) 2019 على طرابلس بهدف الإطاحة بها، الدعم من تركيا في ديسمبر من العام نفسه. وأوضحت أن تركيا أرسلت قواتها إلى ليبيا، بموجب المادة 92 من الدستور، بتاريخ 2 يناير 2020، وجرى تمديد مهامّها آخِر مرة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

كما ذكرت المذكرة أنه في الفترة اللاحقة، جرى وقف الهجمات والاضطرابات الداخلية، مما حالَ دون جرّ ليبيا إلى الفوضى وعدم الاستقرار، اللذين مِن شأنهما أن يشكلا خطراً أمنياً على تركيا والمنطقة بأكملها، وأعاد الهدوء إلى الأرض، ومهد الطريق لوقف إطلاق النار وعملية حوار سياسي تُيسرها «الأمم المتحدة» ويقودها الليبيون أنفسهم.

جانب من أحد التدريبات التي تنفذها القوات التركية للجنود في غرب ليبيا (الدفاع التركية)

ولفتت المذكرة إلى أن تركيا تُواصل دعمها القوي للجهود، التي تُيسّرها الأمم المتحدة، وفي إطار قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة والشرعية الدولية، والرامي إلى حماية سيادة ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها السياسية، وإرساء وقف دائم لإطلاق النار، وتعزيز الحوار السياسي لتحقيق المصالحة الوطنية، وإجراء انتخابات نزيهة وحُرة وشفافة في جميع أنحاء البلاد، مؤكدة أن عدم الاستقرار السياسي الراهن ومشاكل الحوكمة، الناجمة عن عدم القدرة على إجراء الانتخابات في ليبيا، يهدد بتقويض الهدوء الذي تحقَّق على أرض الواقع بفضل تضحيات جسيمة، ويُشكل عائقاً خطيراً أمام تحقيق استقرار دائم.

كما أشارت المذكرة إلى أن تركيا تُواصل تقديم الدعم التدريبي والاستشاري لليبيا، في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني ​​والعسكري الموقَّعة، (مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في إسطنبول 27 نوفمبر 2019)، وأنها تسهم بنشاط في الحفاظ على الاستقرار والهدوء على الأرض.

مذكرة تعاون

أرسلت تركيا، بموجب مذكرة التفاهم، الآلاف من جنودها إلى جانب عناصر من فصائل مُوالية لها في سوريا، إلى غرب ليبيا، كما أقامت قواعد برية وبحرية وجوية ومركز عمليات مشترك في طرابلس، وتولت تدريب جنود ليبيين، سواء في داخل ليبيا أم في قواعد الجيش التركي.

إردوغان وقَّع مع السراج مذكرة تفاهم للتعاون العسكري بين تركيا وليبيا في إسطنبول عام 2019 (الرئاسة التركية)

وأكدت المذكرة أن منع تجدد النزاعات «أمر بالغ الأهمية» لإتمام المحادثات العسكرية والسياسية، التي تُجرى تحت رعاية «الأمم المتحدة». وشددت على أن المخاطر والتهديدات الناجمة عن الوضع في ليبيا لا تزال قائمة بالنسبة للمنطقة بأسرها، بما فيها تركيا، وأنه في حال تجدد النزاعات، فإن مصالح تركيا في حوض البحر المتوسط ​​وشمال أفريقيا ستتأثر سلباً.

في سياق ذلك، أكدت المذكرة أن الهدف من إرسال قوات تركية إلى ليبيا «هو حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضدّ المخاطر الأمنية، التي مصدرها جماعات مسلَّحة غير شرعية في ليبيا، والحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية، وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا.

مباحثات عسكرية

غداة إقرار تمديد بقاء القوات التركية في ليبيا، التقى رئيس الأركان العامة للجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، نظيره الليبي محمد علي الحداد، في أنقرة.

جانب من مباحثات وزير الدفاع التركي ورئيس الأركان الليبي في أنقرة الثلاثاء (الدفاع التركية-إكس)

وسبَق ذلك لقاء بين الحداد ووزير الدفاع التركي يشار غولر، بحضور بيرقدار أوغلو وقائد القوات البرية متين توكال، حيث جرى بحث التعاون العسكري بين الجانبين.

وكان غولر قد أكد، في تصريحات، السبت، أن الجيش التركي يواصل أنشطته في ليبيا في مجالات التدريب العسكري، والدعم والتعاون والاستشارات، في إطار الهدف المتمثل في إقامة «ليبيا موحدة»، تنعم بوحدة أراضيها وتماسكها السياسي، وتعيش في أجواء من السلام والطمأنينة والاستقرار، مشيراً إلى تحقيق تقدم ملموس نحو هدف «ليبيا الموحدة»، بفضل الحوار والجهود، التي تنخرط فيها أنقرة مع جميع الأطراف الليبية، ضمن سياسة قائمة على مبادئ واضحة.


رئيس الوزراء السوداني يطرح «مبادرة سلام» أمام مجلس الأمن

رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
TT

رئيس الوزراء السوداني يطرح «مبادرة سلام» أمام مجلس الأمن

رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أمام مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية إن السودان يواجه «أزمة وجودية» بسبب الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، مشيراً إلى أنها تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة، وزعزعة الأمن الإقليمي.

وعرض إدريس أمام مجلس الأمن مبادرة الحكومة السودانية للسلام، قائلاً إنها تستند إلى المبادئ الدولية، وتتكامل مع المبادرة السعودية-المصرية.

نازحون يستقلون عربات تجرها حيوانات عقب هجمات من «الدعم السريع» على مخيم زمزم ببلدة طويلة شمال دارفور يوم 15 أبريل 2025 (أرشيفية - رويترز)

وقال إدريس في كلمته أمام مجلس الأمن إن المبادرة السودانية تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار تحت رقابة مشتركة من الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، مع انسحاب «قوات الدعم السريع» من كافة المناطق التي تحتلها.

كما تتضمن المبادرة تجميع مقاتلي «الدعم السريع» في «معسكرات محددة» تحت إشراف أممي، وعربي، وأفريقي، وتسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، والعودة الطوعية للاجئين، فضلاً عن نزع سلاح «الدعم السريع» بمراقبة دولية، مع ضمانات بعدم إعادة تدوير الأسلحة، وفقاً لرئيس الوزراء السوداني.

عائلات سودانية نازحة من الفاشر تتواصل مع عمال الإغاثة خلال توزيعهم الإمدادات الغذائية بمخيم العفد في الضبعة بولاية شمال السودان الشهر الماضي (أ.ب)

وأوضح إدريس أن مبادرة الحكومة السودانية تتضمن أيضاً تدابير بشأن مساءلة عناصر «الدعم السريع» غير المتورطة في ارتكاب جرائم حرب، أو إبادة جماعية، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى دمج أفرادها المستوفين للمعايير المحددة في القوات النظامية للحكومة السودانية.

وقال رئيس الوزراء السوداني إن المبادرة تشمل أيضاً عملية سياسية تشهد حواراً سودانياً خالصاً «تتفق فيه القوى السياسية على كيفية إدارة الدولة، وحكم البلاد»، تليها انتخابات بمراقبة دولية.


تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
TT

تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)

تسبّب مقترح تشريعي لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر، في حالة جدل واسعة، بين من يصف التعديل التشريعي الذي قدمته الحكومة وأقره مجلس الشيوخ بـ«الرادع»، وآخرين يرون العقوبات «غير مناسبة لكل الحالات».

وسرقة الكهرباء تعني الحصول على وصلات غير شرعية من المصدر الرئيسي للطاقة في الحي الذي يقطن فيه سارق التيار، أو باستهلاك الكهرباء دون عداد، أو أن يُركب المواطن عداداً ثم يتلاعب فيه بحيث لا يحسب قيمة استهلاكه الفعلي.

وكان مجلس الشيوخ (الغرفة البرلمانية الثانية) قد وافق، الأحد، على مشروع القانون الذي أحاله مجلس النواب إليه في وقت سابق. وينتظر المشروع مجلس النواب (البرلمان) الجديد، المفترض انعقاده في يناير (كانون الثاني) المقبل، للنظر فيه بعد مناقشته في مجلس الشيوخ، والأخير رأيه استشاري.

مجلس الشيوخ المصري يقر تعديلات لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر (وزارة الشؤون النيابية)

وبموجب التعديلات المقترحة على القانون رقم 87 لسنة 2015، تُغلّظ عقوبة تسهيل سرقة التيار الكهربائي أو التستر عليها للعاملين في الكهرباء من «الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه (الدولار يساوي نحو 48 جنيهاً)، أو إحدى هاتَين العقوبتَين» إلى «الحبس مدة لا تقل عن عام، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو إحدى هاتَين العقوبتَين».

وتغلّظ التعديلات عقوبة سرقة التيار إلى «الحبس مدة لا تقل عن عام وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو إحدى هاتَين العقوبتَين»، بديلاً عن «الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتَين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه أو إحدى هاتَين العقوبتَين».

وانتقد عضو مجلس الشيوخ، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، التعديلات الأخيرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديل يساوي بين من يصل التيار الكهربائي إليه مضطراً في منزله، لعدم وصول الخطوط الشرعية مثلاً إلى منطقته، ومن يستولي عليه في مصنع أو نشاط تجاري، وهو أمر يفتقر إلى العدالة العقابية».

وأضاف الشهابي أنه طالب خلال الجلسة بالتميز في العقوبة بين المخالفة وما إذا كانت تقع في نطاق سكني أم تجاري أم صناعي، لكن الأغلبية وافقت على التعديلات.

وسجل عدد من النواب الاعتراض ذاته خلال الجلسة، الأحد. وقال رئيس الهيئة البرلمانية للحزب «المصري الديمقراطي» في مجلس الشيوخ، محمد طه عليوة، إن «المشروع قد يفتح الباب لفرض غرامات مالية مبالغ فيها، على مواطن بسيط في قرية أو عزبة لا يملك سوى مصباحين وثلاجة»، وفق بيان للحزب، الاثنين.

وأشار عليوة إلى أن «العدالة التشريعية تقتضي التفرقة بين سرقة التيار على نطاق واسع، وحالات الاستهلاك المحدود أو غير المقصود».

في المقابل، تدافع الحكومة عن التعديلات مع استحداث مادة خاصة بالتصالح مقابل دفع ضعفَي قيمة الاستهلاك إذا تم التصالح قبل رفع الدعوى القضائية، وثلاثة أضعافه بعد رفعها، و4 أضعاف بعد صدور الحكم.

واستناداً إلى هذه المادة أكد وزير الشؤون النيابية، محمود فوزي، أن هدف الحكومة ليس توقيع العقوبة على المخالفين، قائلاً خلال مداخلة مع برنامج «الصورة» مع الإعلامية لميس الحديدي، مساء الأحد: «لا نريد أن يذهب أحد إلى المحكمة ولا توقيع عقوبات، نريد التصالح فهو الأسرع والأفضل والأكثر تحقيقاً للعدالة».

وزير الشؤون النيابية خلال جلسة مناقشة تعديلات قانون الكهرباء في مجلس الشيوخ (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)

الأمر نفسه كرره عضو مجلس الشيوخ عن حزب «مستقبل وطن»، عصام هلال عفيفي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديلات قُدمت بصورة ذهنية سلبية، في حين أنها تأتي في صالح المواطن الملتزم»، لافتاً إلى ما كان يحدث في السنوات الماضية من انقطاعات مستمرة في التيار، واستطاعت الحكومة التغلب عليه، فالقانون يهدف إلى «الحفاظ على هذا المرفق بدوامه واستدامته، خصوصاً أنه يرتبط بأي تنمية».

وكثيراً ما ربطت الحكومة بين أزمة انقطاعات التيار الكهربي وسرقة التيار. وسبق أن علّق رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، على السرقات المضبوطة، قائلاً، في سبتمبر (أيلول) 2024: «لو نصف هذه السرقات لم تكن موجودة، فلن تكون هناك مشكلة في أي شيء، ولن نحتاج إلى تدبير موارد إضافية للكهرباء».

وأضاف عفيفي: «نتحدث عن العقوبة وننسى أنها مرحلة تالية، لا نريد لأحد أن يُعاقب وإنما أن يكون الكل ملتزماً، ومن يأتي بهذا الجرم توجد فرصة له أن يتصالح»، مشدداً على أهمية هذا القانون في ظل الفقد الكبير في الكهرباء نتيجة السرقة.

وتبلغ نسبة الفقد في الكهرباء «20 في المائة من إجمالي الإنتاج، وينقسم إلى جزء فني طبيعي، وآخر ناتج عن السرقات يتخطى تأثيره المالي حاجز 22 مليار جنيه»، وفق نائبة وزير الكهرباء، صباح مشالي، قائلة خلال جلسة «الشيوخ» الأحد، إن «مشروع القانون الجديد لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة متابعة دقيقة للممارسات الميدانية الضارة بالشبكة القومية»، لافتة إلى تحرير نحو 3.4 مليون محضر سرقة للتيار، وفق بيان لوزارة الشؤون النيابية.

ورغم ذلك، ينتقد عضو مجلس النواب (البرلمان) إيهاب منصور، توجه الحكومة إلى «تغليظ العقوبات دون العمل على التوعية»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «البعض لا يعلم أن ما يقوم به مخالف أو تقع بناء عليه هذه العقوبات، والحكومة لا يوجد في قاموسها فكرة التوعية وإنما تهدف إلى تحصيل الأموال».

وخلافه تؤيد عضوة مجلس النواب (البرلمان) فريدة الشوباشي، سياسة «الردع»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المُخجل أن نكون دولة تعمل على تنمية مواردها وما زلنا نتحدث عن سرقة الكهرباء... من يرتكب جُرم فعليه أن يُحاسب عليه».